599 67 2MB
Arabic Pages 5 [2] Year 1441
ق ��د خلت (ي ��ا بني �آدم �إم ��ا ي�أتينك ��م ر�سل منكم يق�ص ��ون عليكم �آياتي فمن اتقى و�أ�صلح فال خوف عليهم وال هم يحزنون ،والذين كذب ��وا ب�آياتن ��ا وا�ستكب ��روا عنه ��ا �أولئك �أ�صح ��اب النار هم فيه ��ا خالدون)، ولذل ��ك ف�ل�ا خال�ص الي ��وم للب�شرية ب�أي بدي ��ل عن ر�سال ��ة اهلل تعالى وال ح ��ل يغي ��ر الواق ��ع بكلة �إال االنفتاح عل ��ى الر�سالة الإلهي ��ة ،على ر�سالة اهلل ونوره ،وال �صالح لآخر الأمة �إال بما �صلح به �أولها.
قال اهلل تعالى:
ين ا ْل َحقِّ }هُ َو ا َّل ِ ��ذي �أَ ْر َ�س َل َر ُ�سو َلهُ ِبا ْل ُه��دَ ى َو ِد ِ َ َ ُ ُ ِّ ْ ْ ين كل ِه َول ْو ك ِر َه ال ُم�ش ِركونَ {. ِل ُي ْظ ِه َر ُه َع َلى الدِّ ِ
ثبت �أن قوة اال�ستكبار اليوم وعلى ر�أ�سها �أمريكا و�إ�سرائيل تفاقم م�شاكل الب�شرية
وقد كان ل�شعبنا اليمني ال�شرف الكبير في تفاعله مع ر�سالة اهلل تعالى
ثب ��ت �أن ق ��وة اال�ستكب ��ار اليوم وعل ��ى ر�أ�سه ��ا �أمري ��كا و�إ�سرائيل تفاقم م�ش ��اكل الب�شري ��ة وتف�س ��د ف ��ي الأر� ��ض وتعت ��دي عل ��ى ال�شع ��وب وتنه ��ب الخي ��رات وت�صن ��ع الح ��روب والأزم ��ات وال تق ��دم للب�شري ��ة �إال المزيد من الم�آ�س ��ي والنكب ��ات ،وزاد م ��ن �س ��وء الأمر ف ��ي عالمنا الإ�سالم ��ي خ�صو�صا ف ��ي المنطق ��ة العربية التبعية العمياء من بع� ��ض الدول التي تقدم نف�سها عل ��ى �أنه ��ا تمث ��ل الإ�س�ل�ام كما ه ��و حال النظ ��ام ال�سع ��ودي المناف ��ق ،الذي جع ��ل م ��ن نف�سه �أداة ال�شر لتنفيذ م�ؤام ��رات الأعداء وهدم كيان الأمة من الداخل ،وهو بال �شك امتداد ظالمي ظالم لقوى اال�ستكبار ،ويمثل حالة االنح ��راف والتحري ��ف داخ ��ل الأم ��ة التي ائتلف ��ت مع �شبيهاته ��ا من حالة االنحراف والتحريف في �شريعة مو�سى و�شريعة عي�سى عليهما ال�سالم.
وقد كان ل�شعبنا اليمني ال�شرف الكبير بدءاً بالأن�صار في �إيمانه وجهاده وتفاعله مع ر�سالة اهلل تعالى حتى نال و�س ��ام ال�ش ��رف الكبي ��ر فيما روي عن ر�س ��ول اهلل �صلى اهلل علي ��ه وعل ��ى �آله ب�ش�أن ��ه (الإيمان يمان والحكم ��ة يمانية)، وبه ��ذا الإيم ��ان كان ثابتا ومتما�سكا ف ��ي مواجهة العدوان الأمريك ��ي ال�سع ��ودي بالرغ ��م من حج ��م المعان ��اة نتيجة القت ��ل والح�ص ��ار والتدمي ��ر ،وبوعي ��ه ل ��م يت�أث ��ر ب�أب ��واق الت�ضلي ��ل ،وم ��ا عدا الخون ��ة والمنافقي ��ن والمرتزقة ف�إن جماهي ��ر �شعبنا بعظيم ال�صب ��ر وال�صمود والعطاء قدمت �إل ��ى العال ��م �أجم ��ل �صورة ع ��ن عظمة قي ��م الإ�س�ل�ام و�أثر الإيم ��ان ،ف�أ�سر ال�شه ��داء والجرحى و�أبط ��ال الميدان من الجي� ��ش واللج ��ان ال�شعبي ��ة ،وجماهي ��ر ال�شع ��ب م ��ن كل �أطياف ��ه �أثبت ��وا للجمي ��ع �أن الق ��وة هي قوة المب ��ادئ وقوة القيم والأخالق وقوة االعتماد على اهلل والتوكل عليه. ولذل ��ك ف� ��إن �شعبن ��ا الي ��وم وبميث ��اق الإ�س�ل�ام ال ��ذي قدم ��ه ف ��ي �ص ��در الإ�س�ل�ام لر�س ��ول اهلل محم ��د �صلى اهلل علي ��ه وعلى �آل ��ه �إيمانا و ُن�صرة و�إيث ��ارا ،ي�ؤكد اليوم بالقوة وبالفع ��ل اال�ستم ��رار عل ��ى النه ��ج والموا�صل ��ة لل�سي ��ر في الطري ��ق وال�سع ��ي الم�ستم ��ر لال�ستب�ص ��ار واالرتق ��اء الإيمان ��ي ومواجهة الجاهلي ��ة الأخرى و�سيهزمها بعون اهلل ون�صره وت�أييده.
�إن القر�آن الكريم يجعل من التبعية لأعداء الأمة من الم�ستكبرين خروجا عن الحق �إن الق ��ر�آن الكري ��م يجعل من التبعية لأعداء الأمة من الم�ستكبرين خروجا ع ��ن الح ��ق وزيغا عن الهدى وخيانة للأمة وهو يق ��ولَ } :ومَنْ َي َت َو َّل ُه ْم ِم ْن ُك ْم ��دي ا ْل َق ْو َم َّ الظا ِلمِي��نَ { ،و�إن �أكبر معان ��اة تعانيها ��م �إِنَّ اللهَّ َ اَل َي ْه ِ َف ِ�إنَّ��هُ ِم ْن ُه ْ الأمة اليوم هي هذه التبعية التي مثلت حالة اختراق كبير وم�ؤذ ومخرب في داخل الأمة ويجب �أن تحذر منها الأمة و�أن تتح�صن منها بالوعي و�أن تواجه م�ؤامراته ��ا ومكائدها بكامل الم�س�ؤولية ،وم� ��آل �أولئك الخونة المنحرفون، م�آله ��م �إل ��ى الخ�س ��ران م�صداق ��ا للوع ��د الإلهي ف ��ي �س ��ورة المائ ��دة ،والأمة ف ��ي مواجه ��ة التحدي ��ات الداخلي ��ة مع ق ��وى النف ��اق ،والخارجي ��ة من قوى الطاغ ��وت واال�ستكب ��ار معني ��ة باالعت�صام ب ��اهلل �سبحانه وتعال ��ى ،واالرتباط الوثي ��ق بر�سالته ،فبها تتقوى وبتعاليمها تفلح وبالتم�سك بها تنت�صر ،لأنها ر�سال ��ة ف ��ي م�ضمونه ��ا م ��ن التعالي ��م والتوجيه ��ات والحكمة عنا�ص ��ر القوة، عنا�ص ��ر الق ��وة ذاتي ��ة فيه ��ا وبالتم�س ��ك به ��ا تحظى الأم ��ة بن�ص ��ر اهلل وعونه 5
�إن ل�شعبنا اليمن��ي الم�سلم العزيز �شرف التميز في تفاعله مع ذكرى المولد النبوي لأنه يمن الإيمان ،يمن الأن�ص��ار وهو م��ن جيل �إلى جي��ل توارث ه��ذا الإيمان، مب��ادئ ح��ق يتم�س��ك به��ا و�أخالق��ا كريم��ة يتحلى بها وروح��ا طيبة يحملها ومحبة و�إجالال وتوقير ًا لر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�آله و�سلم. ول��م تفلح جهود وم�ساعي القوى الظالمية ال�ضالة المخذول��ة ف��ي تغيي��ر ه��ذه ال�سجي��ة الطيب��ة وه��ذا االنتم��اء الأ�صيل له��ذا ال�شعب الم�سلم ،كم��ا �أن معاناة �شعبن��ا م��ن الع��دوان الأمريك��ي ال�سع��ودي الإمارات��ي الهمج��ي الظالم ل��ن ت ْث ِنه عن االحتف��ال بهذه الذكرى ف��ي كل عام؛ لأنها منا�سبة تربطنا بها و�شيجة الإيمان وتزي��د الأحداث والتحديات من �أهميتها ،فهي منا�سبة معط��اءة غني��ة ب�أه��م الدرو���س والعب��ر الت��ي تحت��اج �إليه��ا الأم��ة الي��وم وت�ستفيد من��ه الب�شري��ة بكلها في ت�صحي��ح و�ضعه��ا و�إ�ص�لاح واقعه��ا ومواجه��ة الأخطار بعد �أن تفاقم��ت م�شاكل الب�شرية بفعل قوى الطاغوت واال�ستكبار الظالمي��ة الظالمة التي ت�سعى في الأر�ض ف�ساد ًا وتملأها ظلم ًا وجوراً.
الحديث عن الر�سول هو حديث عن الإ�سالم والإيمان الحدي ��ث ع ��ن الر�سول �صلوات اهلل و�سالمه علي ��ه وعلى �آله هو حديث ع ��ن الإ�س�ل�ام وعن الإيم ��ان والعالقة بالر�سول �صل ��وات اهلل و�سالمه عليه وعل ��ى �آل ��ه ه ��ي عالق ��ة �إيماني ��ة ،عالق ��ة محب ��ة و�إيم ��ان وتعظي ��م وتوقير واهتداء واتباع واقتداء ،ولذلك من المهم لكل م�سلم �أن ي�سعى �إلى معرف ٍة �أكث ��ر ع ��ن هذا الر�س ��ول �صلوات اهلل و�سالم ��ه عليه وعلى �آله ،ع ��ن �سيرته، بهذا االعتبار الإيماني وبطبيعة هذه العالقة الإيمانية. وكلم ��ا كان ��ت ه ��ذه المعرف ��ة معرف ��ة قوي ��ة و�صحيح ��ة كلم ��ا كان له ��ا �أثره ��ا الإيجابي في نف�سية الإن�س ��ان الم�ؤمن ،في الجانب الإيماني نف�سه، العالق ��ة الإيماني ��ة نف�سه ��ا ،كلم ��ا ازددت �إيمانا وكلما ازددت اهت ��داء وت�أثرا بر�سول اهلل �صلوات اهلل و�سالمه عليه وعلى �آله. و�شع ُبن ��ا اليمني العزي� � ُز لم ُيث ِن ِه عن االحتفال الكبي ��ر بهذه المنا�سبة ه ��ذا الع � ُ �دوان الغا�ش ُم ،لوعيه بم ��ا تعنيه هذه المنا�سب ��ة العزيزة ودالالتها المهمة والتي منها: )1االبتهاج واالعتراف بم ّنة اهلل العظيمة وف�ضله العظيم علينا كم�سلمين وعل ��ى العالمين �أجم ��ع ،اهلل �سبحانه وتعالى يقولُ : هلل }ق��لْ ِب َف ْ�ضلِ ا ِ َو ِب َر ْح َم ِت ِه َف ِب َذ ِل َك َف ْل َيف َْر ُحوا هُ َو َخ ْي ٌر ِم َّما َي ْج َم ُعونَ {(يون�س.)58: نح ��ن كم�سلمي ��ن ك�أمة م�سلمة كمجتمع م�ؤمن يج ��ب �أن تكون نفو�سنا متعلق ��ة بف�ض ��ل اهلل ،تعترف هلل بعظيم نعمته ،وتق� �دِّر نعم اهلل عليها ،وفي مقدم ��ة هذه النعم :نعمة الهداية التي كانت عن طريق الر�سول والقر�آن، ومحم ��د ه ��و ر�س ��ول الهداية �أر�سل ��ه اهلل باله ��دى ودين الح ��ق؛ فمثل هذه المنا�سب ��ات العزي ��زة الإيماني ��ة الت ��ي له ��ا عالقة مهم ��ة بدينن ��ا ،ون�ستفيد منه ��ا فيما يق ِّربنا �إل ��ى اهلل ت�ستحق منا الفرح واالبتهاج وال�سرور ،لقد �أراد لن ��ا �أعدا�ؤن ��ا �أن ي�شدُّ ونا ف ��ي م�شاعرنا �إلى منا�سبات تافه ��ة ال قيمة لها وال �أث ��ر ف ��ي واقع الأمة ويبعدون ��ا عن مثل هذه المنا�سب ��ات العظيمة ،ولكنهم فا�شلون وخائبون وخا�سرون. � )2إن �إحيا َء ذكرى مولدِ النبي هو منا�سب ٌة للحديثِ عن الر�سولِ ومبعثِه ومنهجِ ��ه ور�سالتِه ،وع ��ن واق ِع الأمة وتقييمِ ه ،وه ��و � ً أي�ضا من الإ�شاد ِة بذك ��ره ،واهلل �سبحان ��ه وتعال ��ى حينم ��ا ق ��رن ال�شه ��ادة بر�سالت ��ه ،م ��ع خم�س م َّرات، ال�شه ��ادة بوحدانيته ف ��ي الأذان وال�صالة ،ك َّل يو ٍم وليل� � ٍة َ وحينما قال } َو َر َف ْع َنا َل َك ِذك َْر َك{ لأنه �أراد �أن يبقى ُ ر�سول اهلل ح ًّيا في ُوجداننا ،وحا�ض ًرا في �أذهانناَ ،ف ِ�صلَ ُت َنا بهذا النبي هي �صل ٌة بالر�سالة، ٌ ٌ وارتباط بالر�سول من موقعه وارتباط بالمنهج الإلهي، �صل ٌة بالهدى، 2
في الر�سال ��ة :هاد ًيا وقائدًا ومعل ًما ومرب ًي ��ا وقدو ًة و�أ�سو ًة، نهت ��دي به ،ونقتدي ونت�أ�سى به ،ونت�أثر ب ��ه ،ون ّت ِب ُعه ،وما �أعظم حاجتن ��ا وحاج ��ة الب�شرية �إل ��ى ذلك! لأنه ال نج ��ا َة وال �سعاد َة للب�شرية �إال ب ��ه ،و�إن �أكب� � َر ما جلب ال�شقا َء والمعانا َة عل ��ى الب�شرية هو ابتعادُها عن هدى اهلل ،ومخالف ُتها لتوجيهاته. )3التعبي ��ر ع ��ن الوالء لر�س ��ول اهلل محمد (�صلوات اهلل علي ��ه وعلى �آله) ه ��ذا الجان ��ب المهم ك�أ�سا�س م ��ن �أ�سا�سيات الإيمان ال يت ��م الإيمان �إ َّال ب ��ه وال يتحق ��ق �إ َّال به .ال ��والء لر�سول اهلل والإيم ��ان بواليته وتعظيمه وتوقي ��ره واالهت ��داء ب ��ه واالتب ��اع ل ��ه؛ لأن اهلل جعل ��ه لنا هاد ًي ��ا معل ًما يزكين ��ا يعلمن ��ا الكت ��اب والحكم ��ة ،وجعله لن ��ا الأ�سوة والق ��دوة فنت�أثر ب ��ه ونهت ��دي به ون�سي ��ر على نهجه ونت�أثر به ،ف ��ي مواقفنا نتحرك في الطري ��ق نف�سها الت ��ي تحرك عليها ،نتفاعل طاع ��ة ،عملاً ،التزا ًما مع الر�سالة التي �أتى بها وهي القر�آن الكريم والإ�سالم العظيم ،والتعبير ع ��ن هذا ال ��والء له �أهميته الكبي ��رة؛ لأن الأعداء يحاول ��ون �أن يف ّكونا ف� � ًّكا ع ��ن كل ه ��ذه الرواب ��ط العظيم ��ة الت ��ي �سن�ستعيد بها مج ��د �أمتنا وعزة �أمتنا وقوة �أمتنا التي كانت �أيام محمد. � )4أ�ض ��ف �إل ��ى ذل ��ك �أن ذكرى مول ��د الر�سول �صل ��ى اهلل عليه و�آل ��ه و�سلم ه ��ي منا�سب ��ة جامعة يمك ��ن �أن تمثل �أ�سا�ساً مهماً للوح ��دة الإ�سالمية, ومن خاللها يتم التذكير بالأ�س�س الجامعة المهمة التي توحد الأمة وتبني الأمة .
ما الذي �صنعته الر�سالة المحمدية على م�ستوى العالم؟ لق ��د غي ��رت الر�سال ��ة الإلهي ��ة في حرك ��ة النبي �صل ��ى اهلل عليه وعلى �آل ��ه و�سل ��م بع ��د مبعث ��ه ال�شريف هادي ��ا ومعلما ومربي ��ا ،مجاه ��دا و�صابرا وم�ضحي ��ا ،غي ��رت الواق ��ع بكله ،عل ��ى الجزيرة العربي ��ة بكله ��ا ،لتمتد �آثار ذل ��ك التغيي ��ر وبم�ستوي ��ات متفاوتة �إلى �أرج ��اء الدنيا بكله ��ا ،والأمة التي كانت متفرقة وجاهلة وظالمية و�أخافها في يوم من الأيام ٌ فيل واحد في مقدمة جي�ش تغير واق ُعها بعد �إ�سالمها بعد �أن تنورت بالنور ،وا�ستب�صرت باله ��دى ،وزكت بالقر�آن وبتربية الر�س ��ول �صلى اهلل عليه وعلى �آله و�سلم، فواجه ��ت جيو�ش االمبراطوريات وال ��دول الكبرى الم�ستكبرة ،ولم ترهب جيو�شه ��ا الت ��ي كان ��ت ت�أت ��ي ب�أع ��داد كثيرة م ��ن الفيل ��ة ،كانوا يتوقع ��ون �أن يخ ��اف الم�سلم ��ون مجددا �إذا �شاهدوا الفيلة كما خافوا قبل �إ�سالمهم من في ��ل واح ��د ،ف�أتوا بالكثير من الفيلة فلم تخ ��ف ،لم يخف الم�سلمون فيما بع ��د ،وقوي ��ت عليها بقوة الح ��ق ،وانت�صرت بن�صر اهلل ،حينم ��ا تحولت �إلى �أم ��ة حمل ��ت �أعظم م�ش ��روع و�أقد�س ق�ضي ��ة ،وحينما تحولت �إل ��ى �أمل لكل الم�ست�ضعفي ��ن ف ��ي الدنيا غير م�ؤطرة بعنوان جغرافي وال بلون وال بعرق 3
وال بقومي ��ة بل بخطاب القر�آن لكل النا�س الذي يقول فيه (يا �أيها النا�س). لق ��د ا�ستط ��اع الر�سول �صل ��ى اهلل عليه وعلى �آله بحرك ��ة بالقر�آن وبما منح ��ه اهلل تعال ��ى م ��ن م�ؤهالت عالي ��ة وكمال عظي ��م ،وبت�أيي ��د اهلل تعالى �أن ي�صن ��ع تغيي ��را مف�صلي ��ا ف ��ي التاري ��خ و�أن ي�ؤ�س� ��س لعهد جدي ��د ختم به ر�ساالت اهلل تعالى �إلى الأنبياء ،ومن معجزات الر�سالة الإلهية �أن رافعتها وحملته ��ا و�أتباعها و�أن�صاره ��ا والمنت�صرين بها ه ��م الم�ست�ضعفون ولي�س الم�ستكب ��رون ،لم يك ��ن انت�صار الر�سالة الإلهية مرهون ��ا بقوى اال�ستكبار، ب ��ل كان ��وا ه ��م عل ��ى ال ��دوام �أعداءه ��ا والمختلفي ��ن معه ��ا لأنه ��ا ُتناق� ��ض �أطماعه ��م وطغيانه ��م وا�ستعباده ��م للب�شري ��ة ،ب ��ل كان الم�ست�ضعف ��ون هم الذي ��ن ي�ؤمن ��ون به ��ا ويعتزون بها ويقوون به ��ا ويتغير واقعه ��م بها بعد �أن يغيروا ما ب�أنف�سهم.
والر�سالة الإلهية هي الم�شروع الوحيد القادر على �إحداث التغيير الحقيقي للواقع الب�شري والر�سال ��ة الإلهي ��ة ه ��ي الم�ش ��روع الوحي ��د ،لي� ��س هن ��اك �أي م�ش ��روع �آخ ��ر ،ه ��ي الم�شروع الوحيد الق ��ادر على �إحداث التغيي ��ر الحقيقي للواقع الب�ش ��ري ،لتقدي ��م الحل ��ول الواقعي ��ة للب�ش ��ر لأنه ��ا م�ش ��روع �شام ��ل يتجه للإن�س ��ان نف�س ��ه ،فيغي ��ر م ��ا بنف�سه م ��ن ظلمة ودن�س ،ف� ��إذا �صل ��ح الإن�سان �صلح ��ت الحي ��اة بكله ��ا و�صل ��ح واقعه لأنه ��ا م�ش ��روع ي�صنع الوع ��ي ويزكي النف� ��س وي�أخ ��ذ بي ��د الإن�سان في الحي ��اة في الطريق ال�س ��وي ويهدي للتي ات َّا�س مِنَ الظُّ ُل َم ِ هي �أقوم قال اهلل تعالى } ِك َت ٌ اب �أَن َْز ْل َنا ُه �إِ َل ْي َك ِلتُخْ ِر َج الن َ ِيد{ ،وق ��ال تعالى} :هُ َو يز ال َْحم ِ ��ر ِ اط ا ْل َع ِز ِ ِ�إ َل��ى النُّو ِر ِب�� ِ�إ ْذنِ َر ِّبه ِْم ِ�إ َلى ِ�ص َ
��ات �إِ َلى النُّو ِر ��ات ِل ُيخْ ِر َج ُك ْم مِنَ الظُّ ُل َم ِ ا َّل ِ ات َب ِّي َن ٍ ��ذي ُينَ��زِّ ُل َع َلى َع ْب ِد ِه �آ َي ٍ َ للهَّ َو�إِنَّ ا ِب ُك ْم َل َر ُء ٌ يم{. وف َر ِح ٌ
ولأن ��ه م�ش ��روع اهلل ل ��كل عب ��اده لي�س من ق ��وم ح�سبوا ح�س ��اب �أنف�سهم وح�س ��اب م�صالحه ��م على ح�ساب قوم �آخري ��ن وال لعرق على عرق وال للون على لون وال لقومية على قومية ،بل هو الكلمة ال�سواء التي يمكن �أن يلتقي عليه ��ا جمي ��ع الب�شر ،وهو الم�شروع العالمي الحقيقي ال�صالح القائم على الع ��دل ،والع ��دل دعام ��ة �أ�سا�سية في بنيانه ،قال اهلل تعال ��ىُ : }قلْ �أَ َم َر َر ِّبي ��ط{ وقال تعال ��ىَ } :يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذي��نَ �آ َمنُوا ُكو ُنوا َق َّوامِي��نَ ِبا ْل ِق ْ�س ِط ِبا ْل ِق ْ�س ِ للِهَّ ُ�ش َهدَ َاء ِ { ،ثم هو حجة اهلل تعالى على عباده لأنه هو الذي خلقهم ،هو ربهم هو ملكهم و�ألهمهم الحق و�إليه م�صيرهم وح�سابهم وجزا�ؤهم ،وقد قدم نداءه �إليهم منذ بداية وجودهم على هذه الأر�ض ،فقال تعالى مخبرا بندائه واحتجاجه (يا بني �آدم) خطاب اهلل �إلى الب�شر في كل الأجيال التي 4