زكرى المولد النبوي الشريف ١٤٤١ه

599 67 2MB

Arabic Pages 5 [2] Year 1441

Report DMCA / Copyright

DOWNLOAD FILE

زكرى المولد النبوي الشريف ١٤٤١ه

  • Author / Uploaded
  • coll.

Citation preview

‫ق ��د خلت (ي ��ا بني �آدم �إم ��ا ي�أتينك ��م ر�سل منكم يق�ص ��ون عليكم‬ ‫�آياتي فمن اتقى و�أ�صلح فال خوف عليهم وال هم يحزنون‪ ،‬والذين‬ ‫كذب ��وا ب�آياتن ��ا وا�ستكب ��روا عنه ��ا �أولئك �أ�صح ��اب النار هم فيه ��ا خالدون)‪،‬‬ ‫ولذل ��ك ف�ل�ا خال�ص الي ��وم للب�شرية ب�أي بدي ��ل عن ر�سال ��ة اهلل تعالى وال‬ ‫ح ��ل يغي ��ر الواق ��ع بكلة �إال االنفتاح عل ��ى الر�سالة الإلهي ��ة‪ ،‬على ر�سالة اهلل‬ ‫ونوره‪ ،‬وال �صالح لآخر الأمة �إال بما �صلح به �أولها‪.‬‬

‫قال اهلل تعالى‪:‬‬

‫ين ا ْل َحقِّ‬ ‫}هُ َو ا َّل ِ‬ ‫��ذي �أَ ْر َ�س َل َر ُ�سو َلهُ ِبا ْل ُه��دَ ى َو ِد ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ين كل ِه َول ْو ك ِر َه ال ُم�ش ِركونَ {‪.‬‬ ‫ِل ُي ْظ ِه َر ُه َع َلى الدِّ ِ‬

‫ثبت �أن قوة اال�ستكبار اليوم وعلى ر�أ�سها �أمريكا‬ ‫و�إ�سرائيل تفاقم م�شاكل الب�شرية‬

‫وقد كان ل�شعبنا اليمني ال�شرف الكبير‬ ‫في تفاعله مع ر�سالة اهلل تعالى‬

‫ثب ��ت �أن ق ��وة اال�ستكب ��ار اليوم وعل ��ى ر�أ�سه ��ا �أمري ��كا و�إ�سرائيل تفاقم‬ ‫م�ش ��اكل الب�شري ��ة وتف�س ��د ف ��ي الأر� ��ض وتعت ��دي عل ��ى ال�شع ��وب وتنه ��ب‬ ‫الخي ��رات وت�صن ��ع الح ��روب والأزم ��ات وال تق ��دم للب�شري ��ة �إال المزيد من‬ ‫الم�آ�س ��ي والنكب ��ات‪ ،‬وزاد م ��ن �س ��وء الأمر ف ��ي عالمنا الإ�سالم ��ي خ�صو�صا‬ ‫ف ��ي المنطق ��ة العربية التبعية العمياء من بع� ��ض الدول التي تقدم نف�سها‬ ‫عل ��ى �أنه ��ا تمث ��ل الإ�س�ل�ام كما ه ��و حال النظ ��ام ال�سع ��ودي المناف ��ق‪ ،‬الذي‬ ‫جع ��ل م ��ن نف�سه �أداة ال�شر لتنفيذ م�ؤام ��رات الأعداء وهدم كيان الأمة من‬ ‫الداخل‪ ،‬وهو بال �شك امتداد ظالمي ظالم لقوى اال�ستكبار‪ ،‬ويمثل حالة‬ ‫االنح ��راف والتحري ��ف داخ ��ل الأم ��ة التي ائتلف ��ت مع �شبيهاته ��ا من حالة‬ ‫االنحراف والتحريف في �شريعة مو�سى و�شريعة عي�سى عليهما ال�سالم‪.‬‬

‫وقد كان ل�شعبنا اليمني ال�شرف الكبير بدءاً بالأن�صار‬ ‫في �إيمانه وجهاده وتفاعله مع ر�سالة اهلل تعالى حتى نال‬ ‫و�س ��ام ال�ش ��رف الكبي ��ر فيما روي عن ر�س ��ول اهلل �صلى اهلل‬ ‫علي ��ه وعل ��ى �آله ب�ش�أن ��ه (الإيمان يمان والحكم ��ة يمانية)‪،‬‬ ‫وبه ��ذا الإيم ��ان كان ثابتا ومتما�سكا ف ��ي مواجهة العدوان‬ ‫الأمريك ��ي ال�سع ��ودي بالرغ ��م من حج ��م المعان ��اة نتيجة‬ ‫القت ��ل والح�ص ��ار والتدمي ��ر‪ ،‬وبوعي ��ه ل ��م يت�أث ��ر ب�أب ��واق‬ ‫الت�ضلي ��ل‪ ،‬وم ��ا عدا الخون ��ة والمنافقي ��ن والمرتزقة ف�إن‬ ‫جماهي ��ر �شعبنا بعظيم ال�صب ��ر وال�صمود والعطاء قدمت‬ ‫�إل ��ى العال ��م �أجم ��ل �صورة ع ��ن عظمة قي ��م الإ�س�ل�ام و�أثر‬ ‫الإيم ��ان‪ ،‬ف�أ�سر ال�شه ��داء والجرحى و�أبط ��ال الميدان من‬ ‫الجي� ��ش واللج ��ان ال�شعبي ��ة‪ ،‬وجماهي ��ر ال�شع ��ب م ��ن كل‬ ‫�أطياف ��ه �أثبت ��وا للجمي ��ع �أن الق ��وة هي قوة المب ��ادئ وقوة‬ ‫القيم والأخالق وقوة االعتماد على اهلل والتوكل عليه‪.‬‬ ‫ولذل ��ك ف� ��إن �شعبن ��ا الي ��وم وبميث ��اق الإ�س�ل�ام ال ��ذي‬ ‫قدم ��ه ف ��ي �ص ��در الإ�س�ل�ام لر�س ��ول اهلل محم ��د �صلى اهلل‬ ‫علي ��ه وعلى �آل ��ه �إيمانا و ُن�صرة و�إيث ��ارا‪ ،‬ي�ؤكد اليوم بالقوة‬ ‫وبالفع ��ل اال�ستم ��رار عل ��ى النه ��ج والموا�صل ��ة لل�سي ��ر في‬ ‫الطري ��ق وال�سع ��ي الم�ستم ��ر لال�ستب�ص ��ار واالرتق ��اء‬ ‫الإيمان ��ي ومواجهة الجاهلي ��ة الأخرى و�سيهزمها‬ ‫بعون اهلل ون�صره وت�أييده‪.‬‬

‫�إن القر�آن الكريم يجعل من التبعية لأعداء الأمة‬ ‫من الم�ستكبرين خروجا عن الحق‬ ‫�إن الق ��ر�آن الكري ��م يجعل من التبعية لأعداء الأمة من الم�ستكبرين خروجا‬ ‫ع ��ن الح ��ق وزيغا عن الهدى وخيانة للأمة وهو يق ��ول‪َ } :‬ومَنْ َي َت َو َّل ُه ْم ِم ْن ُك ْم‬ ‫��دي ا ْل َق ْو َم َّ‬ ‫الظا ِلمِي��نَ {‪ ،‬و�إن �أكبر معان ��اة تعانيها‬ ‫��م �إِنَّ اللهَّ َ اَل َي ْه ِ‬ ‫َف ِ�إنَّ��هُ ِم ْن ُه ْ‬ ‫الأمة اليوم هي هذه التبعية التي مثلت حالة اختراق كبير وم�ؤذ ومخرب في‬ ‫داخل الأمة ويجب �أن تحذر منها الأمة و�أن تتح�صن منها بالوعي و�أن تواجه‬ ‫م�ؤامراته ��ا ومكائدها بكامل الم�س�ؤولية‪ ،‬وم� ��آل �أولئك الخونة المنحرفون‪،‬‬ ‫م�آله ��م �إل ��ى الخ�س ��ران م�صداق ��ا للوع ��د الإلهي ف ��ي �س ��ورة المائ ��دة‪ ،‬والأمة‬ ‫ف ��ي مواجه ��ة التحدي ��ات الداخلي ��ة مع ق ��وى النف ��اق‪ ،‬والخارجي ��ة من قوى‬ ‫الطاغ ��وت واال�ستكب ��ار معني ��ة باالعت�صام ب ��اهلل �سبحانه وتعال ��ى‪ ،‬واالرتباط‬ ‫الوثي ��ق بر�سالته‪ ،‬فبها تتقوى وبتعاليمها تفلح وبالتم�سك بها تنت�صر‪ ،‬لأنها‬ ‫ر�سال ��ة ف ��ي م�ضمونه ��ا م ��ن التعالي ��م والتوجيه ��ات والحكمة عنا�ص ��ر القوة‪،‬‬ ‫عنا�ص ��ر الق ��وة ذاتي ��ة فيه ��ا وبالتم�س ��ك به ��ا تحظى الأم ��ة بن�ص ��ر اهلل وعونه‬ ‫‪5‬‬

‫�إن ل�شعبنا اليمن��ي الم�سلم العزيز �شرف التميز في‬ ‫تفاعله مع ذكرى المولد النبوي لأنه يمن الإيمان‪ ،‬يمن‬ ‫الأن�ص��ار وهو م��ن جيل �إلى جي��ل توارث ه��ذا الإيمان‪،‬‬ ‫مب��ادئ ح��ق يتم�س��ك به��ا و�أخالق��ا كريم��ة يتحلى بها‬ ‫وروح��ا طيبة يحملها ومحبة و�إجالال وتوقير ًا لر�سول‬ ‫اهلل �صلى اهلل عليه و�آله و�سلم‪.‬‬ ‫ول��م تفلح جهود وم�ساعي القوى الظالمية ال�ضالة‬ ‫المخذول��ة ف��ي تغيي��ر ه��ذه ال�سجي��ة الطيب��ة وه��ذا‬ ‫االنتم��اء الأ�صيل له��ذا ال�شعب الم�سلم‪ ،‬كم��ا �أن معاناة‬ ‫�شعبن��ا م��ن الع��دوان الأمريك��ي ال�سع��ودي الإمارات��ي‬ ‫الهمج��ي الظالم ل��ن ت ْث ِنه عن االحتف��ال بهذه الذكرى‬ ‫ف��ي كل عام؛ لأنها منا�سبة تربطنا بها و�شيجة الإيمان‬ ‫وتزي��د الأحداث والتحديات من �أهميتها‪ ،‬فهي منا�سبة‬ ‫معط��اءة غني��ة ب�أه��م الدرو���س والعب��ر الت��ي تحت��اج‬ ‫�إليه��ا الأم��ة الي��وم وت�ستفيد من��ه الب�شري��ة بكلها في‬ ‫ت�صحي��ح و�ضعه��ا و�إ�ص�لاح واقعه��ا ومواجه��ة الأخطار‬ ‫بعد �أن تفاقم��ت م�شاكل الب�شرية بفعل قوى الطاغوت‬ ‫واال�ستكبار الظالمي��ة الظالمة التي ت�سعى في الأر�ض‬ ‫ف�ساد ًا وتملأها ظلم ًا وجوراً‪.‬‬

‫الحديث عن الر�سول هو حديث عن الإ�سالم والإيمان‬ ‫الحدي ��ث ع ��ن الر�سول �صلوات اهلل و�سالمه علي ��ه وعلى �آله هو حديث‬ ‫ع ��ن الإ�س�ل�ام وعن الإيم ��ان والعالقة بالر�سول �صل ��وات اهلل و�سالمه عليه‬ ‫وعل ��ى �آل ��ه ه ��ي عالق ��ة �إيماني ��ة‪ ،‬عالق ��ة محب ��ة و�إيم ��ان وتعظي ��م وتوقير‬ ‫واهتداء واتباع واقتداء‪ ،‬ولذلك من المهم لكل م�سلم �أن ي�سعى �إلى معرف ٍة‬ ‫�أكث ��ر ع ��ن هذا الر�س ��ول �صلوات اهلل و�سالم ��ه عليه وعلى �آله‪ ،‬ع ��ن �سيرته‪،‬‬ ‫بهذا االعتبار الإيماني وبطبيعة هذه العالقة الإيمانية‪.‬‬ ‫وكلم ��ا كان ��ت ه ��ذه المعرف ��ة معرف ��ة قوي ��ة و�صحيح ��ة كلم ��ا كان له ��ا‬ ‫�أثره ��ا الإيجابي في نف�سية الإن�س ��ان الم�ؤمن‪ ،‬في الجانب الإيماني نف�سه‪،‬‬ ‫العالق ��ة الإيماني ��ة نف�سه ��ا‪ ،‬كلم ��ا ازددت �إيمانا وكلما ازددت اهت ��داء وت�أثرا‬ ‫بر�سول اهلل �صلوات اهلل و�سالمه عليه وعلى �آله‪.‬‬ ‫و�شع ُبن ��ا اليمني العزي� � ُز لم ُيث ِن ِه عن االحتفال الكبي ��ر بهذه المنا�سبة‬ ‫ه ��ذا الع � ُ‬ ‫�دوان الغا�ش ُم‪ ،‬لوعيه بم ��ا تعنيه هذه المنا�سب ��ة العزيزة ودالالتها‬ ‫المهمة والتي منها‪:‬‬ ‫‪ )1‬االبتهاج واالعتراف بم ّنة اهلل العظيمة وف�ضله العظيم علينا كم�سلمين‬ ‫وعل ��ى العالمين �أجم ��ع‪ ،‬اهلل �سبحانه وتعالى يقول‪ُ :‬‬ ‫هلل‬ ‫}ق��لْ ِب َف ْ�ضلِ ا ِ‬ ‫َو ِب َر ْح َم ِت ِه َف ِب َذ ِل َك َف ْل َيف َْر ُحوا هُ َو َخ ْي ٌر ِم َّما َي ْج َم ُعونَ {(يون�س‪.)58:‬‬ ‫نح ��ن كم�سلمي ��ن ك�أمة م�سلمة كمجتمع م�ؤمن يج ��ب �أن تكون نفو�سنا‬ ‫متعلق ��ة بف�ض ��ل اهلل‪ ،‬تعترف هلل بعظيم نعمته‪ ،‬وتق� �دِّر نعم اهلل عليها‪ ،‬وفي‬ ‫مقدم ��ة هذه النعم‪ :‬نعمة الهداية التي كانت عن طريق الر�سول والقر�آن‪،‬‬ ‫ومحم ��د ه ��و ر�س ��ول الهداية �أر�سل ��ه اهلل باله ��دى ودين الح ��ق؛ فمثل هذه‬ ‫المنا�سب ��ات العزي ��زة الإيماني ��ة الت ��ي له ��ا عالقة مهم ��ة بدينن ��ا‪ ،‬ون�ستفيد‬ ‫منه ��ا فيما يق ِّربنا �إل ��ى اهلل ت�ستحق منا الفرح واالبتهاج وال�سرور‪ ،‬لقد �أراد‬ ‫لن ��ا �أعدا�ؤن ��ا �أن ي�شدُّ ونا ف ��ي م�شاعرنا �إلى منا�سبات تافه ��ة ال قيمة لها وال‬ ‫�أث ��ر ف ��ي واقع الأمة ويبعدون ��ا عن مثل هذه المنا�سب ��ات العظيمة‪ ،‬ولكنهم‬ ‫فا�شلون وخائبون وخا�سرون‪.‬‬ ‫‪� )2‬إن �إحيا َء ذكرى مولدِ النبي هو منا�سب ٌة للحديثِ عن الر�سولِ ومبعثِه‬ ‫ومنهجِ ��ه ور�سالتِه‪ ،‬وع ��ن واق ِع الأمة وتقييمِ ه‪ ،‬وه ��و � ً‬ ‫أي�ضا من الإ�شاد ِة‬ ‫بذك ��ره‪ ،‬واهلل �سبحان ��ه وتعال ��ى حينم ��ا ق ��رن ال�شه ��ادة بر�سالت ��ه‪ ،‬م ��ع‬ ‫خم�س م َّرات‪،‬‬ ‫ال�شه ��ادة بوحدانيته ف ��ي الأذان وال�صالة‪ ،‬ك َّل يو ٍم وليل� � ٍة َ‬ ‫وحينما قال } َو َر َف ْع َنا َل َك ِذك َْر َك{ لأنه �أراد �أن يبقى ُ‬ ‫ر�سول اهلل ح ًّيا في‬ ‫ُوجداننا‪ ،‬وحا�ض ًرا في �أذهاننا‪َ ،‬ف ِ�صلَ ُت َنا بهذا النبي هي �صل ٌة بالر�سالة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وارتباط بالر�سول من موقعه‬ ‫وارتباط بالمنهج الإلهي‪،‬‬ ‫�صل ٌة بالهدى‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫في الر�سال ��ة‪ :‬هاد ًيا وقائدًا ومعل ًما ومرب ًي ��ا وقدو ًة و�أ�سو ًة‪،‬‬ ‫نهت ��دي به‪ ،‬ونقتدي ونت�أ�سى به‪ ،‬ونت�أثر ب ��ه‪ ،‬ون ّت ِب ُعه‪ ،‬وما �أعظم‬ ‫حاجتن ��ا وحاج ��ة الب�شرية �إل ��ى ذلك! لأنه ال نج ��ا َة وال �سعاد َة للب�شرية‬ ‫�إال ب ��ه‪ ،‬و�إن �أكب� � َر ما جلب ال�شقا َء والمعانا َة عل ��ى الب�شرية هو ابتعادُها‬ ‫عن هدى اهلل‪ ،‬ومخالف ُتها لتوجيهاته‪.‬‬ ‫‪ )3‬التعبي ��ر ع ��ن الوالء لر�س ��ول اهلل محمد (�صلوات اهلل علي ��ه وعلى �آله)‬ ‫ه ��ذا الجان ��ب المهم ك�أ�سا�س م ��ن �أ�سا�سيات الإيمان ال يت ��م الإيمان �إ َّال‬ ‫ب ��ه وال يتحق ��ق �إ َّال به‪ .‬ال ��والء لر�سول اهلل والإيم ��ان بواليته وتعظيمه‬ ‫وتوقي ��ره واالهت ��داء ب ��ه واالتب ��اع ل ��ه؛ لأن اهلل جعل ��ه لنا هاد ًي ��ا معل ًما‬ ‫يزكين ��ا يعلمن ��ا الكت ��اب والحكم ��ة‪ ،‬وجعله لن ��ا الأ�سوة والق ��دوة فنت�أثر‬ ‫ب ��ه ونهت ��دي به ون�سي ��ر على نهجه ونت�أثر به‪ ،‬ف ��ي مواقفنا نتحرك في‬ ‫الطري ��ق نف�سها الت ��ي تحرك عليها‪ ،‬نتفاعل طاع ��ة‪ ،‬عملاً ‪ ،‬التزا ًما مع‬ ‫الر�سالة التي �أتى بها وهي القر�آن الكريم والإ�سالم العظيم‪ ،‬والتعبير‬ ‫ع ��ن هذا ال ��والء له �أهميته الكبي ��رة؛ لأن الأعداء يحاول ��ون �أن يف ّكونا‬ ‫ف� � ًّكا ع ��ن كل ه ��ذه الرواب ��ط العظيم ��ة الت ��ي �سن�ستعيد بها مج ��د �أمتنا‬ ‫وعزة �أمتنا وقوة �أمتنا التي كانت �أيام محمد‪.‬‬ ‫‪� )4‬أ�ض ��ف �إل ��ى ذل ��ك �أن ذكرى مول ��د الر�سول �صل ��ى اهلل عليه و�آل ��ه و�سلم‬ ‫ه ��ي منا�سب ��ة جامعة يمك ��ن �أن تمثل �أ�سا�ساً مهماً للوح ��دة الإ�سالمية‪,‬‬ ‫ومن خاللها يتم التذكير بالأ�س�س الجامعة المهمة التي توحد الأمة‬ ‫وتبني الأمة ‪.‬‬

‫ما الذي �صنعته الر�سالة المحمدية على م�ستوى العالم؟‬ ‫لق ��د غي ��رت الر�سال ��ة الإلهي ��ة في حرك ��ة النبي �صل ��ى اهلل عليه وعلى‬ ‫�آل ��ه و�سل ��م بع ��د مبعث ��ه ال�شريف هادي ��ا ومعلما ومربي ��ا‪ ،‬مجاه ��دا و�صابرا‬ ‫وم�ضحي ��ا‪ ،‬غي ��رت الواق ��ع بكله‪ ،‬عل ��ى الجزيرة العربي ��ة بكله ��ا‪ ،‬لتمتد �آثار‬ ‫ذل ��ك التغيي ��ر وبم�ستوي ��ات متفاوتة �إلى �أرج ��اء الدنيا بكله ��ا‪ ،‬والأمة التي‬ ‫كانت متفرقة وجاهلة وظالمية و�أخافها في يوم من الأيام ٌ‬ ‫فيل واحد في‬ ‫مقدمة جي�ش تغير واق ُعها بعد �إ�سالمها بعد �أن تنورت بالنور‪ ،‬وا�ستب�صرت‬ ‫باله ��دى‪ ،‬وزكت بالقر�آن وبتربية الر�س ��ول �صلى اهلل عليه وعلى �آله و�سلم‪،‬‬ ‫فواجه ��ت جيو�ش االمبراطوريات وال ��دول الكبرى الم�ستكبرة‪ ،‬ولم ترهب‬ ‫جيو�شه ��ا الت ��ي كان ��ت ت�أت ��ي ب�أع ��داد كثيرة م ��ن الفيل ��ة‪ ،‬كانوا يتوقع ��ون �أن‬ ‫يخ ��اف الم�سلم ��ون مجددا �إذا �شاهدوا الفيلة كما خافوا قبل �إ�سالمهم من‬ ‫في ��ل واح ��د‪ ،‬ف�أتوا بالكثير من الفيلة فلم تخ ��ف‪ ،‬لم يخف الم�سلمون فيما‬ ‫بع ��د‪ ،‬وقوي ��ت عليها بقوة الح ��ق‪ ،‬وانت�صرت بن�صر اهلل‪ ،‬حينم ��ا تحولت �إلى‬ ‫�أم ��ة حمل ��ت �أعظم م�ش ��روع و�أقد�س ق�ضي ��ة‪ ،‬وحينما تحولت �إل ��ى �أمل لكل‬ ‫الم�ست�ضعفي ��ن ف ��ي الدنيا غير م�ؤطرة بعنوان جغرافي وال بلون وال بعرق‬ ‫‪3‬‬

‫وال بقومي ��ة بل بخطاب القر�آن لكل النا�س الذي يقول فيه (يا‬ ‫�أيها النا�س)‪.‬‬ ‫لق ��د ا�ستط ��اع الر�سول �صل ��ى اهلل عليه وعلى �آله بحرك ��ة بالقر�آن وبما‬ ‫منح ��ه اهلل تعال ��ى م ��ن م�ؤهالت عالي ��ة وكمال عظي ��م‪ ،‬وبت�أيي ��د اهلل تعالى‬ ‫�أن ي�صن ��ع تغيي ��را مف�صلي ��ا ف ��ي التاري ��خ و�أن ي�ؤ�س� ��س لعهد جدي ��د ختم به‬ ‫ر�ساالت اهلل تعالى �إلى الأنبياء‪ ،‬ومن معجزات الر�سالة الإلهية �أن رافعتها‬ ‫وحملته ��ا و�أتباعها و�أن�صاره ��ا والمنت�صرين بها ه ��م الم�ست�ضعفون ولي�س‬ ‫الم�ستكب ��رون‪ ،‬لم يك ��ن انت�صار الر�سالة الإلهية مرهون ��ا بقوى اال�ستكبار‪،‬‬ ‫ب ��ل كان ��وا ه ��م عل ��ى ال ��دوام �أعداءه ��ا والمختلفي ��ن معه ��ا لأنه ��ا ُتناق� ��ض‬ ‫�أطماعه ��م وطغيانه ��م وا�ستعباده ��م للب�شري ��ة‪ ،‬ب ��ل كان الم�ست�ضعف ��ون هم‬ ‫الذي ��ن ي�ؤمن ��ون به ��ا ويعتزون بها ويقوون به ��ا ويتغير واقعه ��م بها بعد �أن‬ ‫يغيروا ما ب�أنف�سهم‪.‬‬

‫والر�سالة الإلهية هي الم�شروع الوحيد القادر على‬ ‫�إحداث التغيير الحقيقي للواقع الب�شري‬ ‫والر�سال ��ة الإلهي ��ة ه ��ي الم�ش ��روع الوحي ��د‪ ،‬لي� ��س هن ��اك �أي م�ش ��روع‬ ‫�آخ ��ر‪ ،‬ه ��ي الم�شروع الوحيد الق ��ادر على �إحداث التغيي ��ر الحقيقي للواقع‬ ‫الب�ش ��ري‪ ،‬لتقدي ��م الحل ��ول الواقعي ��ة للب�ش ��ر لأنه ��ا م�ش ��روع �شام ��ل يتجه‬ ‫للإن�س ��ان نف�س ��ه‪ ،‬فيغي ��ر م ��ا بنف�سه م ��ن ظلمة ودن�س‪ ،‬ف� ��إذا �صل ��ح الإن�سان‬ ‫�صلح ��ت الحي ��اة بكله ��ا و�صل ��ح واقعه لأنه ��ا م�ش ��روع ي�صنع الوع ��ي ويزكي‬ ‫النف� ��س وي�أخ ��ذ بي ��د الإن�سان في الحي ��اة في الطريق ال�س ��وي ويهدي للتي‬ ‫ات‬ ‫َّا�س مِنَ الظُّ ُل َم ِ‬ ‫هي �أقوم قال اهلل تعالى } ِك َت ٌ‬ ‫اب �أَن َْز ْل َنا ُه �إِ َل ْي َك ِلتُخْ ِر َج الن َ‬ ‫ِيد{‪ ،‬وق ��ال تعالى‪} :‬هُ َو‬ ‫يز ال َْحم ِ‬ ‫��ر ِ‬ ‫اط ا ْل َع ِز ِ‬ ‫ِ�إ َل��ى النُّو ِر ِب�� ِ�إ ْذنِ َر ِّبه ِْم ِ�إ َلى ِ�ص َ‬

‫��ات �إِ َلى النُّو ِر‬ ‫��ات ِل ُيخْ ِر َج ُك ْم مِنَ الظُّ ُل َم ِ‬ ‫ا َّل ِ‬ ‫ات َب ِّي َن ٍ‬ ‫��ذي ُينَ��زِّ ُل َع َلى َع ْب ِد ِه �آ َي ٍ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫َو�إِنَّ ا ِب ُك ْم َل َر ُء ٌ‬ ‫يم{‪.‬‬ ‫وف َر ِح ٌ‬

‫ولأن ��ه م�ش ��روع اهلل ل ��كل عب ��اده لي�س من ق ��وم ح�سبوا ح�س ��اب �أنف�سهم‬ ‫وح�س ��اب م�صالحه ��م على ح�ساب قوم �آخري ��ن وال لعرق على عرق وال للون‬ ‫على لون وال لقومية على قومية‪ ،‬بل هو الكلمة ال�سواء التي يمكن �أن يلتقي‬ ‫عليه ��ا جمي ��ع الب�شر‪ ،‬وهو الم�شروع العالمي الحقيقي ال�صالح القائم على‬ ‫الع ��دل‪ ،‬والع ��دل دعام ��ة �أ�سا�سية في بنيانه‪ ،‬قال اهلل تعال ��ى‪ُ :‬‬ ‫}قلْ �أَ َم َر َر ِّبي‬ ‫��ط{ وقال تعال ��ى‪َ } :‬يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذي��نَ �آ َمنُوا ُكو ُنوا َق َّوامِي��نَ ِبا ْل ِق ْ�س ِط‬ ‫ِبا ْل ِق ْ�س ِ‬ ‫للِهَّ‬ ‫ُ�ش َهدَ َاء ِ {‪ ،‬ثم هو حجة اهلل تعالى على عباده لأنه هو الذي خلقهم‪ ،‬هو‬ ‫ربهم هو ملكهم و�ألهمهم الحق و�إليه م�صيرهم وح�سابهم وجزا�ؤهم‪ ،‬وقد‬ ‫قدم نداءه �إليهم منذ بداية وجودهم على هذه الأر�ض‪ ،‬فقال تعالى مخبرا‬ ‫بندائه واحتجاجه (يا بني �آدم) خطاب اهلل �إلى الب�شر في كل الأجيال التي‬ ‫‪4‬‬