528 31 1MB
Arabic Pages [92] Year 2018
الطبعة الثانية
م2018 / هـ1439
www.d-althagafhalqurania.com
2
ب�سم اهلل الرحمن الرحيم الحم ��د هلل رب العالمي ��ن ،و�أ�ش ��هد �أن ال �إل ��ه �إال اهلل المل ��ك الح ��ق المبين ،و�أ�ش ��هد �أن �س ��يدنا محمدًا عبده ور�س ��وله خاتم النبيين ،اللهم �ص� � ِّل على محمد وعلى �آل محم ��د ،وبارك على محمد وعلى �آل محمد، كم ��ا �صليت وبارك ��ت على �إبراهيم وعلى �آل �إبراهي ��م �إنك حميد مجيد، وار� ��ض الله ��م بر�ض ��اك ع ��ن �أ�صحاب ��ه الأخي ��ار المنتجبين ،وع ��ن �سائر عبادك ال�صالحين. ال�سالم على ال�شعب الفل�سطيني المظلوم ,وال�سالم على كل الأحرار وال�شرفاء من كل �أبناء �أمتنا الإ�سالمية ،و�شعوبنا العزيزة الوف ّية الذين يخرج ��ون في ي ��وم القد�س العالمي هذا اليوم العظي ��م الم�شهود ُن�صر ًة للإ�سالمُ ،ن�صر ًة للحقُ ،ن�صر ًة للمظلومينُ ،ن�صر ًة للأق�صى ال�شريف. وبه ��ذه المنا�سب ��ة العظيم ��ة ي�شرفن ��ا �أن نق ��وم ب�إع ��داد ه ��ذه الم ��ادة الثقافي ��ة م ��ن خطاب ��ات ال�سي ��د ح�سي ��ن ب ��در الدي ��ن الحوث ��ي وال�سي ��د عبد الملك بدر الدين الحوثي -ر�ضوان اهلل عليهما .- واهلل الموفق
3
أهمية القدس القد� ��س كمدين ��ة مقد�س ��ة ل ��دى الم�سلمي ��ن ،عم ��ل الق ��ر�آن عل ��ى ��د ِه ��رى ِب َع ْب ِ }�س�� ْب َحانَ ا َّل ِ ��ذي �أَ ْ�س َ ربطه ��ا ببقي ��ة المقد�س ��ات الأخ ��رىُ ،
��ذي َبا َر ْك َن��ا ��د ا َلأ ْق َ�ص��ى ا َّل ِ ��را ِم �إِ َل��ى ا ْل َم ْ�س ِج ِ َل ْي�ل ًا ِّم��نَ ا ْل َم ْ�س ِج ِ ��د ال َْح َ َح ْو َلهُ {(اإلس�راء )1:ف ��ي ه ��ذه الآي ��ة و�إ�سراء الر�سول (صل���وات اهلل عليه وعلى
آل ��ه) من الم�سجد الح ��رام �إلى الم�سج ��د الأق�صى لتنظ ��ر �إلى الم�سجد الأق�ص ��ى كم ��ا تنظ ��ر �إلى الم�سج ��د الحرام ليك ��ون للأق�ص ��ى في قلبك مكان ��ة كم ��ا الكعب ��ة ف ��ي قلب ��ك ،يك ��ون للقد� ��س مكان ��ة في نف�س ��ك وفي قلب ��ك وف ��ي م�شاع ��رك ،كم ��ا لمك ��ة ف ��ي قلب ��ك وروح ��ك وم�شاع ��رك.
��د ال َْح َرا ِم ِ�إ َل��ى ا ْل َم ْ�س ِج ِد ��د ِه َل ْي ًال ِّمنَ ا ْل َم ْ�س ِج ِ ��ذي �أَ ْ�س َرى ِب َع ْب ِ }�س ْب َح��انَ ا َّل ِ ُ َ ِي��ع الأ ْق َ�ص��ى ا َّل ِ ��ذي َبا َر ْك َن��ا َح ْو َل��هُ ِلن ُِر َي��هُ ِم ْ ال�سم ُ ��ن �آ َيا ِت َن��ا ِ�إنَّ��هُ هُ �� َو َّ ير{(اإلسراء.)1 : ال َب ِ�ص ُ
أهمية إحياء مناسبة يوم القدس ي ��وم القد� ��س العالم ��ي منا�سب ��ة له ��ا �أهمي ��ة كب ��رى؛ وذل ��ك ل�صلتها بالق�ضي ��ة الرئي�سي ��ة الكب ��رى والمحوري ��ة للأم ��ة ،والتي ه ��ي الق�ضية الفل�سطينية ،والمقد�سات في فل�سطين ،وعلى ر�أ�سها الأق�صى ال�شريف، وال�شع ��ب الفل�سطيني الم�سل ��م المظلوم ،والخطر الإ�سرائيلي الذي هو خطر �شامل على الأمة كلها .هذه المنا�سبة لها هذه الأهمية؛ الرتباطها بهذا ال�ش�أن ،بهذا الأمر المهم ،والذي يجب �أن يكون ُم ِه ّماً لدى كل من ينتمي �إلى هذه الأمة ،فهذه الق�ضية هي تعني الأمة -بكل االعتبارات تعن ��ي الأم ��ة -ف ��ي مقدَّ�ساته ��ا ،تعن ��ي الأم ��ة ف ��ي �شع ��ب هو ج ��زء منها، 4
وتعن ��ي الأم ��ة تجاه �أر� ��ض م�ستقطع ��ة ومحتلة ،هي م ��ن �أر�ضها ،وتعني الأمة باعتبار الخطر الذي يهددها من جانب العدو الإ�سرائيلي ،الذي ه ��و ع ��دو مت�آم ��ر ال يقت�ص ��ر خطره فقط عل ��ى الخط ��ر المبا�شر ،الذي ي�سته ��دف الأمة به على نح ��و ع�سكري� ،أو �أمني� ،أو في م�ستوى الحدود ويم�س خطره بالأمة الجغرافية لأر�ض فل�سطين� ،إنما يالم�س خطرهّ ، كله ��ا ،ف ��ي كل �أقطارها ،ف ��ي كل �شعوبها ،في كل بلدانه ��ا ،وخطر �شامل ي�سته ��دف الأم ��ة؛ لتقوي�ضها م ��ن الداخل ،ي�ستهدف الأم ��ة في كيانها، ف ��ي ثقافته ��ا ،ف ��ي ا�ستقالله ��ا ،ف ��ي هويتها ،ف ��ي �أمنها ،ف ��ي ا�ستقرارها، وعلى كل الم�ستويات. فه ��ذه الق�ضي ��ة -الت ��ي له ��ا كل ه ��ذه الأهمي ��ة -م ��ن المه ��م ج ��داً �أن تتفاع ��ل الأم ��ة تج ��اه منا�سب ��ة تتعل ��ق بها ،وتزي ��د �أهمي ��ة المنا�سبة وتزاي ��دت الحاجة الملح ��ة للأمة �إليها ،مع الم�ستج ��دات والتطورات المتالحق ��ة ،تزداد الأهمية لهذه المنا�سبة؛ لمواجهة ال�سعي الحثيث والم�ستمر لإبعاد الأمة عن االهتمام بق�ضيتها هذه ،وب�إبعاد الأمة عن االلتفات �إلى م�س�ؤوليتها الكبرى ،و�ضرب حالة التقوى التي من �أهم ثمراته ��ا :الإح�سا� ��س بالم�س�ؤولي ��ة ،و�ض ��رب الأمة؛ لإفقاده ��ا الوعي، وخ�صو�ص� �اً الوع ��ي تج ��اه ق�ضاياه ��ا الكب ��رى ،والتحدي ��ات والأخط ��ار الت ��ي هي متعلقة بالعدو الإ�سرائيلي ،ومن جان ��ب العدو الإ�سرائيلي، ولمواجه ��ة ال�سع ��ي الحثي ��ث من قب ��ل �إ�سرائي ��ل ،ومن قب ��ل الموالين لإ�سرائي ��ل ،والموالي ��ن لأمريكا ،عن ح ��رف بو�صلة الع ��داء لإ�سرائيل �إلى اتجاهات �أخرى.
5
يوم القدس هو اليوم الذي جتدد فيه األمة بيعتها لقضيتها الكربى ه ��ذا الي ��وم المهم ،ي ��وم الم�سئولية ،يوم الكرامة ،الي ��وم الذي تقول في ��ه الأم ��ة كلمته ��ا ،وتجدد بيعته ��ا لق�ضيته ��ا الكبرى ،وت�ؤك ��د وقوفها الموق ��ف ال�ص ��ادق ،الموق ��ف الم�س�ؤول �إل ��ى جانب ال�شع ��ب الفل�سطيني المظل ��وم .ه ��ذا اليوم العظيم ،ي ��وم الجمعة الأخيرة م ��ن �شهر رم�ضان المبارك� ،شهر رم�ضان الذي هو مدر�س ٌة للتقوى ،نتعلم منه كيف نلتزم بالتقوى في الموقف ،وفي ال�سلوك ،وفي العمل ،التقوى التي �أهم ثمر ٍة له ��ا ه ��و ال�شعور بالم�س�ؤولية ،والقي ��ام بالم�س�ؤولية� ،شهر ال�صيام� ،شهر الأعمال ال�صالحة� ،شهر المب ّرات ،ال�شهر الذي نتعلم منه ومن �صيامه وم ��ن قيام ��ه ومن �أثر القر�آن فيه ،كيف نق ��ف المواقف الم�س�ؤولة التي تر�ض ��ي اهلل �سبحانه وتعالى ،والتي تب ّي�ض وجوهنا في الدنيا والآخرة، المواق ��ف الت ��ي تحت ��اج �إليه ��ا الأمة حاج ًة قب ��ل �أن تكون واجب� �اً ،ثم هي الواجب الم�ش ِّرف ،ثم هي العمل المقد�س الذي يفر�ضه علينا انتما�ؤنا للإ�سالم ،وتفر�ضه علينا �إن�سانيتنا وفطرتنا التي فطرنا اهلل عليها. وه ��ذا التوقي ��ت ه ��و ه ��ادف ومعب ��ر ،ول ��ه دالالت ��ه المهم ��ة؛ �أو ًال: ارتباط ��ه بالع�ش ��ر الأواخ ��ر م ��ن �شه ��ر رم�ض ��ان المب ��ارك ،وعل ��ى �أم ��ل �أن ي�أت ��ي ي ��وم م ��ن الأي ��ام وتك ��ون في ��ه �صبيح ��ة الجمع ��ة الأخي ��رة م ��ن �شه ��ر رم�ض ��ان �صبيح ��ة لليل ��ة الق ��در الت ��ي ق ��ال اهلل �سبحان ��ه وتعال ��ى عنه ��اَ } :و َم��ا َ�أ ْد َر َ اك َم��ا َل ْي َل ُ��ة ا ْل َق ْد ِر{(الق�در )2:والت ��ي ق ��ال عنه ��ا: يم{(الدخان.)4: } ِفي َها ُيف َْرقُ ُك ُّل �أَ ْم ٍر َح ِك ٍ �إن توج ��ه الأم ��ة -ف ��ي �شهر رم�ض ��ان المب ��ارك ،في الع�ش ��ر الأواخر 6
من ��ه ،في �شه ��ر ال�صيام ،والقيام وت�ل�اوة القر�آن ،في �شه ��ر الهداية ،في �شه ��ر نزول القر�آن الكريم ،وفي �شه ��ر التقوى ،توجه الأمة -للنهو�ض بم�س�ؤوليته ��ا ،والتح ��رك ف ��ي االتج ��اه ال ��ذي ُيفتر�ض �أن تتح ��رك فيه، الذي هو يالم�س م�س�ؤوليتها وقيمها ومبادئها و�أخالقها ،قد ي�صاحبه التوفي ��ق الإله ��ي ،ق ��د يكت ��ب اهلل -ف ��ي م ��ا يكت ��ب ،ويقدر في م ��ا يقدر، ويدب ��ر ف ��ي ما يدب ��ر -لهذه الأمة :الف�ل�اح ،والنج ��اح ،والن�صر ،ولهذه الق�ضية � -أي�ضاً -االنفراج ،ولل�شعب الفل�سطيني الفرج. ه ��ذا ال�شه ��ر المب ��ارك ببركت ��ه و�أث ��ره العظيم ف ��ي النفو� ��س ،ثم في الأعم ��ال والمواقف الذي يمكن �أن يهي ��ئ الأمة التخاذ الموقف الالزم الم�س�ؤول ،الذي يمكن �أن يغ ِّير من الواقع ،فيرد الظلم ،ويدفع الف�ساد، ويك ��ون ل ��ه الأثر المهم في تغيي ��ر مجريات الأحداث ،ه ��ذا اليوم الذي م ��ن �أه ��م م ��ا يتحقق فيه رف ��ع م�ستوى الوع ��ي بالخط ��ر الحقيقي على الأم ��ة كلها ،ف�إ�سرائي ��ل تم ّثل الخطر الأكبر ،وال�شر المطلق ،لي�س على م�ست ��وى فل�سطين فح�سب ,ب ��ل بالقدر نف�سه على كل الم�سلمين ،وعلى المنطقة بكلها ،بل هي تهديد للأمن واال�ستقرار وال�سلم العالمي. هو تذك ٌري لألمة بقضيتها الكربى وعدوها احلقيقي هذا اليوم الذي هو �أي�ضاً تذكي ٌر للأمة بق�ضيتها الكبرى ،الكبرى في م�ستواها ،الكبرى في ت�أثيرها ،الكبرى في م�ستوى �أهميتها ،الكبرى في م�ستوى تداعياتها ،الكبرى في م�ستوى نتائجها ،الكبرى بكل االعتبارات والمقايي� ��س الت ��ي يجب �أن ت�أخذ الح ّي ��ز الأكبر من االهتم ��ام ،و�أن تكون �أولوي ًة لدى كل م�سلم ،فيدرك �أنها ق�ضيته ،ويدرك �أنه م�س� ٌ ؤول تجاهها، ويدرك م�ستوى �أهميتها وم�ستوى خطورة التفريط فيها. 7
ه ��ذا الي ��وم �أي�ضاً هو تذكي ٌر للأمة بعدوه ��ا الحقيقي حتى ال ت�ضيع الأم ��ة ف ��ي متاه� � ٍة م ��ن الوه ��م والع ��داء للول � ّ�ي ولل�صدي ��ق ،وت�ستنف ��د جهوده ��ا وطاقاته ��ا ف ��ي عداء من لي�س بع ��دو ،بل هو ع ��دو العدو الذي يري ��د العدو ا�ستغالل الأمة ف ��ي مواجهته بالنيابة عنه ،وهذا من �أ�سو�أ ال�س ��وء ،ومن �أعظم الحم ��ق والغباء� ،أن ي�ستغل الع ��دُّ و �شعوبنا العربية، كم ��ا هو حا�ص ��ل في الواقع العرب ��ي للأ�سف ال�شديد ،حي ��ث تاهت كثير م ��ن القوى ،و�ضل ��ت �سواء ال�سبي ��ل ،بعدائها من لي�س بع ��دو ،وتجاهلها للع ��دو الحقيق ��ي بكل �ش ��ره وخطره عل ��ى الأم ��ة ومقد�ساته ��ا ،و�أر�ضها وعر�ضها ،ووجودها الح�ضاري. وهذا اليوم هو يو ٌم ملواجهة حالة التغييب املتعمدة هلذه القضية وهذا اليوم هو يو ٌم لمواجهة حالة التغييب المتعمدة لهذه الق�ضية عل ��ى كل الم�ستوي ��ات ،فهن ��اك جه ��د كبي ��ر من ورائ ��ه الع ��دو الأمريكي والإ�سرائيل ��ي لتغيي ��ب ق�ضي ��ة فل�سطي ��ن التي ه ��ي ق�ضية الأم ��ة بكلها، والأق�ص ��ى ال�شري ��ف ال ��ذي ه ��و المق َّد� ��س بالن�سب ��ة للم�سلمي ��ن جميعاً، لتغييب هذه الق�ضية ،فال تبقى محط اهتمام ،وال يبقى التعاطي معها عل ��ى �أ�سا� � ٍ�س من الم�س�ؤولي ��ة ،تغييبه ��ا �إعالمياً فو�سائ ��ل �إعالمنا وهي كثي ��رة �سوا ًء على م�ستوى القن ��وات الف�ضائية �أو ال�صحف� ،أو الإنترنت، كل و�سائ ��ل الإع�ل�ام ،ال تتعاطى مع هذه الق�ضي ��ة ،بحجمها ،ب�أهميتها، كق�ضي� � ٍة �أ�سا�سي� �ةٍ ،رئي�سي� � ٍة للأم ��ة ،ب ��ل هن ��اك ُجه� � ٌد متع َّم ��د ،ووا�ض ��ح لتغييبه ��ا وتهمي�شه ��ا ،ف�ل�ا ت�أخ ��ذ �إال مكان� �اً متوا�ضعاً وب�سيط� �اً في ح ّيز االهتمام الإعالمي ،والتعاطي الإعالمي ،وعلى الم�ستوى ال�سيا�سي. 8
عل ��ى الم�ست ��وى ال�سيا�س ��ي هن ��اك تغيي ��ب وتهمي� ��ش ،وتب�سيط لهذه الق�ضي ��ة اال�ستراتيجي ��ة والكبي ��رة والهام ��ة ،ث ��م حت ��ى عل ��ى الم�ستوى الثقاف ��ي ،عل ��ى م�ست ��وى المناهج الدرا�سي ��ة في الجامع ��ات والمدار�س، يت�ض ��ح تراج ��ع كبي ��ر ف ��ي االهتم ��ام به ��ذه الق�ضي ��ة وتغييبه ��ا ،وتغييب التطرق �إليها بما يلزم في المناهج ،والأن�شطة الثقافية عموماً. هذا اليوم هو أيضًا ملواجهة حالة التجريم ملن ّ يتبنى هذه القضية ه ��ذا الي ��وم ه ��و �أي�ض� �اً لمواجه ��ة حال ��ة التجري ��م لم ��ن يتب ّن ��ى ه ��ذه الق�ضي ��ة ،لأن الح ��ال الراهن ق ��د تجاوز حالة التجاه ��ل والت�ضييع �إلى التجري ��م واال�ستهداف ،وكي ��ل االتهامات ،والت�شكي ��ك تجاه من يحاول القيام بالم�س�ؤولية� ،أو يحاول دفع الأمة للقيام بم�سئوليتها ،ما نعرفه جميع� �اً م ��ن حملة كبيرة �إعالمية م�شوهة ومغر�ضة� ،ضد حزب اهلل في لبن ��ان� ،ضد المقاوم ��ة الإ�سالمية في فل�سطين ،و�ضد كل قو ٍة حرة من �أبن ��اء �شعوبن ��ا ت�سان ��د المقاوم ��ة �أو تقف معه ��ا� ،أو تعمل �إل ��ى دفع الأمة باتج ��اه تبن ��ي الموق ��ف ال�صحي ��ح والحكي ��م والم�س� ��ؤول تج ��اه الخط ��ر واج� � ُه كل ذل ��ك بالتجري ��م، الإ�سرائيل ��ي ،ومع ��ه الخط ��ر الأمريك ��يُ ،ي َ والت�شكي ��ك ،والت�شوي ��ه ،ت�شوي ��ه المقاوم ��ة ف ��ي فل�سطي ��ن ،ت�شويه كبير لح ��زب اهلل و�إ�س ��اءات كبي ��رة موجهة �إلى حزب اهلل ،تح ��ت كل العناوين، العناوي ��ن الطائفية وعناوين �سيا�سية ،و�إط�ل�اق الدعايات واالفتراءات له ��دف الت�شوي ��ه ،ث ��م كل قو ٍة من الق ��وى الحرة داخ ��ل �شعوبنا تتحرك ف ��ي اتج ��اه الموق ��ف ال�صحي ��ح والم�س� ��ؤول تواج ��ه كذل ��ك بالت�شكي ��ك، وباالتهام ��ات ،وبالدعاي ��ات الكاذب ��ة ،وبمحاول ��ة االنتقا� ��ص ،ب�أ�ش ��كال 9
اال�سته ��داف ،حت ��ى �أحياناً عل ��ى الم�ست ��وى الع�سكري ،وعل ��ى الم�ستوى ال�سيا�س ��ي ،ف ��ي محاول ��ة لفر�ض حال ��ة ال�صمت وحال ��ة اال�ست�سالم على الأمة كلها فهذا اليوم هو يو ٌم لمواجهة هذه الحالة. ي ��و ٌم للوق ��وف م ��ع ال�صوت الح ��ق ،مع الموق ��ف الحق ،م ��ع الموقف الم�س�ؤول ،وليعلم كل �أولئك الذين يحاولون ت�شويه التحرك الم�س�ؤول، ت�شويه كل القوى الح َّرة �أنهم هم الم�ش َّوهون حقيق ًة ،هم ال�سيئون ،هم المق�ص ��رون ،هم الم�شبوهون في كل محاوالتهم لفر�ض حالة ال�صمت ِّ واال�ست�سالم على الأمة. َّ احملورية لألمة إىل موقعها الصحيح يف يوم إلعادة القضية االهتمام لدى الشعوب ف�إذاً يوم القد�س العالمي هو :يوم لإعادة الق�ضية المحور َّية للأمة �إلى موقعها ال�صحيح في االهتمام ال�شعبي لدى ال�شعوب ،حتى ال تبقى ه ��ذه الق�ضية �أ�سيرة للإهم ��ال الر�سمي .الأنظم ��ة والحكومات الغالب عل ��ى �أدائه ��ا كان ه ��و :الإهمال بكل ما تعني ��ه الكلمة ،وانع ��دام الجد َّية، م ��ا كان هناك لدى الجان ��ب الر�سمي -في معظمه ،في �أكثره -اهتما ٌم وجدي ��ة لتبن ��ي هذه الق�ضية عل ��ى نحو �صحيح ،والتح ��رك الجاد فيها، وحت ��ى ال تبقى �أ�سي ��رة للح�ساب ��ات ،والمزايدات ال�سيا�سي ��ة ،وال�صفقات بين الأنظمة الر�سمية ،و�أمريكا والغرب. ه ��ذه الق�ضي ��ة لي�س ��ت �أب ��داً -فق ��ط -ق�ضي ��ة الحكوم ��ات ،وق�ضي ��ة الأنظمة ،هي ق�ضية الأمة كل الأمة ،كل فرد من �أبناء هذه الأمة -في مقام التكليف ،في مقام الم�س�ؤولية ،وفي موقع الم�س�ؤولية -هو معني به ��ذه الق�ضي ��ة ،ل ��ه حق في �أن يك ��ون له موق ��ف ،وعلي ��ه م�س�ؤولية �أمام 10
اهلل والتاري ��خ ف ��ي �أن يكون ل ��ه موقف ،وال يجوز ب�أي ح ��ال من الأحوال �أن تقب ��ل ال�شع ��وب ب�أن ُتعزل على جانب ،و�أن يقال للجميع :ال �ش�أن لكم بهذا ،اقعدوا ،ا�صمتوا ،ا�سكتوا ،اجمدوا ،ال تقولوا �شيئاً ،ال تفعلوا �شيئاً، ال تتحرك ��وا ،ل�ست ��م معنيي ��ن ،ال ُ�ش ْغ ��ل لك ��م بذلك ،هذا م ��ا ال يجوز ب�أي حال من الأحوال �أن تقبل به ال�شعوب �أبداً. وه ��ذا ه ��و ما �سع ��ى له الأع ��داء لك ��ي يطمئن ��وا ،ولك ��ي يخل�صوا من الم�شكل ��ة نهائي� �اً� :أن تغي ��ب ه ��ذه الق�ضية ع ��ن االهتم ��ام ال�شعبي ،وعن الح�ساب ��ات ال�شعبي ��ة ،وع ��ن كل �ش ��يء ،ال تبقى مرتبط ��ة ال بمبادئ ،وال ب ِق َي ��م ،وال ب�أخ�ل�اق ،وال ب� ��أي ح�ساب ��ات مهم ��ة ،وال بثواب ��ت� ،سع ��وا -هم ي�سع ��ون وي�سع ��ون وي�سع ��ون -لف�صل ه ��ذه الق�ضية ع ��ن ال�شعوب ،وعن الثواب ��ت ،حاول ��وا �أن يحولوه ��ا �إلى مجرد ق�ضية عار�ض ��ة تدخل �ضمن الح�ساب ��ات ،والمزاي ��دات ،وال�صفق ��ات ،والمبادرات �ضم ��ن �صفقات ،و�أن تغيب عن االهتمام ال�شعبي. نحن نقول ك�شعوب :هذه ق�ضية لها عالقة بنا ،لها عالقة ب�إ�سالمنا، له ��ا عالق ��ة بمبادئن ��ا ،ب ِق َيمن ��ا ،ب�أخالقن ��ا ،ب�إن�سانيتن ��ا ،نح ��ن حت ��ى من الموق ��ع الإن�سان ��ي ،ما يحدث من مظالم ،م ��ن جرائم ،من طغيان ،من ه�ضم للحقوق في فل�سطين ،لها �صلة ب�أمننا الحقيقي والقومي. الع ��دو الإ�سرائيلي يمثل خط ��راً علينا ك�شع ��وب� ،إذا ح�سبت الأنظمة ح�ساباته ��ا �ضم ��ن العالق ��ات وال�صداق ��ات مع ه ��ذا الع ��دو الإ�سرائيلي؛ فالع ��دو الإ�سرائيل ��ي هو ع ��دو لنا ك�شعوب ،ي�شكل خط ��راً علينا ك�شعوب، ف ��ي كل �شيء ف ��ي� :أمننا ،وا�ستقرارنا ،وا�ستقاللن ��ا ،وهويتنا ،و�أخالقنا، ومقد�ساتن ��ا ،ف ��ي كل �ش ��يء ،خط ��ره خط ��ر �شام ��ل علين ��ا ،لن ��ا الح ��ق �أن نتح ��رك لمواجه ��ة ه ��ذا الخط ��ر ،والت�ص ��دي له ��ذا الخط ��ر ،وال�شع ��ب 11
يم�سن ��ا ،الظلم له ظلم يم�سه ُّ الفل�سطين ��ي ه ��و �شع ��ب مِ َّنا ،جزء مِ َّن ��ا ،ما ُّ لن ��ا ،االنته ��اك لكرامت ��ه انتهاك لكرامتنا .نحن ك�شع ��وب ال ن�ؤمن بهذه التفرق ��ة الجغرافي ��ة وال�سيا�سي ��ة الت ��ي حاولت ��م به ��ا �أن تفرقونا ،حتى ف ��ي االهتم ��ام ،وف ��ي الم�س�ؤولية ،وف ��ي الرواب ��ط الإن�ساني ��ة ،والدينية، والمجتمعية. الأق�صى ال�شريف هو من مقد�ساتنا ،ومن �أقد�س مقد�ساتنا ،ال يمكن �أن نن�س ��اه ،وال يمك ��ن �أن نعتبر �أنف�سنا غير معنيي ��ن به؛ لأننا لو و�صلنا �إلى درجة �أن ال نبالي بمقد�ساتنا ،و�أن ال نبالي بما يحدث هنا �أو هناك على �أمتنا ،فنحن �إنما نتخلى عن هويتنا ،و�إن�سانيتنا ،وديننا ،ومبادئنا، و�أخالقنا ،و ِق َيمنا ،وهذا ما ال نر�ضى به ،وال يمكن �أن نقبل به. فلذل ��ك ال ب ��د �أن تحظ ��ى ه ��ذه الق�ضي ��ة باالهتم ��ام ال�شعب ��ي له ��ذه االعتب ��ارات ،ث ��م �أي حكومة� ،أي نظام ر�سم ��ي� ،أي زعيم على ر�أ�س دولة؛ يجب �أن يدرك �أن هذا ل�صالح الق�ضية ،ول�صالح كل من�صف ،كل مهتم، كل واع في هذه الأمة. �إ�سرائي ��ل بم ��ا تتمت ��ع به م ��ن دعم �أمريك ��ي مطلق ،ودع ��م غربي من ال ��دول الأوربي ��ة ،وم�ساندة كبيرة جداً ومفتوح ��ة من جانب الأمريكي، �إ�سرائي ��ل بم ��ا تتمتع ب ��ه من كل ذلك؛ يج ��ب االعتماد - -ف ��ي ما يتعلق بالو�سط العربي والإ�سالمي -على ا�ستنها�ض ال�شعوب ،هذا يمثل عامل ق ��وة ،هو العامل الرئي�سي الذي يمكن �أن يفيد ،و�أن يعطي الموقف ،ما يحتاج �إليه من ال َّز َخم والقوة. ففي مقابل الم�ساندة الأمريكية والغربية للعدو الإ�سرائيلي؛ يجب �أن تتح ��رك الأم ��ة كل الأم ��ة ،و�أن يكون هناك اال�ستنها� ��ض ال�شامل في مواجهة ذلك .هذه هي الحكمة ،هذا هو الت�صرف ال�صحيح. 12
و�أ�صب ��ح ال ��دور ال�شعب ��ي حتمي� �اً ال بدي ��ل عن ��ه ،وال خي ��ار �آخ ��ر غيره ف ��ي مقابل الإهم ��ال الر�سمي .و�أكث ��ر من ذلك :بع� ��ض الأنظمة ،بع�ض الحكوم ��ات ،اتخ ��ذت خي ��اراً �آخ ��ر ،لي�س فق ��ط الإهمال ،ب ��ل التعاون مع العدو الإ�سرائيلي ،التطبيع ،ثم زيادة على التطبيع :التعاون والتحالف مع العدو الإ�سرائيلي كما هو حال النظام ال�سعودي والإماراتي.
***
13
نشوء الكيان اإلسرائيلي المرحلة الأولى :عوامل ن�شوء الكيان الإ�سرائيلي
هناك عامالن �أ�سا�سيان �ساهما في ن�ش�أة و�سيطرة العدو الإ�سرائيلي عل ��ى فل�سطي ��ن وهما في نف�س الوق ��ت متالزمان ،ويج ��ب �أن ن�أخذ من خالل معرفتهما العبرة و�أن ن�ستفيد منهما في الوقت الحا�ضر: و�سعي جا ٌد منظ ٌم العامل الأول :هو اهتمام من اليهود من جانبٌ ، برعاية بريطانية وغربية وفيما بعد حماية �أمريكية . أ�سا�سي وهو ما العام��ل الثاني :عامل م�ل�ازم للعامل الأول وج ��زء � ٌ ح ��دث من تخ ��اذل وتق�صير كبير في الجانب العرب ��ي ،با�ستثناء تحركٍ مح ��دود ف ��ي الواق ��ع الفل�سطيني وف ��ي الواقع العربي ،تح ��رك محدود ال يرق ��ى �إل ��ى م�ستوى حج ��م الموقف وحجم الخط ��ر وحجم التحدي، بع� ��ض الأحرار وبع�ض ال�شرفاء بع�ض الغيورين تحركوا وبذلوا جهوداً كبي ��رة ،لك ��ن كان م�ست ��وى التخاذل كبي ��راً وكانت م�ساح ��ة التخاذل في الداخ ��ل الفل�سطيني والواق ��ع العربي وا�سعة جداً ج ��داً نتيجة عاملين �أ�سا�سيين هما: 1ـ انع ��دام ف ��ي الوع ��ي ع ��ن ه ��ذا الخط ��ر وع ��ن ه ��ذه الم�ؤام ��رة وع ��ن م�ستواها ،وانعدام في الوعي عن الواقع المحلي والواقع الإقليمي والواقع الدولي. 2ـ نق� ��ص كبي ��ر ج ��داً ف ��ي الإح�سا� ��س بالم�س�ؤولي ��ة؛ فالكثير م ��ن �أبناء الأم ��ة ال يعتب ��ر نف�سه معنياً وال م�س�ؤو ًال تج ��اه ما يحدث وتجاه ما يج ��ري ،ويدخ ��ل مع ه ��ذا -نتيجة النع ��دام الوعي وع ��دم االلتفات 14
الج ��اد للمو�ضوع م ��ن �أ�صله -يدخل اعتبارات مث ��ل :فقدان الأمل، انعدام الر�ؤية ،وعوامل متعددة. اليهود تحركوا من نقطة ال�صفر
اليه ��ود تحرك ��وا من نقطة ال�صف ��ر وهم في حالة ال�شت ��ات في �شتى �أنح ��اء العال ��م جزء كبير منهم م�شتت في المنطق ��ة العربية في الدول العربي ��ة يعي�ش ��ون في و�ضع طبيعي �سوا ًء ف ��ي ال�شام �أو في دول المغرب العرب ��ي ودول �أخ ��رى ،ولكن ج ��زءاً كبيراً منهم �أي�ض� �اً يعي�ش في �أوروبا، وج ��زء ف ��ي �أمي ��ركا ،وفي االتح ��اد ال�سوفيت ��ي �سابق� �اً ،وج ��زء يعي�ش في مناطق متفرقة من العالم. اليه ��ود تحركوا من نقطة ال�صفر ،وحر�صوا على �أن يكون تحركهم جاداً بكل ما تعنيه الكلمة ،تحركوا بجدية وباهتمام كبير وكانت لديهم عناي ��ة كبي ��رة بالإنف ��اق المال ��ي ،كان ��وا يجمع ��ون التبرعات م ��ن معظم الأ�س ��ر اليهودية في العالم لتمويل هذا الم�شروع بعد �أن �أعدوه كخطة وم�ش ��روع عمل ��ي معين باختيار فل�سطين لتك ��ون موطناً يتوافدون �إليه وين�شئ ��ون له ��م كيان� �اً في ��ه ،وي�سيط ��رون علي ��ه ،وم ��ن ثم يجعل ��ون منه منطلق� �اً لل�سيط ��رة على المنطقة بكله ��ا و�إقامة ما ي�سمون ��ه ب�إ�سرائيل الكبرى ويفر�ضون لهم من خالل ذلك نفوذاً عالمياً و�سيطرة عالمية؛ لأن �سيط ��رة اللوب ��ي ال�صهيون ��ي ف ��ي �أمي ��ركا وف ��ي العال ��م الغربي هي معروفة. والي ��وم في كثير م ��ن المناطق �أو بلدان العال ��م العربي هي وا�ضحة ولكن لديهم هذا الطموح� :أن يكون لهم كيان يتوافدون �إليه ويتحركون م ��ن خالله ليفر�ض ��وا لهم �سيط ��رة عالمية و�إال ف ��اهلل �سبحانه وتعالى 15
ه ��و عال ��م ب�شره ��م وف�سادهم وكانت الحكم ��ة الإلهية ق�ض ��ت بتفريقهم وتقطي ��ع �أو�صاله ��م وت�شتيتهم في العالم ق ��ال اهلل جل �ش�أنه في القر�آن ���ض �أُ َمم ًا{(األعراف )168م� � ّزق اهلل �شملهم ��م ِف��ي الأَ ْر ِ الكري ��مَ } :و َق َّط ْع َناهُ ْ َّ وقطع �أو�صالهم وفرقهم في الأر�ض و�شتت �شملهم في الأر�ض. معا�ص كبيرة في ولك ��ن العتبارات كثي ��رة تعود بالدرجة الأولى �إلى ٍ معا�ص كبيرة جداً: واق ��ع الأم ��ة العربية والإ�سالمية (العرب بال ��ذات) ٍ تخل ��ي عن م�سئوليتهم الدينية والإ�سالمي ��ة ،و�أ�شياء كثيرة ،واعتبارات كثي ��رة و�صلوا فيها �إلى ظ ��روف غريبة جداً من ال�شتات وانعدام الوعي وفقدان الإح�سا�س بالم�س�ؤولية والتخاذل وال�ضعف والوهن. بريطانيا ودورها القذر في ن�شوء الكيان ال�صهيوني
ر�أى �أع ��داء الأمة وفي مقدمته ��م بريطانيا �آنذاك وهي في ن�شاطها اال�ستعم ��اري في العالم ،ور�أى اللوبي اليهودي �أن الظروف مواتية هنا ف ��ي المنطق ��ة العربي ��ة بالتحديد ل ��زرع هذا الكي ��ان والعتب ��ارات �أي�ضاً م�ستقبلي ��ة بالن�سبة لح�سابات الأع ��داء تجاه هذه الأمة؛ فهم و�إن كانوا ووهن فهم يرون في هذه الأمة في مرحلة معينة �أنها في حالة ٍ �ضعف ٍ يعرف ��ون �أنه يكمن فيها عنا�صر الق ��وة التي يمكن �أن تبعثها من جديد و�أن تحييها من جديد و�أن تقيمها من جديد. ف ��كان هن ��اك تح ��رك بجد كبي ��ر من جان ��ب اليهود وهم ف ��ي ال�شتات �أنفق ��وا الكثي ��ر من الأم ��وال حتى يمولوا ه ��ذا الم�ش ��روع باالنتقال �إلى فل�سطي ��ن بع ��د ح�صوله ��م على وع ��د "بلفور" م ��ن بريطاني ��ا ويبد�ؤون بت�شكيل هذا الكيان وزرعه في فل�سطين. الي ��وم الكثي ��ر م ��ن �أبناء الأمة يبخ ��ل بالإنفاق ب�أي مبال ��غ مهما كان 16
حج ��م الق�ضي ��ة �س ��واء لدع ��م مبا�ش ��ر للق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة �أو لإحياء ال�شع ��ور بالم�سئولي ��ة في واقع الأمة و�إعادة ا�ستنها�ض الأمة من جديد لمواجه ��ة الخط ��ر الإ�سرائيل ��ي والأميركي في فل�سطي ��ن و�سائر بلدان المنطقة ،البع�ض يبخل يعني لم ي�صل بعد -يا �أيها الم�سلمون يا �أبناء �أمتن ��ا -ل ��م ي�ص ��ل اهتم ��ام الكثير م ��ن �أبناء �أمتن ��ا بقدر م ��ا كان يحمله اليهود من اهتمام فتفوقهم في م�ستوى االهتمام والجدية في التحرك �ساعده ��م لينجحوا ،هن ��اك عوامل تبنى عليها نه�ضة �أمم و�سقوط �أمم واح ��د منها هو :االهتمام والجدية ،الأمة التي تملك اهتما ًما بق�ضايا وتتح ��رك وتعم ��ل وت�شتغل وتقات ��ل وت�ضحي وتنفق وتق ��دم وتعطي في مقاب ��ل �أمة يبخل الكثي ��ر فيها ويجمد الكثير فيها وي�سكن الكثير فيها ويتن�ص ��ل الكثي ��ر فيها ع ��ن الم�سئولية؛ تكون النتيج ��ة ل�صالح الطرف ال ��ذي يتح ��رك ويعط ��ي ويعم ��ل وي�سع ��ى ويك ��دح وي�ضحي ويج ��د� ..إلى �آخره ،هذا �شيء. اليهود حر�صوا على �أن يكون لهم حافز ودافع يوحدهم
اليهود �أي�ضاً حر�صوا على �أن يكون لهم حافز ودافع كبير في �أو�ساطهم للتفاعل مع فكرة االجتماع من مناطق ال�شتات �إلى فل�سطين ،والتوافد هن ��اك واحتالل فل�سطين و�إن�شاء ه ��ذا الكيان ،كان عندهم حافز قومي كان عندهم الحافز الفطري الطبيعي للنا�س �أن يكون لهم كيان و�ش�أن واعتب ��ار� ...إل ��ى �آخره ،ولك ��ن حر�صوا عل ��ى �إ�ضافة حافز ليك ��ون حافزاً رئي�سي� �اً و�أ�سا�سي� �اً ودافع� �اً جوهرياً ومهماً -ويج ��ب �أن ن�أخذ العبرة من هذه -وهو الحافز الديني ،اليهود حر�صوا على �أن يجعلوا من الحافز الدين ��ي :الدينم ��و ال ��ذي يح ��رك الكثي ��ر منه ��م فينطلقون ب ��كل قناعة وب ��كل اهتمام وبكل جدي ��ة ،وباعتبار الم�س�ألة م�س�ألة دينية فركزوا على 17
عنوانه ��م الم�شهور(�أر�ض الميعاد) وهيكلهم المزعوم ،وجعلوا من هذا االعتب ��ار الديني دافعاً رئي�سياً ليح ��رك اليهودي �أينما كان في �أي قطر م ��ن �أقط ��ار العالم� ،أن ينظر �إلى الم�س�ألة عل ��ى �أنها م�س�ؤولية دينية� ،أن ثقافت ��ه الديني ��ة تفر�ض عليه �أن يذهب �إل ��ى هناك ،و�أن هناك �أم ً ال ب�أن اهلل قد وعد نبيه �إبراهيم بهذه الأر�ض لهم. فانطلق ��وا بحافز ديني وب�أمل ديني بينما يحر�ص الكثير في واقعنا العرب ��ي عل ��ى �أن ن�شطب م ��ن واقعنا الدافع الدين ��ي والأمل الذي يبنى على الدافع الديني مع �أننا من نرتبط دينيا باعتبارات كثيرة ،الم�سجد الأق�صى كمقد�س من مقد�ساتنا وتربطنا بالم�س�ألة االعتبارات الدينية بالت�أكي ��د ،الم�س�ؤولية الدينية في الدفاع عن جزء من �أبناء الأمة وعن �أر� ��ض م ��ن �أر�ض الأمة هناك ف ��ي ديننا م�س�ؤوليات تج ��اه هذه ،الر�سول (صلوات اهلل عليه وعلى آله) يقول« :من لم يهتم ب�أمر الم�سلمين فلي�س من الم�سلمين» «ومن �سمع مناديا :يا للم�سلمين ي�ستغيث ب�أمته فلم يجبه فلي���س من الم�سلمين» وفي بع� ��ض الروايات «فلي���س بم�سلم» ف�إ ًذا في
دينن ��ا م�سئولي ��ة ،الم�سئولي ��ة هي جزء من دينك كم ��ا ال�صالة جزء من دين ��ك ،كم ��ا ال�صيام جزء من دين ��ك ،ال تفكر تفكير البع�ض ممن يعتبر نف�س ��ه غي ��ر معن ��ي ب�ش ��يء ،ال� .أنت معني ،معن ��ي بهذا االعتب ��ار ،ومعني باعتب ��ار �أن كل الأ�ض ��رار �ست�ص ��ل �إلي ��ك ،الأخط ��ار �ستطال ��ك ولن تكون بمن�أى عنها وال ب�سالمة منها �أبداً. اليهود حافظوا على هويتهم
فاليه ��ود بالرغ ��م من تفرقهم ف ��ي البلدان كان لديه ��م حفاظ كبير عل ��ى هويته ��م ،والحِ ظ ��وا بالرغ ��م م ��ن �أنهم عا�ش ��وا في و�س ��ط ال�ساحة العربي ��ة عل ��ى مدى مئات الأع ��وام وعا�شوا كمعاهدي ��ن في ظل ظروف 18
م�ستق ��رة ف ��ي العالم الإ�سالم ��ي لم يكن العال ��م الإ�سالمي ي�ضطهدهم وهم يعي�شون كمواطنين معاهدين ،عا�شوا في اليمن عا�شوا في العراق عا�شوا في المغرب العربي عا�شوا في بلدان كثيرة في ظل و�ضع طبيعي م�ستق ��ر :ال ُيظلم ��ون ،ال ُي�ضطه ��دون وال يقهرون ،يمار�س ��ون ن�شاطهم الحِ رفي ويعي�شون و�ضعية �آمنة وم�ستقرة ،ومع هذا احتفظوا بهويتهم العتبارات كثيرة ،ولتق�صيرٍ في داخل الأمة. ولك ��ن -وف ��ي ه ��ذا در�س للأمة -احتفظ ��وا بهويتهم ل ��م يت�أثر الكثير منه ��م بالإ�س�ل�ام والم�سلمي ��ن ول ��م يذوبوا ف ��ي المجتم ��ع الإ�سالمي ولم يندمج ��وا بال�ش ��كل المطلوب مع المجتم ��ع الإ�سالمي ،ال ي ��زال اليهودي يعي� ��ش جي�ل ً�ا بعد جيل في المنطقة العربية وه ��و يحمل �شعوراً �أنه لي�س من هذه الأمة ،لي�س منهم و�أنه يرتبط ب�أمة �أخرى يرتبط بذلك اليهودي �أو بتلك الدولة �أو بذلك البلد �أو بتلك المنطقة ولي�س من �أولئك النا�س الذي ��ن يعي� ��ش بينهم والذين قد يك ��ون فع ً ال قد ولد بينه ��م وترعرع بين �أو�ساطهم ويتكلم بلهجتهم ولكنه يحمل �شعوراً �أنه لي�س منهم. اليهود حملوا لنا العداء ال�شديد ومعه الروح القتالية وحالة الجهوزية
لي� ��س ه ��ذا فح�س ��ب من �أعج ��ب الأم ��ور فيهم �أنه ��م احتفظ ��وا �أي�ضاً بع ��داء �شديد ج ��داً جداً لهذه الأمة فالبع�ض من اليهود مث ً ال عا�ش في مناط ��ق ف ��ي العالم العرب ��ي والإ�سالمي في واقع طبيع ��ي جداً ،لم يكن في ��ه م ��ا يثير في ��ه حالة الحقد ،لم ُيظلم لم ُي�ضطه ��د لم ُيذل لم ُيقهر ل ��م يم�س ��ه �أي �سوء م ��ن جانب هذه الأمة ،فكيف حمل ��وا كل هذا الحقد ال�شدي ��د؟ �إنها ثقافة حملوها وحافظ ��وا عليها وتربوا عليها و�آمنوا بها واعتنقوها واعتقدوها �صنعت عندهم كل هذا الحقد. 19
كذل ��ك التح ��رك الع�سك ��ري :هم كان ��وا بعد �أن ي�صل ��وا �إلى فل�سطين يتواج ��دون ب�ش ��كل ن�ش ��ط هن ��اك ب ��كل �أ�ش ��كال الحي ��اة ،وحر� ��ص البع�ض أرا�ض �أو ممتلكات� ...إلى �آخره ،ولكن ن�شطوا ع�سكرياً منهم على� شراء � ٍ وحمل ��وا ال ��روح الع�سكرية -وفي هذا در�س مهم لن ��ا -وكانوا يت�شكلون �ضمن ت�شكيالت مقاتلة ،في البدء :عمليات ،تفجيرات ،واغتياالت وفيما بع ��د ن�شاط ع�سكري وا�س ��ع :اقتحام للقرى واقتح ��ام للمناطق وتنامت وت�ضخمت وكبرت ه ��ذه الت�شكيالت الع�سكرية حتى �أ�صبحت ت�شكيالت كبي ��رة ب ��الآالف وكانوا يغزون القرى الفل�سطيني ��ة ويهددونها ع�سكرياً ويقتحمونها ويقاتلون. فيم ��ا ي�سع ��ى البع� ��ض دائم� �اً و�أب� �دًا �إل ��ى تدجي ��ن �أمتن ��ا �أن ال نحم ��ل الروحي ��ة الجهادي ��ة� ،أن ال يك ��ون لدينا ا�ستعداد لقت ��ال �أعدائنا �أبداً في مقاب ��ل الروح الع�سكري ��ة لدى اليهود ولديهم ن�ش ��اط م�ستمر ،الحظوا الي ��وم البل ��د الوحيد ف ��ي المنطقة بكله ��ا الذي ي�شهد من ��اورات حربية �شامل ��ة ه ��و فل�سطين المحتل ��ة من جان ��ب اليهود ،اليه ��ود وحدهم في المنطق ��ة يج ��رون مناورات حربية يدخل فيها م ��ن يعتبرونهم هم من مواطنيه ��م �ضمن هذه الإجراءات و�ضمن ه ��ذه المناورات ،ويحر�صون عل ��ى �أن يعي�ش ��وا ف ��ي واقعه ��م الداخلي ب�ش ��كلٍ م�ستمر حال ��ة الجهوزية والحرب واال�ستعداد النف�سي والفعلي للحرب. فحال ��ة التعبئ ��ة الع�سكري ��ة ه ��ي ج ��زء �أ�سا�س ��ي م ��ن ثقافته ��م م ��ن �أن�شطته ��م م ��ن �سيا�ساته ��م م ��ن توجهاته ��م ،وج ��ز ٌء �أ�سا�س � ٌ�ي �أي�ض� �اً م ��ن ممار�ساته ��م :التعبئة الع�سكرية واال�ستعداد الع�سكري الم�ستمر ،وهذه حال ��ة ه ��م يحر�صون بكل جهد وبكل جد على �أن تنعدم في واقعنا نحن وك�أنن ��ا �أم ��ة لي�س له ��ا �أي عدو في ه ��ذا العالم ،وك�أننا �أم ��ة ال تواجه �أي 20
تحدي ��ات �أب ��داً ،وال �أي مخاط ��ر �أبداً ،وك�أننا �أم ��ة ال ب�أ�س علينا وال خطر علينا وال هناك من يمكن �أن يخد�شنا حتى بال�سكين. بينم ��ا نحن �أم ��ة ن�ستهدف �أكثر من �أي �أمة �أخ ��رى في العالم ،يعني لي� ��س هن ��اك ف ��ي الأر� ��ض �أمة ه ��ي م�ستهدفة بق ��در ما نح ��ن كم�سلمين وع ��رب م�ستهدف ��ون ،هذه حقائ ��ق وا�ضحة ت�شهد عليه ��ا �أحداث وي�شهد لها كل الكون ،ونحن �أولى النا�س في هذا العالم و�أحوج النا�س في هذه الدني ��ا ،و�أم� ��س النا�س ا�ضط ��راراً في هذه الأر�ض ب� ��أن نحيي في واقعنا ك�أم ��ة الجهوزي ��ة الع�سكرية ،الروحي ��ة الجهادية ،اال�ستع ��داد الع�سكري لنواجه كل هذه التحديات والأخطار التي نعاني منها والتي ت�ستهدفنا من الجانب الإ�سرائيلي والأمريكي ومن جانب قوى ال�شر الم�صطنعة والم�ش َّكلة من داخل �أمتنا :الدواع�ش والتكفيريين. كيف هي المناهج الإ�سرائيلية؟
فالحظ ��وا درو� ��س مهمة جداً لن ��ا اليوم ال يتثق ��ف الإ�سرائيليون في مناهجهم الدرا�سية و�أن�شطتهم العامة و�سيا�ساتهم وفي كيانهم بثقافة ت ��رك العن ��ف ،وال�سالم ،واالطمئنان و�أن يك ��ون الإن�سان في هذه الحياة حم�ل ً�ا وديع� �اً و�إن�س ��ان ال يمتل ��ك �أي ق ��درات ع�سكري ��ة ،و�أن تك ��ون �أم ��ة مج ��ردة م ��ن كل قدراته ��ا الع�سكرية ،و�أن ننظ ��ر �إلى العال ��م كله بنظرة �س�ل�ام؛ لأنه ��م كلهم في هذه الدني ��ا طيبون وم�سالم ��ون ،فقط نحن ال نثي ��ر م�ش ��اكل في هذا العال ��م ،ننتبه� ،إذا لم نثر م�ش ��اكل في هذا العالم فكل الأمور تمام و�سالم!. ه ��ذه ال توج ��د �أب ��داً لدى الأط ��راف الأخ ��رى ،كل الكيان ��ات في هذا العالم ،اذهب �إلى الأمريكي ،اذهب �إلى الإ�سرائيلي ،اذهب �إلى الأوروبي، 21
�إل ��ى ال�صين ��ي� ،إلى �أي كي ��ان حول العالم ،كل النا� ��س ،كل منهم يحر�ص عل ��ى �أن يك ��ون كيان� �اً قوياً بما تعني ��ه الكلمةٌ ، وكل منهم ل ��ه في ثقافته، ف ��ي �سيا�ست ��ه ،ف ��ي ا�ستراتيجيت ��ه التي يبني عليه ��ا واقعه بكل ��ه ،وهناك تحدي ��د وا�ض ��ح للمخاطر التي ت�ش ��كل تهديدًا ويج ��ب ال�سعي المتالك الق ��وة الالزم ��ة لمواجهة ه ��ذه المخاط ��ر والتحديات وهن ��اك �سعي �أن يكون كياناً قوياً. فق ��ط العرب الذين يقال لهم م ��ن الكثير والكثير كونوا �أمة وديعة، كون ��وا في ه ��ذه الدنيا �أنا�ساً ال تمتلكون �أي عامل قوة ،ال في روحيتهم، وال ف ��ي ثقافته ��م ،وال ف ��ي توجهاتهم ،وال ف ��ي �سيا�ستهم ،كون ��وا �أمة ال تحظ ��ى ب ��ذرة من المنعة وال الق ��وة وال تقدر على �أن تحمي نف�سها �أمام �أي �أخطار وال في مواجهة �أي تحديات. فن�شط اليهود ع�سكرياً ،ن�شطوا وقاتلوا ،حملوا ال�سالح امتلكوا ال�سالح، وف ��روا ال�س�ل�اح ،جلب ��وا ال�سالح ،ومنذ ذل ��ك اليوم �إلى الي ��وم وهم يعملون على هذا النحو :تعبئة ع�سكرية ،تجهيزاً ع�سكر ًيا ،تدريباً ع�سكرياً ،روحية ع�سكري ��ة ،امت�ل�اك ال�س�ل�اح ،و�سع ��ي د�ؤوب المت�ل�اك �أفت ��ك �أن ��واع ال�سالح ونف ��ذوا اعتداءات كبيرة جدًا وجرائم رهيبة جدًا وقتلوا وجرحوا و�شردوا الماليين من ال�شعب الفل�سطيني �آنذاك برعاية بريطانية. في المقابل كيف كان واقع العرب؟
ف ��ي مقاب ��ل ذل ��ك تخ ��اذل كبي ��ر ف ��ي الواق ��ع العرب ��ي ،كان التح ��رك مح ��دوداً ،ف ��ي الداخل الفل�سطيني تحديداً ،وف ��ي الواقع العربي ب�شكل ع ��ام ،ل ��م ي ��ر َق ه ��ذا التحرك �إل ��ى م�ست ��وى الخط ��ر ،لي�س هن ��اك قراءة �صحيحة حتى اليوم. 22
اليوم �أمامنا �أحداث كبيرة ومخاطر حقيقية ،وما يزال الإ�سرائيلي ي�ش ��كل خط ��راً ف ��ي واقع الأم ��ة وتهدي ��داً والأمريك ��ي من هن ��اك ،ولكن الكثي ��ر دائم� �اً ينظ ��ر �إل ��ى مثل ه ��ذه الأخط ��ار بنظ ��رة ناق�ص ��ة �أو نظرة مغلوطة بالكامل فال يكون هناك الت�شخي�ص الالزم لم�ستوى التحدي وم ��ا يتطلب ��ه هذا التحدي ،وهذا الخطر من مواقف ،من تحرك عملي وفعلي من داخل الأمة. المرحلة الثانية :ما بعد ن�ش�أة الكيان الإ�سرائيلي
المرحل ��ة الثاني ��ة :م ��ا بع ��د ن�ش� ��أة الكي ��ان الإ�سرائيل ��ي ،ن�ش� ��أ الكيان الإ�سرائيل ��ي وفر� ��ض ح�ض ��وره الع�سك ��ري بالق ��وة وبالحماي ��ة ال�سيا�سي ��ة وبالحماي ��ة ب ��كل �أ�شكاله ��ا م ��ن بريطاني ��ا ومن الغ ��رب ومن بع ��د ذل ��ك م ��ن �أمري ��كا ودع ��م �آن ��ذاك م ��ن الأمم المتح ��دة ،وبع ��د ذلك م ��ن مجل�س الأم ��ن ،و�أ�صبح حال ��ة مدعومة عالمياً م ��ن تلك الأطراف الدولية ،ومرحب به لديهم. كان المفرو� ��ض �أن ي�ش ��كل زرع هذا الكيان المعادي في قلب المنطقة عامل يقظة وا�ستنها�ض لدى �أمتنا وعامل مراجعة ،عامل يقظة �أن تنبه ال�شع ��وب ،ح ��دث كبير وح ��دث ا�ستثنائ ��ي وغريب ،خطي ًرا ولي� ��س عادياً، كي ��ان معا ٍد وي�أتي فيقتطع جزءاً من المنطقة ،جزءاً من �أر�ضنا العربية والإ�سالمي ��ة وم ��ن مقد�ساتنا ويفت ��ك ب�شعب كامل م ��ن �شعوبنا ،وبجزء كبي ��ر م ��ن �أمتن ��ا ،يعني جرحاً كبي ��راً ،الج ��رح الفل�سطيني جرح� �اً كبيراً وكان المفتر� ��ض �أن يك ��ون موقظ� �اً للأم ��ة من حالة ال�سب ��ات التي كانت م�ستغرقة فيها؛ ولكن حجم هذا الجرح للأ�سف لم يوقظ الأمة ،ومنذ ذل ��ك الي ��وم و�إلى الي ��وم لم َ تحظ ه ��ذه الق�ضية ولم يح ��ظ هذا الحدث 23
الكبير وهذه الم�شكلة الكبيرة من االهتمام في �أو�ساط هذه الأمة بقدر ما ينبغي وبقدر ما يفتر�ض ،ال لدى نخبها وال لدى جماهيرها. ال ي ��زال الموقف العربي والموقف ف ��ي العالم الإ�سالمي متوا�ضعاً، ل ��م ي ��ر َق بع ��د باهتمام ��ه تج ��اه ه ��ذه الم�س�ألة بال�ش ��كل المطل ��وب وكما ينبغ ��ي ،ول ��م يلتفت بجدية كما يفتر� ��ض ،فيحظى باهتم ��ام كبير جداً، ه ��ل ه ��ي ق�ضية �ساخنة ف ��ي الوطن العربي ،في الأو�س ��اط والنخب ،في الأو�س ��اط ال�سيا�سي ��ة والأو�س ��اط العلمائية ،وفي الأو�س ��اط الأكاديمية، �أو�س ��اط النخ ��ب� ...إل ��ى �آخ ��ره ،ال� ،أحيان� �اً تحظ ��ى بجزء م ��ن االهتمام، بق ��در م ��ن التفاعل ولكن لي� ��س التفاعل الم�ستم ��ر وال التفاعل المثمر كما ينبغي. ملاذا متكن اليهود أن يفعلوا بنا هذا؟ كان يفتر� ��ض �أن يمث ��ل ه ��ذا �أي�ض� �اً كم ��ا ه ��و عام ��ل يقظ ��ة ،وعام ��ل ا�ستنها� ��ض وعام ��ل مراجع ��ة ،لماذا تمكن الأعداء م ��ن �أن يفعلوا بنا كل ه ��ذا؟ كي ��ف نجح اليه ��ود من نقط ��ة ال�صف ��ر �أن يتحولوا ف ��ي منطقتنا بي ��ن �أو�ساطن ��ا �إلى كيان ق ��وي وكيان فاعل يح�ضر بق ��وة وينهزم الكثير �أمامهم؟. كان هن ��اك ف�شل كبير للأداء الر�سم ��ي ،الحكومات والأنظمة ف�شلت ف�ش ً ال ذريعاً �إلى حد كبير ،ولكن فيما بعد كان هناك نجاح �شعبي لقوى ن�ش� ��أت ف ��ي الأو�س ��اط ال�شعبية� ،سوا ًء في فل�سطين م ��ن خالل الحركات المجاه ��دة هناك ،ح ��ركات المقاومة التي كان من نتاج حركتها تحرير قط ��اع غ ��زة ،وهزائ ��م وا�ضحة و�صريح ��ة وانتكا�س ��ات كبي ��رة لإ�سرائيل، وقبل ذلك و�أجلى من ذلك بكثير بكثير ما حققه حزب اهلل في لبنان. 24
وال ��ذي حقق ��ه حزب اهلل في لبن ��ان كان يجب من كل �أبن ��اء الأمة �أن يحظ ��ى باال�ستفادة وباالهتمام الكبير فهو يمث ��ل در�ساً مهماً جداً جداً، ويمث ��ل ف ��ي نف� ��س الوق ��ت حج ��ة عل ��ى ال�شعوب ،حج ��ة ف ��ي مواجهة كل الذي ��ن حاول ��وا �أن ُيفقدوا هذه الأمة الأم ��ل بالن�صر ،كل الذين حاولوا �أن يعمموا حالة الي�أ�س في �أو�ساط هذه الأمة ،كل الذين �أ�شاعوا الروح االنهزامي ��ة في �أو�س ��اط الأمة ،ه�ؤالء كلهم ثبت �أنه ��م مخطئون و�أنهم واهمون و�أن هناك ما يمكن �أن يبنى عليه. نشوء كيان العدو اإلسرائيلي يشهد على مستوى االختالل الكبري يف واقع األمة وفع�ل ً�ا هن ��اك الكثير الكثير مما يمكن �أن تدر�س ��ه الأمة� ،أن تناق�شه الأم ��ة� ،أن تراج ��ع الأم ��ة واقعه ��ا عل ��ى �أ�سا�س ��ه ،وبداي ��ة ه ��ذه الم�س�أل ��ة ه ��ي :ن�ش ��وء هذا الكي ��ان المعادي في �أو�س ��اط الأمة ،ن�ش ��وء كيان العدو الإ�سرائيل ��ي ف ��ي قل ��ب المنطقة ،ف ��ي �أو�س ��اط الأمة ،هو بح ��د ذاته فيه الكثي ��ر م ��ن الدرو� ��س وال ِع َب ��ر ،لم يك ��ن �أمراً طبيعي� �اً نهائياً ،ه ��و ي�شهد بحد ذاته على م�ستوى االختالل الكبير في واقع الأمة ،على ال�ضرورة الق�ص ��وى لأن تلتف ��ت الأم ��ة �إل ��ى واقعه ��ا االلتفات ��ة الج ��ادة وال�صادقة والهادفة؛ لمراجعة واقعها ،وت�صحيح و�ضعيتها. �أن ين�ش�أ كيان معا ٍد وغريبٍ على هذه الأمة في كل �شيء� ،أن ين�ش�أ في �أو�ساط هذه الأمة� ،أن تتوافد الع�صابات اليهودية ،والأعداد الكبيرة من ال�صهاين ��ة بالآالف -و�صو ًال �إلى مئات الآالف ،و�صو ًال �إلى الماليين - �إل ��ى بل ��د م�سل ��م وعربي في و�سط الأم ��ة ،ثم �أن تتحرك ف ��ي هذا البلد، وتعتم ��د ف ��ي تثبي ��ت واقعها في ه ��ذا البلد ،و�إح ��كام �سيطرته ��ا في هذا 25
البل ��د عل ��ى :القت ��ل ،وارت ��كاب �أب�شع المج ��ازر ،والتهجي ��ر ،واالغت�صاب، وتتح ��رك كم�س ��رح مفت ��وح في بل ��د تفعل فيه م ��ا ت�شاء وتري ��د ،بلدٍ من �أم ��ة كبي ��رة ،من �أمة الملي ��ار م�سلم؛ تفعل ما ت�ش ��اء وتريد ،ت�ضرب كما يحل ��و له ��ا ،تت�ص ��رف كم ��ا ترغ ��ب ،وال تتحرج من فع ��ل �أي �ش ��يء ،تقتل تهج ��ر مئات الآالف ،تحتل الأر�ض ،و�إ�ضافة �إلى ذلك :تتطاول الآالفِّ ، عل ��ى المقد�سات ،وتتغل ��ب وتتحكم في مقد�ساتٍ هي مِ ��نْ �أَ َه ِّم مقد�سات الأم ��ة ،والأم ��ة في كل ه ��ذا المحيط الكبي ��ر بهذا البلد؛ تبق ��ى مك َّبلة، و�إذا تعاط ��ت� ،أو تحرك ��ت� ،أو تفاعلت ،فعلى نح ٍو مح ��دود ،لي�س �أبداً في م�ست ��وى ال َّتح� �دِّي ،وال في م�ستوى الخط ��ر ،وال في م�ستوى ما يحدث هناك ،وال في م�ستوى الم�س�ؤولية. ه ��ذا الح ��دث الكبي ��ر -ب ��كل م ��ا ترت ��ب علي ��ه ،وب ��كل تداعيات ��ه التي تعاظمت ،و َك ُبرت ،ون�ش�أ عنها الكثير والكثير من الأخطار ،والتحديات، والم�شاكل ،والفتن -هذه الم�شكلة؛ هي كانت �أ ّم الم�شاكل في مناطقنا، �أُ ّم الفتن� ،أُ ّم الأخطار ،هي قاعدة لكل التحديات التي �ستواجه الأمة. فم ��ا ح ��دث هو يمثل در�س� �اً ُمهِماً كبي ��راً جداً للأمة ،ه ��و �شاهد على التن�صل عن حال ��ة الغفلة ،حال ��ة البعد عن التح ِّلي بالم�س�ؤولي ��ة ،حالة ُّ الواج ��ب ،حال ��ة انعدام الوعي التي �سادت في �أو�س ��اط الأمة ،ويع ِّبر عن حالة ال َوهَن ،وال�ضعف ،والحيرة ،التي �سادت في �أو�ساط الأمة ،ف�أمكن �أن يح ��دث فيه ��ا كل هذا ،وهو يعبر عن الحالة الت ��ي �سادت واقع الأمة، هي حالة فقدان العزة والمنعة التي كانت تتمتع بها الأمة في تاريخها ف ��ي الما�ض ��ي ،ثم فقدتها ولي� ��س بال�صدفة فقدتهاَ } ،ذ ِل َك ِب���أَنَّ َ اهلل َل ْم َي ُك ُم َغ ِّي ًرا ِّن ْع َم ًة �أَ ْن َع َم َها َع َلى َق ْو ٍم َحتَّى ُي َغ ِّي ُرو ْا َما ِب�أَن ُف ِ�س ِه ْم{(األنفال.)53: *** 26
اللوبي الصهيوني يقود أخطر مؤامرة على أمتنا من المعلوم قطعاً �أن ال م�صلح َة �أبداً في ُك ّل ما يحدث في منطقتنا �إال لط ��رف واح ��د ،ه ��ذا الطرف هو ال ��ذي ي�سعى فعلي� �اً �إِ َلـ ��ى ا�ستهداف الأُ َّمــ ��ة جمعاء ،هذا الطرف يتمثل بال�صهاينة ،يتمثل باللوبي اليهودي ال�صهيون ��ي ف ��ي العال ��م ،يتمثل في �أَمري ��كا و� ْإ�س َرائ ْي ��ل ،ويتمثل في هذا اللوبي الذي يقو ُد ال�سيا�سة الغربية ويتحكم بها ويج ُّرها �إِ َلـى مثل هذا ال�صراع ،و�إلى �صناعة ُك ّل هذه الأحداث. حينم ��ا �أت ��ت �أح ��داث الح ��ادي ع�ش ��ر م ��ن �سبتمب ��ر فه ��ي �أت ��ت �أ�سا�ساَ و�صنع ��ت �أ�سا�س� �اَ لتكون الذريعة البارزة النط�ل�اق �أخطر و�أَ ْك َبر م�ؤامرة ُ َ َ على �أمتنا في كافة �شعوبها �أ ْو بلدانها ،وفي �أ ْك َبر عملية ت�ضليل وخداع. ولذل ��ك كان الكات ��ب الفرن�س ��ي م�صيب� �اً عندما كتب كتاب ��ه عن �أحداث الحادي ع�شر و�س ّمى هذا الكتاب ،وهو ي�صف ما حدث "بالخدعة الكبرى". فع�ل ً�ا َ�أ ْك َب ��ر عملي ��ة ت�ضلي ��ل جعل ��ه عنوان� �اً ل َت َحـ� � ّرك خطي ��ر ج ��داً، ي�سته ��دف �أمتن ��ا ب�شكل غي ��ر م�سب ��وق ،و�إال الأُ َّمــة م�ستهدف ��ة على طول تاريخه ��ا؛ لك ��ن هذه المرحل ��ة من اال�سته ��داف مرحلة غي ��ر م�سبوقة، وه ��ذا اال�سته ��داف و�صل �إِ َلـ ��ى مراحل متقدمة تمثل خط ��راً كبيراً على وجود الأمة. وجوده ��ا ال�سيا�سي ،وجودها الثقافي ،وجوده ��ا الح�ضاري ،وجودها تقوي�ض ب ��كل م ��ا للكلمة من معنى ،هذا التهديد ه ��و تهديد ي�سعى �إِ َلـى ِ الأُ َّمــ ��ة بالكام ��ل �إِ َلـى ه ��دم ُك ّل معالمه ��ا� ،إِ َلـى �إ�سق ��اط ُك ّل بناها على ُك ّل الم�ستويات. �إلى تهديم ُك ّل �شيء في مقابل و�ضعية �سيئة على الم�ستوى الداخلي 27
للأم ��ة ،و�ضعي ��ة جعلت من واق ��ع الأُ َّمــ ��ة م�سرحاً مفتوح� �اً ي�ساعد على نجاح الم�ؤامرات كافةُ ،ك ّل م�ؤامرات الأَ ْعــدَاء. ُ واقــع األمة واق ٌع لي�س مح�صناً بالوعي ،ولم يعد مح�صناً بالقيم ،عمل منذ فتره طويل ��ة� ،أ ّث ��ر ت�أثي ��ر �سيء ف ��ي واق ��ع الأمة .الم�سار الداخل ��ي للأمة في ال�سيا�س ��ات والتوجهات ،كان كذلك عام ً ال م�ساعداً �إِ َلـى حد كبير في �أن ت�صل الأمة �إِ َلـى واقع يطمع �أعدا�ؤها فيها ،بل ويقدم �صورة عن الواقع للأَ ْعــ� �دَاء عل ��ى �أنه يمثل فر�صة كبيرة جداً يرون فيها الأهمية الكبرى لأن ت�ستغ ��ل ا�ستغ�ل�ا ًال �إِ َلـ ��ى �أق�صى حد ،ه ��ذا ما يفعلونه ،ه ��م ي�ستغلون هذا الواقع ال�سيء جداً والمتردي ويعملون ما ي�شا�ؤون ويريدون. �أم ��ام هذا الخطر الكبي ��ر والتحدي غير الم�سب ��وق وال�شامل للأمة ُك ّل الأُ َّمــة �أحوج ما تكون �إلى التحرك بالم�شروع ال ُقـ ْر�آني ،فهذه مرحلة الأُ َّمــ ��ة فيه ��ا �أح ��وج م ��ا تكون ِ�إ َلـ ��ى الع ��ودة ِ�إ َلـى ال ُقـ� � ْر�آن من جدي ��د�ِ ،إ َلـى ال ُقـ ْر�آن الذي هو كتاب اهلل ُ�س ْب َحا َن ُه َو َت َعــا َلـى. ال ��ذي ه ��و الهدى } َي ْه ِ��دي ِللَّ ِتي ِه َي �أَ ْق َو ُم{ (اإلس�راء )9:ال ��ذي هو النور ال ��ذي يمك ��ن �أن ت�ست�ض ��يء ب ��ه الأُ َّمــ ��ة ف ��ي مواجه ��ة ُك ّل الظلم ��ات ،ب ��ل لإخراج النا�س من الظلمات ،ال ُقـ ْر�آن الكريم الذي تحتاج الأمه �إليه في مواجه ��ة َت ْ�ض ِل ْي ��ل بهذا الم�ستوىَ ،ت ْ�ض ِل ْيل رهيب ومن جهة لديها خبرة هائلة جداً وقدرات كبيرة جداً في عملية ال َّت ْ�ض ِل ْيل والخداع. وفع�ل�ا انطل ��ت ه ��ذه الخدع ��ة عل ��ى الكثي ��ر الكثير ف ��ي العال ��م ،في منطقتن ��ا ،وخ ��ارج منطقتنا ،على م�ست ��وى العالم العرب ��ي وال ْإ�سـلاَ مي وعل ��ى الم�ست ��وى الدول ��ي ،ال ُقـ ْر�آن الكري ��م هو ال�ضمان ��ة الوحيدة التي 28
يمك ��ن �أن تعتم ��د عليه ��ا الأمة وه ��و كما ق ��ال اهلل ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـى عنه } َ يه{ وقال } َو َت َّمتْ َك ِل َمتُ َر ِّب َك ِ�ص ْد ًقا َو َع ْد اًل اَّل ُم َب ِّد َل ِل َك ِل َما ِت ِه ��ب ِف ِ ال َر ْي َ ي��م{ (األنع�ام )115:يت�ضم ��ن الحقائق الت ��ي ال يمكن �أن ال�سم ُ ِي��ع ا ْل َع ِل ُ َوهُ �� َو َّ تتخل ��ف وال �أن تتب ��دل �إطال ًقا ،يقدم الهداية الكافية للأمة ،وهو كتاب الحي ��اة يتن ��اول م�شاكل الحياة وواق ��ع الحياة وهموم ه ��ذا الإ ْن َ�سـان وما يمك ��ن �أن يواجه ��ه هذا الإ ْن َ�سـان من تحدي ��ات ومن �أخطار ومن م�شاكل وف ��ي نف� ��س الوق ��ت ه ��و ير�س ��م للإ ْن َ�سـ ��ان معال ��م الح ��ق وير�ش ��ده ِ�إ َلـ ��ى ال�صراط الم�ستقيم ويدله على ال�سعادة. ب ��ل �إن �سعادتنا كب�شر مرهونة باتباع ه ��دى اهلل ُ�س ْب َحا َن ُه َو َت َعــا َلـى ،ال يمك ��ن �أن تتحقق ال�سع ��ادة �إال بذلك ،وهذا وا�ضح ،هذه القوى العالمية وف ��ي طليعتها وعلى ر�أ�سه ��ا �أَمريكا و� ْإ�س َرائ ْيل ومن معها بكل ما تمتلكه م ��ن ق ��درات مادية و� ْإمـ َكانات هائلة وهيمنة ونف ��وذ وقدرات وت�س ّلط هل جلب ��ت ال�سع ��ادة للب�شري ��ة؟ �أم �أنه ��ا جلب ��ت ال�شق ��اء في واق ��ع الب�شرية؟ وكل م ��ا ازداد نفوذه ��ا وازدادت هيمنتها ُك ّل م ��ا ازداد �شقاء الب�شريةُ ،ك ّل م ��ا ازدادت معان ��اة بني الب�شر كلم ��ا �أرهقت النا�س بالكثي ��ر والكثير من الأَز َمات والمعاناة. فه ��دى اهلل ُ�س ْب َحا َن ُه َو َت َعــا َلـى ه ��و النور ،هو الم�شروع الذي يمكن �أن يرتق ��ي بالإ ْن َ�سـ ��ان لي� ��ؤدي دوره كم ��ا �أراد اهلل ل ��ه و�أن يحاف ��ظ في نف�س الوق ��ت عل ��ى �إ ْن َ�سـانيت ��ه ،عل ��ى قيم ��ه ،عل ��ى وج ��وده المقد� ��س والممي ��ز كخليفة هلل في �أر�ضه. ال ُقـ ْر�آن الكريم عندما نعود �إِ َلـى واقع الأمة ال ْإ�سـلاَ مية ،واقعها بذاته ي�شه ��د عل ��ى �أنها ه ََج� � َرتْ هذا الكتاب في مقام االهت ��داء به واال�ستر�شاد به ،ف ��ي واقع حياتها ،ال ُقـ� � ْر�آن بقي كتا ًبا ُيقر�أ� ،صو ًتا م�سموعاً؛ لكنه في 29
مق ��ام اال ّتباع في مقام االهتداء في مقام اال�ستر�شاد به في مقام العمل ب ��ه ُغ ّي ��ب ِ�إ َلـى حد كبيرُ ،غ ّيب معظمهُ ،ترك �أكثره ،بقي منه �أقل القليل و ُف�صل عن بقية الأمور ،ما بقي ُف�صل عما له ارتباط وثيق به ،ال يت�أتى ب ��ه نف ��ع وال يح�ص ��ل من ��ه فائدة �إال ب ��ه ،فبقي ه ��ذا القليل مج ��رداً على النحو الذي ال يفيد �أية فائدة� ،أَ ْو فائدته محدودة للغاية ،ف�أ�صبح واقع الم�سلمين واقعاً م�أ�ساوياً و�سيئاً وكارثياً. و�أ�صب ��ح حال ��ة الأُ َّمــ ��ة على النح ��و الذي �أطم ��ع �أعداءها فيه ��ا فر�أوا فيه ��ا فري�س ��ة �سهلة يمك ��ن �أن يفعلوا به ��ا ما ي�شا�ؤون ويري ��دون ،ممكن �أن يت�آم ��روا عليه ��ا ب ��كل �أ�ش ��كال و�أن ��واع الم�ؤام ��رات ث ��م تنج ��ح ُك ّل تل ��ك الم�ؤامرات. حينما نعود �إِ َلـى ال ُقـ ْر�آن الكريم :كتاب هداية كتاب نور كتاب ب�صائر ��ر َف ِل َنف ِْ�س ِه ��ن َر ِّب ُك ْم َف َم ْ ��م َب َ�صا ِئ ُر ِم ْ ��ن �أَ ْب َ�ص َ كم ��ا ق ��ال اهلل عن ��ه }قد َج َ اء ُك ْ ِ��ي َف َع َل ْي َها{ (األنعام )104:ثم نرى �أن �أمة ال ُقـ� � ْر�آن هذا الهدى هذا َو َم ْ ��ن َعم َ الن ��ور ه ��ي �أعمى �أمة على الأر�ض هي الأُ َّمــ ��ة التي ال تمتلك القليل من الوع ��ي ،ف ��ي معظمها الحال ال�سائد الحال الغال ��ب و�إال فهناك البع�ض م ��ن المتنورين في داخل هذه الأُ َّمــة في مختلف البلدان؛ ولكن الحال ال�سائ ��د والغال ��ب والم�ؤث ��ر والحاك ��م عل ��ى واق ��ع ه ��ذه الأُ َّمــة ه ��و :هذا العمى ،هذا التيه ،هذا الجهل الذي جعل منها فري�سة �سهلة� ،أمة ط ّيعة لأعدائها. فم�ؤام � ُ �رات �أعدائه ��ا عليه ��ا ومجه ��ود �أعدائه ��ا ف ��ي ا�ستهدافه ��ا غير ُمكل ��ف ،يعني :ال يالقي -الأَمريكي وال ال ْإ�س َرائ ْيلي -ال يالقي العناء، وال يج ��د الم�س�أل ��ة معق ��دة �أمامه لأن ينجح في تنفي ��ذ ُم�ؤَا َم َرات هنا �أَ ْو هن ��اك في ه ��ذا ال ُقطر �أَ ْو ذاك ف ��ي معظم بلدان المنطق ��ة ،لماذا؟؛ لأن 30
مح�صنة� ،ساحة مفتوحة ،ال يوجد �أمامه �أ َّي ُة عوائق، �أمامه �ساحة غير َّ ال وعي ،وال ب�صائر ،وال من القيم ،وال من الأَ ْخـلاَ ق ،وال من �أي �شيء. فلذلك كان هذا الواق ُع �سه ً ال بالن�سبة للأَ ْعــدَاء ،ال ُقـ ْر�آن الكريم من �أه ��م م ��ا فيه وم ��ن �أعظم ما تحتاج ��ه �إليه الأمة فيه هو �أن ��ه ح َّد َد لهذه الأُ َّمــ ��ة َم ��ن ه ��م �أَ ْعــدَا�ؤه ��ا ،ه ��ذه م�س�ألة من �أه ��م الم�سائل ،ه ��ذا اللب�س ال ��ذي ح�ص ��ل ل ��دى الكثير م ��ن �أَ ْب َناء الأُ َّمــ ��ة في معرفة َم ��ن هو العدو؛ ترت ��ب علي ��ه نتائ ��ج خطيرة ج ��داً في واق ��ع الأُ َّمــ ��ة ،ه ّي�أ الكثي ��ر والكثير وجه ��وا و�أن ُيحرك ��وا و�أن يدفع بهم م ��ن �أَ ْب َن ��اء الأُ َّمــ ��ة �أن ُيط َّوع ��وا و�أن ُي ّ ف ��ي خندق لم�صلحة الأَ ْعــدَاء ،ف ��ي االتجاه الذي يخدم الأَ ْعــدَاء ،في �أن ي�صن ��ع للأمة �أَ ْعــ� �دَاء �آخرين غي ��ر �أَ ْعــدَائها الحقيقيين ،ب� ��أن توج َه ُك ُّل طاقات الأمة �أَ ْو معظم طاقات الأُ َّمــة في االتجاه الخط�أ. العــد ُّو ُ األول لألمــة ال ُقـ� � ْر� ُآن الكري� � ُم حينم ��ا َّ �شخ� � َ�ص للأمة َم ��ن هو العدو ال ��ذي ي�شكل الخط ��ورة الأَ ْك َب ��ر عل ��ى الأُ َّمــ ��ة ،هو بذل ��ك �إنما يق ��دم للأم ��ة الب�صيرة الكافي ��ة تج ��اه م�س�أل ��ة م ��ن �أخط ��ر الم�سائ ��ل التي واجه ��ت فيه ��ا الأُ َّمــة ال َّت ْ�ض ِل ْيل الكبير ،وفي نف�س الوقت االنحراف الكبير. لق ��د تح ��دث ال ُقـ� � ْر�آن الكريم ع ��ن �أعدائنا ك�أم ��ة م�سلم ��ة ،ب� ْإ�سـلاَ منا ب ُقـ ْر�آنن ��ا بقيمن ��ا ب�أَ ْخـلاَ قن ��ا ،ح ��دد لن ��ا م ��ن ه ��م �أَ ْعــدَا�ؤن ��ا ،اهلل ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـى وهو العليم بنا ،العليم بالب�شرية ،والعليم بواقع الب�شر جمعاء، العلي ��م ب� �ـ :من هم �أَ ْعــدَا�ؤنا؟ وكيف ه ��م �أَ ْعــدَا�ؤنا؟ وما يمكن �أن ي�ش ّكلوه م ��ن خطورة؟ وكذلك ما نحتاج �إليه في مواجهة �أُولئك الأَ ْعــدَاء؟ وفي مواجهة التحديات الآتية من جانبهم. 31
ُ اهلل ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـ ��ى ه ��و العليم عالم الغيب وال�شه ��ادة الذي يعلم ال�س ��ر ف ��ي ال�سموات والأر�ض م ��ن قاعدة( :واهلل �أعل ��م ب�أعدائكم) هكذا قال تعالى ،ف�إذا جاء محلل �سيا�سي �أَ ْو مر َكز درا�سات �أَ ْو �أمير �أَ ْو ملك �أَ ْو رئي� ��س �أَ ْو قائ ��د �أَ ْو � ٍأي كان ليق ��دم ر�ؤيته للأمة وي�شخ�ص للأمة َمن هم �أَ ْعــدَا�ؤه ��ا ف� ��إن َ اهلل ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـ ��ى الذي هو �أعلم م ��ن ُك ّل �أحد ،عالم الغي ��ب وال�شه ��ادة المحيط ُخبراً بكل خالئقه قد ق� �دّم للأمة بحقيقة، بعل ��م ،بخب ��ر ،ق� �دّم للأمة وحدد للأمة َم ��ن هم �أَ ْعــدَا�ؤه ��ا الحقيقيون؛ ّا�س ولذل ��ك ق ��ال ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـى في كتاب ��ة الكريم } َل َت ِجدَ َّن �أَ َ�ش َّ ��د ال َن ِ َعدَ ا َو ًة ِّل َّل ِذينَ �آ َمنُوا ا ْل َي ُهو َد َوا َّل ِذينَ �أَ ْ�ش َر ُكوا{(المائدة.)82: ف ��ي المرتب ��ة الأ ْو َل ��ى قب ��ل ُك ّل عدو� ،أع ��دى عدو في ه ��ذه الأُ َّمــة َمن هو؟ ح�سب ال ُقـ ْر�آن الكريم :اليهود في المرتبة الأ ْو َلى. وه ��ذا ما وجدن ��اه واقعاً ،ووجدناه حقيق ًة ال ري ��ب فيها ،ووجدنا ُك ّل الواق ��ع ي�شه ��د ل ��ه ،اليوم يق ��ف اللوب ��ي ال�صهيوني والكي ��ان ال�صهيوني الذي �أن�شـ�أ � ْإ�س َرائ ْيل وك ّون � ْإ�س َرائ ْيل وله نفوذه اليوم في العالم الغربي، و�أ�صب ��ح ل ��ه نفوذه الي ��وم �أَ ْي�ضاً في ال�ش ��رق ،هذا اللوبي الي ��وم هو الذي ي َت َحـ� � ّرك وبكل خبث وبكل حقد وي�صن ��ع الكثير والكثير من الم�ؤامرات تج ��اه �أمتن ��ا ،بل �إنه ف ��ي توجهات ��ه و�سيا�سته ومواقفه وحق ��ده ونزعاته �إنم ��ا هو يمث ��ل خطراً على اال�ستق ��رار العالمي بكله حت ��ى على البلدان الغربية ذاتها. اللوب ��ي ال�صهيون ��ي اليه ��ودي ه ��و يمث ��ل ال�ش ��ر ف ��ي ه ��ذا العالم ،هو ال ��ذي يحرك ُك ّل الفتن والم�ؤامرات والد�سائ�س ،هو الذي يهند�س لكل م�شاكل العالم على ُك ّل الم�ستويات ،ي�صنع الأَز َمات �سواء على الم�ستوى ال�سيا�سي �أَ ْو على الم�ستوى االقت�صادي. 32
ه ��و الذي ي�سعى للتفري ��قِ بين بني الب�شر تحتَ ُك ِّل العناوين ،و�إثارة النزاع ��ات بينه ��م تحتَ ُك ّل العناوين ،هو ي ��رى �أنه ال يتم َّك ُن من �إخ�ضاع العال ��م ل ��ه ،م ��ن �إخ�ض ��اع الب�شري ��ة له ،م ��ن ال�سيط ��رة على الجمي ��ع �إلاّ ب�سيا�س ��ة التفري ��ق� ،إال به ��دم الكيان ��ات وه ��دم المجتمع ��ات وتدمير ُك ّل البن ��ى الب�شرية ،وه ��و ي َت َحـ ّرك على هذا النحو موظف� �اً بخبثه وقدراته ال َّت ْ�ض ِل ْيلية قدراته في الخداع موظفاً ُك ّل � ْإم َكـانات الآخرين. ب ��ل �إنه �أحياناً ي�ش ّغل ويف ّع ��ل الكثير من الكيانات ب�أن ت�ضرب نف�سها �رب داخله ��ا ببع�ضه ��ا البع� ��ض ،وهك ��ذا يفع ��ل ،وهكذا بنف�سه ��ا و�أن ت�ض � َ يعم ��ل ،وموق ��ف ال ُقـ� � ْر�آن الكري ��م لي� ��س موقف� �اً عن�صرياً من اليه ��ود �أَ ْو م ��ن بن ��ي � ْإ�س َرائ ْيل لعرقٍ �أَ ْو لن�سبٍ ،ولي�س موق ًف ��ا قومياً� ،إنه يتجه �إِ َلـى تو�صي ��ف �أعمالهم� ،إِ َلـى تو�صيف �سيا�ساته ��م� ،إِ َلـى تو�صيف اتجاهاتهم، �إِ َلـ ��ى ت�شخي� ��ص نف�سياتهم� ،إِ َلـى تو�ضيح ما هم عليه وك�شف ما هم عليه توجه ��ات عدائي ��ة و�أطماع رهيب ��ة وحقد كبي ��ر عل ��ى الب�شرية من م ��ن ُّ حولهم. مكاِم ُ ـن خطورة اللوبي الصهيوني َ اللوبي اليهودي ال�صهيوني الذي له ُك ُّل هذا النفوذ ك�ش َف الواق ُع �أن َّ ف ��ي العالم وهو نف ��و ٌذ نتيج َة عملٍ متراك ٍِم على مدى قرونٍ من الزمن، ُجه ��د وعم ��ل َ وخطط بعي ��دة المدى ا�شتغل عليها جي�ل ً�ا بعد جيل حتى و�صل ِ�إ َلـى هذه النتيجة�ِ ،إ َلـى هذا الم�ستوى من النفوذ الكبير والت�أثير الكبي ��ر في ال�سيا�سة العالمية ،في التوجه العالمي� ،أ�صبح اليوم النفوذ اليهودي ال�صهيوني والت�أثير اليهودي ال�صهيوني �أ�صبح عالمياً� ،أ�صبح �شام�ل ً�ا ،و�أ�صب ��ح فاع�ل ً�ا ِ�إ َلـى ح ��د كبير ،هذا كل ��ه بقدر ما �أ ّث ��ر في واقع 33
الم�سلمين �أثر في واقع العالم ُك ّل العالم ،اخترق المجتمعات الغربية، واخترق �أَ ْي�ضاً مجتمعاتنا ال ْإ�سـلاَ مية. والي ��وم نج� � ُد م ��ا يفعله ف ��ي واقعن ��ا العرب ��ي �أن �أول مكام ��ن خطورة اللوب ��ي اليه ��ودي ال ْإ�س َرائ ْيل ��ي ال�صهيوني هي في قدرت ��ه الرهيبة على ال َّت ْ�ض ِل ْي ��ل والخ ��داع والتطوي ��ع ،ولع� � ّل هذا م ��ن �أَ ْك َبر ما �أعط ��اه الت�أثير الكبير في واقع العالم في ال�سيا�سة العالمية في واقع مختلف ال�شعوب ومختل ��ف ال ��دول ف ��ي الكيان ��ات الكب ��رى ف ��ي العال ��مُ ،ق ��درة هائلة على االختراق ،وقدرة هائلة على الت�أثير في ال�سيا�سات والمواقف وعلى ُك ّل الم�ستوي ��ات� ،إن �أردت عل ��ى الم�ست ��وى ال�سيا�س ��ي �أَ ْو االقت�ص ��ادي �أَ ْو على الم�ست ��وى الع�سك ��ري ،وه ��و الذي يهند�س للكثير م ��ن الحروب ،كما هو ال ��ذي يهند� ��س للكثي ��ر م ��ن الأَز َم ��ات االقت�صادي ��ة ،ي�ؤثر ف ��ي ال�سيا�سة، وي�ؤث ��ر ف ��ي االقت�ص ��اد ،وي�ؤث ��ر على م�ست ��وى التوج ��ه العام ف ��ي الواقع العالمي. ه ��ذه ال ُقدرة الرهيبة عل ��ى ال َّت ْ�ض ِل ْيل واالختراق والتطويع �أن يحول الآخرين �إِ َلـى مطيعين له ،بل �أحياناً �إِ َلـى �أن يدفع بهم �أَ ْو بع�ض الكيانات ب� ��أن تت�ساب ��ق فيما بينها َمن ينجز َ�أ ْو ينفذ بع� � َ�ض الم�ؤامرات َوالمكائد، بع� ��ض الم�شاري ��ع َوالأجن ��دة التي هي ف ��ي حقيقة الح ��ال ل�صالحه هو، فيقدمه ��ا �إِ َلـ ��ى الآخرين ويجدها �أَ ْو �أحيان� �اً ي�صنعها في داخل الآخرين في داخل كياناتهم ويو�صلها �إِ َلـى ذوي القرار منهم حتى ت�صبح بالن�سبة له ��م �أم�ل ً�ا كبيراً و�أم ً ال مغرياً في َت َحـ ّرك ��ون بكل ما ي�ستطيعون من �أجل �إنجازها. نح ��ن ف ��ي واقعن ��ا ال ْإ�سـلاَ م ��ي اهلل ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـ ��ى تح ��دث كثي ��راً ف ��ي ال ُقـ� � ْر�آن الكريم ع ��ن ه ��ذه الجه ��ة التي تمثل خط ��ورة بالغ ��ة علينا 34
كم�سلمي ��ن وعلى الواقع العالمي من حوله ��ا ،تحدث عن هذه الطائفة في مخططاتها ،في م�ؤامرتها ،ومن �ضمن ذلك قوله ُ�س ْب َحا َن ُه َو َت َعــا َلـى اب َل ْو ُي ِ�ض ُّلو َن ُك ْم{ (آل عمران )69:وبالت�أكيد تحت }و َّد ْت َطا ِئ َف ٌة ِم ْن �أَ ْه ِل ا ْل ِك َت ِ ه ��ذا ال ��ود تحت ه ��ذه الرغبة ،تحت ��ه �إرادة ،تحت ��ه م�شاريع عم ��ل ،تحته م�ؤامرات ،تحته �أن�شطة برامج كثيرة ،عمل وا�سع لو ي�ضلونكم. وبالمفهوم �أَ ْو بالمعنى العربي لل�ضالل :ال�ضياع في ُك ّل المجاالت، هن ��ا ُت َّ �شخ� � ُ�ص لنا ف ��ي ال ُقـ� � ْر�آن الكريم ال�سيا�س ��ة الرئي�سي ��ة التي تعتمد عليه ��ا �أَ ْو يعتم ��د عليه ��ا ذل ��ك الع ��دو ال ��ذي يمث ��ل خط ��ورة بالغ ��ة عل ��ى الأُ َّمــ ��ة� ،أنه ي�سعى �إِ َلـ ��ى َت ْ�ض ِل ْيل ا ُلأ َّمــة في ُك ّل �شيء� ،إِ َلـى �ضياعها في ُك ّل �ش ��يء ،على الم�ست ��وى ال�سيا�سي ،على الم�ست ��وى االقت�صادي ،وعلى ُك ّل الم�ستوي ��ات ،ويعم ��ل من �أجل ذلك الكثير والكثي ��ر والكثير ،من �أخطر م ��ا يمتلكه في ُقدرته على ال َّت ْ�ض ِل ْي ��ل وعلى الخداع وعلى �صناعة الر�أي الع ��ام وعل ��ى التوجهات وعل ��ى الت�ص ُّورات وعل ��ى �صناعات نظ ��رة مع ّينة غبي ��ة وحمقى تجاه الكثير من الأحداث ،قدرته على �أن ي�صنع الحدث وعل ��ى �أن ِّ َ الحدث وي�ستغل الحدث كما ي�شاء ويريد ،ونحن نجد يوظ َف ف ��ي مثل �أحداث الحادي ع�شر من �سبتمب ��ر بالت�أكيد �صنع هذا الحدث ّ ووظفه �إِ َلـى �أعلى م�ستوى. النكب ��ات الت ��ي حل ��ت بعالمن ��ا ال ْإ�سـلاَ م ��ي و�إل ��ى اليوم �ألي�س ��ت نكبات كبي ��رة؟ التبع ��ات الهائل ��ة تحت ذلك العن ��وان وبا�سم ذل ��ك الحدث على هذه الأُ َّمــة� ،ألم ت�صل بالأمة �إِ َلـى هذا الواقع الم�أ�ساوي والكارثي؟ �إِ َلـى هذه الأَز َمات المتفاقمة؟. بل ��ى ،ي�صن ��ع الح ��دث بم�سم ��ى القاع ��دة وبم ��ا ف ��رخ فيم ��ا بع� � ُد م ��ن ت�شكيالت وم�سميات ع ��ن القاعدة :داع�ش ،وت�شكيالت كثيرة وم�سميات 35
كثي ��رة ن�سمعه ��ا ف ��ي و�سائ ��ل االع�ل�ام يومي� �اً ،الي ��وم �أي دو ٍر ت�ؤديه هذه الم�سميات ،هذه الت�شكيالت ب�أن�شطتها العدائية وال ْإجــ َرامية في داخل �أمتنا لم�صلحة من تعمل؟ ثم كيف هو التعاطي الغربي �سواء من جانب الأَمريكيي ��ن �أَ ْو م ��ن جانب حلفائهم؟ �أَ ْو ما هو واق ��ع � ْإ�س َرائ ْيل تجاه ُك ّل هذه الأحداث؟ ما الذي تهددها من خطر تجاه هذه الأحداث؟ قليل م ��ن الت�أمل ت�صن ُع عند الإ ْن َ�سـ ��ان يقيناً تاماً قلي � ٌ�ل م ��ن التفهمٌ ، �صحيح �أدوات من داخل الأمة ،الكثير وب�صي ��ر ًة عالي ��ة �أن ُك ّل هذه لعبة، ٌ الآالف الم�ؤلف ��ة مِ َّم ��ن ينتمون �إِ َلـ ��ى ال ْإ�سـلاَ م والبع� ��ض منهم قد يكون مخدوع� �اً قد ينطل ��ق وهو يتفانى وي�ستب�س ��ل لم�صلحة من يعمل ،حتى يفج� � ُر نف�س ��ه وهو ينف ��ذ عملية انتحاري ��ة في �س ��وق �أَ ْو في البع� ��ض ق ��د ِّ م�سج ��د �أَ ْو ف ��ي مدر�س ��ة �أَ ْو ف ��ي �أي م ��كان ي�ستهدف الم�سلمي ��ن الآمنين المظلومين ،هو ال يدرك� :أين هو؟ ماذا يفعل؟ لم�صلحة َمن يفعل ما وي�ضحي لخدمة من؟. يفعل؟ ّ ُ أدوات العدو من داخل األمة هن ��ا الخط ��ر ال�صهيون ��ي هو في ه ��ذا :يخترق الأُ َّمــة م ��ن داخل ،هو حت ��ى ال يحت ��اج ِ�إ َلـ ��ى� :أن يخ�سر ه ��و� ،أن يقدم المال� ،أن يق ��دم العنا�صر الب�شري ��ة� ،أن ي�ضح ��ي ،ه ��و م ��ن يح ��رك الآخرين حتى ي�ضح ��وا هم في �سبي ��ل م ��ا يخدم ��ه ،حتى يقدم ��وا هم الملي ��ارات ف ��ي �سبيل م ��ا يفيدُه، حت ��ى ي َت َحـ ّرك ��وا ب ��كل جدّ ، وتوظ ��ف في ُك ّل ذل ��ك ُك ّل ال ْإمـ َكان ��ات ،وتقدم ُك ّل العناوي ��ن :عناوي ��ن دينية ،عناوي ��ن �سيا�سية ،عناوي ��ن مختلفة ،هنا الق ��درة ه ��ي :لعب ��ة ال�شيط ��ان ذات ��ه ،ه ��م امت ��داد للن�ش ��اط ال�شيطان ��ي، الن�ش ��اط ال�صهيون ��ي اليهودي هو امتداد للن�ش ��اط ال�شيطاني في واقع 36
الب�شرية ،ه ��و يركز على ال ْإعـ�َلماَ م وتركيز كبير جداً جداً على ال ْإعـلاَ م؛ لأن ��ه ٌ ت�ضليلي ،ير ّك ُز على التعليم ،يركز على ُك ّل و�سائل التوجيه ن�شاط ٌّ و�صناع ��ة ال ��ر�أي ،ينف ��ذ فيه ��ا ،يوجهه ��ا فيتحك ��م بالتفكي ��ر ،يتحك ��م بالقناع ��ات ،يتحك ��م بالتوجه ��ات ،يتحك ��م بالمواق ��ع ،والقلي ��ل القلي ��ل م ��ن �أَ ْب َن ��اء الأُ َّمــة هم َمن نجوا من ه ��ذا الم� � ّ�س ال ْإ�س َرائ ْيلي ال�شيطاني، ور�أين ��ا �أث ��ره الفظي ��ع في كثير من �أَ ْب َن ��اء الأُ َّمــة مم ��ن ي َت َحـ ّركون اليوم: بع� ��ض الأنظم ��ة بع� ��ض الجماع ��ات الآالف الم�ؤلف ��ة الت ��ي ت َت َحـ� � ّرك في �سبي ��ل م ��ا يخدم هذا التوج ��ه وهو ي�سع ��ى لأ�شياء كثيرة ،م ��ن �ضمن ما ي�سع ��ى ل ��ه :تجريد الأُ َّمــ ��ة من هويته ��ا وا�ستقاللها الثقاف ��ي والفكري و�ضرب �أَ ْخـلاَ قها وقيمها� ،أن نتحول في واقعنا العام كم�سلمين ال كيان لن ��ا ،ال ا�ستقالل :ال فكري وال ثقاف ��ي وال �أَ ْخـلاَ قي وال �سيا�سي لنا� ،أمة م�شتت ��ة� ،أم ��ة �ضائعة� ،أم ��ة تائهة� ،أمة ُف ِّر َغت م ��ن ُك ّل محتوى � ْإ�سـلاَ مها وم�ضمون � ْإ�سـلاَ مها فال يبقى من ال ْإ�سـلاَ م �إلاّ ا�سمه وال من ال ُقـ ْر�آن �إلاّ اب َل ْو يرِ م ْن� أَ ْه ِ ر�سم ��ه ولذلك ق ��ال اهلل ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـى } َو َّد َك ِث ٌ ��ل ا ْل ِك َت ِ َي ُر ُّدو َن ُك ْمِ م ْنَ ب ْع ِد ِ�إي َما ِن ُك ْم ُ ك َفّا ًرا{(البقرة.)109: ال يريدون لكم �أن تحافظوا على م�ضمون � ْإ�سـلاَ مكم بقيمه ،بمبادئه، بجوهره ،فتكونون �أم ًة م�ستقل ًة وم�ستقيم ًة بهذا ال ْإ�سـلاَ م في ُك ّل ما هو عظيم فيه ،و َق ِّي ٌم فيه ،وكله عظيم وكله َق ِّي ٌم ،ولكن �إذا �أقيم بكله� ،أما �إذا وج ّزئ و ُز ِّيف وغ ّير وبدّل فال ،تتغير الحال. ُبتر ُ �سيا�س ��ة التفري ��ق بين الأُ َّمــة تح ��ت ُك ّل العناوي ��ن :عناوين مذهبية، عناوي ��ن طائفية ،من ال ��ذي ي َت َحـ ّرك فيها؟ لم�صلحة م ��ن؟ �أ َولي�س من �أه ��م م ��ا في � ْإ�سـلاَ من ��ا من �أهم ما ت ��م التركيز عليه في ال ُقـ� � ْر�آن الكريم ه ��و االعت�ص ��ام بحب ��ل اهلل جميع� �اً؟ الوح ��دة ،الإخ ��اء�} ،إِ َّن َم��ا ال ُْم�ؤْ ِمنُونَ 37
�إِخْ َو ٌة{(الحج�رات)10:؟ فلم ��اذا �ض ��رب مفه ��وم الوح ��دة ف ��ي الأُ َّمــ ��ة ب�شكل ف�ضي ��ع جداً؟ بل �أ�صبح عنواناً منفراً ل ��دى البع�ض ممن قد ت�أثروا ُك ّل الت�أثر بالم�س ال�شيطاني اليهودي الإ�سرائيلي ال�صهيوني ،عنوان منفر، ف ��ي بع� ��ض المجتمعات في بع�ض البلدان ،ل ��دى �أطياف معينة ينفرون �أن تتح ��دث ع ��ن الوح ��دة ،ع ��ن وح ��دة الأم ��ة ،ع ��ن ال َت َحـ� � ّرك الجماعي، ع ��ن التع ��اون ،ع ��ن الت�آخ ��ي ،ال يوج ��د لديه ��م �إال الحق ��د� ،إال الكراهية، �إال البغ�ض ��اء� ،إال الع ��داء ،نج ��د �أن �أولئك هم الذي ��ن ي َت َحـ ّركون في هذا ال�سي ��اق ،وب�أدواته ��م� ،أدوات تحت عناوين طائفي ��ة� ،أدوات تحت عناوين مناطقية� ،أدوات تحت عناوين �سيا�سية ،تحت ُك ّل العناوين� ،سوق. الواق ��ع ال ْإ�سـلاَ م ��ي الي ��وم ،واق ��ع الم�سلمي ��ن الع ��رب وغيره ��م� ،إال القلي ��ل ،طبع ��ا هناك ا�ستثناءات في ُك ّل �شيء ،لك ��ن الواقع العام ،الواقع ال�سائد� ،سوق جاهز لكل من يبيع وي�شتري� ،سيجد كفايته ،ما يحتاجه، ُك ّل م ��ن لدي ��ه م�شروع باطل ،فكرة باطلة ،م�ؤامرة ،كيد ،لعب ،المهم �أن يمتلك مال ،ت�أثير � ْإعـلاَ مي ،م�ؤثرات معينة ،وب�سرعة �سيتوفر له الكثير الكثي ��ر ،على م�ستوى اال�سته ��داف لأمتنا وعلى الم�ستوى العالمي ،اهلل ُ�س ْب َحا َن� � ُه َو َت َعــا َلـ ��ى يق ��ول في كتابه الكري ��م قال عن �أولئكَ } :و َي ْ�س�� َع ْونَ ِف��ي ْ أَ ���ض َف َ�س��ا ًدا{(المائدة )33:ي�سع ��ون ،يعمل ��ون ب ��كل جه ��د ،يوظفون ال ْر ِ الق ��درات وال ْإمـ َكان ��ات ،والبرامج والخطط للإف�س ��اد في ُك ّل المجاالت، عل ��ى الم�ست ��وى الأَ ْخـلاَ ق ��ي :و�صل ��ت الإ ْن َ�سـاني ��ة ِ�إ َلـ ��ى م�ست ��وى رهي ��ب م ��ن االنحط ��اط الأَ ْخـلاَ ق ��ي ،م ��ن الإفال�س ف ��ي القيم والأَ ْخـ�َل،اَ ق ،على الم�ست ��وى ال�سيا�س ��ي ،على ُك ّل الم�ستويات ،عل ��ى الم�ستوى االقت�صادي، اليوم الف�ساد ي�ست�شري وينت�شر لي�ستهدف ُك ّل �شيء. حت ��ى عل ��ى الم�ست ��وى البيئ ��ي وه ��ذا معل ��وم� ،أم ��ام ه ��ذه المخاط ��ر 38
والتحديات ،الم�ؤثرة والموجعة في واقع الأمة ،والتي قد لم�س الجميع ت�أثيرها ال�سلبي ،نجد �أن �أو َل �سالح تحتا ُج �إليه الأُ َّمــة في مواجهة هذا الخط ��ر ،وهذا التحدي الرهيب الذي يهددها في ُك ّل �شيء ،هو الوعي، �أول م ��ا تحت ��اج �إلي ��ه الأُ َّمــة هو الوع ��ي ،و�أهم م�صدر للوعي ه ��و ال ُقـ ْر�آن الكريم ،الحق الذي ال ي�أتيه الباط ُل من بين يديه وال من خلفه ،النور ��يءٍ {(النحل )89:ولكن بتلك المنهجية: واله ��دى ال�شاملِ } ،ت ْب َيا ًنا ِل ُك ِّل َ�ش ْ عي ��ن عل ��ى ال ُقـ� � ْر�آن وعين عل ��ى الأح ��داث ،ترقب الأح ��داث وتع ��ود ِ�إ َلـى ال ُقـ ْر�آن الكريم ،وحتى لت�صحيح واقع الأمة ،ال خيار لها ِ�إ َلـا العودة ِ�إ َلـى ال ُقـ ْر�آن الكريم ،ومع الوعي التحلي بروح الم�س�ؤولية. لأن الكثي� � َر م ��ن النا�س ،خبا فيه ��م �أَ ْو انطف�أت فيه ��م ،وهذه من �أهم م ��ا �ض ��رب الأمة ،من �أهم م ��ا تعاني منه الأمة ،من �أ�س ��و�أ ما تعاني منه الأُ َّمــ ��ة هو هذا :فقدان ال�شع ��ور بالم�س�ؤولية ،لم يعد الكثير من النا�س يع ��رف وي�ست�شع ��ر وي�ؤمن ويدرك ويعي �أن ��ه م�س�ؤول �أم ��ام اهلل ُ�س ْب َحا َن ُه َو َت َعــا َلـ ��ى ،و�أم ��ام نف�س ��ه� ،أن ��ه ال ينج ��ي نف�سه من ه ��ذه التحديات ،وهذه الأخط ��ار وهذه المكائ ��د� ،إال �أن َ تنه�ض بم�س�ؤوليته ��ا ،م�س�ؤوليتها ك�أمة له ��ا م�ش ��روع ،له ��ا دور فيما يعنيها ه ��ي وفيما يعني العال ��م من حولها، �أن تك ��ون الأُ َّمــة التي ت َت َحـ� � ّرك لإقامة العدل� ،أن تكون الأُ َّمــة التي ت�أمر بالمع ��روف بمفهومه الوا�سع والح�ضاري ،وتنهى عن المنكر بمفهومه الوا�س ��ع وال�شامل ،وتواجه الف�ساد ،تقف �ضد الظالمين والم�ستكبرين، وتتج ��ه لعم ��ارة الحي ��اة وبن ��اء الحياة بالقي ��م المثلى وبالح ��ق وبالعدل وبالخي ��ر ،بم ��ا ي�سع ��د الب�شرية ،وفيم ��ا فيه �صال ��ح الب�شري ��ة ،وت�ستقل، تتخل�ص من هذه التبعية العمياء. الي ��وم ل ��و نع ��ود �إِ َلـى بع� ��ض الأنظم ��ة �أَ ْو بع� ��ض الكيانات ف ��ي المنطقة 39
ت ��رى ف ��ي نف�سها -ه ��ي معجبة بنف�سها بع� ��ض الكيان ��ات � -أنها هي تطبق ال ْإ�سـ�َلماَ م ب�ش ��كل كام ��ل ،تمثل ن�سخ ��ة متكاملة من مب ��ادئ ال ْإ�سـلاَ م ،ولكن ف ��ي الواق ��ع الذي تعي�ش فيه التبعية الكاملة لأَمري ��كا ول�سيا�سات �أَمريكا، وتتودد لإ�سرائي ��ل وتتقرب من �إ�سرائيل ،وت�سعى وت�سارع لتعزيز روابطها م ��ع �إ�سرائي ��ل ،ال يمكن �أن يكون الإ ْن َ�سـان منتم ًيا حق االنتماء ،مهتد ًيا بما تعنيه الكلمة متم�س ًكا بال ْإ�سـلاَ م في قيمه ومبادئه ،ومنظومته المتكاملة، وه ��و ف ��ي نف� ��س الوقت يعي�ش ه ��ذه الحالة م ��ن التبعية العمي ��اء لأولئك، م�ستحيل ،اهلل يقول عن هذه الحالةَ } :و َم ْن َي ْف َع ْل َذ ِل َك{؛ لأن هذه الحالة الت ��ي يو�صفه ��ا ال ُقـ ْر�آن هي حال ��ة الوالء ،الوالء لأولئ ��ك ،التبعية العمياء لهم ،ال َت َحـ ّرك في �سيا�ساتهم وتوجهاتهم ،التي هي �شر وخطر على الأُ َّمــة بكلها ،يقولَ } :و َم ْن َي ْف َع ْل َذ ِل َك َف َل ْي َ�س ِمنَ اللهَّ ِ ِفي َ�ش ْيءٍ {(آل عمران ،)28:يعني ِ�إ َلـ ��ى ه ��ذا الحد تمث ��ل الم�س�ألة خطورة كبي ��رة ج ��داً؛ لأن الإ ْن َ�سـان حينما يتجه وراءهم ،ويحذو �آثارهم ،ويتجه وجهتهم� ،إنما هو يخرج عن قيمه، يخرج عن مبادئه ،ين�سلخ عن هُويته وعن مبادئه وعن قيمه. حينما نعو ُد �إِ َلـى واقعنا في عالمنا ال ْإ�سـلاَ مي هو واقع م�ؤ�سف ،عالم كبي ��ر ،رقع ��ة جغرافية وا�سعة ،وف ��ي �أهم مواقع جغرافي ��ة على الأر�ض، عدد كثير من الب�شر� ،أكثر من مليار �إ ْن َ�سـان ،ثروة هائلة وقدرات مادية هائلة ،ولكن �أين هو وزن هذا العالم ال ْإ�سـلاَ مي؟ �أين هو ُ وزن الم�سلمين اليوم في العالم؟ هل هم �أُ َّم ٌة م�ستقل ٌة لها ت�أثي ُرها في الواقع العالمي؟ ومطلوب بالت�أكيد �أن يكون ت�أثيراً �إيجابياً. ٌ لأن ال ْإ�سـ�َل اَ م ال يقب ��ل بالظلم ،ال يقب ��ل بالف�ساد ،ال يقبل بالطغيان، ت�أثي ��راً �إيجابي� �اً ،ح�ض ��وراً �إيجابي� �اً ف ��ي ال�ساح ��ة العالمي ��ة ،ه ��ذا العالم بجغرافيته ،الثقيل بثرواته وموقعه ،الكثير ب�أعداده، ال ْإ�سـلاَ مي الكبير ُ 40
هو �صغير في ت�أثيره ،هو قزم في ح�ضوره في ال�ساحة العالمية. ه ��ذا العال ��م ال ْإ�سـلاَ م ��ي بع ��رب وغي ��ر عرب �أي ��ن هو وزن ��ه وح�ضوره ف ��ي ال�ساح ��ة العالمي ��ة كم�ستقل ،كم�ؤث ��ر �إيجابي ،كفاعل ف ��ي ال�ساحة؟ ال ،حفن ��ة م ��ن ال�صهاين ��ة ،ب�ضع ��ة ماليي ��ن م ��ن اليه ��ود ،يد ّوخ ��ون هذا العال ��م ال ْإ�سـلاَ م ��ي بكل ��ه ،يلعب ��ون ف ��ي الواق ��ع العرب ��ي ب�أب�ش ��ع و�أفظ ��ع اللع ��ب ،يجعلون من الجميع مهزلة ،مهزلة ،الجميع محط �سخريتهم وا�ستهزائه ��م وا�ستهتاره ��م ،وال يحتاج ��ون كما قلت ف ��ي بداية الحديث �إِ َلـ ��ى عن ��اء و�شق ��اء ف ��ي نج ��اح م�ؤامراته ��م وخططه ��م ،لربم ��ا �أب�س ��ط �صهيون ��ي و�أق ��ل ال�صهاينة قدرة على التفكير يمك ��ن �أن ينج َح في كثير م ��ن واقع �أمتن ��ا ومنطقتن ��ا العربية ،هل له ��ذا العال ��م ال ْإ�سـلاَ مي حتى عل ��ى م�ست ��وى مجل�س الأمن حق النق� ��ض ،هل له ت�أثي ٌر ف ��ي ال�سيا�سات َ البع�ض من والق ��رارات والتوجهات ،ال ،ولكن ال�ش ��يء الم�ؤ�سف �أن تج َد َ البع�ض من التوجهات والكيانات ،داخل الدول ،البع�ض من المنظمات، عالمن ��ا ال ْإ�سـلاَ م ��ي التي فقدت قيم َتها ،فاعليته ��ا ،قدرتها ،ت�أثيرها في االتجاه ال�صحيح ل�صالح الأُ َّمــة ،تجد لها فاعلي ًة في االتجاه الآخر. ت�أت ��ي �إِ َلـى المنظمة العربية ،الجامعة العربية ،ماذا عملت الجامعة العربي ��ة للق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة على م ��دى ُك ّل هذه العق ��ود؟ وال �شيء، ل ��م تخ ��دم الق�ضي� � َة الفل�سطيني ��ة ب� ��أي �ش ��يء ُمفي ��د وم�ؤث ��ر وملمو�س، م ��ا ه ��و؟ �أَ ْو منظم ��ة التع ��اون ال ْإ�سـلاَ مي ،وقب ��ل ذلك � -أي ��ام كانت با�سم الم�ؤتمر ال ْإ�سـلاَ مي -منظمة الم�ؤتمر ال ْإ�سـلاَ مي ،ماذا قدمت لق�ضية فل�سطي ��ن؟ م ��اذا قدم ��ت للأم ��ة في �سبي ��ل �أن تتوح ��د الأم ��ة؟ �أن تحل م�ش ��اكل الأُ َّمــ ��ة بالح ��وار والتفاه ��م؟ �أن تعال ��ج الكثير من ج ��راح الأُ َّمــة الغائ ��رة؟ وال �ش ��يء ،وال ت�أثي ��ر �إيجاب ��ي نهائي� �اً� ،أي ��ة ق�ضية م ��ن ق�ضايا 41
المنطق ��ة ف ��ي الداخل العربي ،في الواق ��ع ال ْإ�سـلاَ مي� ،أي ��ن هو الت�أثير الإيجاب ��ي والملمو�س لمثل هكذا منظمات �أَ ْو دول؟ ت�أتي ِ�إ َلـى دول بارزة ف ��ي الواق ��ع العرب ��ي� ،أين ه ��و ت�أثيرها الإيجاب ��ي الذي يمك ��ن �أن ي�شكر م ��ن الدول التي الآن تلع ��ب دوراً �سلبياً؟ فاعلية ،جهد ،اهتمام ،قرارات، مواقف ،لكن في االتجاه الخط�أ. الي ��وم في �سبي ��لِ تمزيقِ الأُ َّم� �ةِ ،في تغذية ال�صراع ��ات الداخلية في الأم ��ة ،ف ��ي االعتداءات عل ��ى �شعوب وبل ��دان المنطقة ،ن ��رى القرارات، ن ��رى االجتماعات التي تخ ��رج بنتائج ،ونرى �أَ ْي�ض� �اً ال َت َحـ ّرك الع�سكري ال�ص ��ارم والتحالفات ،ونرى كذلك المواقف على الم�ستوى ال ْإعـلاَ مي، واالقت�صادي. عل ��ى الم�ست ��وى الع�سكري وال مرة واحدة ح�صل ال َت َحـ ّرك من بع�ض ال ��دول الت ��ي ت َت َحـ ّرك الي ��وم لت�ضرب بلدان المنطقة هن ��ا �أَ ْو هناك على مثل هذا النحو تجاه �إ�سرائيل� ،أَ ْو لخدمة الأمة. الي ��وم م ��ا الذي يحدث عل ��ى الم�ستوى ال ْإعـلاَ مي؟ َك� � ْم هي القنوات الف�ضائي ��ة المخ�ص�ص ��ة �ض ��د �إ�سرائي ��ل؟ ال �ش ��يء� ،صف ��ر ،م ��ن جان ��ب �أولئ ��ك طبع� �اً ،م ��ن جانب �أولئ ��ك ال ��ذي ي َت َحـ ّرك ��ون بفاعلي ��ة لم�صلحة �إ�سرائي ��ل ولخدم ��ة �أَمريكا ،ولكن لت�شويه المقاوم ��ة� ،سواء في الداخل الفل�سطين ��ي �أَ ْو ح ��زب اهلل ،لت�شوي ��ه الأح ��رار في ه ��ذه الأُ َّمــ ��ة التواقين للحري ��ة وا�ستقاللية الأم ��ة� ،أَ ْو لما يخدم �إث ��ارة النزاعات وال�صراعات، والع ��داوات المذهبي ��ة والطائفية ،الكثير من القن ��وات ت�شتغل بن�شاط، وب�ش ��كل مكث ��ف ،فاعلية ف ��ي االتجاه الخط� ��أ ،وهم� ،ضي ��اع� ،ضالل ،تيه، ت�أثير ،م�س من الم�س ال�شيطاني الإ�سرائيلي ال�صهيوني اليهودي.
*** 42
اليوم هناك يف واقع األمة اجتاهان بارزان االتج��اه الأول :ه��و االتج��اه المعادي لإ�سرائي��ل ،والداع��م للق�ضية الفل�سطينية،
يت�ش ��كل ه ��ذا االتج ��اه م ��ن ق ��وى المقاوم ��ة :ح ��زب اهلل والح ��ركات الفل�سطيني ��ة المجاه ��دة ،يت�ش ��كل م ��ن قلي ��ل م ��ن الأنظم ��ة ف ��ي العالم الإ�سالم ��ي ،الموق ��ف الإيراني في طليعة هذا الموق ��ف ،موقف �صريح ووا�ض ��ح وداع ��م ب ��كل و�ض ��وح للفل�سطينيي ��ن وال�شع ��ب الفل�سطين ��ي والح ��ركات المقاومة في فل�سطين ،وهي تتحدث عن هذا التعاون وكل الف�صائ ��ل المجاهدة تتحدث عن هذا ،وه ��ذا �صريح ووا�ضح بمعنى �أنه لي� ��س مجرد كالم �أو �شع ��ارات �أو عبارات ،ال ،دعم مادي وتعاون ع�سكري م ��ع ال�شع ��ب الفل�سطين ��ي ،ت�أهي ��ل ،ت�سلي ��ح ،دع ��م� ...،إل ��ى �آخ ��ره ،هن ��اك �أي�ض� �اً موق ��ف كان وا�ضح� �اً �أي�ض� �اً في م�ساندت ��ه لح ��زب اهلل وللحركات الفل�سطيني ��ة واحت�ضان ��ه لها ه ��و الموقف ال�سوري ال ��ذي يعاقب اليوم على ذلك ،فهناك قوى في المنطقة لها موقف وا�ضح. �أي�ض� �اً هن ��اك �صوت وا�ض ��ح و�صريح وقوي في �شعبن ��ا اليمني م�ساند للق�ضي ��ة الفل�سطينية ،م�ؤمن بالتوجه المواج ��ه والمناه�ض والمقاوم للهيمن ��ة الأمريكية ولإ�سرائيل ،وهناك �ص ��وت هنا وهنا وهناك تحرك كبي ��ر ف ��ي الو�سط العراقي وفي ال�شع ��ب العراقي ،وهناك �صوت يتعالى ف ��ي �أو�س ��اط ال�شع ��وب ف ��ي مختل ��ف �شع ��وب المنطق ��ة ف ��ي كثي ��ر منه ��ا، وتتف ��اوت الم�س�ألة بالت�أكيد من �شعب �إلى �آخر لكن هناك �صوت يتعالى ه ��و ال�صوت الحر ه ��و ال�صوت الم�س�ؤول ،هو ال�ص ��وت الذي ين�سجم مع ح ��ق هذه الأمة الفط ��ري والديني ومع م�سئوليته ��ا الدينية والوطنية 43
والقومي ��ة والإن�ساني ��ة ف ��ي مواجه ��ة الخط ��ر الإ�سرائيل ��ي والت�ص ��دي للخطر الإ�سرائيلي. الي ��وم ال�ص ��وت هذا ه ��و �صوت قوي في �أو�ساط الأم ��ة والح�ضور في هذا التوجه المعادي لإ�سرائيل هو ح�ضور كبير وفاعل ومقلق �إلى حد كبير لإ�سرائيل وبالتالي لأمريكا والغرب. االتج ��اه الثاني :هناك �أي�ضاً االتجاه الآخ ��ر االتجاه الذي ن�ستطيع الق ��ول ب ��كل اطمئن ��ان وو�ض ��وح و�أمامن ��ا كل ال�شواهد والأدل ��ة ،االتجاه الموالي لإ�سرائي ��ل ولأمري ��كا ف ��ي المنطق ��ة ،والم ��اد معه ��ا لج�س ��ور التطبي ��ع ،والداخ ��ل معها ف ��ي تحالفات ،وه ��ذا �أي�ضاً بات الي ��وم توج ًها معروف� �اً �أنظمت ��ه معروف ��ة ،ب ��ات الإ�سرائيل ��ي يتح ��دث ع ��ن النظ ��ام ال�سع ��ودي عن الإمارات ��ي باعتبارهم ف ��ي الطليعة باعتباره ��م �أ�صبحوا �ضم ��ن تحالفات ي�سميها الإ�سرائيلي م�صالح م�شتركة ي�شيد بمواقفهم ب�أدوارهم التخريبية في المنطقة. االتج��اه الثاني :الموالي لإ�سرائي��ل ولأمريكا هو ي�شتغل في جانبين
الأول ج� � ّر الأم ��ة �إل ��ى عداوات �أخ ��رى يقول ل ��ك :ال ،ال تتحدث عن �إ�سرائي ��ل كعدو وال ع ��ن �أمريكا كعدو ي�شكل خط ��راً وتهديداً للمنطقة، ال ،ات ��رك ه ��ذا ،ه ��ذا كالم �إيران ��ي دعك من ذل ��ك ،هناك �أع ��داء �آخرون هناك �إيران هناك ال�شيعة هناك في اليمن من ي�سمونهم بالإنقالبيين وه ��م هن ��اك في الع ��راق! ويعطون ل ��كل ت�سميته وهناك وهن ��اك ...فهو يح ��اول �أن يتج ��ه ببو�صل ��ة الع ��داء داخل الأم ��ة �إلى �أط ��راف �أخرى و�أن يحرفه ��ا نهائي� �اً من �إ�سرائي ��ل ،بمعنى �أن ي�شطب داخ ��ل الأمة �أي نظرة 44
معادية لإ�سرائي ��ل ،و�أن يمن ��ع ويح ��ول كل توج ��ه معا ٍد لإ�سرائيل� ،أن ال تبق ��ى النظ ��رة داخ ��ل الأمة لإ�سرائيل كع ��دو ،ال ،ت�شطب ه ��ذه الم�س�ألة نهائي� �اً ،وب ��د�أ البع� ��ض م ��ن ال�سعوديي ��ن �س ��واء م�س�ؤولي ��ن �أو اعالميين يتحدث ��ون بلغة مختلفة عن �إ�سرائي ��ل ،ولغة فيها تودد ،وهناك م�شاهد لأم ��راء �سعوديي ��ن ي�صافح ��ون الإ�سرائيليي ��ن وي�صافح ��ون م�س�ؤولي ��ن �إ�سرائيليي ��ن ،وهناك حديث ُيعلن عنه بي ��ن الحين والآخر عن لقاءات، وهناك �صوت �إ�سرائيلي وا�ضح يتحدث عن هذه العالقة عن هذا التعاون ع ��ن عن عن� ...إلى �آخره عما ي�سميه بالم�صالح الم�شتركة ،هناك كالم م ��ن (نتنياه ��و) مبا�ش ��ر فيما يتعلق بم ��ا ي�سميه م�صال ��ح م�شتركة فيما بينهم وبي ��ن ال�سعودية� ،أ�صبحت الم�س�ألة اليوم وا�ضحة للعلن ،ظاهرة ولم تعد خفية. وهن ��اك خط ��وات متتالي ��ة ومتتابع ��ة تت�ضح يوم� �اً بعد ي ��وم عن هذا التطبي ��ع ،ع ��ن هذه العالقة ،عن هذه التحالفات ،عن هذا التعاون ،عن التعام ��ل كجبه ��ة واحدة في مواجه ��ة ما ي�سمونه خط ��راً م�شتركاً ،فهم ي ��رون في كل �صوت معا ٍد لإ�سرائيل ،في كل تح ��رك معا ٍد لإ�سرائيل �أنه ي�ش ��كل خط ��راً م�شت ��ركاً ي�صفون ��ه بالإيراني ،ل ��و �أنت يمن ��ي �أبوك يمني و�أمك يمنية ومعروف في اليمن �أنك فالن بن فالن الفالني لكن لك موقف معا ٍد من �إ�سرائيل �سيقولون عنك �أنك �إيراني ولو كانت لهجتك ودم ��ك ولحمك و�شحمك وبيت ��ك ومالب�سك يمني خلقك اهلل من تربة اليم ��ن �سيقولون �أنك �إيران� ،سيقول ��ون� :أنت �إيراني ،ا�سكت ،ا�صمت ،ال �أح ��د يتح ��دث عن خط ��ر �إ�سرائيل ،ال �أح ��د يحر� ��ض �أو ي�ستنه�ض الأمة تجاه الخطر الإ�سرائيلي. يقول ��ون� :إ�سرائيل نحن يج ��ب �أن نتعاون معها في مواجهة الخطر 45
الفار�س ��ي� ...إل ��ى �آخ ��ره ،هن ��اك �سع ��ي و�ضجي ��ج يكث ��رون من ��ه ،ولديهم الكثي ��ر من الأب ��واق الإعالمي ��ة ،من الكت ��اب الم�أجوري ��ن ذوي الأقالم ال�س ��وداء ويكث ��رون م ��ن ال�ضجي ��ج الإعالم ��ي والهال ��ة الإعالمية التي تجع ��ل البع� ��ض في م�ص ��ر ،البع�ض في بل ��دان المغ ��رب العربي البع�ض ف ��ي مناط ��ق معينة قد يتحرج ��ون حتى ي�صلون �إل ��ى درجة التحرج من الحديث عن الخطر الإ�سرائيلي والعداء لإ�سرائيل وعن خطورة �أمريكا على المنطقة؛ لأنه ما �إن تتحدث عن �شيء من ذلك حتى يت�صدى لك �أولئك ويعتبرونك �إيرانياً. فاالتجاه الموال ��ي لإ�سرائيل و�أمريكا والماد لج�سور التطبيع معها ه ��و يعمل على ج ��ر الأمة �إلى ع ��داوات �أخرى وم�شاكل �أخ ��رى ،و�إغراق الأم ��ة ف ��ي م�ش ��اكل ال �أول له ��ا وال �آخ ��ر حت ��ى ين�س ��ى الجمي ��ع �إ�سرائيل وين�س ��ى الجمي ��ع الق�ضي ��ة الفل�سطينية وين�سى الجمي ��ع الأق�صى الذي يتهدده خطر متزايد. هن ��اك خط ��وات كلم ��ا تقدمت ق ��وى العمالة ف ��ي المنطق ��ة و�أنظمة العمال ��ة ف ��ي المنطق ��ة ف ��ي خط ��وات تطبيعية م ��ع �إ�سرائي ��ل كلما زادت �إ�سرائيل من خطواتها التي ت�ستهدف بها الم�سجد الأق�صى ،ويجتمعون في مرحلة قريبة هناك في نفق تحت الم�سجد الأق�صى حكومة الكيان الإ�سرائيل ��ي ف ��ي خطوة له ��ا داللة معين ��ة ،وكذلك زي ��ادة للم�ستوطنات �س ��واء ف ��ي مدينة القد� ��س �أو في ال�ضف ��ة الغربية هناك ن�ش ��اط متزايد اعتداءات م�ستمرة على ال�شعب الفل�سطيني. االتج ��اه الموال ��ي لإ�سرائي ��ل و�أمري ��كا ه ��و ي�ساه ��م ف ��ي ال�سع ��ي في ت�صفي ��ة الق�ضي ��ة الفل�سطينية ف ��ي عالمنا العرب ��ي والإ�سالمي ولدعم الموقف الإ�سرائيلي من خالل خطوات متعددة: 46
�أوله��ا :محا�ص ��رة وتجري ��م الح ��ركات الفل�سطيني ��ة المجاه ��دة والمقاوم ��ة وح ��زب اهلل ب ��كل م ��ا يمثل ��ه حزب اهلل م ��ن جبه ��ة �إ�سالمية عربي ��ة عظيم ��ة متقدم ��ة منت�ص ��رة ناجحة له ��ا �إنجازاته ��ا الكبرى في مواجه ��ة �إ�سرائي ��ل والخط ��ر الإ�سرائيلي ،وبكل م ��ا يمثله حزب اهلل من تهدي ��د لإ�سرائي ��ل ومن جبهة متقدمة وقوية ب ��كل ما تعنيه الكلمة في مواجهة �إ�سرائيل ،ي�سعون �إلى �إ�ضعاف هذه الجبهة. لم ��اذا كل ه ��ذه الحم�ل�ات العدائي ��ة �ض ��د ح ��زب اهلل؟ لم ��اذا كل هذا ال�ضجي ��ج �ض ��د حزب اهلل ومحاول ��ة الت�شويه ب�شكل مكث ��ف لحزب اهلل؟ لم ��ا يمثل ��ه حزب اهلل م ��ن �أهمية وقيمة وق ��وة وذراع �ضارب ��ة للأمة في مواجهة الخطر الإ�سرائيلي. كذل ��ك ح ��ركات الجه ��اد ف ��ي فل�سطي ��ن الح ��ركات المجاه ��دةوالمقاوم ��ة ف ��ي فل�سطي ��ن تل ��ك الح ��ركات يق ��ال عنه ��ا م ��ن عل ��ى منبر مح�س ��وب عل ��ى �أنه في قمة عل ��ى ما �أ�سموها هم �إ�سالمي ��ة �أمريكية من �أر�ض الحرمين ال�شريفين يو�صف المجاهدين في فل�سطين بالإرهاب، �ضمن اجتماعات على �أ�سا�س �أنها اجتماعات ذات م�س�ؤولية لها مقرراتها وتعبر في توجهاتها عن �سيا�سات و�إجراءات. فهن ��اك �سع ��ي لمحا�صرة وتجريم الح ��ركات المقاومة في فل�سطين ولبن ��ان وو�صفه ��ا بالإره ��اب وفر� ��ض ال�صفق ��ات الخا�سرة عل ��ى ال�شعب الفل�سطين ��ي ،فيدخلون ال�شعب الفل�سطين ��ي في م�ساومات ومفاو�ضات بع ��د مفاو�ض ��ات بالرغم من كل التج ��ارب الما�ضية ،تجرب ��ة �أو�سلو وما بعد �أو�سلو �إلى اليوم تجربات كثيرة فا�شلة في�سعون �إلى فر�ض �صفقات خا�سرة على ال�شعب الفل�سطيني. ثاني�� ًا :المواجهة لكل �صوت حر وم�س� ��ؤول يتحرك في داخل الأمة 47
يعادي �إ�سرائيل ويناه�ض الهيمنة الأمريكية ،االتجاه الموالي لأمريكا و�إ�سرائي ��ل ف ��ي المنطقة من الأنظم ��ة وبع�ض القوى ه ��ي دائماً تواجه ولي�س فقط �أنها تتعامل بقطيعة �أو نحو ذلك ،تواجه ،تعادي كل �صوت حر وكل تحرك م�س�ؤول في هذه الأمة ،في داخل هذه الأمة. اليوم �شعبنا اليمني يعادى ب�أ�شد ما يكون من العداء؛ لأنه يريد �أن يتحرر ولأنه يريد �أن يكون في طليعة ال�شعوب التي لها موقف بارز في العداء لإ�سرائي ��ل� ،شعب عرف عنه ب�شكل كبير وبارز عداوته لإ�سرائيل ومناه�ضته للهيمنة الأمريكية. ثالث�� ًا :تغيي ��ب كل �أ�ش ��كال التوعي ��ة والتعبئ ��ة للأمة �ض ��د �إ�سرائيل والخط ��ر الإ�سرائيلي والأمريكي ثقافي� �اً وفكرياً و�إعالمياً ،وكل �أ�شكال الن�ش ��اط ال�شعب ��ي والر�سمي وهذه م�س�ألة خطيرة ج ��داً ،اليوم المناهج الدرا�سي ��ة الر�سمي ��ة ف ��ي العال ��م العرب ��ي غاب ��ت منه ��ا -م ��ع �أنه ��ا كانت مق�ص ��رة ف ��ي الما�ض ��ي ولك ��ن هن ��اك �سعي لأن يغي ��ب منها نهائي� �اً -كل م�ضامي ��ن التوعي ��ة والتعبئة ،توعية �أو تعبئة �ض ��د الخطر الإ�سرائيلي واال�ستعم ��اري والخط ��ر الأمريك ��ي� ،أن يغي ��ب منه ��ا نهائي� �اً نهائياً ،فال يبق ��ى �أي �إ�ش ��ارة في �أي منهج مدر�سي هنا �أو هن ��اك �ضد �إ�سرائيل ،فيها توعية عن �إ�سرائيل ،عن خطر �إ�سرائيل ،عن الق�ضية الفل�سطينية ،عن المقد�سات� ،أو فيها تعبئة وتحري�ض. على الم�ستوى الإعالمي كذلك :اليوم القنوات البارزة للأنظمة الموالي ��ة لإ�سرائي ��ل كي ��ف تتعامل مع �إ�سرائيل؟ و�صل ��ت �إلى درجة �أنها تجري مقابالت مع الإ�سرائيليين مع الناطق با�سم الجي�ش الإ�سرائيلي م ��ع �ضب ��اط �إ�سرائيليين م ��ع �إعالميين �إ�سرائيليي ��ن؛ لتبرير ما تفعله �إ�سرائيل وللترويج -لإ�سرائيل من على منابرها� ،أ�صبحت منابر تخدم 48
ب�شكل مبا�شر �إ�سرائيل ،و�أ�صبحت كثير من القنوات المعادية لإ�سرائيل ُت َح ��ارب وتحج ��ب وينزلونه ��ا من كثير م ��ن الأقم ��ار ال�صناعية ،تحارب فيها وال ت�ستقبلها وال ت�ست�ضيفها على الم�ستوى الإعالمي. عل��ى م�س��توى الخط��اب الدين��ي :معظ ��م المناب ��ر ف ��ي العال ��م الإ�سالم ��ي ف ��ي الم�ساج ��د ،ف ��ي المدار� ��س الديني ��ة؛ غ ��اب منه ��ا نهائياً التوعية والتعبئة �ضد الخطر الإ�سرائيلي والأمريكي ،واتجهت الكثير منه ��ا لتعم ��ل بتموي ��ل من تلك الأنظم ��ة بالذات مثل النظ ��ام ال�سعودي لإث ��ارة م�شاكل في داخل الأم ��ة للتعبئة �ضد �أبناء الأمة� :ضد اليمنيين و�ضد الإيرانيين و�ضد اللبنانيين و�ضد حركات المقاومة و�ضد الأحرار ف ��ي �سوري ��ا والأحرار في الع ��راق والأحرار في البحري ��ن وهكذا ...ف�إ ًذا ه ��ذا هو الم�سار الذي يتحرك في ��ه االتجاه الموالي لإ�سرائيل و�أمريكا وعلى ر�أ�سهم النظام ال�سعودي. ما هي مسؤوليتنا اليوم؟ م�س�ؤوليتن ��ا الي ��وم ماه ��ي؟ بالت�أكي ��د م�س�ؤوليتن ��ا الي ��وم �إحياء حالة الع ��داء لإ�سرائي ��ل باعتب ��ار ذل ��ك واجب� �اً �إ�سالمي� �اً ،فري�ض ��ة ،م�س�ؤولي ��ة دينية ،يعني في مواجهة �أن الآخرين يفر�ضون م�س�ألة الوالء لإ�سرائيل و�أن يم�سحوا النظرة العدائية ويغيروها تجاه �إ�سرائيل؛ يجب �أن نحيي حال ��ة الع ��داء لإ�سرائيل وباعتبار ذل ��ك لي�س فقط خي ��اراً �سيا�سياً ال� ،أو ردة فع ��ل بل واجباً �إ�سالمي� �اً ،فري�ضة دينية ،الع ��داء لإ�سرائيل فري�ضة دينية ،جزء من التزاماتك الدينية. كم ��ا ه ��ي �أي�ض� �اً يفتر� ��ض �أن تك ��ون م�س�ؤولي ��ة �إن�ساني ��ة و�أخالقي ��ة وقومي ��ة ووطنية وغيرها ،لكن هذا البعد مهم ،هذا االعتبار مهم ،هذا 49
الجان ��ب �أ�سا�س ��ي العتب ��ارات وا�ضحة� :شع ��ب فل�سطين ج ��زءاً من الأمة الإ�سالمي ��ة ،وواج ��ب علين ��ا ديني� �اً منا�ص ��رة ه ��ذا ال�شع ��ب ف ��ي مواجهة الع ��دو الإ�سرائيل ��ي� ،أر�ض فل�سطين جزء م ��ن �أر�ض الأمة وواجب علينا �إ�سالمي� �اً ال�سع ��ي لتحري ��ر كل هذه الأر�ض حتى ال يبق ��ى منها ذرة رمل واح ��دة .كذلك المقد�سات وعلى ر�أ�سها الأق�صى ال�شريف م�سرى النبي (صل ��ى اهلل عليه وآله) وثالث الحرمين ال�شريفين وعلينا م�س�ؤولية دينية في تخلي�ص وتحرير هذه المقد�سات. فلسطني هي املرتاس املتقدم لألمة ثم لنعي جيد ًا في هذا العالم العربي والإ�سالمي� :أن فل�سطين ه ��ي المترا� ��س المتق ��دم والخن ��دق الأول ال ��ذي كلم ��ا اهتمت ب ��ه الأمة، وكلما نا�صرته الأمة ،كلما وقفت عنه الأمة؛ كلما تقل�صت الأخطار في بقية �أقطارها .الحظوا لو �أن العرب اتجهوا بكل جدية وبكل م�س�ؤولية وبوعي وب�شكل �صحيح �إلى المنا�صرة لل�شعب الفل�سطيني ودعم موقفه ومواجه ��ة الخطر الإ�سرائيلي كما ينبغي؛ لحفظ ��وا الميدان وال�ساحة العربي ��ة والإ�سالمي ��ة م ��ن الكثير من الم�ؤام ��رات ولم ي�ص ��ل �إليها �شر �إ�سرائيل وم�ؤامرات �إ�سرائيل و�أمريكا ولربما كانت قد م�سحت �إ�سرائيل �أ�ص ً ال وانتهت. لك ��ن ل ��و افتر�ضن ��ا �أن ��ه بق ��ي الن ��زاع هن ��اك ،وال�ص ��راع والمواجه ��ة هن ��اك ،ل ��كان كل �أولئك م�شغولين هناك ،ولم ��ا تفرغوا لبقية الأقطار. لك ��ن الأمة ترك ��ت فل�سطين فانتقل ��ت الم�ؤامرات لتغزوه ��ا �إلى بلدانها و�أ�صبحت هي بنف�سها �ساحة مفتوحة غير مح�صنة ال بوعي وال بتعبئة وال ب�أي �شيء. 50
ف�أي�ض�� ًا يتحت��م عل��ى الجمي��ع :الع��داء الوا�ض��ح ال�ص��ريح المترج��م �إل��ى مواق��ف ه��ذه م�س���ألة مهم��ة� :أن نترج ��م عداءن ��ا لإ�سرائي ��ل �إلى مواقف عملية ،لي�س م ��ن ال�صحيح �أبداً �أن ي�أتي البع�ض ليقول :كلنا يعادي �إ�سرائيل ،ولكن يحافظ على حالة العداء في �أعماق نف�س ��ه ،ال تترج ��م �إل ��ى �أي موقف ،ه ��ذا عداء لي�س ل ��ه ايجابية ،لي�س له �أهمية ،لي�س له قيمة. هذه الحالة ت�صلح �أن تكون حالة فردية لإن�سان م�ست�ضعف ال يملك لنف�س ��ه �ض ��راً وال نفعاً وال ي�ستطي ��ع �أن يحرك �ساكناً وال يقدر على فعل �ش ��يء� ،أم ��ا �أم ��ة كبيرة �أم ��ة عظيمة فال يج ��وز �أن يكون خي ��اراً لأمة ،بل و�ص ��ل البع� ��ض �إذا ترجم ��ت موقف ��ك �إذا ترجم ��ت عداءك �إل ��ى مواقف؛ �سخط عليك ،عندما تقول :نحن نعادي �إ�سرائيل ماذا عليك من ذلك؟ يقول لك :كلنا نعادي �إ�سرائيل لكن ا�صمت! البع�ض يحاول �أن يمنعك �أن تترجم عداءك �إلى مواقف ،و�أن يفر�ض عليك حالة ال�صمت ،ويبرر ذل ��ك ب�أن ��ه ه ��و �أي�ض� �اً يع ��ادي �إ�سرائيل! ي ��ا �سبحان اهلل هل ه ��ذه عالمة ممت ��ازة لن ��وع عجي ��ب م ��ن الع ��داء ،ن ��وع م ��ن الع ��داء لإ�سرائي ��ل يجع ��ل الإن�سان يغ�ضب على �أي �إن�سان يتخذ موقفاً عدائياً تجاه �إ�سرائيل؟!. ال بد أن يرتجم هذا العداء إىل مواقف صرحية ال ب ��د �أن يترجم هذا الع ��داء �إلى مواقف �صريحة ووا�ضحة في دعم ح ��زب اهلل وت�أييد حزب اهلل وح ��ركات المقاومة في فل�سطين؛ لأن هذه الي ��وم هي ر�أ� ��س الحربة في مواجهة �إ�سرائيل ب�ش ��كل مبا�شر ،حزب اهلل ي�ش ��كل جبه ��ة مبا�شرة في الت�صدي لخط ��ر �إ�سرائيل ،حركات المقاومة ف ��ي فل�سطي ��ن -كذل ��ك -ت�ش ��كل جبهة مبا�ش ��رة في مواجه ��ة �إ�سرائيل ومواجهة العدو الإ�سرائيلي. 51
ف ��ي مقاب ��ل �سع ��ي الآخري ��ن لتجري ��م ه ��ذه الح ��ركات المجاه ��دة والمقاومة في فل�سطين ولبنان ال بد �أن نرفع �صوتنا عالياً نواجه هذه المحاول ��ة م ��ن التجريم والع ��زل والت�شوي ��ه ونت�صدى لها ف ��ي �أو�ساط �أمتنا وفي �أو�ساط �شعوبنا. ث ��م �أن نترج ��م عداءنا لإ�سرائي ��ل ب�ش ��كل وا�ض ��ح ف ��ي ال�شع ��ارات ،في الفعالي ��ات ،ف ��ي ن�شاطن ��ا الإعالم ��ي� ،أن ال يغي ��ب االهتم ��ام بالق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة ،التوعي ��ة للأم ��ة ع ��ن الخط ��ر الإ�سرائيل ��ي ،التعبئ ��ة والتحري� ��ض عل ��ى �إ�سرائيل م ��ن على و�سائلن ��ا الإعالمية ،ف ��ي ن�شاطنا التثقيف ��ي ،ف ��ي مناهجن ��ا� ،أن نعيد هذا الح�ض ��ور ،و�أن ن�سعى �إلى تعزيز هذا الح�ضور في �شتى �أن�شطتنا التثقيفية والتعليمية. �أي�ضاً في المقاطعة ،وما �أدراك ما المقاطعة؟ المقاطعة االقت�صادية للب�ضائ ��ع الإ�سرائيلية والأمريكية هذا هو م ��ن �أهم الخيارات المتاحة لكل �شخ�ص فلي�س هناك �أي مبرر ،الكثير يريد لنف�سه �أن ال يتحمل �أي م�س�ؤولي ��ة و�أن ال يتخ ��ذ �أي موق ��ف و�أن ال يتحرك �أي تح ��رك ،يريد �أن يبقى �إن�ساناً فارغاً لي�س له �أي موقف! هذا ال ينجيك �أمام اهلل �أن تعتبر نف�سك غير معني ب�شيء. اهلل ه ��و م ��ن يح ��دد م�س�ؤولي ��ة الم�سلمي ��ن ،وح ��دد لن ��ا الم�س�ؤولية: �أن نق ��ف �ض ��د الطاغ ��وت �ض ��د الظل ��م �ض ��د المتكبري ��ن الم�ستكبري ��ن والظالمي ��ن ،اهلل �سبحانه وتعالى يقول لناَ } :يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ �آَ َمنُوا ُكونوا ن�ص��ا َر اللهَّ ِ { (الص�ف )14ه ��ذه م�س�ؤولي ��ة �أن نتجه كيف نكون م ��ن �أن�صار �أَ َ اهلل؟ ول ��ن نك ��ون م ��ن �أن�ص ��ار اهلل �إال ب� ��أن نواج ��ه ق ��وى الطاغ ��وت قوى الظل ��م ق ��وى الظالم .ث ��م �إعفا�ؤك لنف�س ��ك من الم�س�ؤولي ��ة لن يعفيك من �آثار ذلك ونتائجه ،لذلك نتائج كبيرة و�سيئة في الواقع. 52
أهمية املقاطعة المقاطع ��ة مهمة ،الحِ ظوا يا �إخ ��وة و يا �أخوات ،اهلل �سبحانه وتعالى اع َنا ف ��ي كتاب ��ه الكريم قال جل �ش�أنهَ } :يا �أَ ُّي َه��ا ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا اَل َت ُقو ُلوا َر ِ ا�س�� َم ُعوا َو ِل ْل َكا ِف ِرينَ َع َ َو ُقو ُل��وا ُ يم{(البق�رة )104:ال حِ ظوا ��ذ ٌ اب َ�أ ِل ٌ انظ ْر َن��ا َو ْ ه ��ذه الآي ��ة المباركة نزلت تمنع ع ��ن الم�سلمين مف ��ردة ،وكانت مفردة عربية اَ اع َنا{.. راعنا كانت مفردة عربية يقول المف�سرون }ل َت ُقو ُلوا َر ِ والم�ؤرخ ��ون� :إن اليه ��ود كان ��وا ي�ستخدم ��ون ه ��ذه المف ��ردة ويق�صدون معن � ً�ى �آخ ��ر في ��ه �إ�س ��اءة �ضمني ��ة للنب ��ي (صل���وات اهلل علي���ه وآل���ه) فكان ��وا ي�ستفيدون من معنى محتمل من هذه المفردة. القر�آن الكريم منع على الم�سلمين ا�ستخدام هذه المفردة ،و�أمرهم �إلزا ًم ��ا بمقاطعته ��ا -الحظ ��وا معي -بمقاطعة مف ��ردة ،مفردة عربية: }ال تقولوا راعنا{ لأن اليهود كانوا ي�ستفيدون من هذه المفردة ،فمنع الق ��ر�آن ا�ستخدامه ��ا حت ��ى ال ي�ستفي ��د اليهود م ��ن ا�ستخدامه ��ا؛ لأنهم �سي�ستمرون في ا�ستخدامها لو بقيت م�ستخدمة لدى العرب. ف� ��إذاً كان هن ��اك مقاطع ��ة لمفردة عربي ��ة ي�ستفيد منه ��ا اليهود� ،أما اليوم فالب�ضائع الإ�سرائيلية والأمريكية ،الأمريكية� ،أمريكا �أكبر داعم وحا�ض ��ن ورا ٍع لإ�سرائي ��ل ،والب�ضائ ��ع الأمريكي ��ة والإ�سرائيلي ��ة ت�شكل �أكبر م�صدر دعم رئي�سي لهما( لإ�سرائيل ولأمريكا). والمقاطع ��ة م ��ن �أبن ��اء الأمة الي ��وم مهم ��ة؛ لأن عالمن ��ا العربي هو �س ��وق م ��ن �أكب ��ر الأ�سواق ف ��ي العال ��م� ،س ��وق م�ستهل ��ك ...لأن م�ستوى الإنتاج عندنا في العالم العربي �ضعيف ،ويكاد يكون حكراً ،فنعتمد في م�شترياتنا ،وفي ا�ستهالكنا على المنتجات الأجنبية ،ن�ستورد ،كل �شيء 53
م�ستورد ،م�ستورد ال ننتج كما ينبغي وبالتالي تذهب معظم �أموالنا �إلى �أعدائنا ،وت�شكل ثروة لهم ،وم�صدر دخل كبير لهم. الحِ ظ ��وا الي ��وم النف ��ط العرب ��ي من �أكب ��ر م�ص ��ادر الدع ��م لأمريكا، وبالتالي لإ�سرائي ��ل ،م ��ا ا�ستف ��ادت من ��ه �أمري ��كا ت�ستفي ��د من ��ه حتم� �اً �إ�سرائي ��ل ،ه ��ذا �أم ��ر ال �ش ��ك في ��ه ،ويظه ��ر في الخف ��اء �أن هن ��اك تعاوناً مبا�ش ��راً ودعماً مادي� �اً مبا�شراً لإ�سرائيل ،ولكن على الم�ستوى الر�سمي الطام ��ة وا�ضح ��ة والكارثة كبيرة ومعظم خيرات ه ��ذه الأمة ت�صب في جيوب �أعدائنا. ولك ��ن عل ��ى م�ستوى واقعن ��ا ال�شعبي ،وعلى م�ست ��وى �أن ن�شكل داخل �شعوبن ��ا توجه� �اً معادياً لإ�سرائيل له مواقف عملي ��ة ،وله تحرك عملي، وي�سع ��ى �إل ��ى �أن يت�س ��ع نطاق ن�شاطه ف ��ي �أو�ساط الأم ��ة ..يعني عندما يقاط ��ع الآالف يك ��ون لمقاطعته ��م ت�أثي ��ر ،عندما يقاطع مئ ��ات الآالف �سيك ��ون ه ��ذا الت�أثير �أكث ��ر ،وعندما يقاطع الماليين م ��ن �أبناء �شعوبنا للب�ضائع الأمريكية والإ�سرائيلية �سيكون لهذا ت�أثير �أكبر. طبع� �اً هن ��اك كالم جرى كثيراً ح ��ول هذا المو�ضوع م ��ن �شخ�صيات �سيا�سي ��ة ،م ��ن جهات متع ��ددة ،هناك ن ��دوات عقدت بهذا ال�ش� ��أن ،هناك دع ��وات ر�سمي ��ة ف ��ي مراح ��ل �أذك ��ر عندن ��ا ف ��ي اليم ��ن ،ف ��ي مرحلة من المراح ��ل قبل �سنوات طويلة دعا مجل�س النواب �إلى مقاطعة الب�ضائع الأمريكية والإ�سرائيلية. على كلٍ هذا المو�ضوع يجب �أن يحظى باهتمام حتى :في التثقيف، ف ��ي الم�ساجد ،في الو�سط الجامع ��ي والمدر�سي ،وكذلك في الأو�ساط ال�شعبي ��ة ،و�أن يلق ��ى ن�شاط� �اً م�ستمراً م�ستم ��راً ،والحظوا هن ��اك فوائد 54
كثي ��رة جداً ،لو تفعلت المقاطعة للب�ضائع الأمريكية والإ�سرائيلية في �أو�ساط �أمتنا �سيتاح هذا فر�صة لتنمية الإنتاج المحلي. وهن ��اك -للعل ��م -هن ��اك بدائ ��ل ه ��ذا معل ��وم قطع� �اً ،هن ��اك بدائ ��ل للب�ضائ ��ع الأمريكي ��ة والإ�سرائيلية ،و�أي �شيء تريده هناك ما هو بديل عنه من مختلف االحتياجات والب�ضائع ،هناك بدائل ال حجة للإن�سان وال مب ��رر �أم ��ام اهلل �سبحان ��ه وتعال ��ى ،والم�شكل ��ة خطي ��رة ج ��داً؛ لأنك �ستكت ��ب عن ��د اهلل داعماً لإ�سرائيل ،وداعماً لأمريكا �إذا كانوا ي�ستفيدون بمال ��ك ،و�أنت با�ستطاعت ��ك �أال ي�ستفيدوا من مالك ،ه ��ذا با�ستطاعتك �أن تحر� ��ص �أن ال ي�ص ��ل ه ��ذا الدعم �إليه ��م ،با�ستطاعت ��ك �أن تعتمد في م�شتروات ��ك واحتياجاتك ومتطلبات حياتك على بدائل حتى ال تذهب �أموالك �إليهم. عندم ��ا ت�صب ��ح �شري ًكا لإ�سرائي ��ل و�شري� � ًكا لأمري ��كا ف ��ي جرائمه ��ا وظلمها� ،أي م�شكلة �أكبر من هذه ،و�أي خطر �أكبر من هذه على دينك. وه ��ذه الم�سائ ��ل المهم ��ة �ستك ��ون م�سائ ��ل مهم ��ة ي ��وم القيام ��ة؛ لأن البع� ��ض م ��ن المثقفي ��ن الخطب ��اء �سي�أتي يحذر م ��ن الغيب ��ة والنميمة، ونحوه ��ا ،وين�س ��ى مث ��ل ه ��ذه الم�سائ ��ل ،ال ب�أ� ��س ثقف ع ��ن كل الأخطار، وحذر من كل الذنوب والمعا�صي ،ولكن الن�سيان للم�سائل الكبيرة غفلة كبيرة ،يوم القيامة �ستبقى للم�سائل الكبيرة �أهميتها ولي�س بالم�ستطاع تهمي�شه ��ا �آن ��ذاك� ،ستبق ��ى ه ��ذه الق�ضاي ��ا الكب ��رى ق�ضاي ��ا كب ��رى ي ��وم القيامة ،وحا�ضرة يوم القيامة ،وكل منا �سيحا�سب وي�س�أل ويجازى. فالمقاطع ��ة م�س�أل ��ة مهمة ،اهلل �أم ��ر الم�ؤمنين �إلزام� �اً في مقاطعة كلم ��ة �آن ��ذاك ،كان ي�ستفي ��د منه ��ا اليه ��ود ،فم ��ا بال ��ك بالملي ��ارات التي ي�ستفيد منها اليهود ال�صهاينة ،والتي ي�ستفيد منها الأمريكي. 55
وال تبال ��وا بالمخذلي ��ن المثبطي ��ن ال ..يكون ه َّم الإن�س ��ان �أن ي�ؤدي م�س�ؤوليت ��ه ،ال يكت ��رث للمخذلي ��ن والمثبطين ،المقاطع ��ة ال�سيا�سية، المقاطع ��ة الإعالمي ��ة؛ لأن الآخري ��ن يحاول ��ون �أن يك ِّون ��وا تطبيع� �اً �سيا�سيا تطبيعاً �إعالمياً بد�أوا حتى من ال�سعودية يتوا�صل مع القنوات الإ�سرائيلي ��ة مبا�ش ��رة ،وي�شت ��رك معه ��م ف ��ي البرام ��ج ،ويتح ��دث ع ��ن العالقة مع �إ�سرائيل. �أن تحر� ��ص عل ��ى �أن ن�سل ��م احت ��كار الجان ��ب الر�سم ��ي للق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة ،ولمو�ض ��وع �إ�سرائيل والعالقة م ��ع �إ�سرائيل ،هم يريدون �أن يكون �ش�أناً ر�سمياً ال عالقة لل�شعوب بها ،ثم نحن ك�شعوب يقال لنا: ا�صمت ��وا ال تتدخل ��وا نهائي� �اً ،بلى نتدخل ،نحن معني ��ون ،نحن �أ�صحاب م�س�ؤولي ��ة ديني ��ة ،ومعني ��ون؛ لأن هذا خط ��ر يتجه �إلينا ،لن ��ا الحق في مواجهته ،ول�سنا عبيداً لأحد ،ولي�ست هذه ال�شعوب ملكاً �إال هلل ،لي�ست ملكاً لأمير هنا ،وال لملك هناك ،وال نظام هنا ،وال ل�سلطة هناك. نح ��ن �شع ��وب حرة يجب �أن نحافظ على حريتن ��ا و�أن تكون خياراتنا م�ستم ��دة م ��ن قناعاتن ��ا وم ��ن �أخالقنا وم ��ن مبادئن ��ا ومن قيمن ��ا ،و�أن نت�ص ��دى لمحاول ��ة فر� ��ض ال�صم ��ت والجمود ،كلم ��ا قالوا لن ��ا ا�صمتوا �أن نرف ��ع �أ�صواتن ��ا �أكث ��ر ،وكلم ��ا قال ��وا �أجم ��دوا �أن نزي ��د م ��ن فعالياتنا و�أن�شطتنا وال نكترث نهائياً لأ�ساليب ال�صد� ،أ�ساليب ال�صد المعروفة: ا�سك ��ت و�إال ف�أنت �إيران ��ي ،قل �إيراني حتى ينفجر ر�أ�سك لن يثنينا ذلك ع ��ن مواق ��ف م�س�ؤولة ،لولم تكن �إيران في الوجود لكانت هذه خياراتنا وقناعاتن ��ا� ،سنق ��ول �إ�سرائيل هي ع ��دو ،و�سنعادي �إ�سرائي ��ل؛ لأنها عدو مبي ��ن مهم ��ا قال الآخ ��رون لن نكترث له ��م ،و�أقول ل�شعبن ��ا اليمني :ال تكترث لكل تلك الأبواق. 56
�أي�ض ��ا نوج ��ه الن�ص ��ح للأط ��راف الأخ ��رى لمراجع ��ة مواقفه ��ا ،هي خا�سرة في النهاية ،اليوم كل الذين اتجهوا لمواالة �إ�سرائيل والتحالف معه ��ا والتطبي ��ع معه ��ا م ��ن �أبن ��اء الأم ��ة :النظ ��ام ال�سع ��ودي ،النظ ��ام الإماراتي ،غيرهم ،نحن نقول لهم بن�صح �صادق� :أنتم تتجهون اتجاهاً �أك ��د اهلل ه ��و �أن نهاية ه ��ذا االتجاه هي الخ�س ��ارة ،لم ��اذا؟ لأن �إ�سرائيل ل ��ن تق ��در لكم ذلك؛ ولأن �أمريكا لن تقدر لكم ذلك �أبداً ،هم يتعاملون معكم فقط على �أ�سا�س اال�ستغالل فقط ،يرون فيكم �أدوات ت�ستغل حتى حين اال�ستغناء عنها ،وحين اال�ستغناء عنها لن يكون لها �أي قيمة ،وال اعتبار ،بل لن يقدر لها ما قد عملت و�سيتم الق�ضاء عليها. ال يمتل ��ك الأمريك ��ي وال الإ�سرائيلي ر�ؤية عن النظام ال�سعودي ،وال ع ��ن غيره م ��ن الأنظمة الموالية له ب�أكثر مما ق ��ال عنه ترامب�( :أنها بقرة حلوب) نحلبها ثم نذبحها حين نكمل حلبها ،فعندما ينتهون من عملي ��ة الحلب واال�ستغ�ل�ال ،اال�ستغالل لثرواتك ��م� ،أموالكم ملياراتكم تذه ��ب �إل ��ى جيوبه ��م �أم ��وال هائل ��ة كان بالإم ��كان -حتى ل ��و افتر�ضنا �أنك ��م ل ��م تدعموا بها الق�ضية الفل�سطينية ،لم تدعموا بها في مواجهة ه ��ذه الأخط ��ار -كان بالإمكان �أن تكون ال�سعودية في نه�ضتها �أكثر من الياب ��ان� ،أن تك ��ون دول ��ة لي�س فقط منتجة للمراع ��ي� ،أو منتجة لبع�ض م ��ن الألب ��ان والحلي ��ب� ،أن تكون منتجة ل ��كل ما تحتاج �إل ��ى �إنتاجه� ،أن تكون بلداً مكتفياً في توفير االحتياجات ال�ضرورية ،بلدًا يحقق لنف�سه االكتفاء الذاتي في الغذاء والمالب�س وكافة االحتياجات� ،أن تكون بلداً رائ ��داً في العالم في ت�صنيعه و�إنتاجه لمختلف الأغرا�ض ،ولي�س فقط م ��ع اال�ستعان ��ة ب�أجانب ،وم ��ع توريد علف من �أمري ��كا للأبقار ،وحينها ال من الحليب �أو الحقين ،وتفاخر بذلك في العالم� ،أو �صحناً تنتج قلي ً للأرز كبيراً �أكبر �صحن �أرز في العالم ،ال. 57
الحِ ظ ��وا الي ��وم كل م ��ا تقدم ��ه ه ��ذه الأنظمة الت ��ي توال ��ي �إ�سرائيل هلل ال ينظر لها على �أنه ��ا جميل يح�سب عند و�أمري ��كا ال يق ��در له ��ا -وا ِ الأمريك ��ي وال عن ��د الإ�سرائيل ��ي -هم يعتبرون هذه الأم ��ة �أمة �ساذجة ي�ستغلونه ��ا ،يلعب ��ون به ��ا ،ينهبون ثرواته ��ا ،يحركونها ل�ض ��رب بع�ضها بع�ضاً ،ثم فيما بعد يمكن �أن يفعلوا بها �أي �شيء. ال�سعودي ��ة �ستخ�ض ��ع للتق�سي ��م كما بقية بل ��دان المنطقة م�ستهدفة بالتق�سي ��م ،كم ��ا الع ��راق م�سته ��دف بالتق�سي ��م ،كما �سوريا ،كم ��ا اليمن، وكذلك بقية بلدان المنطقة. الجمي ��ع حي ��ن اال�ستغناء عنهم ل ��ن يح�ضوا بذرة م ��ن االحترام ،لن يح�ضوا بذرة من االحترام .القر�آن الكريم قدم تعبيراً عجيباً }هَ ا �أَن ُت ْم �أُ اَ ولءِ ُت ِح ُّبو َن ُه ْ��م َو اَل ُي ِح ُّبو َن ُك ْم{(آل عم�ران )119:في الوقت الذي ترق�صون في ��ه لهم ،وتطبل ��ون فيه لهم ،وتبدون لهم حف ��اوة عجيبة جداً ،وتودداً منقطع النظير ال يمتلكون مثقال ذرة من المحبة لكم. لك ��ن ه ��م يرون �أنه ال مانع من اال�ستغ�ل�ال فلي�ستغلوكم ،ينهبون ما معك ��م من ثروات ومليارات وبت ��رودوالر و� ...إلخ؛ لي�ستفيدوا منكم في �إث ��ارة الم�شاكل والحروب في �أو�ساط الأمة ،والنزاعات في داخل الأمة، وفي �شتات �شمل الأمة ،وتجزئتها ب�أكثر مما هي مجز�أ. بن�صح من هذه الأنظمة �أن تراجع نف�سها ،وتغير لذلك نحن نطلب ٍ �سيا�سته ��ا العدائية في الداخل العربي تجاه اليمن ،تجاه العراق ،تجاه �سوريا. وهنا كذلك �أتوجه بالن�صح �إلى النظام ال�سعودي :من م�صلحتك �أن تغير �سيا�ستك العدائية هذه تجاه اليمن الذي هو جارك ،غ ّير �سيا�ستك هذه لم�صلحتك وم�صلحة المنطقة ،و�أن تغيرها ب�سيا�سة تعتمد قاعدة 58
ح�سن الجوار والأخوة العربية والإ�سالمية .هذا �أحفظ لمالك� ،أحفظ لثروتك ،و�أحفظ لأمنك ،و�إال النتائج عليك خطيرة و�سلبية. �أولئ ��ك ل ��ن ي�ألوا جهداً في �أن يمت�صوا حليبك كما قالوا ،يحلبونك، �أن ينهب ��وا ثروات ��ك� ،أن يفق ��روك و�أن يو�صل ��وا �شعب ��ك �إل ��ى الفق ��ر� ،أن يجعلوك في م�شاكل دائمة هنا وهناك. اب َو اَل وا ِ هلل ال يريدون لك الخير } َّما َي َو ُّد ا َّل ِذينَ َك َف ُروا ِم ْن �أَ ْه ِل ا ْل ِك َت ِ ال ُْم ْ�ش ِ��ركِينَ �أَن ُي َن��ز ََّل َع َل ْي ُكم ِّم ْن َخ ْي ٍر ِّمن َّر ِّب ُك ْم{(البق�رة )105:ال يودون لك �أي خير ،هم ي�ستغلونك فح�سب (.يوم القدس العالمي 1438هـ)
***
59
األمة فقدت العزة واملََن َعة يف مراحل حساسة جتاه أعدائها الأم ��ة فق ��دت الع ��زة وال َم َن َع ��ة ف ��ي مراح ��ل ح�سا�س ��ة تج ��اه �أعدائه ��ا، و�أ�صبح ��ت مطمع� �اً وم�سرح� �اً مفتوح� �اً تتداع ��ى عليه ��ا الأم ��م م ��ن �شتى الأقط ��ار ،و َتحق ��ق في واقعها ما قاله النبي -صلى اهلل عليه وعلى آله وس ��لم حينما قال« - :يو�ش��ك �أن تتداعى عليكم الأمم ،كما تتداعى الأَ َك َل ُةعلى ق�صعتها» ،تتداعى عليكم الأمم بدون خوف منكم وال قلق ،تتداعى عليك ��م الأمم باعتبارك ��م �أ�صبحتم مطمعاً ومغنماً وم�أكلة وثروة ،فت�أتي الأم ��م م ��ن هن ��ا وهن ��اك ،م ��ن �أمري ��كا ،م ��ن �أوروب ��ا ،م ��ن �سائ ��ر الأقطار متداعية ،يدعو بع�ضها بع�ضاً ،يتحالفون وي�أتون �إليكم م�ستعبدين لكم، م�ستعمرين لكم ،محتلين لأر�ضكم ،ناهبين لثرواتكم� ،آكلين لخيراتكم. «يو�ش��ك �أن تتداع��ى عليك��م الأم��م كم��ا تتداع��ى الأكل��ة عل��ى ق�ص��عتها» ،قال ��وا� :أَمِ نْ ِق َّل ��ة يا ر�سول اهلل نحن يومئ ��ذ؟ يعني� :سنكون
ِق َّل ��ة قليل ��ة� ،أم ��ة �صغي ��رة تطم ��ع به ��ا الأم ��م الأخ ��رى ،ويتداع ��ى عليها الأع ��داء م ��ن كل ح� �دَب و�صوب؟ ق ��ال�« :أنتم يومئذ كثي��ر ،ولكن غثاء كغثاء ال�س��يلُ ،ينزع ال َوهَ ن من قلوب �أعدائكم ،ويلقى في قلوبكم» �أمة �أ�صيب ��ت بالوه ��ن ،ولذل ��ك فه ��ذه الأمة التي ه ��ي اليوم �أكث ��ر من مليار و�ستمائ ��ة ملي ��ون ح�سب التقديرات ،ولكنه ��ا ال تمثل �شيئاً مقارنة ب�ستة ماليي ��ن �صهيون ��ي يه ��ودي عل ��ى �أر� ��ض فل�سطين .ه ��ذه الأم ��ة �أ�صيبت بال َوه َِن� ،أ�صي َبت بالحيرة ،بانعدام الوعي ،فحدث فيها ما حدث ،وكيف �أ�صيبت بالوهن؟ كيف انه َّد ُر ْك ُن هذه الأمة وبنيانها الكبير؟ هذه الأمة لم تكن هكذا من البداية �أمة مفرقة ،مقطعة الأو�صال، م�شتت ��ة ،ال وع ��ي لديها ،ال كيان م�ستحكِم وقوي لها ،فلماذا �صارت على 60
ه ��ذا النحو؟ ل ��م تكن هكذا ،لي�س هذا قدراً �أعم ��ى �أ�صيبت به ،وال واقعاً �صارت �إليه بدون �أ�سباب! ال. ه ��ذه الأم ��ة له ��ا تاريخها ال ��ذي كانت في ��ه �أكبر الأمم عل ��ى الأر�ض، وكان ��ت له ��ا -عل ��ى م ��دى �أكث ��ر من �أل ��ف ع ��ام -الفر�ص ��ة لأن تكون هي الأم ��ة الأكب ��ر ف ��ي الأر� ��ض ،والأق ��در ف ��ي العال ��م ،والأكث ��ر فاعلية بين �أو�س ��اط الب�شري ��ة� ،أم ��ة كان ب�إمكانها -بحكم منهجه ��ا ،بحكم مبادئها، بحك ��م ِق َيمه ��ا ،بحكم الم�ش ��روع الحقيقي ،ال ��ذي ينبثق م ��ن قر�آنها ،لو انطلق ��ت عل ��ى �أ�سا�س ��ه ،لو تحركت به ،ل ��و تم�سكت به ،ل ��و ا�ستب�صرت به �أن تك ��ون ه ��ي �أهدى الأمم ،و�أزكى الأمم ،و�أرقى الأمم ،و�أعظم الأمم،و�أمن ��ع الأم ��م ،و�أع ��ز الأمم ،و�أك ��رم الأمم ،وخي ��ر الأم ��م ،و�أن تكون هي الأم ��ة ال ُم ْ�صل َِح ��ة في الأر� ��ض ،التي ت�ص ��ل ِ -ب ُنور الق ��ر�آن ،وب�صالحها، وخيره ��ا � -إلى �شتى �أقطار الأر�ض� ،أن ت�صل بعدلها ،ب ِق َيمها ،ب�أخالقها لو تم�سكت بها � -إلى �ش َّتى �أقطار الأ َر�ض.لم ��اذا انه� �دَّت ه ��ذه الأم ��ة على ه ��ذا النحو؟ لم ��اذا تفرق ��ت �إلى هذا الم�ست ��وى؟ لماذا َ�ض ُع َفت ووهنت �إلى �أن طمع بها كل الأعداء ،وتكالبت عليها الأمم الأخرى؟ هذا �س�ؤال كبير و ُمهِم. الأم ��ة ه ��ذه تعاقب ��ت فيه ��ا �إمبراطوري ��ات� ،إمبراطوري ��ات ب�أكمله ��ا، بن ��و �أمي ��ة �ش َّكلوا �إمبراطورية كبرى عل ��ى �أنقا�ض الخالفة الإ�سالمية، وبدي�ل ً�ا ع ��ن الخالف ��ة الإ�سالمي ��ة ،بعد الإم ��ام علي (عليه الس�ل�ام) ماذا عمل بنو �أمية بعد الخالفة الرا�شدة للإمام علي (عليه السالم) والحكم الإ�سالم ��ي القائ ��م على العدل ،وعلى الحق ،وعل ��ى الخير ،وعلى تربية الأمة التربية ال�صالحة ،تربية ال ِق َيم ،تربية الأخالق ،تربية المبادئ؟ ت�آم ��روا عل ��ى الإم ��ام علي (عليه الس�ل�ام) قتل ��وه ،ا�ست�شهد -عليه الس�ل�ام - 61
واغتال ��وا مع ��ه ه ��ذا الم�ش ��روع العظي ��م ،ال ��ذي يمث ��ل البن ��اء الحقيق ��ي المتما�س ��ك ال�صل ��ب للأم ��ة .ولك ��ن حينما فقدت ��ه الأمة فق ��دت قوتها، عزته ��ا الحقيقي ��ة ،التي كان يمكن لها �أن ُت�ستدام� ،أن تدوم ،و�أن ت�ستمر، تح� � َّول الواق ��ع �إلى �أن �أتى بنو �أمية فبن ��وا �إمبراطورية ،لكنهم لم يبنوا الأم ��ة ،بن ��وا �إمبراطوري ��ة لأنف�سه ��م هم ،بن ��وا حكماً ودول ��ة قوية ،لكن قوته ��ا لم تكن ق ��وة للأمة ،ولم َت ْب ِن قوة ذاتية في الأمة ،ولهذا ق ِّو�ضت وانهارت. �أت ��ى بعدهم العبا�سيون ،فعل ��وا نف�س ال�شيء ،ثم في الأخير تق َّو�ضت حكومته ��م ،دولتهم ،و�سقطت� .أتى بعدهم المماليك ،ودول �أخرى� ،أتى في النهاية العثمانيون. ف ��ي مراح ��ل تاري ��خ الأم ��ة؛ كانت هن ��اك الكثي ��ر من ال�ضرب ��ات التي تل َّقته ��ا الأم ��ة ،ول ��م ت�ستفد منه ��ا لمراجع ��ة ذاتية واقعي ��ة هادفة؛ بغية معالج ��ة ه ��ذه الم�شكلة ف ��ي واقع الأمة� ،ضرب ��ات كبيرة على ي ��د ال َّتتار والمغ ��ول ،ث ��م على ي ��د ال�صليبيين ف ��ي الحروب ال�صليبي ��ة ،وفي نهاية المط ��اف :اال�ستعم ��ار البريطاني والفرن�س ��ي والأوروبي في الأمة� .أتى ف ��ي نهاي ��ة المط ��اف :الأمريكي ��ون ،والإ�سرائيلي ��ون كذل ��ك ،والأمة قد و�صل ��ت �إل ��ى و�ضعية بئي�س ��ة جداً� ،سيئ ��ة للغاية ،تبع ��ات و�إرث ثقيل من ال َو َه ��ن ،تراكمات كبيرة من الم�ش ��اكل ،خلل يتلوه خلل ،يت�ضاعف عليه الكثي ��ر والكثي ��ر م ��ن الخل ��ل المتتاب ��ع؛ �أ َّث ��ر عل ��ى الأمة�ُ ،ضرب ��ت الأمة �ضرب ��ات كبيرة جداً في :وعيها ،في مبادئها ،في ِق َيمها ،في كيانها ،بما يق� � ِّوم ه ��ذا الكيان ،بم ��ا يبني هذا الكي ��ان ،بما يتما�سك به ه ��ذا الكيان؛ فو�صل الواقع �إلى ما و�صل �إليه. �ضاع ��ت ِق َي ��م كبيرة :العزة ،الكرامة ،الوح ��دة ،العدالة ،الفاعلية في 62
الأم ��ة فقدته ��ا الأم ��ة؛ فو�صل الحال �إل ��ى ما و�صل �إلي ��ه ،و�أ�صبح فريق كبي ��ر م ��ن داخل الأم ��ة -نتيجة ما و�صل �إليه الواق ��ع ،واقع رديء جداً، فري ��ق كبي ��ر من داخ ��ل الأمة �أ�صب ��ح -يتحرك ب�شكل مبا�ش ��ر �إلى �صف �أعداء الأمة ،يت�آمر على الأمة من داخل الأمة ،ي�ضرب الأمة من داخل الأمة ،يعمل لتنفيذ كل م�ؤامرات �أعداء الأمة ،ومن داخل الأمة. اليوم أصبحت الروابط بني بعض األنظمة العربية ،وبني الكيان اإلسرائيلي مكشوفة الي ��وم �أ�صبح ��ت الرواب ��ط بي ��ن بع� ��ض الأنظم ��ة العربي ��ة ،وبي ��ن الإ�سرائيل ��ي مك�شوف ��ة ،وعالنية ،هذا ما كان ��وا يتحا�شونه في الما�ضي، والي ��وم ل ��م يعودوا يتحا�شون من ذلك؛ ِق َّلة حي ��اء زائدة� ،أ�صبحت اليوم الأمور مك�شوفة وبالعلن :العالقة مع �إ�سرائيل ،التحالف مع �إ�سرائيل، الرواب ��ط اال�ستخباراتية الع�سكرية الأمني ��ة االقت�صادية ال�سيا�سية مع �إ�سرائيل بالعلن ،وبو�ضوح. ه ��ذه الحال ��ة ال�سلبي ��ة ج ��داً -م ��ن االرت ��داد ال ِق َيمِ ��ي ،والأخالق ��ي، والمبدئ ��ي ،ف ��ي واق ��ع بع� ��ض الأنظمة -ه ��ي ت�شهد على �ض ��رورة الدور ال�شعب ��ي ،وعل ��ى �أن ��ه �أ�صبح ه ��و الخيار النهائ ��ي للأمة ،لم يع ��د ب�إمكان ال�شع ��وب �أن تراه ��ن عل ��ى الأنظم ��ة؛ لأن الق�ضي ��ة �أكب ��ر م ��ن م�ست ��وى الأنظم ��ة ،حت ��ى لو �أخل�ص ��ت و�صدقت ووف ��ت واتجهت ،الب ��د من الدور ال�شعب ��ي �إل ��ى جانب الدور الر�سمي ،فما بالك حي ��ن ما يغلب على �أكثر الأنظم ��ة :الإهم ��ال ،وعل ��ى بع�ضه ��ا :االرته ��ان ،والعمال ��ة ،والتحال ��ف، والتعاون مع العدو الإ�سرائيلي ،واالن�ضمام �إلى �صف الإ�سرائيلي. توجه ف ��ي مقاب ��ل ذلك -وه ��ذا وا�ضح من �آخر ما ح�ص ��ل � -أن هناك ُّ 63
لإب ��راز دور قي ��ادي لل�صهيون ��ي ،يعن ��ي� :أن البع� ��ض �أ�صبح ��وا قابلين �أن ين�ض ��ووا تح ��ت ل ��واء الإ�سرائيلي؛ ليك ��ون في موق ��ع الري ��ادة والقيادة، ليكون لهم الدور الأبرز. األمريكي واإلسرائيلي َّ وظف من داخل األمة بعض األنظمة ،وبعض ذيوهلا الأمريكي والإ�سرائيلي َّ وظف من داخل الأمة بع�ض الأنظمة وبع�ض ذيوله ��ا لأن تواجه �أي تحرك يهدف لإيق ��اظ الأمة ،وا�ستنها�ض الأمة، وتحري ��ك الأمة ،هذا ما حر�ص عليه الأمريكي والإ�سرائيلي ،وللأ�سف م ��ن داخ ��ل الأمة �أنظمة عربية .وهن ��اك � -أي�ضاً داخل ال�شعوب كذلك - مكونات تتحرك في ذات االتجاه. �أي تح ��رك نه�ض ��وي ،ا�ستقالل ��ي ،حر ،داع ��م للق�ضي ��ة الفل�سطينية، مع ��اد لإ�سرائي ��ل ،مناه� ��ض للهيمن ��ة الأمريكي ��ة ،يواجه بق�س ��وة بالغة، وب�شدة كبيرة من تلك الأنظمة ،وتلك المكونات الواقفة معها في نف�س ال�صف ،يعادى و ُي�ستهدف. لقد تحركوا في ثالثة م�سارات
-1عمل ��وا عل ��ى تعطي ��ل �أي تح ��رك في الأم ��ة� ،أي تح� � ُّرك نه�ضوي وا ٍع وفاعل في �أو�ساط الأمة ،ال يريدون �أن يتحرك �أحد� ،ضد �إ�سرائيل لي� ��س م ��ن الم�سم ��وح لأح ��د -من جانبه ��م � -أن يتح ��رك� ،أي �صوت يري ��دون �أن يخر�س ��وه� ،أي خط ��وات عملي ��ة يت�ص ��دون له ��ا؛ لأنه ��م �سع ��وا �إل ��ى التعطيل ف ��ي داخل الأمة ،لكل الأن�شط ��ة� ،أو الأعمال� ،أو �أي تح ��رك ناهِ � ��ض على �أ�سا�س م ��ن الم�س�ؤولية والوع ��ي ،قائم على 64
�أ�سا� ��س من الم�س�ؤولية والوعي ،منطلق على �أ�سا�س من الم�س�ؤولية والوعي .يريدون للجميع �أن ي�صمتوا� ،أن ي�سكتوا� ،أن يتخاذلوا. عملي ��ة التعطي ��ل ه ��ذه فعلوا فيه ��ا ال�ش ��يء الكثير ،وغ َّيب ��وا الق�ضية الفل�سطيني ��ة ،والخط ��ر الإ�سرائيل ��ي ،والخط ��ر عل ��ى المقد�سات ،وعلى الأق�ص ��ى ال�شري ��ف ،غيب ��وه �إل ��ى ح ��د كبي ��ر م ��ن المناه ��ج الدرا�سية في المدار� ��س والجامع ��ات ،وغيب ��وه م ��ن الإع�ل�ام تماماً ،و�أ�صب ��ح التعاطي الإعالم ��ي مع ��ه تعاطياً روتيني� �اً ،ولي�س هادف� �اً ،وال فع ��ا ًال ،وال محركاً, غيب ��وه م ��ن كل ذل ��ك ،ه َّم�ش ��وا الق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة ،ق َّزم ��وا الخط ��ر الإ�سرائيلي ،وا�شتغلوا لتعطيل �أي تحرك في داخل الأمة. -2اتجه ��وا بع ��د ذل ��ك ف ��ي م�س ��ار �آخ ��ر ،ه ��و :م�س ��ار التطبي ��ع ،وتقديم �إ�سرائيل على �أنها �صديق ،و�أن الخيار معه هو :ال�سالم ،و�أن الخيار مع ��ه هو :ال�صداق ��ة ،العالقات العادية� ،أنه كيان مقبول ،مرحب به في داخل الأمة� ،شريك للأمة في ق�ضاياها و�أمورها و�ش�ؤونها. اليوم ي�شترك مع بع�ض الأنظمة العربية حتى في الحروب ،ا�شترك في العدوان على اليمن ،ب�شكل �أو ب�آخر ،ب�أ�شياء كثيرة ،حتى في الغارات الجوي ��ة ،ا�شترك حتى في بيع ال�س�ل�اح ،ا�شترك حتى في ت�شغيل خبراء من ��ه م ��ع النظ ��ام ال�سع ��ودي ،ا�شت ��رك ف ��ي �أ�شي ��اء كثي ��رة ،وي�شت ��رك ف ��ي الت�آم ��ر مع �أنظمة عربية على قوى المقاومة ،لقد �صار �صديقاً �شريكاً مقب ��و ًال ب ��ه ،ومب ��ادرات ال�سالم ُتقدم عل ��ى هذا الأ�سا�س ،عل ��ى �أ�سا�س �أن �إ�سرائي ��ل �صدي ��ق ،و�أن يقبل ب ��ه ،و�أنه كيان طبيعي ،حال ��ه حال �أي دولة في المنطقة ،فقط االتفاق معه على وقف الم�شاكل. -3التحال ��ف م ��ع �إ�سرائيل �ض ��د من يع ��ادي �إ�سرائيل ،وباعتب ��اره عدواً م�شتركاً. 65
القضية الفلسطينية هي قضيتنا ومسؤوليتنا وترتبط بها ّ عزة وكرامة األمة ه ��ذه الق�ضي ��ة الت ��ي نن ��ادي به ��ا ه ��ي ق�ضيتن ��ا ،ه ��ي م�س�ؤوليتنا ،هي ق�ضي ��ة ترتب ��ط به ��ا ع� � ّزة الأم ��ة ،وكرام ��ة الأم ��ة ،ال�شع ��ب الفل�سطين ��ي ه ��و ج ��زء م ��ن الأمة بكله ��ا ،ما يلح ��ق به من ظل ��م ،من قت ��ل ،من هتك للعر� ��ض ،م ��ن �إ�ساءة ،م ��ن كل �أ�شكال اال�ضطهاد ،هو تح ��دٍ للأمة بكلها، وه ��و �أي�ض� �اً امتهان للأم ��ة بكلها ،وجناي� � ٌة عليها ب�أجمعه ��ا ،و� ٌ ٌ إذالل لها، وه ��و �أي�ضاً تجاو ٌز ال�ستقاللها حين فقد ال�شعب الفل�سطيني ا�ستقالله ف ��ي فل�سطي ��ن ف� ��إن ذلك كله انتقا� � ٌ�ص ال�ستقالل كل �شع ��بٍ م�سلم ،وكل بل ��دٍ عرب ��ي ،وه ��و �أي�ض� �اً يم ِّث ��ل خط ��راً عل ��ى الوج ��ود الح�ض ��اري للأمة بكله ��ا ،ففي �سبيل �أن تبق ��ى �إ�سرائيل في موقع الهيمنة والقوة تحر�ص �أمري ��كا عل ��ى �أن يبقى العرب هم تح ��ت �إ�سرائيل دائم� �اً ،تحت هيمنتها، تح ��ت �سيطرته ��ا ،ف ��ي موق ��ع ال�ضع ��ف ،وفي موق ��ع العجز ،وف ��ي موقع اال�ست�سالم. كلما تأخرت األمة جتاه هذه القضية يعظم الضرر، ويتفاقم اخلطر �إن ��ه كلم ��ا ت�أخرت الأمة عن القي ��ام بم�س�ؤوليتها تج ��اه هذه الق�ضية يعظم ال�ضرر ،ويتفاقم الخطر ،وتف�سح المجال وتعطي الفر�صة للعدو لتحقي ��ق تق ��د ٍم كبي ��ر في �ضرب الأم ��ة ،ونجاح م�ؤامرات ��ه التي ت�ؤخرها �إل ��ى ال ��وراء �أكث ��ر ف�أكث ��ر ،وتزيده ��ا �ضعف� �اً وعج ��زاً ،وت�ص ّع ��ب عليها �أي مواقف م�ستقبلية ،بما قد �صنعه العدو من عراقيل وعوائق ،م�ستفيداً 66
م ��ن جم ��ود الأمة وغفلتها� ،إذ هي ُت�سته ��دف وال َت�ستهدف ،و ُت�ضرب وال َت�ضرب ،وبالتالي تتاح له الفر�صة لإغراق الأمة من م�شكل ٍة �إلى م�شكلة، ومن مع�ضل ٍة �إلى مع�ضلة ،ومن م�ؤامر ٍة �إلى �أخرى. وه ��ذه الأم ��ة الت ��ي �أراد لها ربه ��ا ،وفر�ض عليه ��ا في دينه ��ا �أن تكون ر�ضى هلل ،وم ��ا هو في �إطار الأم ��ة الت ��ي ت�سارع وت�سابق ف ��ي �إطار ما هو ً م�س�ؤوليته ��ا ،ال يلي ��ق به ��ا �أن تت�أخ ��ر وال �أن تتثاق ��ل ،وال �أن تتن�ص ��ل عن الم�س�ؤولي ��ة ،فيم ��ا الع ��دو يتح ��رك وال يتوقف �أب ��داً ،ويحر� ��ص على �أن ي�أخ ��ذ دائم� �اً بزم ��ام المب ��ادرة ،ويعم ��ل با�ستم ��رار كي ��داً ومك ��راً وغ ��دراً، وي�صن ��ع الم�ؤام ��رات ،ال ي ��ك ّل وال يم� � ّل ،يحر� ��ص دائم� �اً عل ��ى �إ�ضع ��اف الأم ��ة ليو�صله ��ا �إل ��ى درج ��ة العج ��ز ،وليفقده ��ا كل مقوم ��ات الموق ��ف ال�ّل�اّ َ زم على الم�ست ��وى المعنوي ،وعل ��ى الم�ستوى الم ��ادي ،ي�سعى بكل الو�سائل والأ�ساليب م�ستفيداً من �آلته الإعالمية ،م�ستفيداً من ت�أثيره ال�سيا�س ��ي ،م�ستفي ��داً من القوى الت ��ي تخدمه من داخ ��ل الأمة ،ي�سعى �إل ��ى �إفق ��اد الأم ��ة الإح�سا� ��س بالخط ��ر ،ي�سع ��ى �إلى ذل ��ك ،يحر�ص على �أن ال يك ��ون هن ��اك �إح�سا� ��س بخطورت ��ه ،فبالتالي يهيئ الأم ��ة للتثاقل، والتخ ��اذل ،واللاّ َ مب ��االة ،والتن�ص ��ل ع ��ن الم�س�ؤولية بكل م ��ا يمثله من خط ��ر ،ب�ش� � ِّره الذي نرى �آث ��اره و�أ�ضراره كل ي ��وم وكل ليلة مع كل ذلك يح ��اول �أن ُيفق ��د الأم ��ة الإح�سا� ��س بالخطر حت ��ى ي�ضم ��ن بقاءها قيد اال�ست�سالم ،وبعيداً عن التحرك ،وبعيداً عن القيام بالم�س�ؤولية. العدو حيرص على إفقاد هذه األمة الشعور باملسؤولية فهن ��اك ُجه ��د �سيا�س ��ي� ،أن�شط ��ة تثقيفي ��ة� ،أن�شط ��ة �إعالمي ��ة مكثفة مبا�ش ��رة وغي ��ر مبا�ش ��رة تعزز في نفو� ��س النا�س حالة الإهم ��ال ،وحالة 67
اللاّ مب ��االة ،وتفقده ��م ال�شع ��ور بالم�س�ؤولي ��ة ،وك�أنن ��ا بالن�سب ��ة لن ��ا كم�سلمي ��ن وك�شع ��وب ل�سنا معنيين بما يح�صل عل ��ى م�ستوى �شعبنا في فل�سطين ،على م�ستوى مقد�ساتنا ،على م�ستوى واقعنا بكله ،ي�سعى �إلى �إفق ��اد �أمتن ��ا الوعي ،ويعمل على ت�ضليلها وتزيي ��ف وعيها بكل الو�سائل والأ�ساليب ،الوعي بم�ؤامراته ومكائده ،الوعي تجاه المواقف الحكيمة الت ��ي ينبغي �أن تتبناها الأمة ،الوعي فيم ��ا يبني الأمة لتكون بم�ستوى الم�س�ؤولي ��ة ،يحر�ص على تزييف حالة الوعي؛ لتبقى الأمة غارق ًة في الظ�ل�ام متحي ��رة تج ��اه الأح ��داث والم�ستج ��دات ،يحر� ��ص كذلك على تفري ��ق الأم ��ة ،وتغذية ال�صراع والنزاعات داخله ��ا تحت عناوين كثيرة، منها �سيا�سية ومنها غير �سيا�سية ،و�أبرزها الفتنة الطائفية التي يعتمد ف ��ي �إثارته ��ا عل ��ى التكفيريين المتحالفي ��ن معه ،والذي ��ن ال ينطلقون فيم ��ا ينطلق ��ون فيه من �إثار ٍة للفتن ،ومن خل ��قٍ للنزاعات ،ومن �إغراقٍ للأم ��ة ف ��ي الم�ش ��اكل ،ال بدافع الحر� ��ص على مذه ��ب ،وال بدافع حتى الع�صبي ��ة لطائف ��ة ،و�إنم ��ا هم بداف ��ع الت�آمر عل ��ى �أبناء الأم ��ة ،وبدافع الكيد لهذه الأمة ،وبدافع تنفيذ م�ؤامرات وم�شاريع ومخططات تخدم العدو الإ�سرائيلي والأمريكي بالدرجة الأولى. يعمل على ترويض األمة على الصمت والسكوت يحر� ��ص الع ��دو فيم ��ا يفع ��ل وفيم ��ا يت�آمر وفيم ��ا يتح ��رك فيه على تروي� ��ض الأم ��ة ،على التغا�ضي عن خطوات خطي ��رة ،ير ِّو�ض النا�س �أن ي�سكت ��وا ع ��ن �شيء ث ��م يرو�ضهم �إل ��ى ال�سكوت ع ��ن ما هو �أ�س ��و�أ .وهكذا يحر� ��ص على تروي�ض النا�س عل ��ى التغا�ضي عن خطوات خطيرة حتى تك ��ون مهي� ��أ ًة للتغا�ضي عن ما ه ��و �أ�سو�أ ،ونرى الأق�ص ��ى الآن في خطر 68
�أكب ��ر م ��ن �أي وقت م�ض ��ى ،الحفريات تح ��ت الم�سجد الأق�ص ��ى تمهيداً لهدم ��ه ،و�إنما بانتظ ��ار الظروف المهي�أة التي تك ��ون الأمة فيها مهي�أة، ويكون العدو الإ�سرائيلي مطمئناً من ردة الفعل التي يخ�شاها ،التهويد تو�س ��ع اال�ستيط ��ان ،كل ه ��ذا ف ��ي ظ ��ل تخ ��اذلٍ عربي لمدين ��ة القد� ��سّ ، متزاي ��د! و�صم ��تٍ كبي ��ر! فم ��ا ال ��ذي تنتظره الأم ��ة؟ يج ��ب �أن تتحرك ال�شع ��وب و�أن ال تنتظ ��ر للأنظمة ،ال تنتظر عل ��ى الم�ستوى الر�سمي �أن يك ��ون هناك تح ��رك بال�شكل المطلوب ،حتى ل ��و كان هناك �صدق نوايا ل ��دى الحكوم ��ات ال غنى عن دور ال�شعوب ،ولل�شع ��وب الحق �أن تتحرك لأنها م�س�ؤوليتها ،وهي �أي�ضاً المت�ضررة من هذا الخطر ،على ال�شعوب �أن تتح ��رك ،و�أن ت�صن ��ع هي الموقف ،و�أن تتخذ هي القرار ،و�أن تفر�ض التوج ��ه حتى عل ��ى حكوماتها� ،أو ت�صنع حكومات له ��ا ،تتبنى ق�ضاياها، وتدفع الخطر عنها ،ولي�س حكومات ل�صالح �أعدائها تنفذ مخططاتهم وتتبنى م�ؤامراتهم ،ومكائدهم. الدور األمريكي قدم خدمة كبرية إلسرائيل �سلبي كبي ��ر ،وقدّم خدم� � ًة كبير ًة ال ��دور الأمريك ��ي �أي�ض� �اً ل ��ه ت�أثي� � ٌر ٌ لإ�سرائيل ،وهما وجهان لعمل ٍة واحدة ،والذي يرتبط ب�أمريكا بالنتيجة يتغي ��ر موقف ��ه ل�صالح �إ�سرائيل �إلى حدٍ كبير ،وكلنا يعلم ما تركه الأثر الأمريكي في واقع �شعوبنا نتيجة ارتباط الحكومات والأنظمة ،ثم كثي ٌر من القوى ال�سيا�سية داخل ال�شعوب نف�سها بهذا االرتباط بالأمريكيين لعبت دوراً �سلبياً في تخذيل ال�شعوب وتجميدها ،و�إبعادها عن االهتمام بق�ضيتها الكبرى ت�ص ُّنعاً لأمريكا وا�ستر�ضا ًء لها.
69
التوجه الصحيح اخلروج يف يوم القدس هو املوقف الذي ميثل ُّ ألبناء األمة �إن م ��ن فوائد ه ��ذه المنا�سبة في مواجهة ذلك كل ��ه� ،إحياء الق�ضية ف ��ي وجدان الأم ��ة ،لمواجهة كل الم�ساعي لإن�س ��اء النا�س هذه الق�ضية الرئي�سي ��ة والمهمة� ،إن من فوائد ه ��ذه المنا�سبة الخروج الكبير الذي يعب ��ر ع ��ن ارتباط الأمة الم�ستمر وا�ستعداده ��ا للتحرك ،في هذا اليوم يخرج الماليين من �أفواج �شعوبنا الم�سلمة ،و�أمتنا العزيزة ،يخرجون التوج ��ه ب�ص ��وتٍ واح ��د ،ف ��ي موق � ٍ�ف واح ��د ،ه ��و الموق ��ف ال ��ذي يمث ��ل ُّ ال�صحي ��ح لأبن ��اء الأمة ،هو الموق ��ف الذي يعبر عن هم ��وم هذه الأمة، ع ��ن وحدة ه ��ذه الأمة ،عن الق�ضية الأ�سا�سية لهذه الأمة ،هذا الخروج المليون ��ي ف ��ي ع ��دد كبير م ��ن �شع ��وب �أمتن ��ا الإ�سالمية ل ��ه �أهميته ،له دوره الكبي ��ر في تغيير الواقع وفي الحفاظ على هذه الق�ضية المهمة، كذلك يح�سب له الأعداء �ألف ح�ساب ،وبالت�أكيد ال يرتاحون له �أبداً. هل تنتهي املسألة يف اخلروج فقط؟ �إ َّن م ّم ��ا يج ��ب �أن نر�سخ ��ه في �أنف�سن ��ا جميعاً في هذا الي ��وم �أ َّن هذه الق�ضي ��ة الكبي ��رة ،وه ��ذا ال�ص ��راع الرئي�س ��ي والمهم والكبي ��ر مع قوى اال�ستكب ��ار ،وف ��ي طليعته ��ا �إ�سرائيل و�أمري ��كا �أنه يج ��ب �أن ترتبط هذه عملي �شامل ،هذا الخروج مهم؛ لكن ال تنتهي الم�س�ألة الق�ضية بم�سا ٍر ٍّ بانته ��اء ه ��ذا الي ��وم ،وال باالنتهاء من هذه المظاه ��رات ،وهذا التحرك ال�شعبي الكبير .ال.
70
ال بد أن نهتم بعدة أمور عملي �شام ��ل ،حتى ت�صبح توجهاً -1يج ��ب �أن ترتب ��ط الم�س�ألة بم�سا ٍر ٍ يتج ��ه �إلي ��ه الجمي ��ع ،و�أ�سا�س� �اً تبن ��ى علي ��ه ال�سيا�سات ،وتبن ��ى عليه المواق ��ف ،ويبن ��ى علي ��ه وعلى �أ�سا�س ��ه واقع الأمة بكله ��ا ،حتى على الم�ستوى االقت�صادي ،وحتى على الم�ستوى العلمي وفي كل �ش�ؤون الأمة ،وهذا هو لم�صلحة الأمةّ � ،إن وجود تحدٍ كبير بهذا الم�ستوى يمك ��ن �أن يمث ��ل حاف ��زاً مهم� �اً ف ��ي بن ��اء الأمة لك ��ي تك ��ون بم�ستوى الم�س�ؤولي ��ة ،وبم�ستوى مواجهة هذه التحديات ،هذا الخطر الذي يتج ��اوز بقع ��ة فل�سطي ��ن التي هي عزي ��زة وغالي ��ة ومقد�سة ،وبارك اهلل فيه ��ا وفيم ��ا حولها ،يتجاوزها �إلى كل العال ��م الإ�سالمي ،و�إلى كل المنطق ��ة العربي ��ة ،ونح ��ن كلن ��ا نعل ��م م ��ا تعمل ��ه �إ�سرائيل على جلي م�ست ��وى المنطق ��ة بكلها ،ب�شكلٍ مبا�ش ��رٍ وغير مبا�ش ��ر ،ب�شكلٍ ٍّ وب�شكل خفي ،وما عملته في ال�سودان ،وما عملته في �سوريا ،وهكذا تح ��اول �أن تجعل المنطق ��ة بكلها تحت رحمتها وتحت هيمنتها ،بل تحاول �أن تجعل ال�شعوب العربية والإ�سالمية كلها تحت �أقدامها. لذلك مثلما يتحرك العدو يجب �أن تتحرك الأمة في كل االتجاهات، �أو ًال على م�ستوى الدعم المعنوي والمادي للمقاومة في فل�سطين وفي لبنان مع الحر�ص والعمل وال�سعي لأن يكون هناك توا�صل مبا�شر بين ال�شع ��وب نف�سه ��ا ،م ��ا بين ال�شع ��وب وما بي ��ن المقاومة؛ حت ��ى ال ت�سمح ال�شعوب با�ستمرار حالة العزل والح�صار ومحاولة فر�ض القطيعة ،ما بين �شعوب المنطقة وما بين ال�شعب الفل�سطيني ومقاومته ،والمقاومة ف ��ي لبنان التي �ألحقت بالع ��دو الإ�سرائيلي �أكبر هزيمة ،وقدَّمت �أعظم در� � ٍ�س للأم ��ة �أعاد لها الأم ��ل ،و�أعاد لها الثقة باهلل ونف�سه ��ا� ،إنه حينما 71
يتحق ��ق لل�شع ��وب نف�سها التوا�ص ��ل المبا�شر ،والدع ��م المبا�شر لل�شعب الفل�سطيني المظلوم ولمقاومته ،وللمقاومة في لبنان يمكن �أن تتغير الأمور �إلى حدٍ كبير. -2العم ��ل عل ��ى تعزيز الم�س�ؤولية لدى الجمي ��ع ،كل فر ٍد م ّنا في مقام التكلي ��ف ،علي ��ه �أن ي�ست�شع ��ر م�سئوليته �أنه يتحم ��ل م�سئولية تجاه مقد�ساته ،تجاه �إخوته و�شعبه في فل�سطين ،تجاه �أمته ،تجاه خطر يط ��ال �ض ��رره الجميع بال ا�ستثناء ،ال يتوقعنّ �أح ��د� ،أو يظننّ �أحد، �أو يتوهمنّ �أحد �أنه بمعزل عن ما يجري من نتائج �سلبية ،و�أ�ضرار ومخاطر على �أمته من حوله ،كلما تعزز ال�شعور بالم�س�ؤولية لدى الجمي ��ع كلم ��ا دف ��ع الجمي ��ع للتح ��رك ،وك ّلم ��ا انطل ��ق الجمي ��ع في الموق ��ف الم�س�ؤول الذي يترتب علي ��ه الن�صر من اهلل والت�أييد من اهلل وتغيير الواقع ،وللأمة قوتها وطاقتها ولها مقومات الموقف، المقوم ��ات المعنوي ��ة والمادية كله ��ا متوفرة� ،إنما يج ��ب �أن تلتفت الأمة �إليها ،و�أن تهتم بها ،و�أن تعمل على تنميتها. ال ت�ص ��دق الأم ��ة كل الذي ��ن يحاول ��ون �أن يع ��ززوا فيه ��ا الي�أ� ��س و�أن ير�سخ ��وا فيه ��ا حال ��ة الإحب ��اط ،و�أن يدفعوه ��ا �إلى اال�ست�س�ل�ام ،الذين يعملون على �أن يقنعوا الأمة ب�أنها �ضعيفة ،وعاجزة ،ولي�س با�ستطاعتها فع ��ل �ش ��يء ،ويحاول ��ون �إفقاده ��ا الأم ��ل ب ��اهلل �سبحان ��ه وتعال ��ى� ،أمتن ��ا الإ�سالمية �أمة لديها كل المقومات التي تحتاج �إليها لي�س فقط لدفع الخطر ،بل لم�ستوى تحقيق الن�صر. � -3أي�ض� �اً م ��ن الأ�شي ��اء المهم ��ة ،االهتم ��ام بالوع ��ي ،وم ��ا �أحوجن ��ا �إلى الوع ��ي ،وم ��ا �أحوجنا �إل ��ى الب�صيرة ،وجزء كبير م ��ن اهتمام العدو، وم�ساح ��ة وا�سعة من �أن�شطته واهتمامات ��ه ت�صب في تزييف الوعي 72
ل ��دى �أمتن ��ا و�شعوبن ��ا ،لذلك نحت ��اج �إلى الوعي و�أكثر م ��ن �أي وقتٍ م�ض ��ى ،الوعي الذي ي�ساعد على �إف�شال م�ؤامرات الأعداء وك�شفها، وف�ض ��ح الحاملي ��ن لها ،والوعي الذي ي�ساعد على بناء الأمة لتكون بم�ستوى الم�س�ؤولية ،وم�ستوى المواجهة ،والوعي الذي يحدد لنا الموقف الحكيم وال�صحيح الذي يجب �أن نتبناه جميعاً. -4م ��ن �أه ��م الأ�شي ��اء التي يج ��ب �أن ننادي به ��ا في هذا الي ��وم العظيم والم�شه ��ود ،وجوب و�ضرورة العودة �إلى القر�آن الكريم ،لقد تك َّبدت الأم ��ة خ�سائ ��ر كبي ��رة :عل ��ى الم�ست ��وى الترب ��وي ،عل ��ى الم�ست ��وى المعن ��وي ،عل ��ى الم�ست ��وى العملي؛ نتيج ��ة ابتعادها ع ��ن كثي ٍر من مفاهي ��م الق ��ر�آن الكري ��م ،يجب الع ��ودة �إلى الق ��ر�آن الكري ��م ،عود ًة واعي� � ًة �صادق ًة لال�ستفادة من عطائه المعن ��وي ،وهدايته ال�شاملة، ور�ؤاه الحكيم ��ة ،ولأن ذل ��ك يحقق للأمة الع ��ودة ال�صادقة �إلى اهلل العزيز الحكيم خير النا�صرين. -5يج ��ب عل ��ى كل الأح ��رار والواعي ��ن والم�ؤمنين الذي ��ن ي�ست�شعرون الم�س�ؤولي ��ة ويعون خطورة الو�ضع �أن ال يرهنوا مواقفهم بمواقف المتخاذلي ��ن ،ال يرهن ��وا مواقفه ��م بالآخري ��ن ،ال بالمتخاذلي ��ن، وال بالمت�آمري ��ن ،ب ��ل يتحرك ��وا باالعتم ��اد عل ��ى اهلل ،والثق ��ة باهلل، و�إن م�ساعيه ��م وخطواته ��م وبالثبات والعمل وف ��ق الر�ؤى الحكيمة البن ��اءة ،وبالت ��وكل عل ��ى اهلل �سبحان ��ه وتعال ��ى �سيحالفه ��ا الن�ص ��ر والنج ��اح ،لأنها ه ��ي التي يتطلبها الواق ��ع وتفر�ضها الحاجة ،وهي الحقيق ��ة ف ��ي مقاب ��ل الزي ��ف ،وه ��ي الواق ��ع ف ��ي مقابل الوه ��م و�إن واجه ��وا ال�صعوبات والعراقيل ،فعظم ��ة الحق تكمن في �أنه ينت�صر ف ��ي مواجهة التحديات الكبيرة ،و�صدق اهلل القائلَ }:يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ �آَ َمنُوا �إِ ْن َتن ُْ�ص ُروا َ اهلل َين ُْ�ص ْر ُك ْم َو ُي َث ِّبتْ �أَ ْقدَ ا َم ُك ْم{(محمد )7:وال يبالوا 73
ب ��كل الذي ��ن تدفعهم �أمري ��كا� ،أو يندفعون هم م ��ع �أمريكا لمواجهة كل موق ��ف ،و�إ�س ��كات كل �ص ��وت ،ولتزييف الوع ��ي ،وتتويه الأمة ،ال يكترث ��وا به ��م ،وال يبالوا به ��م ،فلنوا�صل الم�شوار جميع� �اً في �إطار م�سئوليتن ��ا الت ��ي تر�ض ��ي اهلل ،وت�ش ِّرفنا ،وتبني �أمتن ��ا ،وتدفع عنها المخاطر الكبرى ،والعاقبة للمتقين. شعبنا يتجه إلحياء يوم القدس من واقع الشعور باملسؤولية �شعبن ��ا يتجه لإحياء ه ��ذه المنا�سبة من واقع ال�شع ��ور بالم�سئولية، بداف ��ع �إن�سانيت ��ه ،بداف ��ع قيم ��ه ،بداف ��ع �أخالق ��ه ،وه ��و يعب ��ر به ��ذا عن �أ�صالت ��ه ،ه ��و ينطل ��ق وه ��و يحم ��ل ذل ��ك الر�صي ��د العظي ��م م ��ن القي ��م والمب ��ادئ والأخ�ل�اق الت ��ي ال ي�ستطي ��ع الآخ ��رون �إزاحت ��ه عنه ��ا مهم ��ا عملوا ،ومهما فعلوا ،ومهما كانت جرائمهم ،ومهما بلغ عدوانهم. �شعبن ��ا اليمن ��ي في الي ��وم و�أمام ه ��ذا الع ��دوان الأمريك ��ي ال�سعودي ال ��ذي ل ��م ير َع �أي حرم ��ة ،وطا َل كل �شيء ف ��ي هذا البل ��د؛ الإن�سان بكل مق ��درات ه ��ذا الإن�س ��ان ،الأطف ��ال والن�ساء وال�صغ ��ار والكب ��ار ،ومن�ش�آت الحي ��اة والمراف ��ق الخدمية بكلها �إنما يزداد وعياً� ،إنما يزداد ثباتاً على مبادئه ،وتم�سكاً بقيمه و�أخالقه ،و�إدراكاً لم�س�ؤوليته. الم�شروع ال�سعودي التكفيري ال ينف�صل عن الم�شروع الإ�سرائيلي - وهو يعي �أي�ضاً �أ َّن كل ما يح�صل �سوا ًء من خالل هذا العدوان الذي ي�سته ��دف ه ��ذا البل ��د ب�ش ��كلٍ مبا�شر ،وم ��ن كل ما يجرى ف ��ي المنطقة بكلها ،في معظم الدول التي ت�شهد الكثير من الأحداث نتيج َة ما يقوم به التكفيريون ،الذين هم م�شرو ٌع ال ينف�صل ب�أي حال من الأحوال عن �إ�سرائيل ،وعن خدمة �إ�سرائيل ،وعن م�صلحة �إ�سرائيل. 74
التكفيري ��ون الي ��وم ف ��ي المنطقة بكله ��ا� ،سوا ًء فيم ��ا يقومون به في بلدن ��ا ،من خ�ل�ال ما تقوم به داع�ش والقاعدة و�أخواتها ،ومن خالل ما يح�ص ��ل ف ��ي بقية البلدان العربية في �سوريا ،وف ��ي لبنان ،وفي العراق، وف ��ي م�ص ��ر ،وفي تون�س وفي ليبي ��ا وفي غيرها هم والنظ ��ام ال�سعودي ال ��ذي يمث ��ل ه ��و الب� ��ؤرة الرئي�سي ��ة والأ�سا�سي ��ة لن�ش ��وء ه ��ذه التي ��ارات الإجرامي ��ة ،وه ��ذه الأدوات الإجرامية ،يمثل النظ ��ام ال�سعودي المن�ش�أ لها ،ويمثل الأب والأم ،ويمثل الم�صدر الأ�سا�سي والرئي�سي والأهم في تمويله ��ا وتحريكها وتغذيتها وتن�شئتها ون�شرها و�إيجاد البيئة والمناخ الالزم لها. أثبتت األحداث أن كل ما يقومون به هو خلدمة إسرائيل �إ َّن ما يقومون به بالت�أكيد في المنطقة بكلها� ،إنما هو في المح�صلة يخ ��دم �إ�سرائي ��ل ،ويفيد �إ�سرائي ��ل ،و�إ�سرائيل ه ��ي الم�ستفيدة بالدرجة الأولى من كل ذلك ،وبالت�أكيد من وراء �إ�سرائيل �أمريكا وغير �أمريكا؛ ولذل ��ك تتجلى مع الأح ��داث هذه الحقائق وتت�ض ��ح للجميع� ،أ�صبحت الأح ��داث بال�ش ��كل ال ��ذي يك�ش ��ف بم ��ا ال مزي ��د علي ��ه ،بال�ش ��كل الكاف ��ي ل ��كل النا� ��س ،يك�ش ��ف ه ��ذه الحقائ ��ق �أن كل م ��ا يح�صل ،كل م ��ا يقومون ب ��ه ف ��ي المنطقة يخ ��دم �إ�سرائيل حتم� �اً ،ومن جوانب كثي ��رة ،من هذه الجوان ��ب �إغراق الأمة ف ��ي م�ستنقع ال�صراعات والحروب والفتن تحت عناوي ��ن كثيرة ومتعددة ،بما يت ��رك �إ�سرائيل هناك على جنب ،ال خطر ي�ستهدفه ��ا ،وال �أح ��د يزعجها ،وال �أحد ين�شغل بها ،الكل من�شغل وغارق في ما يعانيه ،في ما يواجهه من �أخطار وتحديات وم�شاكل ،ثم برز مع 75
الأح ��داث هذه برز �إلى العلن التحال ��ف الوثيق ،والتعاون المك�شوف ما بي ��ن �إ�سرائي ��ل وما بين النظام ال�سعودي ،ما بين �إ�سرائيل وما بين تلك الجماعات التكفيرية ،وظهر ذلك جلياً في ما ح�صل في �سوريا. ما حيصل يف املنطقة مشروع جديد وراءه إسرائيل وأمريكا لذلك ن�ستطيع القول �أن كل ما يحدث في المنطقة لي�س منف�ص ً ال ب�ش ��كل من الأ�ش ��كال عن �إ�سرائيل ،و�إنما هو م�شروع جديد ،م�شروع كان وراءه بالت�أكي ��د �إ�سرائي ��ل و�أمري ��كا؛ ال�سته ��داف �شعوب ه ��ذه المنطقة، وبل ��دان هذه المنطقة ،بم ��ا ي�ساعد على �إ�شغالها و�إغراقه ��ا ،وبما �أي�ضاً ي�ساع ��د عل ��ى �إ�ضعافه ��ا ،على بعثرته ��ا ،تجزئته ��ا ،مما يمهد ف ��ي نهاية المطاف لل�سيطرة المبا�شرة عليها ب�شكل كامل وتام ونهائي. الدور السليب للنظام السعودي ميثل خطورة على املنطقة بكلها ولذلك يتجلى للجميع �أن الدور ال�سلبي الذي يلعبه النظام ال�سعودي ف ��ي ه ��ذه الم�ؤامرة بالذات ،وف ��ي تغذية وتن�شئة ودعم ه ��ذه الجماعات التكفيري ��ة وتوفير البيئة المالئمة لها ودعمه ��ا الدعم المطلق ب�شكل هائ ��ل؛ بالمال والإعالم وو�سائل الإمكان ��ات� ،أنه دو ٌر يمثل خطورة على المنطقة بكلها ،ولي�س لم�صلحة �أي بلد من البلدان في هذه المنطقة، دو ٌر ي�ض ��ر بالع ��رب جميعاً ،ب ��كل البلدان العربية ،بكل بل ��دان المنطقة، ودو ٌر يخ ��دم �إ�سرائي ��ل ب�ش ��كل مبا�ش ��ر ،وب�ش ��كل كبي ��ر ،وللأ�س ��ف النظام ال�سع ��ودي يتح ��رك ف ��ي هذا االتجاه ب ��كل �إمكانات ��ه الهائل ��ة ك�أغنى بلد عرب ��ي ،وباقت�ص ��اده الهائ ��ل ،و�إمكانيات ��ه ال�ضخم ��ة ،يتحرك ف ��ي نهاية 76
المط ��اف بم ��ا يخ ��دم الآخرين ،بم ��ا ي�ضر ب�أمت ��ه ،ب�شع ��وب منطقته وال يبالي ،متباهياً لم ي َر نف�سه كبيراً �إال في هذا. كان بإمكان النظام السعودي أن يلعب دوراً إجيابيًا يف املنطقة ل ��م ي� � َر نف�سه كبي ��راً في �أن ينطلق ب ��كل �إمكاناته في م ��ا ي�شرفه ،في القي ��م ،ف ��ي الح ��ق ،ف ��ي الع ��دل ،في الخي ��ر ،في ق�ضاي ��ا الأم ��ة الكبرى، وليناف� ��س عليه ��ا ،ليناف� ��س الآخرين ف ��ي خدمة الق�ضي ��ة الفل�سطينية، ليناف� ��س الآخري ��ن ف ��ي دعم ال�شع ��ب الفل�سطين ��ي؛ ليبرز نظام� �اً كبيراً ومهم� �اً وفاع�ل ً�ا ونافذاً ف ��ي مواجهة �إ�سرائي ��ل ،كان هذا ال ��ذي ي�شرفه، كان ه ��ذا ال ��ذي يمكن �أن يدف ��ع ال�شعوب العربية لاللتف ��اف من حوله، كان ه ��ذا ال ��ذي ه ��و �سيحقق له المكان ��ة الكبيرة عن ��د اهلل ،وعند خلقه، وبي ��ن �شع ��وب المنطقة ،لكنه �أراد �أن يكون كبي ��راً ،نافذاً ،بارزاً� ،أن يمثل العروب ��ة والإ�سالم بتطويع العروبة والع ��رب والم�سلمين تحت الحذاء الإ�سرائيلي ،وتحت الهيمنة الأمريكية ،فكان �صغيراً ،وكلما �أقحم نف�سه في هذا الدور ال�سلبي ،وكلما زاد �إمعاناً و�إيغا ًال في هذا الدور التخريبي والظالم ،والمف�سد� ،إنما ي�صغر� ،إنما ي�سوء ،هو ال يظهر كبيراً ،و�إن كان ي ��رى نف�س ��ه �أنه في هذا الدور �أن يكون تحت الراية الأمريكية ،والراية الإ�سرائيلي ��ة ،وف ��ي الم�ش ��روع الإ�سرائيل ��ي ف ��ي المنطقة ،ي ��رى لنف�سه اعتب ��اراً �أن ��ه �أ�صب ��ح يثي ��ر الفتن هنا وهن ��اك ،يرى في ه ��ذا النفوذ ،كان ب�إمكانه �أن يكون له نفوذ من نوع �آخر ،نفو ٌذ في دعم الحق والخير في دعم ال�شعوب ،والوقوف �إلى جانبها ولي�س نفوذاً في �إثارة الفتن ،و�إثارة ال�صراع ��ات ،و�إث ��ارة النزاعات ،وليجعل من نف�س ��ه متر�ساً �أمام ًّيا يحمي 77
�إ�سرائي ��ل ،ويدف ��ع عن �إ�سرائيل ،وي�شغل النا�س ع ��ن �إ�سرائيل ،ويتحالف علناً ،وبالمك�شوف مع �إ�سرائيل. مواجهة النفوذ اإليراني تربيرات زائفة لصرف األنظار عن خطر إسرائيل والتكفرييني هن ��ا يت�ضح �أن كل العناوين والتبري ��رات الزائفة التي يعلنها النظام ال�سعودي الظالم الغ�شوم هي زائفة ،زائفة وال �أ�سا�س لها �أبداً ،الم�س�ألة لي�س ��ت محاربة للنفوذ الإيران ��ي؛ لأن الذي يحدث في المنطقة لي�ست م�شكلت ��ه النف ��وذ الإيراني� ،أو ب�سبب نف ��وذ �إيراني ،الخطر في المنطقة بكله ��ا ،ال�ش ��ر في المنطقة بكلها هو �إ�سرائيل ،ومن ثم كل ما هو امتداد للخطر الإ�سرائيلي ،الخطر التكفيري لأنه امتداد للخطر الإ�سرائيلي، ولم�صلح ��ة �إ�سرائي ��ل ،وي�ساعد على تعاظم هذا الخطر؛ ولذلك عندما نت�أمل ما يح�صل في م�صر هل هناك نفوذ �إيراني في م�صر ،ال. الحكوم ��ة الم�صري ��ة ،الرئي� ��س الم�ص ��ري نف�س ��ه ،هل هو م ��ن �أدوات �إي ��ران� ،أو ل ��ه عالق ��ة ب�إي ��ران ،ال .م ��ا يح�ص ��ل ف ��ي تون�س �شاه� � ٌد وا�ضح، كاف ،م ��ا يح�صل في ليبيا �أي�ض� �اً ،كل ما يثار عن محاربة النفوذ ودلي � ٌ�ل ٍ الإيراني �إنما هو �ضجي ٌج بهدف الت�شوي�ش على هذه الحقائق ،الم�س�ألة ه ��ي ٌ فر�ض للنف ��وذ الإ�سرائيلي وللهيمنة الأمريكي ��ة بالمنطقة ،وتحت هذا ال�شعار ،وتحت هذا -العنوان ،و�إال فمن الم�ؤكد �أن �إيران لو غ َّيرت �سيا�سته ��ا ،و�صادقت �إ�سرائي ��ل ،و�صادقت �أمريكا ،وتحالفت مع �إ�سرائيل ل ��كان الو�ض ��ع مختلف� �اً معه ��ا تمام� �اً كم ��ا كان ��ت �أي ��ام ال�ش ��اه� ،أي ��ام كانت �سيا�ستها مختلف ًة عن ما بعد الثورة الإ�سالمية في �إيران. 78
تبين العداء إلسرائيل ال ُيعرب بأي حال من األحوال عن النفوذ اإليراني وم ��ن المعل ��وم �أ�سا�س� �اً �أن تبن ��ي الع ��داء لإ�سرائي ��ل ،وتنام ��ي الوع ��ي لل�شع ��وب العربي ��ة تج ��اه الخط ��ر الإ�سرائيل ��ي ال يعب ��ر ب� ��أي ح ��ال م ��ن الأح ��وال عن النفوذ الإيراني ،ه ��ذه م�س�ألة �إن�سانية ،مبدئية� ،أخالقية، قيمي ��ة ،دينية ،بكل االعتب ��ارات والمقايي�س ،يفتر� ��ض �أن نتحرك فيها، وكع ��رب بالأ�صال ��ة .و�إي ��ران تتبن ��ى �سيا�س ًة حمي ��د ًة� ،صحيح� � ًة� ،سليم ًة، مبدئي� � ًة في دعمها للق�ضية الفل�سطينية ،في وقوفها مع المقاومة في ٌ موقف فل�سطي ��ن ،وفي لبنان ،في تبنيها النهج العدائي لإ�سرائيل ،هذا �صحي ��ح ،موق � ٌ�ف مبدئ ��ي ،موق � ٌ�ف �سليم ،يفتر� ��ض عل ��ى كل الأحرار في العال ��م �أن يتبن ��وه بالأ�صال ��ة ،ولي� ��س عبارة ع ��ن تقليد لإي ��ران ،فعندما يتنامى الوعي ويح�س �أي �شعب من ال�شعوب العربية بالم�سئولية تجاه ه ��ذه الق�ضي ��ة كق�ضية تعنينا جميع� �اً ،وتعنينا بكل االعتب ��ارات من باب الم�سئولية الدينية ،والم�س�ؤولية الوطنية ،والم�س�ؤولية الإن�سانية ،من باب الأخالق والقيم ،ف�إنما هو بالأ�صالة ،لي�س عبار ًة عن امتداد لنفوذ من هنا �أو هناك ،هذا مجرد ت�ضليل. ً خدمة النظام السعودي حياول أن يضلل شعوب املنطقة إلسرائيل النظ ��ام ال�سع ��ودي يح ��اول �أن ي�ضل ��ل �شع ��وب المنطقة ،فم ��ن يتبنى الع ��داء لإ�سرائي ��ل يقول ��ون عن ��ه �إذاً �أن ��ت �إيران ��ي ،م ��ن يتبن ��ى التحرك الداع ��م للمقاوم ��ة الفل�سطيني ��ة واللبناني ��ة ف ��ي مواجه ��ة �إ�سرائي ��ل 79
يقول ��ون عن ��ه �إذاً �أن ��ت �إيراني ،في محاولة لإخرا� ��س الجميع ،ومحاولة لأن ي�صنع ��وا قوال � َ�ب جدي ��دة للق�ضاي ��ا اال�ستراتيجي ��ة ف ��ي المنطق ��ة، في�صبح التطبيع مع �إ�سرائيل والعمالة لإ�سرائيل عروب ًة ،وحفاظاً على الأمن القوم ��ي العربي ،والمناه�ضة لإ�سرائي ��ل والهيمنة الإ�سرائيلية، والت�ضام ��ن م ��ع ال�شع ��ب الفل�سطين ��ي ،والإح�سا� ��س بالم�س�ؤولي ��ة تج ��اه الأق�ص ��ى والمقد�س ��ات في فل�سطين ت�صبح �أنها م�س�ألة �إيرانية ،و�أن من يتبن ��ى هك ��ذا توجهاً يجب �أن يتجه الجمي ��ع ال�ستهدافه؛ لأنه خرج عن العروبة!. هل العروبة عبارة عن عمالة ،عن دناءة ،عن انحطاط ،عن ا�ست�سالم، ع ��ن خ�ض ��وع لإ�سرائي ��ل ،عن تماهي م ��ع الأنظم ��ة العميل ��ة لإ�سرائيل؟ نق ��ول للنظام ال�سعودي العميل :هذا الت�شوي� ��ش لن يفيدكم �شيئاً؛ لأن عمالتكم مع �إ�سرائيل مك�شوفة. أصبح النظام السعودي ،والتكفرييون صهاينة اهلوى، وإسرائيلي الوالء ّ �أ�صبحت ��م حقيق� � ًة ،نق ��ول للنظ ��ام ال�سع ��ودي ،ول�ل��أدوات التكفيري ��ة �أ�صبحت ��م �صهاين ��ة الهوى ،و�إ�سرائيلي الوالء ،ه ��ذا حالكم ،هذا �ش�أنكم، �أ�صبحتم تدعون في محاولة لأن يكون هناك عناوين �أخرى لل�صراعات، وا�ستنزاف للأمة فيها ،بد ًال عن حيث يجب �أن تتجه بو�صلة العداء من الجمي ��ع لإ�سرائيل ،ولإ�سرائيل بالدرجة الأولى ،وا�ستطاع فع ً ال الكيان الإ�سرائيل ��ي �أن ي�ؤث ��ر في دفع النظ ��ام ال�سعودي ليتبنى ه ��ذا الم�شروع، ويك ��ون عل ��ى ر�أ�س ��ه ،ث ��م يتج ��ه ف ��ي دف ��ع بقي ��ة الأنظم ��ة ،وف ��ي تحريك الأدوات التكفيري ��ة ،ف ��ي ه ��ذا االتج ��اه ،ال�سته ��داف ال�شع ��وب ،لإبعادها 80
ع ��ن �إ�سرائي ��ل تماماً ،لتحويل م�س�أل ��ة العداء لإ�سرائي ��ل ،والموقف من �إ�سرائي ��ل ،والموقف الم�س�ؤول تجاه الق�ضية الفل�سطينية ،والمقد�سات في فل�سطين ،و�أر�ض فل�سطين ،و�شعب فل�سطين م�س�ألة �إيرانية ،مع �أنه كان يفتر� ��ض �أن تك ��ون عربي ًة في المق ��ام الأول و�إ�سالمية بالت�أكيد ،ثم �إن�ساني ًة على م�ستوى �أحرار العالم �أجمع. نـجحت إسرائيل يف تطويع النظام السعودي خلدمة أهدافها لق ��د نج ��ح وتمكن الكي ��ان الإ�سرائيلي من تطويع النظ ��ام ال�سعودي لي� ��ؤدي ه ��ذا الدور ك ��دو ٍر �أ�سا�س ��ي� ،أ�صبح النظ ��ام ال�سع ��ودي يعتبر هذا الدور دوراً �أ�سا�س ًّيا بالن�سبة له ،م�شروعاً �أ�سا�س ًّيا ي�سخر فيه كل �إمكاناته، وكل قدرات ��ه ،ويتح ��رك في ��ه ب ��كل ما يق ��در ،وتمك ��ن الم� ��س ال�شيطاني الإ�سرائيلي في النظام ال�سعودي في �أن نرى هذا الجنون ال�سعودي في عدوان ��ه عل ��ى اليمن� ،أن ن ��رى هذه الرعونة ،ه ��ذه الوح�شية في ارتكاب �أب�ش ��ع الجرائم ،و�أفظ ��ع الجرائم بحق ال�شعب اليمني ،العزيز ،الم�سلم، العربي ،الم� ��س ال�شيطاني الإ�سرائيلي في النظام ال�سعودي انعك�س في م ��ا يرتكب ��ه هذا النظام م ��ن جرائم ب�شعة ين ��دى لها جبي ��ن الإن�سانية، جرائم ال نظير لها في المنطقة ،ويمكن القول �أن �إ�سرائيل نجحت في �أن تدف ��ع النظ ��ام ال�سعودي لأن يفعل م ��ا هو �أ�سو�أ مما فعلت هي؛ ليبرز ف ��ي الذهني ��ة العالمي ��ة �أنه الأ�س ��و�أ� ،أنه الأكث ��ر جرم� �اً ،والأفظع جرماً، والأ�س ��و�أ جرماً ،والأطغى عدواناً ،نجح ��ت في ذلك كما نجحت في دفع كل التكفيريين على هذا الأ�سا�س.
81
التصدي للخطر التكفريي ضرورة وواقع ال مناص منه الت�ص ��دي للخط ��ر التكفيري �ضرورة وواق ��ع ال منا�ص منه ،الخطر التكفي ��ري خط ��ر ي�سته ��دف الأم ��ة ابتداء ،ه ��و يبادر وي�سته ��دف النا�س ابتداء ،ا�سته ��دف العراقيين وابتد�أهم ،ا�سته ��دف ال�سوريين وابتد�أهم، ي�ستهدف اللبنانيين ،ي�ستهدف اليمنيين ،ي�ستهدف الأتراك ،ي�ستهدف كل �شع ��وب المنطق ��ة ،حت ��ى ال�شع ��ب ف ��ي المملك ��ة العربي ��ة ال�سعودي ��ة ا�ستهدف ��ه ،ا�ستهدف ��ه التيار التكفي ��ري ،و ُن ِّفذت عدة عملي ��ات في بع�ض المدن ،وبع�ض الم�ساجد. ه ��ذا الخط ��ر التكفي ��ري هو نتاج ،ه ��و �صنيعة للعم ��ل اال�ستخباراتي الأمريكي والإ�سرائيلي مع بع�ض الأنظمة العربية� ،صنعت هذا الخطر في �أو�ساط ال�شعوب ،ا�ستهدفت به ال�شعوب ،وا�ستهدفت به وعي ال�شعوب، واهتم ��ام ال�شع ��وب ،ولذل ��ك ف ��ي �سي ��اق الت�ص ��دي للخط ��ر التكفي ��ري، والنظ ��رة �إلى الخطر التكفيري؛ يج ��ب �أن ننظر �إليه �ضمناَ ،يعني� :أنه امت ��داد للخط ��ر ال�صهيون ��ي� ،ضم ��ن الخط ��ر ال�صهيوني ،نت ��اج للخطر ال�صهيوني ،وليد للخطر ال�صهيوني ،و�أنه �أي�ضاً ُ�ش ِّغل في و�سط الأمة؛ ليكون ر�أ�س حربة للت�صدي والتعدي على كل من يتجه االتجاه الواعي في �أو�ساط الأمة ،مهما كانت حجم الم�شاكل ،والأحداث ،والم�ؤامرات، والتحدي ��ات ،والأخطار ،وكل �أ�شكال الم�ؤامرات يجب �أن ال تبعدنا ،و�أن ال ت�ستغ ��رق كل اهتمامن ��ا؛ فتغي ��ب ع ��ن ذهنيتن ��ا ،وع ��ن اهتمامنا ،وعن توجهن ��ا ،ق�ضايان ��ا الرئي�سية ،وفي مقدمتها ه ��ذه الق�ضية ،التي هي �أم الق�ضاي ��ا ،و�أكبر الق�ضايا ،و�أهم الق�ضايا :فل�سطين ،الأق�صى ال�شريف، الخطر الإ�سرائيلي ،و�أن تكون كل الم�ؤامرات مح�سوبة � -ضمناً � -ضمن هذا الم�شروع الهدَّام التدميري ل�ضرب الأمة. 82
والس َخط بشكل مستمر ضد العداء َّ جيب أن تعزز األمة روح ٍ أمريكا وإسرائيل ولذل ��ك يج ��ب �أن ُت ِ�ص ��ر الأم ��ة ،و�أن تتم�سك ال�شعوب به ��ذه الق�ضية وعياً -وما �أهم الوعي -وم�س�ؤولي ًة وتح ُّركاً عملياً على كل الم�ستويات: �إعالمياً على الم�ستوى الإعالمي ،ثقافياً على الم�ستوى الثقافي ،وفي وال�س َخط؛ المناهج المدر�سية ،والن�شاط التثقيفي ،وتعزيز روح العداء َّ لأنه ��م يري ��دون �أن يقدم ��وا الع ��دو الإ�سرائيل ��ي ك�صدي ��ق ،يج ��ب تعزيز وال�س َخ ��ط ب�ش ��كل م�ستم ��ر ،تفعي ��ل المقاطعة ف ��ي مواجهة روح الع ��داء َّ التطبي ��ع ،المقاطع ��ة عل ��ى كل الم�ستوي ��ات ،الدعم لح ��ركات المقاومة ولل�شع ��ب الفل�سطين ��ي ،و�أن تجع ��ل الأم ��ة من هذه الق�ضي ��ة الجوهرية منطلق� �اً ف ��ي ا�ستراتيجيته ��ا ،ف ��ي برامجه ��ا العملي ��ة ،ف ��ي منطلقاته ��ا وخططه ��ا العملي ��ة ،ثم التم�س ��ك بمحورية ومعياري ��ة الق�ضية؛ لتبقى هذه الق�ضية هي المعيار ..هي المعيار :من يوالى �إ�سرائيل ،ويقف في �ص ��ف �إ�سرائي ��ل ،ويط ِّبع مع �إ�سرائيل ،ه ��و المخطئ ،هو المنحرف ،من يعادي �إ�سرائيل ،ويتحرك �ضد �إ�سرائيل ،هو الم�صيب معيار حق؛ لأنها ق�ضية ُم ْج َمع على �أنها ق�ضية عادلة. الق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة مجم ��ع عليه ��ا �أنه ��ا ق�ضي ��ة عادل ��ة ،الأق�صى ال�شري ��ف كمقد� ��س ،المقد�سات ف ��ي فل�سطين ب�شكل ع ��ام ،ثم مظلومية ال�شع ��ب الفل�سطين ��ي ،واالقتط ��اع للأر� ��ض الفل�سطيني ��ة ،ق�ضية عادلة بالإجم ��اع؛ فتكون ق�ضي ��ة محورية ،وتعزيز االتج ��اه النه�ضوي للأمة، هذا �شيء مهم؛ لأن ال�صراع مع �إ�سرائيل �صراع �شامل ،ويجب �أن تتجه الأم ��ة عل ��ى نح ��و �شام ��ل؛ لتبن ��ي نف�سه ��ا عل ��ى كل الم�ستوي ��ات :علمياً، ثقافياً� ،صناعياً ،اقت�صادياً ب�شكل عام ،ثم على كل الم�ستويات. 83
و�شعبن ��ا اليمن ��ي العزيز -بحك ��م هويته ب�إيمان ��ه ب�أخالقه ب ِق َيمه - يج ��ب �أن ال يكت ��رث وال يبال ��ي بالآخرين ،الذين يحاول ��ون �أن يجعلوا م ��ن موقفه الأ�صي ��ل ،والمبدئ ��ي ،وال ِق َيمِ ي ،والأخالق ��ي ،والإن�ساني: ذنب� �اً علي ��ه� .شعبن ��ا اليمن ��ي م ��ن الطبيع ��ي �أن يك ��ون -قب ��ل غيره من ال�شع ��وب حت ��ى� ،أن يك ��ون -هو �أول �شعب ف ��ي الدنيا يع ��ادي �إ�سرائيل، ه ��ذه ق�ضي ��ة طبيعي ��ة لو ح�صل ��ت ،وع ��دا�ؤه لإ�سرائيل هو ع ��داء را�سخ، لي�س طارئاً� ،إنما تنامى �ضمن �إطار عملي� ،ضمن تحرك عملي ،وبقي ثابتاً في مرحلة حدثت فيها متغيرات لدى �آخرين ،وانحرافات لدى �آخرين. الشعب اليمين ُيقتل بالقنابل األمريكية ودعمها السياسي واملعلوماتي وم ��ن َث� � َّم ي�ستم ��ر النظ ��ام ال�سع ��ودي ف ��ي عدوان ��ه عل ��ى اليم ��ن بكل م ��ا يرتكب ��ه م ��ن جرائ ��م ب�شع ��ة ،وب ��كل تج ��ر ٍد م ��ن القي ��م الإن�ساني ��ة، والأخالقي ��ة ،والإ�سالمي ��ة بكل طغي ��ان ،بكل �سوء ،وم�ستفي ��داً بالت�أكيد من الغطاء الذي وفرته له �أمريكا� ،أمريكا في دورها الرئي�سي في هذا الع ��دوان :وجهت� ،أمرت ،و ّفرت �أي�ض ��ا كما قالت هي الدعم اللوج�ستي، وكذل ��ك الدعم المعلوماتي ،بل �إن ال�شعب اليمني اليوم يقتل بالقنابل الأمريكي ��ة ،الذي ��ن يقتل ��ون م ��ن �أبن ��اء ه ��ذا ال�شع ��ب ف ��ي الأ�س ��واق م ��ن تجمع ��ات المواطني ��ن �إنم ��ا قتل ��وا بالقناب ��ل الأمريكية ،مئ ��ات الأطفال الذي ��ن قتل ��وا في منازلهم ،وه ّدم ��ت بيوتهم عليهم� ،إنم ��ا قتلوا ودمرت منازله ��م بالقنابل الأمريكية ،النظ ��ام ال�سعودي يزداد وح�شي ًة و�إجراماً ودفع ،وح ��ثٍ ،ومباركةٍ، بغط ��اء �سيا�س ��ي وفرته ل ��ه �أمري ��كا ،وبت�شجي � ٍ�عٍ ، 84
وت�شجيع من �إ�سرائيل ،ومن العجيب �أنه يرتاح لذلك ،النظام ال�سعودي ٍ يتباهى بكل ما يفعل عندما ت�شجعه �إ�سرائيل ،وتباركه �إ�سرائيل. من أهم أسباب االستهداف لشعبنا تبنيه الفاعل والواعي للقضية الفلسطينية �إذاً هذا الدور ال�سلبي ،وهذا اال�ستهداف ل�شعبنا اليمني العزيز ،كان م ��ن �أه ��م �أ�سبابه ما ُع ��رف به �شعبن ��ا اليمني العزيز من قي ��م ،و�أخالق، ومب ��ادئ ،وم ��ن تفاعل بار ٍز ومتمي� � ٍز في �أو�ساط ال�شع ��وب العربية تجاه فل�سطي ��ن ،وتج ��اه الق�ضي ��ة الفل�سطيني ��ة ،وتج ��اه الع ��داء لإ�سرائي ��ل، حينم ��ا تنام ��ى الوعي في �أو�ساط �شعبنا اليمن ��ي ،وحينما تميز م�ستوى التفاعل في الم�سيرات ،والمظاهرات ،حتى ونحن في الذكرى ال�سنوية للع ��دوان عل ��ى غ ��زة ن�ستذكر كي ��ف خرج ال�شع ��ب اليمني �أثن ��اء العدوان عل ��ى غزة ب�ش ��كلٍ ال مثيل له في �أي بلد عربي �آخر ،ب�شكلٍ متميز ،ب�شكلٍ كبي ��ر ،وبتفاع ��لٍ كبي ��ر ،وفع ً ال �إن مئ ��ات الآالف من �أبن ��اء �شعبنا اليمني َل َي ُتو ُقون ،ويت�شوقون ،ويتمنون � ْأن لو كان بالإمكان �أن يكونوا جنباً �إلى جنب مع المقاومة في فل�سطين ،ومع المقاومة في لبنان في مواجهة مبا�شرة مع العدو الإ�سرائيلي. الشعب العربي األكثر تفاع ً ال مع القضية الفلسطينية ،هو الشعب اليمين هذا هو ال�شعب اليمني الذي ن�ستطيع القول وباطمئنان �أنه ال�شعب العرب ��ي الأكث ��ر تفاع ً ال م ��ع الق�ضي ��ة الفل�سطينية ،وت�ضامن� �اً وجدان ًّيا، و�إن�سان ًّيا و�أخالق ًّيا معها ،ولكنه على الم�ستوى المالي فقير جداً نتيج َة 85
محا َرب، �سيا�سة الإفقار ،واال�ستهداف على مدى عقود لهذا ال�شعب ،ثم َ مح ��ارب ب�ش ��كلٍ كبي ��ر ،وازدادت حِ د ُة الع ��دوان عليه ،وحِ ��د ُة اال�ستهداف ل ��ه ،ازدادت بق ��در م ��ا تنام ��ى وعي ��ه ،وازداد تفاع�ل ً�ا م ��ع ه ��ذه الق�ضي ��ة الرئي�سي ��ة ،ف ��ي الآونة الأخيرة برزت المخ ��اوف الإ�سرائيلية �إلى العلن م ��ن ال�شعب اليمن ��ي ،ومن ثورته ال�شعبية ،ومن تنامي وعيه لدرجة �أن البع� ��ض من الإ�سرائيليين �ص ّرحوا ب�أن �شعبنا اليمني �أكثر خطورة من الن ��ووي الإيران ��ي ،وهذا ما يمك ��ن �أن نقول �أنه �شاه ٌد عل ��ى �أن االنزعاج الإ�سرائيلي من تنامي الوعي في اليمن ،ومن تفاعل �شعبنا اليمني مع ق�ضايا �أمته الكبرى ،انزعا ٌج كبير� ،إن انزعاج �إ�سرائيل هو انزعا ٌج كبير؛ ولذل ��ك �سع ��ت �إ�سرائي ��ل ودفع ��ت ب�أمريكا ،واندفع ��ت هي �أمري ��كا �أي�ضاً، وكالهم ��ا دف ��ع بالنظ ��ام ال�سع ��ودي ك�أداة قذرة ،غبية ،جاهل ��ة ،ال �أخالق له ��ا وال قي ��م له ��ا لممار�س ��ة ه ��ذا الع ��دوان وارت ��كاب هذا الع ��دوان بحق �شعبنا اليمني العزيز ،ونحن نتحدث عن حقائق ووقائع ،نتنياهو نف�سه ع ّب ��ر عن انزعاجه من الو�ضع عندنا في اليمن ،م�س�ؤولون �إ�سرائيليون �آخرون ،الإعالم الإ�سرائيلي تحدث كثيراً ،بعد �أن برزت هذه المخاوف �إلى العلن وتعاظمت لدى �إ�سرائيل ،و�صحبها القلق الأمريكي كان هذا العدوان على بلدنا. وبالتال ��ي ن�ستطي ��ع الق ��ول �أن من �أهم �أ�سباب ه ��ذا العدوان ودوافعه ه ��و المعاقب ��ة ل�شعبنا اليمني على هذا التوج ��ه الحر والم�س�ؤول ،وعلى هذا الوعي المتنامي تجاه الق�ضايا الكبرى للأمة.
86
شعبنا اليمين ال يزيده العدوان إال ثباتًا ووعيًا ومتسكًا مبوقفه املبدئي ولك ��ن بالرغم م ��ن كل ذلك �شعبنا اليمني العظيم �إنم ��ا يزداد ثباتاً، ووعي� �اً ،وتم�س ��كاً بموقفه المبدئ ��ي والم�س�ؤول ،ولن يتراج ��ع �أبداً ،وقد كان �صم ��ود �شعبن ��ا اليمن ��ي العزي ��ز ،ه ��ذا ال�صمود العظي ��م بالرغم من حج ��م الع ��دوان ،وبالرغم من كل ما �صاحب هذا الع ��دوان ،من ت�ضليلٍ �إعالم ��ي هائ ��ل ،وم ��ن ح�ص ��ا ٍر كبي ��ر� ،إال �أن �صم ��ود �شعبن ��ا كان �صم ��وداً عظيم� �اً ،وكان ثباتاً متميزاً يق ��دم ال�صورة الحقيقية عن �أخالق ،وقيم، ومبدئي ��ة هذا ال�شعب العزيز ،عن يم ��ن الإيمان ،عن يمن الحكمة ،عن يمن الح�ضارة ،عن يمن القيم والأخالق ،فلم ينك�سر هذا ال�شعب ،ولم يغي ��ر توجهه ،ولن يغي ��ر توجهه المبدئي ،والم�س� ��ؤول ،والحر� ،سيبقى اليماني ��ون كما ه ��م ،وكما عرفهم العالم في ب�أ�سه ��م ،في �شموخهم ،في ثباته ��م ،ف ��ي حريتهم ،في �إبائهم ،في ع ّزتهم ،ولن ت�ستطيع �أي قو ٍة من ق ��وى الطغي ��ان والإج ��رام �أن تك�سر �إرادته ��م؛ لأنهم ي�ستم ��دون عزمهم وقوته ��م م ��ن اهلل �سبحان ��ه وتعال ��ى؛ ولأنه ��م ف ��ي موق ��ف الح ��ق ،وف ��ي موق ��ف الع ��دل ،وفي الموقف ال�صحيح .و�سيظ ��ل �شعبنا الحر الأبي مع الق�ضايا الكبرى للأمة مهما كان حجم الجراح والمعاناة؛ لأنه ينطلق م ��ن مب ��ادئ ،و ِق َيم ،و�أخالق؛ ولأن ��ه �شعب حر وعزي ��ز ،وال ينك�سر بفعل طي�ش التائهين ،وجبروت الم�ستكبرين ,و�سنوا�صل الم�شوار جميعاً في �إط ��ار م�سئوليتنا التي تر�ضي اهلل ،وت�ش ِّرفن ��ا ،وتبني �أمتنا ،وتدفع عنها المخاطر الكبرى ،والعاقبة للمتقين.
87
مسؤوليتنا مجيعًا أن نستعني باهلل ،أن نتوكل عليه ،أن نثق به ،وأن نطمئن إىل وعده الصادق بالنصر م�س�ؤوليتن ��ا جميع� �اً �أن ن�ستعين باهلل� ،أن نتوكل عليه� ،أن نثق به ،و�أن نطمئ ��ن �إلى وع ��ده ال�صادق بالن�صر ،و�أن ن ��درك م�س�ؤوليتنا فيما علينا �أن نعمل ،و�أن نحذر التق�صير فيما علينا �أن نعمل ،ون�س�أل اهلل تعالى �أن يكت ��ب ل�شعبن ��ا اليمني العزي ��ز في هذا ال�شهر المب ��ارك الن�صر والفرج، و�أن يرح ��م �شه ��داءه ،وي�شفي جرحاه ،و�أن يعي ��ن �إخوتنا الفل�سطينيين، و�إخوتن ��ا المجاهدين في المقاوم ��ة الفل�سطينية ،والمقاومة اللبنانية ف ��ي مواجهة الع ��دو الإ�سرائيلي ،و�أن يوفقنا لما فيه ر�ضاه ،و�أن يجعلنا ف ��ي ه ��ذا ال�شهر الكريم م ��ن عتقائه ،ونقذائ ��ه ،وطلقائه ،م ��ن النار �إنه �سميع الدعاء. وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته
***
88
احملتويات �أهمية القد�س 4........................................................... �أهمية �إحياء منا�سبة يوم القد�س 4......................................... يوم القد�س هو اليوم الذي جتدد فيه الأمة بيعتها لق�ضيتها الكربى 6.......... ري للأمة بق�ضيتها الكربى وعدوها احلقيقي 7......................... هو تذك ٌ يوم ملواجهة حالة التغييب املتعمدة لهذه الق�ضية 8............ وهذا اليوم هو ٌ هذا اليوم هو �أي�ض ًا ملواجهة حالة التجرمي ملن يتبنّى هذه الق�ضية 9........... يوم لإعادة الق�ضية املحور َّية للأمة �إىل موقعها ال�صحيح يف االهتمام لدى ال�شعوب 10................................................................ ن�شوء الكيان الإ�سرائيلي14................................................. المرحلة الأولى :عوامل ن�شوء الكيان الإ�سرائيلي 14. ....................... اليهود تحركوا من نقطة ال�صفر 15. ....................................... بريطانيا ودورها القذر في ن�شوء الكيان ال�صهيوني 16. ..................... اليهود حر�صوا على �أن يكون لهم حافز ودافع يوحدهم17. .................. اليهود حافظوا على هويتهم 18. .......................................... اليهود حملوا لنا العداء ال�شديد ومعه الروح القتالية وحالة الجهوزية19. .... كيف هي المناهج الإ�سرائيلية؟21. ....................................... في المقابل كيف كان واقع العرب؟22. .................................... المرحلة الثانية :ما بعد ن�ش�أة الكيان الإ�سرائيلي 23. .......................
ملاذا متكن اليهود �أن يفعلوا بنا هذا؟ 24...................................... ن�شوء كيان العدو الإ�سرائيلي ي�شهد على م�ستوى االختالل الكبري يف واقع الأمة 25. اللوبي ال�صهيوين يقود �أخطر م�ؤامرة على �أمتنا 27........................... واقــع الأمة 28............................................................ ُ العــد ُّو ال ُ أول للأمــة 31..................................................... مكامِـنُ خطورة اللوبي ال�صهيوين 33.........................................
89
� ُ أدوات العدو من داخل الأمة 36............................................. اليوم هناك يف واقع الأمة اجتاهان بارزان43................................ االتجاه الأول :هو االتجاه المعادي لإ�سرائيل ،والداعم للق�ضية الفل�سطينية43. ، االتجاه الثاني :الموالي لإ�سرائيل ولأمريكا هو ي�شتغل في جانبين 44. .......
ما هي م�س�ؤوليتنا اليوم؟ 49................................................. فل�سطني هي املرتا�س املتقدم للأمة50........................................ ال بد �أن يرتجم هذا العداء �إىل مواقف �صريحة 51.......................... �أهمية املقاطعة 53........................................................ الأمة فقدت العزة واملَ َن َعة يف مراحل ح�سا�سة جتاه �أعدائها 60................ اليوم �أ�صبحت الروابط بني بع�ض الأنظمة العربية ،وبني الكيان الإ�سرائيلي مك�شوفة63................................................................ الأمريكي والإ�سرائيلي َّ وظف من داخل الأمة بع�ض الأنظمة ،وبع�ض ذيولها 64. لقد تحركوا في ثالثة م�سارات 64. .......................................
الق�ضية الفل�سطينية هي ق�ضيتنا وم�س�ؤوليتنا وترتبط بها عزّ ة وكرامة الأمة66. كلما ت�أخرت الأمة جتاه هذه الق�ضية يعظم ال�ضرر ،ويتفاقم اخلطر 66........ العدو يحر�ص على �إفقاد هذه الأمة ال�شعور بامل�س�ؤولية 67.................... يعمل على تروي�ض الأمة على ال�صمت وال�سكوت 68........................... الدور الأمريكي قدم خدمة كبرية لإ�سرائيل 69.............................. التوجه ال�صحيح لأبناء الأمة 70. اخلروج يف يوم القد�س هو املوقف الذي ميثل ُّ هل تنتهي امل�س�ألة يف اخلروج فقط؟70....................................... ال بد �أن نهتم بعدة �أمور 71................................................. �شعبنا يتجه لإحياء يوم القد�س من واقع ال�شعور بامل�س�ؤولية 74............... �أثبتت الأحداث �أن كل ما يقومون به هو خلدمة �إ�سرائيل 75.................. ما يح�صل يف املنطقة م�شروع جديد وراءه �إ�سرائيل و�أمريكا 76................
90
الدور ال�سلبي للنظام ال�سعودي ميثل خطورة على املنطقة بكلها 76............. كان ب�إمكان النظام ال�سعودي �أن يلعب دور ًا �إيجابي ًا يف املنطقة 77.............. مواجهة النفوذ الإيراين تربيرات زائفة ل�صرف الأنظار عن خطر �إ�سرائيل والتكفرييني 78............................................................ تبني العداء لإ�سرائيل ال ُيعرب ب�أي حال من الأحوال عن النفوذ الإيراين 79... ً خدمة لإ�سرائيل 79.......... النظام ال�سعودي يحاول �أن ي�ضلل �شعوب املنطقة إ�سرائيلي الوالء 80..... �أ�صبح النظام ال�سعودي ،والتكفرييون �صهاينة الهوى ،و� ّ نـجحت �إ�سرائيل يف تطويع النظام ال�سعودي خلدمة �أهدافها 81............... الت�صدي للخطر التكفريي �ضرورة وواقع ال منا�ص منه 82.................... وال�س َخط ب�شكل م�ستمر �ضد �أمريكا و�إ�سرائيل 83........... يجب �أن تعزز الأمة روح ال ٍعداء َّ
ال�شعب اليمني ُيقتل بالقنابل الأمريكية ودعمها ال�سيا�سي واملعلوماتي 84...... من �أهم �أ�سباب اال�ستهداف ل�شعبنا تبنيه الفاعل والواعي للق�ضية الفل�سطينية85....
ال�شعب العربي الأكرث تفاع ًال مع الق�ضية الفل�سطينية ،هو ال�شعب اليمني 85... �شعبنا اليمني ال يزيده العدوان �إال ثبات ًا ووعي ًا ومت�سك ًا مبوقفه املبدئي87..... م�س�ؤوليتنا جميع ًا �أن ن�ستعني باهلل� ،أن نتوكل عليه� ،أن نثق به ،و�أن نطمئن �إىل وعده ال�صادق بالن�صر88...................................................
91