من كنت مولاه فهذا علي مولاه

370 89 2MB

Arabic Pages [2] Year 1442

Report DMCA / Copyright

DOWNLOAD FILE

من كنت مولاه فهذا علي مولاه

  • Author / Uploaded
  • coll.

Citation preview

‫تر ِتي أَ َ‬ ‫يف َ‬ ‫اللط َ‬ ‫ُما‬ ‫ك َت َ‬ ‫ير َنَّبَأ ِني أََّنه َ‬ ‫الخ ِب َ‬ ‫َع َ‬ ‫ه���ل بَي ِتي‪ِ ،‬إ َّن ِ‬ ‫هلل‪ ،‬و ِ‬ ‫بَع��� ِدي أَ َبدًا‪ِ :‬‬ ‫اب ا ِ‬ ‫الحوض)‪ ،‬ولتكون هذه النصوص وهذه الواقعة‪،‬‬ ‫َردَا َع َل َّي َ‬ ‫َل���ن يَف َت ِر َقا َح َّتى ي ِ‬ ‫التي هي مناسبة الغدير‪ ،‬واقعة الغدير‪ ،‬واقعة ثابتة وقطعية ومعتر ًفا بها‬ ‫بين األمة‪ ،‬وليكون نص الثقلين ً‬ ‫نصا‬ ‫أيضا بلفظه ومضمونه العظيم المهم ً‬ ‫معتر ًفا به ومتوا ِت ًرا بين األمة‪.‬‬ ‫ف���إذا بالمس���يرة واضح���ة المعالم‪ ،‬المس���يرة اإلس�ل�امية ف���ي امتدادها‬ ‫الصحي���ح‪ ،‬في مضمونها وحلق���ة وصلها الممتدة إلى رس���ول اهلل ((صلوات‬ ‫اهلل علي���ه وعلى آله)) والمضمونة والموثوقة والمأمونة‪ ،‬واضحة‪ ،‬ومعالمها‬ ‫واضح���ة‪ ،‬والطريق واضح‪ ،‬االنصراف عنه انصراف إلى ماذا؟ انصراف إلى‬ ‫واقع كبير من حالة الفوضى‪.‬‬

‫الطغاة واستغالل العناوين الدينية‬ ‫يأت���ي الكثي���ر من األدعي���اء من يقدِّمون أنفس���هم باس���م الدين وباس���م‬ ‫اإلسالم وباسم القرآن‪ ،‬وأتى الكثير والكثير من أولئك الطغاة‪ ،‬والجائرين‪،‬‬ ‫والظالمي���ن‪ ،‬والمضلين‪ ،‬وإذا بهم ِّ‬ ‫يوظفون العناوين الدينية‪ ،‬ويس���تغلونها‬ ‫لصالحهم استغاللاً عجي ًبا ج ًدّا‪ ،‬ألم يقدِّم بنو أمية أنفسهم باسم اإلسالم؟!‬ ‫ً‬ ‫وقربة‬ ‫أل���م يجعلوا طاعته���م واالنقياد لهم والخضوع لظلمه���م عملاً دين ًيا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومس���ألة إيمانية؟! ول���م يكونوا يجهدون أنفس���هم ب���أن يقولوا‪[ :‬ال‬ ‫ديني���ة‬ ‫مثلاً ‪ -‬نحن لس���نا ظلمة‪ ،‬نح���ن نقيم العدل]‪| .‬ال| يقول ل���ك‪[ :‬ظالم صح‪،‬‬‫لك���ن أطع الظال���م وإن قصم ظه���رك وأخذ مال���ك]‪ ،‬أطع‪ ،‬ف ُتق���دَّم الطاعة‬ ‫للظل���م‪ ،‬والظالمين‪ ،‬والمس���تكبرين‪ ،‬والمضلين‪ ،‬والمفس���دين في األرض‪،‬‬ ‫الذي���ن لهم برنامج آخر يقيمون الحياة على أساس���ه‪ُ ،‬تقدَّم على أنها ضمن‬ ‫أمر اهلل (س���بحانه وتعالى) أن الذي يلزم بها هو الدين نفس���ه‪ ،‬أليست هذه هي‬ ‫حالة استغالل للدين؟‪.‬‬ ‫أليس النظام الس���عودي الظالم‪ ،‬المفس���د‪ ،‬المنافق‪ ،‬الذي يرتكب أبش���ع‬ ‫الجرائ���م والمظالم والمفاس���د‪ ،‬والذي هو بؤرة للضالل والباطل والفس���اد‬ ‫ف���ي األرض‪ ،‬ألي���س يقدِّم اليوم نفس���ه بثوب اإلس�ل�ام‪ ،‬وعناوين اإلس�ل�ام‪،‬‬ ‫وباس���م اإلسالم؟! أوليس يستغل حتى مش���اعر الحج‪ ،‬وحتى سيطرته على‬ ‫مك���ة وعلى المس���جد الح���رام كمثل م���ا كان يفعل المش���ركون‪ ،‬الذين‬ ‫س���يطروا على مكة وعلى المس���جد الحرام وعلى ش���عائر الح���ج‪ ،‬وأداروها‬ ‫عاما من مبعث رس���ول اهلل بالرس���الة‪ ،‬إلى ما قبل‬ ‫حتى على مدى عش���رين ً‬ ‫وفات���ه بثالث س���نوات؟! أوليس���ت العناوي���ن الدينية اليوم تس���تغل هنا وهنا‬ ‫تماما‪ ،‬يس���تغلونها لإلضالل للناس‪،‬‬ ‫وهن���ا‪ ،‬فئات كثيرة كما التكفيريون ً‬ ‫للخداع للناس‪ ،‬للدفع للناس إلى مواقف‪ ،‬لتحريك الناس حيث يش���اء ذاك‬ ‫الطاغي���ة أو يريد‪ ،‬في األخي���ر َّ‬ ‫توظف لمصلحة منافقي���ن يعملون لصالح‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أمري���كا وإس���رائيل‪ .‬هنا ندرك معنى‪} :‬وَِإن َّل ْ‬ ‫���م َتف َعل َف َما بََّلغ َت ِر َس���ا َل َت ُه{‪،‬‬

‫‪5‬‬

‫إن هذا المبدأ العظيم ِّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ضمانة الس���تقامة وانضباط مسيرة اإلسالم‬ ‫يش���كل‬ ‫بشكل‬ ‫الحق‪َّ ،‬‬ ‫بشكل صحيح‪ ،‬ويقدَّم في واقع الحياة ٍ‬ ‫فيطبق في واقع الحياة ٍ‬ ‫صحيح‪ ،‬وليس لالستغالل وال لالستعباد‪.‬‬

‫نحن معنيون أن نفهم من هو علي!‬ ‫لننظ���ر إل���ى والية اإلم���ام َع ِل ّي (عليه الس�ل�ام) من حيث م���ا كان عليه‬ ‫بش���كل تام‪ ،‬استيعاب‪ ،‬التزام‪،‬‬ ‫اإلمام َع ِل ّي (عليه الس�ل�ام) من تم ُّث ٍل لهذا الدين‬ ‫ٍ‬ ‫���ي (عليه‬ ‫عم���ل‪ ،‬وعي‪ ،‬اس���تقامة‪ ،‬روحي���ة‪ُ ،‬خل���ق‪ ،‬موقف‪ ،‬عم���ل‪ ،‬فاإلمام َع ِل ٌّ‬ ‫الس�ل�ام) كان أرق���ى األمة اإلس�ل�امية بكلها‪ ،‬وأعظم أصحاب رس���ول اهلل‪،‬‬ ‫وأعظ���م المس���لمين‪ ،‬وأعظم تالميذ رس���ول اهلل ‪(-‬صل ��وات اهلل عليه وعلى آله‬ ‫والتزاما بهذا الدين‪ ،‬بهذا اإلس�ل�ام‪ ،‬وتأث ًرا‬ ‫وس���لم)‪ -‬حملاً واس���تيعابًا ووع ًيا‬ ‫ً‬ ‫نح���و لم يحمل���ه غيره‪ ،‬فكان ب���اب مدينة‬ ‫به���ذا اإلس�ل�ام‪ ،‬حمل���ه ً‬ ‫علما على ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َع ِل ٌّي بَا ُبهَا)‪ ،‬وكان هو (األذن‬ ‫لم‪ ،‬و َ‬ ‫العلم‪ ،‬حيث قال الرس���ول‪( :‬أنا َم ِدين���ة ال ِع ِ‬ ‫الواعي���ة)‪ ،‬وكان هو الذي لم يغمض جفنه حتى يعلم ما نزل على رس���ول‬ ‫التزاما عمل ًيا في‬ ‫اهلل ف���ي ذلك الي���وم ((صلوات اهلل عليه وعلى آله)) ثم حمل���ه‬ ‫ً‬ ‫(ع ِل ٌّي َمع‬ ‫روحيت���ه وأخالقه‪ ،‬ما ح���اد عنه‪ ،‬ما فارقه‪ ،‬فلذلك قال رس���ول اهلل‪َ :‬‬ ‫َالح ُق َم���ع َع ِل ّي)‪ ،‬وكان هو‬ ‫ال ُق���رآن‪ ،‬وَال ُقرآن َم���ع َع ِل ّي)‪َ ،‬‬ ‫الحق‪ ،‬و َ‬ ‫(ع ِل ٌّي َم���ع َ‬ ‫الذي س���يتحرك باألمة حينما يتحرك بها بنا ًء على أس���اس ذلك الحق‪ ،‬ال‬ ‫يحي���د عنه‪ ،‬وال يزيغ عن���ه‪ ،‬ال هناك وال هناك‪ ،‬وال ب���ذاك االتجاه وال بذاك‬ ‫االتجاه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نزل ِة َها ُر َ‬ ‫فاألم���ة معنية لتفهم من هو َع ِل ّي‪ ،‬ماذا يعني‪( :‬أ َ‬ ‫ون‬ ‫نت ِم ِّني ب َ‬ ‫َم ِ‬ ‫لاَ‬ ‫لاَ‬ ‫َ‬ ‫(من ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ُ‬ ‫نت َمو ه‪ ،‬فهَذا َع ِل ٌّي َمو هُ‪،‬‬ ‫وس���ى)‪ ،‬ماذا يعني‪َ ( :‬ف َع ِل ٌّي َم���ولاَ ه)‪َ ،‬‬ ‫ِمن ُم َ‬ ‫َانص���ر َمن َن َص َره‪ ،‬وَاخ ُذل َمن َخ َذ َله)‪،‬‬ ‫ُ���م وَال َمن َوالاَ هُ‪ ،‬و َ‬ ‫َعا ِد َمن َعادَاهُ‪ ،‬و ُ‬ ‫الله َّ‬ ‫ماذا تعني كل تلك النصوص‪ ،‬ماذا تعنيه تلك اآليات‪ ،‬ماذا يعنيه‪} :‬وَِإن َّل ْم‬ ‫َت ْف َع ْل َف َما بََّل ْغ َت ِر َس���ا َل َت ُه{؟ ألن هذا ه���و الكفيل بأن يحرر األمة من جديد‬ ‫دائما‪ -‬لفص���ل الناس عن‬‫م���ن كل ق���وى الطاغوت والضالل التي تس���عى ً‬ ‫مص���ادر الهداية؛ لتس���تغل الناس هي‪ ،‬وتتحكم بالناس هي‪ ،‬وتس���يطر على‬ ‫الناس هي بالباطل‪ ،‬وتفتري على اهلل الكذب‪ ،‬ثم َّ‬ ‫يوظف لها كل ش���ي ٍء في‬ ‫الدين لخدمتها‪.‬‬

‫•••‬

‫‪6‬‬

‫يم‬ ‫من َّ‬ ‫هلل َّ‬ ‫ِب ْس ِم ا ِ‬ ‫الر ْح ِ‬ ‫الر ِح ِ‬ ‫الله���م ِّ‬ ‫صل على محم ٍد وعل���ى آل محمد‪ ،‬وبارك عل���ى محم ٍد وعلى آل‬ ‫محم���د‪ ،‬كما صليت وباركت على إبراهيم وعل���ى آل إبراهيم إنك حمي ٌد‬ ‫مجيد‪.‬‬

‫{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‬ ‫الرس���ول ((صل���وات اهلل عليه وعل���ى آله)) وأثن���اء عودته من حج���ة الوداع‪،‬‬ ‫خما‪ ،‬وهو ما بين مكة والمدينة‪ ،‬وهو إلى مكة‬ ‫وعندما بلغ إلى وا ٍد يس���مى ً‬ ‫كما يقال‪ -‬أقرب منه إلى المدينة‪ ،‬نزل عليه قول اهلل (سبحانه وتعالى)‪} :‬يَا‬‫ِّك وَإن َّل ْم َت ْف َع ْل َف َما بََّل ْغ َت ر َسا َل َت ُه وَاللهُّ‬ ‫الر ُس ُ ْ ُ‬ ‫أَ ُّيهَا َّ‬ ‫نز َل ِإ َل ْي َك ِمن َّرب َ ِ‬ ‫ول بَِّلغ َما أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن���اس ِإ َّن اللهَّ َ‬ ‫ي َْع ِص ُم َ‬ ‫ال ي َْه ِدي ْال َق ْو َم ْال َكا ِف ِر َ‬ ‫ي���ن{ [المائدة‪ :‬اآلية‪،]67‬‬ ‫���ك ِم َن َّ ِ‬ ‫كان ذلك في يوم الثامن عش���ر من ش���هر ذي الحجة‪ ،‬الس���نة العاشرة من‬ ‫الهج���رة‪ ,‬هذه اآلي���ة العجيبة المضم���ون‪ ،‬والمهمة المضمون‪ ،‬والس���اخنة‬ ‫المضمون‪ ،‬تأكيد على رس���ول اهلل ((صلوات اهلل عليه وعلى آله)) بأن ِّ‬ ‫يبلغ ما‬ ‫أنزل إليه من ربه‪ ،‬موضوع معين له أهمية قصوى‪ ،‬بلغت أهميته لدرجة أن‬ ‫اهلل قال له في ذات اآلية‪} :‬وَِإن َّل ْم َت ْف َع ْل َف َما بََّل ْغ َت ِر َسا َل َت ُه{‪.‬‬ ‫الرس���ول ((صل���وات اهلل عليه وعلى آله)) جمع الحجي���ج‪ ،‬أبلغ من قد تقدَّم‬ ‫منهم أن يع���ود‪ ،‬وانتظر للمتأخرين حتى اجتمعوا‪ ،‬ال���كل ُج ِمعوا في صعي ٍد‬ ‫س���احة واح���دة‪ ،‬وف���ي منتصف النه���ار‪ ،‬كل‬ ‫م���كان واح���د‪ ،‬في‬ ‫واح���د‪ ،‬ف���ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تماما مع‬ ‫اإلجراءات التي عملها الرسول ((صلوات اهلل عليه وعلى آله)) تتناسب ً‬ ‫طبيعة النص القرآني‪ ،‬مع س���خونة هذا النص القرآني‪ ،‬مع قوة هذا النص‬ ‫ْ ُ‬ ‫نز َل ِإ َل ْي َك ِمن َّرب َ‬ ‫ِّك وَِإن َّل ْم َت ْف َع ْل َف َما بََّل ْغ َت‬ ‫وه���ذا التعبير القرآني‪} :‬بَِّلغ َما أ ِ‬ ‫ً‬ ‫أهمية كبرى لما سيقدم‪ ،‬ذلك‬ ‫ِر َس���ا َل َت ُه{‪ ،‬اهتمام كبير‪ ،‬وتصـرف يعطي‬ ‫االس���تدعاء‪ ،‬وعملية التجميع في تلك الساحة في تلك اللحظة بالتحديد‪،‬‬ ‫وقت م���ن الحرارة والقيظ‪،‬‬ ‫في وس���ط النهار‪ ،‬في منتصف النهار‪ ،‬في أش���د ٍ‬ ‫الجمي���ع جم���ع في ندا ٍء عاج���ل‪ ،‬وتجميع بطريقة تعط���ي أهمية لموضوع‬ ‫بالغ األهمية سيقدم‪.‬‬ ‫جمع���وا كله���م‪ ،‬وجلس���وا‪ ،‬اتجهت أنظاره���م إلى الرس���ول ((صلوات اهلل‬ ‫قائم���ا مقام المنبر‪ ،‬وجمع‬ ‫علي���ه وعلى آل���ه)) وقد أعد له مكان مرتفع ليكون ً‬ ‫من أقت���اب اإلبل‪ ،‬ولكثرة الناس وكثرة الحج���اج أصبح ذلك المكان الذي‬ ‫رصت فيه أقتاب اإلبل أصبح مكا ًنا مرتف ًعا‪ ،‬صعد عليه ومعه شخص‪ ،‬ذلك‬ ‫َّ‬ ‫وعلي ش���خصية معروفة لدى المجتمع‬ ‫علي بن أبي طالب‪ّ ،‬‬ ‫الش���خص هو ّ‬ ‫شخصا غري ًبا عليهم‪ ،‬الرسول ((صلوات اهلل عليه وعلى‬ ‫ليس‬ ‫اإلسالمي آنذاك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ووجه خطابه الهام ج ًدّا‪ ،‬ف���ي ذلك الجو الذي كله يقدِّم صورة‬ ‫آل���ه)) صعد َّ‬ ‫ع���ن أهمي���ة الموضوع إل���ى أقصى حد‪ ،‬اتجه���ت أنظار عش���رات اآلالف من‬

‫‪2‬‬

‫المس���لمين إلى رس���ول اهلل ((صلوات اهلل عليه وعلى آله)) بانتظار ما سيقدمه‬ ‫وما سيعلنه‪ ،‬فهناك بالغ تاريخي هام وفي مرحلة مهمة‪.‬‬ ‫وعظيما‬ ‫خطب رس���ول اهلل ((صلوات اهلل عليه وعل ��ى آله)) خطابًا تاريخ ًيا‬ ‫ً‬ ‫ومهما‪ ،‬وهيأ في مقدمة حديثه الذهنية العامة لذلك الموضوع الرئيس���ي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الناس‪ ،‬إ َّن َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اهلل َمولاَ ي‪،‬‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫َا‬ ‫ي‬ ‫(‬ ‫لهم‪:‬‬ ‫قال‬ ‫ثم‬ ‫الموضوع‬ ‫صلب‬ ‫إلى‬ ‫وصل‬ ‫حت���ى‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫���هم‪َ ،‬ف َم���ن ُ‬ ‫كنت َمولاَ ه‪َ ،‬فه َ‬ ‫ؤم ِن َ‬ ‫َذا َع ِل ٌّي‬ ‫َوأَ َنا َمو َلى ُ‬ ‫الم ِ‬ ‫ين‪ ،‬أَو َلى ِب ِهم ِمن أَن ُف ِس ِ‬ ‫علي (عليه الس�ل�ام) إلى‬ ‫َمولاَ ه)‪ ،‬وكان قد مس���ك بيد علي‪ ،‬ثم رفع يده ويد ٍّ‬ ‫األعل���ى‪ ،‬يقول ال���رواة‪[ :‬حتى ُرؤي بياض إبطيهما]‪ ،‬الرتف���اع يديهما‪َ ( ،‬فه َ‬ ‫َذا‬ ‫َانصر َمن َن َص َره‪ ،‬وَاخ ُذل‬ ‫ُم وَال َمن َوالاَ هُ‪ ،‬و َ‬ ‫َعا ِد َم���ن َعادَاهُ‪ ،‬و ُ‬ ‫���ي َمولاَ هُ‪ ،‬الله َّ‬ ‫َعِل ٌّ‬ ‫َمن َخ َذ َله)‪.‬‬ ‫هن���اك نص قرآن���ي آخر‪ ،‬من المأثور عن رس���ول اهلل ((صلوات اهلل عليه‬ ‫وعل���ى آل���ه)) أنه ً‬ ‫أيضا نزل ف���ي نفس اليوم‪ ،‬وله عالقة مباش���رة وصلة تامة‬ ‫بذل���ك البالغ‪ ،‬هو ق���ول اهلل (س ��بحانه وتعال ��ى)‪ْ } :‬ال َي ْ‬ ‫���و َم أَ ْك َم ْل ُت َل ُك ْ‬ ‫���م ِدي َن ُك ْم‬ ‫يت َل ُك ُم اإل ْس َ‬ ‫���ت َع َل ْي ُك ْ‬ ‫���م ِن ْع َم ِت���ي َو َر ِض ُ‬ ‫َوأَ ْت َم ْم ُ‬ ‫�ل�ا َم ِدين���اً{ [المائدة‪ :‬من اآلية‬ ‫ِ‬ ‫‪ ]3‬ه���ذا الن���ص القرآني يدل بكل وضوح على أن اهلل (س ��بحانه وتعالى) أكمل‬ ‫الدي���ن في ذلك اليوم‪ ،‬وبماذا؟ بمجرد يوم هكذا دخل‪ ،‬كان اإلس�ل�ام عبارة‬ ‫عن مرحل���ة زمنية معينة يحتاج إلى يوم إضاف���ي واكتمل؟‪ .‬ال‪ ،‬اكتمال‬ ‫ه���ذا الدين بش���مولية ما تناوله من ش���ؤون حياتنا كبش���ر‪ ،‬حياة اإلنس���ان‬ ‫كإنس���ان‪ ،‬حي���اة المجتمع كمجتمع‪ ،‬كم���ال هذا الدي���ن أن يكتمل فيما‬ ‫يش���مله ويتناول���ه من كل م���ا له صلة بحياة هذا اإلنس���ان‪ ،‬مم���ا تتعلق به‬ ‫مسؤوليات هذا اإلنسان‪ ،‬مما يترتب عليه فالح هذا اإلنسان أو خسرانه‪ ،‬هذا‬ ‫هو كمال الدين‪ ،‬كمال يتصل بواقع حياته‪ ،‬بش���ؤون حياته‪ ،‬بمس���ؤولياته‪،‬‬ ‫بمستقبله‪.‬‬

‫الرس���ول ((صلوات اهلل عليه وعل ��ى آله)) كان يتحدث كثي��� ًرا عن اإلمام‬ ‫���ي (علي ��ه الس�ل�ام) حتى عن كمال���ه ومؤهالت���ه اإليمانية‪ ،‬الت���ي جعلته‬ ‫َع ِل ّ‬ ‫جدي ًرا بهذا الدور‪ ،‬وضمن االختيار واإلعداد اإللهي‪ ،‬حديث واس���ع وكثير‪،‬‬ ‫ُح ُّب َ‬ ‫ُحُّب ُه اللهُ َو َر ُس���و ُله)‪ ،‬يتحدث عنه‬ ‫اهلل َو َر ُس���و َله‪َ ،‬وي ِ‬ ‫ونصوص كثيرة‪( ،‬ي ِ‬ ‫ِّ‬ ‫���ي ُ‬ ‫���ن بَع��� ِدي)‪ ،‬وكل هذه النص���وص توارثتها‬ ‫فيق���ول‪( :‬وَه��� َو َو ِل ُّ‬ ‫كل ُم ِ‬ ‫ؤم ٍ‬ ‫األم���ة في اتجاهاتها الثقافية واختالفاتها الفكرية‪ ،‬في مصادرها المعتبرة‬ ‫والمهم���ة‪ ،‬الت���ي ترجع إليه���ا‪ ،‬وتعترف به���ا‪ ،‬وتعتمد عليه���ا‪ ،‬لتبقى حجة‪،‬‬ ‫لماذا؟ عندما تنفصل األمة عن مصادر الهداية‪ ،‬فتحت المجال لكل أولئك‬ ‫م���ن‪ :‬الطواغي���ت‪ ،‬والجائري���ن‪ ،‬والمتس���لقين‪ ،‬والظالمين‪ ،‬والمس���تكبرين‪،‬‬ ‫والمضلين‪ ،‬ليقدِّم ٌ‬ ‫كل منهم نفسه في موقع القيادة‪ ،‬وليقدِّم اآلخر نفسه‬ ‫في موقع الهداية‪ ،‬فذاك ينطق عن اهلل زو ًرا ويفتري عليه كذبًا‪ ،‬أو يخلط‬ ‫الحق بالباطل‪ ،‬على مثل ما كان عليه بنو إسرائيل لين ِّفق باطله بما يرفقه‬ ‫قليل من الحق‪ ،‬واآلخر ل ُيخضع الناس له‪ ،‬والكل الستغالل الناس‪.‬‬ ‫معه من ٍ‬ ‫والذي حصل في واق���ع األمة‪ ،‬عندما الكثير من الناس لم َي ُرق لهم هذا‬ ‫المب���دأ بكل م���ا له من جاذبي���ه‪ ،‬وبكل ما في���ه من وضوح‪ ،‬وب���كل ما يحققه‬ ‫من ضبط لمس���ار األمة ومس���يرتها في دينها‪ ،‬وحفاظ عليه���ا وعلى دينها‪،‬‬ ‫وحف���اظ على االمت���داد لهذا الح���ق‪ ،‬ليبقى ف���ي أجيال األم���ة يصلها جيلاً‬ ‫ونقي وس���ليم‪ ،‬فتح���ت المجال‪ ،‬فإذا بها‬ ‫مضمون‬ ‫بش���كل‬ ‫بعد جيل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وموثوق ٍ‬ ‫كثير‬ ‫كثير‬ ‫من‬ ‫هن���اك‬ ‫ما‬ ‫كل‬ ‫من‬ ‫دخل‪،‬‬ ‫من‬ ‫هناك‬ ‫ما‬ ‫كثرة‬ ‫م���ن‬ ‫تصي���ح‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫كثي���ر من َ‬ ‫الدخل الثقافي والفكري‪ ،‬وليق���ول الجميع‪[ :‬صحيح‪ ،‬أصبح لنا‬ ‫كثير مم���ا فيه من العقائد‬ ‫موروث إس�ل�امي نختلف علي���ه]‪ ،‬نختلف على‬ ‫ٍ‬ ‫أيُّها صحيح‪ ،‬والش���رائع أيُّها صحيح‪ ،‬واألحكام أيُّها صحيح‪ ،‬هذا يقول‪[ :‬هذا‬ ‫ح�ل�ال]‪ ،‬اآلخر يقول‪[ :‬ذاك حالل‪ ،‬ذاك حرام]‪ ،‬ذاك قال‪|[ :‬ال| هو حالل‪ ،‬ذاك‬ ‫واج���ب]‪ ،‬اآلخر قال‪[ :‬ال‪ ،‬ه���و ال يجوز]‪ ...‬وهكذا اختالف كبي���ر ج ًدّا‪ ،‬لم تعد‬ ‫مس���يرة األمة عندم���ا تنفصل عن ه���ذا المبدأ المهم‪ ،‬الضابط لمس���يرتها‪،‬‬ ‫والحافظ الس���تقامة هذه المس���يرة‪ ،‬في َع ِل ٍّي بكل ما ِّ‬ ‫يمثل���ه َعِل ّي‪ ،‬وبكل ما‬ ‫س���بق أن تحدث عنه الرس���ول به‪ ،‬وهي عبارات مهمة وذات مضمون واضح‪،‬‬ ‫لم تكن مجرد عبارات تش���جيعية‪ ،‬أن رسول اهلل يريد أن يشجع اإلمام َعِل ّيا‬ ‫وسى‪ِ ،‬إلاَّ‬ ‫نز َل ِة َها ُر َ‬ ‫يقول‪[ :‬إنه ‪-‬ما شاء اهلل‪ -‬رجال جيد (أَ َ‬ ‫نت ِم ِّني ب َ‬ ‫ون ِمن ُم َ‬ ‫َم ِ‬ ‫َالح ُق َمع َع ِل ّي)‪،‬‬ ‫أََّن ُه لاَ َن ِب َّي بَع ِدي)] ليش���جعه‪ ،‬أو ليقول‪َ :‬‬ ‫الحق‪ ،‬و َ‬ ‫[(ع ِل ٌّي َم���ع َ‬ ‫ما ش���اء اهلل ما أعظم���ه!]؛ حتى يرتاح نفس��� ًيا‪| .‬ال| ه���ي ذات مضمون هادف‪،‬‬ ‫يحدد طبيعة الدور لإلمام َعِل ّي (عليه الس�ل�ام) بأنه س���يمثل بعد رس���ول اهلل‬ ‫((صل ��وات اهلل علي ��ه وعلى آل ��ه)) حلقة الوص���ل واالمتداد األصي���ل في موقع‬ ‫القيادة والهداية‪ ،‬ليس من موقع النبوة‪ ،‬ولكن من موقع الوالية‪.‬‬ ‫ث���م نأت���ي ً‬ ‫ن���ص آخر مهم ج��� ًدّا‪ ،‬وأتى في خط���اب الغدير‪ ،‬وهو‬ ‫أيضا إلى ٍ‬ ‫حدي���ث الثقلين‪(ِ :‬إ ِّني َت ِار ٌك َفي ُكم َّ‬ ‫الث َق َلين‪َ ،‬ما ِإن َت َم َّس���ك ُتم ِب ِه َلن َت ِضُّلوا ِمن‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫من النصوص النبوية في اإلمام علي ومدلولها المهم‬ ‫نصوصا‬ ‫ولذل���ك نج���د ‪-‬مثلاً ‪ -‬فيم���ا يتعلق باإلمام عل���ي (عليه الس�ل�ام)‬ ‫ً‬ ‫تتويجا لها‪ ،‬نص يتحدث‬ ‫أخرى كثيرة ما قبل هذا البالغ‪ ،‬يعتبر هذا البالغ‬ ‫ً‬ ‫نز َل ِة َها ُر َ‬ ‫عن َع ِل ٍّي (عليه الس�ل�ام) يقول‪( :‬أَ َ‬ ‫وس���ى‪ِ ،‬إلاَّ أََّن ُه‬ ‫نت ِم ِّني ب َ‬ ‫ون ِمن ُم َ‬ ‫َم ِ‬ ‫لاَ َن ِب َّي بَع ِدي)‪ ،‬ال نبي‪ ،‬أنت س���تؤدي ه���ذا الدور ليس من موقع النبوة‪ ،‬ولكن‬ ‫(ع ِل ٌّي‬ ‫���ي َمع ال ُقرآن‪ ،‬وَال ُقرآن َمع َع ِل ّي)‪ ،‬يقول‪َ :‬‬ ‫من موقع الوالية‪ ،‬يقول‪َ :‬‬ ‫(ع ِل ٌّ‬ ‫َالح ُق َمع َع ِل ّي)‪ ،‬فأن���ت عندما تأتي لتبتعد ع���ن َع ِل ّي‪ ،‬ال تبتعد‬ ‫الح���ق‪ ،‬و َ‬ ‫َم���ع َ‬ ‫عن���ه إال وأن���ت تبتعد عن القرآن‪ ،‬والمس���افة التي فصلت بين���ك وبين َع ِل ّي‪،‬‬ ‫نهجا‪ِّ ،‬‬ ‫���ي ال���ذي ِّ‬ ‫يمثل ه���ذا الدين في روحيت���ه‪ ،‬وأخالقه‪ ،‬وأعماله‪،‬‬ ‫يمثل ً‬ ‫َعِل ّ‬ ‫وس���لوكياته‪ ،‬ومواقفه‪ ،‬وحركته بهذا الدين في هذه الحياة‪ ،‬ودعوته بهذا‬ ‫الدين للبشرية‪ ،‬للناس فيما يقدِّمه إليهم‪ ،‬المسافة التي تفصلك عن َع ِل ّي‬ ‫هي مسافة كانت فاصلة بينك وبين القرآن‪ ،‬وبينك وبين الحق‪.‬‬