1,140 48 1MB
Arabic Pages [132] Year 2018
1
الطبعة الثانية م2018 / هـ1439 الطبعة
www.d-althagafhalqurania.com
2
بسم اهلل الرحمن الرحيم
الحمد هلل رب العاملين والصالة والسالم على أشرف
األنبياء واملرس�لين س�يدنا وحبيب قلوبن�ا محمد بن عبد اهلل وعلى آله الطاهرين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون،
ورضي اهلل عن أصحابه األخيار من املهاجرين واألنصار. أما بعد
لق�د تمي�ز الش�عب اليمن�ي عب�ر التاري�خ بعظمت�ه
ومواقفه الحكيمة ،وس�طر القرآن الكريم صور ًا مش�رقة
م�ن مواقف الحكم�ة لليمنيين ،وم�ا أروع ما تحدث عنه الق�رآن الكريم ،وهو يق�ص موقف ملكة س�بأ وتعاملها الحكيم مع رس�الة نبي اهلل سليامن (عليه السالم) إليها وإلى
قومها واستش�ارتها لقومها في األمر ،وكيف كان منطقها
حكي ً ما ،وأعظ�م م�ن ذلك ه�و موق�ف رج�االت اليمن وجوابهم الحكيم على ملكتهم الحكيمة.
فم�ن خالل ما حكاه اهلل س�بحانه وتعالى في [س�ورة
النم�ل] عن ملكة س�بأ وقومه�ا اليمنيين يتبي�ن لنا عظمة م�ا كان يتحل�ى ب�ه أبن�اء اليم�ن م�ن الحكم�ة والرجولة
3
والش�جاعة وس�داد ال�رأي ،ب�دء ًا م�ن تعام�ل امللكة مع رسالة نبي اهلل سليامن (عليه السالم) وكيف وصفت الكتاب
َ َ ْ َ َ ُّ َ ْ َ أَ ُ يِّ ُ ْ َ يَ َّ َ ٌ ل ك ِتاب بالكريم حيث }قالت يا أيها المل إِن أل يِق إ ِ َ ٌ ك ِريم{ [النمل ]29:فوصفت الكتاب بالكريم ألن النفوس الكريمة تقدر األشياء الكريمة.
َ َ ْ َ َ ُّ َ ث�م استش�ارتها للملأ م�ن قومه�ا} :قالت ي��ا أيها ْ َ َل�أَ ُ َ ْ ُ َْ َ ُ ُ ن��ت َقاط َِع ًة َأ ْم ً ��را َح ىَّ ٰ ت ��ون يِف أم ِري ما ك ت َالم� أف يِ ْ َُ تش��هدون{[النمل ]32:وهذا ي�دل على قربها من ش�عبها
واحترامه�ا ل�رأي كب�ار القوم ،وم�دى االنس�جام ما بين امللكة وبين قومها وحب قومها لها الذي هو ثمرة من ثامر عدلها واهتاممها بهم وبمصالحهم.
ول�م يك�ن جوابهم بأق�ل عظمة وحكمة م�ن كالمها
له�م فقد قدم�وا كلمة حكيمة مختص�رة موجزة تعبر عن وحدة الجبه�ة الداخلية وع�ن رجولتهم وكرم نفوس�هم
وإبائهم للضيم واستعدادهم ملواجهة كل التحديات التي تهدد عزتهم وكرامتهم.
وتفويضه�م مللكته�م الحكيم�ة ف�ي تبن�ي املواق�ف
4
الت�ي تليق بالش�عب اليمن�ي العظيم ال�ذي ال يقبل بالذلة
أو الخن�وع ألح�د مهام كانت قوت�ه؛ يدل عل�ى ثقة كبيرة
َ ُ بقدرته�ا الت�ي أثبتتها فع ً جوابهم عليه�ا} :قالوا ال ف�كان َ أْ َ ْ ُ يَ ْ َ ُ حَ ْ ُ ُ ُ ُ َّ َ ُ ُ َ ْ َ ك فانظ ِري يد والمر إِل ِ نن أ ْولو قو ٍة وأولو بأ ٍس ش ِد ٍ َ َ َ ُ َ ماذا تأم ِرين{[النمل.]33: وكانت امللكة فع ً ال بمس�توى ه�ذه الثقة التي منحوها
فتحدث�ت ع�ن خط�ر الغ�زاة واملتكبرين عندم�ا يدخلون
َ َ ْ َّ فس�اد ًا حينما قال�ت}َ :قال َت إِن بل�د ًا وكيف يعيثون فيه ُْ ُ َ َ َ َ ُ ًََْ َْ َ ُ َ َ َ َ ُ َّ َ ْ َ َالملوك إِذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعِزة أهلِها َّ ً أذِلة{[النمل ]34:ويكفيها شرف ًا أن اهلل سبحانه وتعالى أكد َ َ َٰ َ َ ْ َ ُ َ صحة مقولتها بقوله} :وكذل ِك يفعلون{.
وهك�ذا أوصل�ت قومه�ا بحكمتها ورجاح�ة عقلها
وسداد رأيها إلى أن تجنبهم املخاطر والضالل وتدخلهم
في دين اهلل أفواج ًا بعد أن آمنت بنبوة سليامن (عليه السالم) وكان له�ا ولقومه�ا اليمنيين ش�رف أن س�طر اهلل قصتهم
ه�ذه املش�ر ّفة في أعظ�م كتبه ـ الق�رآن الكري�م ـ ترددها
األجيال جي ً ال بعد جيل إلى يوم القيامة.
5
أم�ا ف�ي فج�ر اإلسلام ف�كان لألنص�ار [األوس
والخ�زرج القبيلت�ان اليمنيت�ان] ش�رف عظي�م ال يداني�ه
ش�رف بأن كان�وا هم القاع�دة الصلبة للدولة اإلسلامية
التي أقامها محمد بن عبد اهلل (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم) جر من قومه وعشيرته في مكة. بعد أن ُه ِّ ***
6
ما هي أهمية جمعة رجب بالنسبة لنا كيمنيين؟ تحتل الجمعة األولى من ش�هر رجب أهمية وذكرى
ممي�زة وعزي�زة ،م�ن أع�ز وأق�دس الذكري�ات لش�عبنا
اليمني املس�لم العزيز ،وتعد أيض ًا من الصفحات البيضاء الناصعة في تاريخ شعبنا املسلم ،هذه الذكرى هي واحدة م�ن ذكري�ات ارتباط ش�عبنا العزيز باإلسلام العظيم في
الجمع�ة األولى ،حي�ث التحق عدد كبير م�ن أبناء اليمن باإلسلام في ذك�رى تاريخي�ة عظيمة ومقدس�ة ومهمة؛ ولذلك هي مناس�بة مهم�ة في الحفاظ على هوية ش�عبنا
املس�لم وف�ي تجذير وترس�يخ هذه الهوية ل�كل األجيال الحاضرة واملستقبلية ،الهوية التي يمتاز بها شعبنا اليمني. الهوي�ة اإلسلامية املتأصل�ة ،ه�ي تع�ود إل�ى تاريخ
أصيل لهذا الشعب ،فعالقته باإلسالم وارتباطه باإلسالم وإقبال�ه عل�ى اإلسلام من�ذ فج�ره األول كان على نحو متمي�ز وعلى نحو عظي�م ،منذ بزوغ فجر اإلسلام ،كان هن�اك ممن هم من أصول يمنية ،وممن هم من اليمن من
7
تميزوا كنجوم المعة في سامء تاريخ اإلسالم[ .جمعة رجب
للسيد عبد الملك لعام 1438هـ]
اليمنيون في فجر اإلسالم
(ص َل���وَ ُ عندم�ا أتى اإلسلام وبُعث الرس�ول َ هلل ع ََل ْي ِه ات ا ِ وَع ََلـ ��ى آلِــ� � ِه) كان أم�ام املجتم�ع املك�ي فرص�ة مهم�ة جد ًا
أن يك�ون ه�و الن�واة األولى التي يتش�كل منه�ا املجتمع اإلسلامي ،وتبنى من خاللها الرسالة اإلسالمية بكلها،
وأن يك�ون الق�دوة لبقي�ة املجتمع�ات والحام�ل األول لهذا املش�روع العظيم ،فيش�رف بهذا الشرف ،ولهذا قال
َ َّ ُ ذَ ْ }وإِنه لِك ٌر اهلل س�بحانه وتعالى ،عن رس�الته عن كتابه: َ َ َ َْ َ لك ول ِقومِك{[الزخرف ،]44:ش�رف كبير ،مش�روع عزة، مشروع كرامة ،مشروع ارتقاء.
ولك�ن ه�ذا املجتمع لم يس�تفد من ه�ذه الفرصة ،لم
يقب�ل بهذا الش�رف حتى لم َير فيه ش�رف ًا ،كان�ت موازينه مختلة ،رؤيته عمياء ،فهمه لألش�ياء فهم مغلوط ،فكانت
عنده حالة االستكبار ،االرتباط باملستكبرين ،املستكبرون
8
أنفس�هم كان�وا ه�م ف�ي الطليع�ة صا ِّدي�ن ومس�تكبرين ومعارضي�ن ومث ِّبطي�ن ومعادي�ن ب�كل ما تعني�ه الكلمة، وكان�ت له�م دوافعه�م االس�تكبارية بالطب�ع ،يقول�ون
َ ُ ْ َ َ َ ْ ذلِّ ْ ُ ْ َ ْ َ ��زل علي ِه ا كر مِ��ن بينِنا{[ص]8: فيما يقول�ون} :أأن ِ
كي�ف ينزل علي�ه ولي�س أثرانا م�االً ،وال أقوانا س�لط ًة؟
فكي�ف ين�زل علي�ه الذكر م�ن بينن�ا؟ ألنهم كان�وا يرون
قيمة اإلنس�ان ،وأحقيت�ه باالتباع بقدر م�ا لديه من ثروة، م�ن قوة ،من إمكان�ات ،حينها يرون في�ه هو الذي يجب
َ ُ ْ َ َ َ ْ ذلِّ ْ ُ ْ َ ْ َ ��زل علي ِه ا كر مِ��ن بينِنا{ ليس عندهم أن ُيتَّب�ع }أأن ِ
اعتبارات للقيمة اإلنس�انية والقيمة األخالقية التي تؤهل لحمل هذا املشروع بام يؤهل اهلل بها رسله وأنبياءه.
َ اَ ُ َ املجتمع من حولهم يقول كذلك ،وقالوا} :ل ْول ن ِّزل َ ْ َ ْ َ َ نْ َ َ َ ْ ُ ْ ُ لَىَ َ ُ يم{[الزخرف]31: ت ي ر ق ال ِن م ل ج ي ع ِظ ٍ ِ هذا القرآن ع ر ٍ
كان هن�اك ف�ي مك�ة ،وهن�اك في الطائ�ف أثري�اء ،هناك
زعام�ات ثرية ،لها س�لطة ،له�ا تأثير ،لها أتب�اع ،لها قوة، ملاذا ل�م ينزل عليه القرآن؟ هذه النظ�رة الغبية والجاهلة،
ه�ذه النظرة الت�ي كان تقدم االقتراح�ات واالعتراضات
9
في نزول الوحي على رس�ول اهلل (صلوات اهلل عليه وعلى آله) وعلى حركته بالرسالة ،بهذه االعتبارات وبهذه املقاييس املادية[..خطاب الهجرة 1436هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي]
إسالم األوس والخزرج اليمنيين
َ األمل ل�م َي ْف ِق ِد الرس�ول (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم)
ف�ي اهلل س�بحانه وتعال�ى بالرغ�م مما يواجهه م�ن تعنت قريش وصدها عن سبيل اهلل حتى وإن الزمه عدو اهلل أبو
له�ب مالزمة ظله قائلاً لكل قبيلة يدعوها :إنه ابن أخي،
ساحر ،كذابَ ،ف َّر َق ش�ملنا ،وعاب آلهتنا؛ فال تصدقوه؛ فيقولونَ :ع ُّم ُه أدرى به.
�ر؛ تصدي ًق�ا لقول�ه إذن فق�د َأ ِذ َن اهللُ لِ َ ج ْه�د ِه أن ُي ْث ِم َ
ُ َ ُّ ذَّ َ َ ُ خُ ْ ُ ُ ْ َ ُّ ُ َ ات ل الِين آمن��وا ي ِرجهم مِن الظلم ِ تعال�ى} :اهلل و يِ ىَ ُّ ور{[البق�رة ]257:هي�أ اهلل إلظه�ار دين�ه وإعزاز نبيه إِل انل ِ قبيلة أخرى ومنطقة أخرى ،فقد التقى النبي (صلى اهلل عليه
وعلى آله وسلم) بستة من الخزرج :من بني النجار :أسعد بن زرارة ،وع�وف بن الح�ارث بن عفراء ،وم�ن بني زريق:
10
رافع بن مالك ،ومن بني سلمةُ :ق ْ ط َب ُة بن عامر بن حديدة، وم�ن بن�ي حرام بن كع�ب :عقبة بن عامر ب�ن َنابِي ،ومن بني عبيد بن س�لمة :جاب�ر بن عبداهلل بن رئ�اب؛ وكانت
اليه�ود تحدثهم أن نب ًّيا ق�د أطل زمانهَ ،س�نَ َّتبِ ُع ُه ونقتلكم معه َقت َْل َع ٍ اد َوإ َِر ٍم؛ فلام كلمهم الرسول (صلى اهلل عليه وعلى آله وس ��لم) ودعاه�م إلى اهلل؛ قال بعضه�م لبعض :إنه هو؛ فال تس�بقنكم إلي�ه يهود؛ فآ َمنُوا به ،وقال�وا :إن بين قومنا ج َم ْع ُه ُم اهلل عليك فال َر ُج َل أ َعزُّ منك؛ وشراَ ،فإ ِْن َي ْ عداو ًة ًّ
فلام رجعوا حدثوا قومهم باإلسالم ،فلم تبق دار إال وفيها ِذك ٌْر لرسول اهلل (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم).
بيعة العقبة األولى
املوس�م اثن�ا عش�ر رجلاً :الس�تة املذك�ورون، واف�ى َ
باإلضاف�ة إلى :معاذ بن الحارث من بني النجار ،وذكوان
ب�ن عبد قيس من بني زريق ،وعب�ادة بن الصامت ،ويزيد ب�ن ثعلبة بن عبد الرحمن ،وه�م ال َق َوا ِق ُلَ ،وإِ ّن َما ِق َ يل َل ُه ُم
الر ُج ُ ا ْل َق َوا ِق ُ �ل َد َف ُعوا َل ُه اس�ت َ ار بِهِ ُم ّ َج َ �م كَا ُنوا إ َذا ْ �ل؛ لأِ َ ّن ُه ْ
11
ب َح ْي ُ ث ِش� ْئت ،وا ْل َق ْو َق َل ُة: �ه ًما َو َقا ُلوا َل ُهَ :ق ْو ِق ْل بِ ِه بِ َي ْثرِ َ َس ْ �ي ،فالعش�رة املذك�ورون من الخزرج، ب ِم ْ َض ْر ٌ ن ا ْل َ ـم ْش ِ
وم�ن األوس :أبو الهيثم بن ال َّت ِّي َها ِن ،و ُع َو ْي ُم بن س�اعدة.
ق�ال ُعبادة ب�ن الصامت :بَا َي ْعنَا رس�ول اهلل (صل���ى اهلل عليه
وعل ��ى آله وس ��لم) بيعة النس�اء قبل أن تف�رض الحرب على
أن ال نش�رك باهلل ش�ي ًئا ،وال نس�رق ،وال نزني ،وال نقتل أوالدن�ا ،وال نأت�ي ببهتان نفتريه بين أيدين�ا وأرجلنا ،وال َن ْع ِص َي� ُه ف�ي معروف ،ق�ال لنا :ف�إن َو َّف ْيت ُْم فلك�م الجنة،
وإن َغ ِش�يت ُْم م�ن ذلك ش�ي ًئا َف َأ ْم ُرك ُْم إل�ى اهلل عز وجل إن
ب وإن ش�اء غفر؛ فبعث معهم مصعب بن عمير ش�اء َع َّذ َ
ئه ْم بن هاش�م ب�ن عبد مناف بن عبد الدار ب�ن قصيُ ،ي ْقرِ ُ الق�رآن ،ويعلمهم اإلسلام ،ويفقههم ف�ي الدين ،وكان يسمى :باملقرئ رضوان اهلل عليه ورحمته.
ذه�ب أس�عد ب�ن زرارة بمصع�ب إل�ى دار بن�ي عبد األش�هل ،وكان سعد بن معاذ ،و ُأ َس� ْيدٌ بن ُح َض ٍ ير سيدي
قومهما ،وكالهما مش�رك ،فلام س�معا بمصع�ب وزميله ي�ن أتيا لِ ُي َس� ِّف َها قال س�عد ألُ َس� ْي ٍد :انطلق إل�ى هذين ا َّل َذ ِ
از ُج ْر ُه َما؛ فلوال َّ ن َخالتي لكفيتك ضعفاءنا َف ْ أن أس�عدَ ابْ ُ
12
أمرهما؛ فأخذ ُأس�يد حربته ثم أقبل إليهام ،فلام رآه أس�عد اصدُ ِق اهللَ فيه، قال ملصعب :هذا س�يد قومه قد ج�اءك؛ َف ْ
قال مصعب :إ ِْن يجلس ُأ َك ِّل ْم ُه؛ فوقف عليهام ُمت ََش�ت ًِّما أي
غاض ًب�ا وقال :م�ا جاء بكام؟ تس�فهان ضعفاءنا؟ اعتزالنا إن كان�ت لكام في أنفس�كام حاجة ،فقال ل�ه مصعب :أو تجلس فتس�مع فإن َر ِ ُف أم�را قبلتَ�ه ،وإن كَرِ ْه َت ُه ك َّ ض َ يت ً عنك ما تكرهه؟
ق�ال :أنصفت ،ث�م ركز حربته وجل�س إليهام ،فكلمه
مصع�ب باإلسلام ،وقرأ عليه الق�رآن؛ فقاال :فيما ُي ْذك َُر ٌ عنهما :واهلل َل َع َر ْفنَا في وجهه اإلسلام قب�ل أن يتكلم في إش�راقه و َت َس ُّه ِله! ثم قال :ما أحسن هذا الكالم وأجمله! كي�ف تصنعون إذا أردتم أن تدخل�وا في هذا الدين؟ قاال
�ر ثوبيك ،ثم تش�هد ش�هادة الحق ،ثم ل�ه :تغتس�ل و ُت ِّ طه ُ تصل�ي؛ ففع�ل ،ثم قال لهما :إن ورائي رجًل�اً إن اتبعكام
لم يتخلف عنه أحد من قومه ،وسأرس�له إليكام اآلن ،إنه ٍ سعد َو َق ْو ِم ِه، س�عد بن معاذ ،ثم أخذ حربته وانصرف إلى وهم جلوس في ناديهم.
13
فلام نظر إليه سعدٌ ُمقبلاً ،قال :أحلف باهلل لقد جاءكم ُأ َس�يدٌ بغير الوجه الذي ذهب به؛ فلام وقف قال له س�عد: م�ا فعلت؟ ق�ال :كلم�ت الرجلين ،ف�واهلل م�ا رأيت بهام
ت أن بأسا ،وقد نهيتهام ،فقاال :نفعل ما أحببت ،وقد ُحدِّ ْث ُ ً
بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ،وذلك خ ِف ُر َ أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك؛ ل ُي ْ وك ،قال :فقام سعد مبادرا؛ تخو ًفا للذي ُذ ِك َر له من بني حارثة ،فأخذ ُم ْغ َض ًب�ا ً الحربة من يده ،ثم قال :واهلل ما أراك أغنيت شي ًئا.
ث�م خرج إليهام فلما رآهام مطمئنَّين -عرف أن ُأ َس� ْيدً ا
إنما أراد منه أن يس�مع منهام ،فوق�ف عليهام ُمت ََش�ت ًِّما ،ثم قال ألس�عد :يا أبا أمامة ،أما واهلل لوال ما بيني وبينك من
ت هذا مني ،أتغش�انا في دارن�ا بام نكره؟ - القراب�ة ما ُر ْم َ وق�د قال أس�عد ملصعب بن عمي�ر :أي مصع�ب ،جاءك
ن َو َراؤ ُه من قومهْ ، إن يتبعك ال يتخلف عنك واهلل َس� ِّيدُ َم ْ
أو َت ْق ُعدُ فتسمع :فإن منهم اثنان -قال :فقال له مصعبَ : أم�را ورغبت فيه قبلت�ه ،وإن كرهت�ه عزلنا عنك رضي�ت ً ما تك�ره؟ قال س�عد :أنصفت ،ثم رك�ز الحربة وجلس، فع�رض عليه اإلسلام ،وقرأ عليه الق�رآن ،ق�االَ :ف َع َر ْفنَا
14
واهلل في وجهه اإلسالم قبل أن يتكلم؛ إلشراقه وتسهله.
ث�م قال لهام :كيف تصنعون إذا أنتم أس�لمتم ودخلتم ف�ي هذا الدي�ن؟ قاالَ :ت ْغت َِس ُ ط َّه ُر و ُت َ �ل َف َت َ �ر ثوبيك ،ثم ط ِّه ُ تش�هد شهادة الحق ،فأس�لم ،ثم أخذ حربته فأقبل عامدً ا إل�ى نادي قومه ،ق�ال :فلام رآه قومه مقبًل�اً قالوا :نحلف
ب�اهلل لق�د رجع إليكم س�عد بغي�ر الوجه ال�ذي ذهب به، فلام وقف عليهم قال :يا بني عبد األش�هل ،كيف تعلمون ص ُلنَا و َأ ْف َض ُلنَا رأ ًيا وأيمننا أمري فيكم؟ قالوا :س�يدنا و َأ ْو َ َن ِقي َب ًة ،قالَّ : فإن كالم رجالكم ونس�ائكم َع َل َّي حرام حتى
تؤمن�وا باهلل وبرس�وله ،قاال :فواهلل ما أمس�ى ف�ي دار بني مسلما ومسلمة. عبد األشهل رجل وال امرأة إال ً
بيعة العقبة الثانية
مصعب ومعه س�بعون رجًل�اً يزيدون املوس�م واف�ى ٌ َ
اثنين أو خمس�ة ف�ي بعض الرواي�ات ،بينهم ُنس�يب ُة بنت ِ كعب من بني النجار ،وأسماء بنت عمرو من بني َس� ِل َم َة، ِ ن خمسامئة حاج من األوس والخزرج ،فتسللوا مثنى ض ْم َ
15
وفرادى للقاء رسول اهلل عند العقبة بمنى بعد ثلث الليل
من أوس�ط أيام التش�ريق؛ فجاء النبي ومع�ه عمه العباس عل�ى دي�ن قومه ،لكن�ه أراد أن يس�توثق الب�ن أخيه؛ فلام
اجتمع�وا قال له�م العباس :إن محمدً ا ف�ي عز من قومه، ومنَع ٍ �ة في بل�ده ،وقد أبى إال االنحي�از إليكم ،واللحوق َ َ َ بكم ،ف�إن كنتم وافين له بام دعوتم�وه إليه ،ومانعيه ممن خالف�ه ،فأنت�م وم�ا تحملت�م من ذل�ك ،وإن كنت�م ترون ن َ اآلن أنكم ُم ْس ِل ُمو ُه وخاذلوه بعد الخروج به إليكمَ ،ف ِم َ َفدَ ُع�و ُه؛ فقالوا :قد س�معنا ما قلت ،وقالوا لرس�ول اهلل:
تكلم فخذ لنفسك ولربك ما أحببت؛ فتال عليهم القرآن،
ب في اإلسلام ،ثم ق�ال :أبايعكم ودعاه�م إلى اهلل َو َر َّغ َ
على أن تمنعوني مام تمنعون به نساءكم وأبناءكم.
قال عبادة بن الصامت :با َي ْعنَا رس�ول اهلل بيعة الحرب
عل�ى الس�مع والطاع�ة ف�ي عس�رنا ويس�رنا ،ومنش�طنا �ر ٍة علين�ا ،وأن ال نن�ازع األم�ر أهله ،وأن ومكرهن�ا ،وأ َث َ نقول بالحق أينام كان ال نخاف في اهلل لومة الئم؛ فكانت ه�ذه البيع ُة بيع َة ح�رب ،والبيع� ُة في العقب�ة األولى بيعة
النس�اء ،ولم يك�ن قد أذن اهلل لرس�وله بالقت�ال؛ ثم قالوا
16
لرس�ول اهلل فام لنا إن َو َف ْينَا بذلك؟ ق�ال :الجنة! فأجابوا: �را ُء بن َم ْع ُر ٍ يل وال َن ْس� َت ِق ُ رضين�ا ال ُن ِق ُ ور بيده يل! فأخذ ال َب َ ث�م قال :نع�م ،والذي بعثك بالحق نب ًّي�ا َلن َْمنَ ُع َ ك مام نمنع
أز َر َنا(((؛ َف َبا ِي ْعنَا َيا رسول اهلل فنحن واهلل أبنا ُء الحرب، منه ُ كابرا عن كابر! وأهل َ الح َل َق ِة [السالح] ورثناها ً
فاعت�رض أب�و الهيثم ب�ن ال َّت ِّي َه�ا ِن -والب�راء يتكلم- فق�ال :يا رس�ول اهللَّ ، إن بيننا وبي�ن اليهود ِح َب�الاً ونحن
قاطعوها ،فهل عس�يت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك اهلل أن ترجع إلى قومك و َتدَ َعنَا؟ فتبس�م رس�ول اهلل ثم قال:
بل ال�دَّ ُم ال�دَّ ُم ،وا ْل َه�دْ ُم ا ْل َه�دْ ُم((( ،أنا منك�م وأنتم مني، ((( اإلزار :كل م�ا واراك وس�ترك ،وقي�ل :العف�اف ،ويكنى به عن النفس ،وعن املرأة .اللسان .18 ،17/4 ِ ُ ب ل ط إن أي: ال�دم، إه�دار الـه�دْ ُم :بإس�كان ال�دال وفتحه�ا: َ ((( َ دمك�م فق�د طل�ب دم�ي ،وإن أه�در دمك�م فق�د أه�در دمي، والـهدَ ُم بالتحريك :القبر واملنزل ،أي ُأ ْق َب ُر حيث ُت ْق َب ُر َ ونَ ،و َأ ْنزِ ُل َ حي�ث َتنْزِ ُل َ �ون ،ابن هش�ام ،85/2وفي عي�ون األثر :285/2 كان�ت العرب تقول عند الحلف والجوار :دمك دمي ،وهدمك أيضا :بل هدم�ي ،أي م�ا هدمت م�ن الدماء هدمت�ه أنا ،ويق�ال ً الل�دم اللدم ،والهدم الهدم ،فال َّلدْ ُم :جمع الدم وهم أهله الذين يلتدمون عليه إذا مات ،وهو من لدمت صدره إذا ضربته.
17
ب من حاربتم ،وأس�الم من ساملتم! وقالَ :أ ْخرِ ُجوا ُأ َحارِ ُ إلي منكم اثني عش�ر نقي ًبا ليكون�وا على قومهم بام فيهم، َّ فأخرج�وا تس�عة م�ن الخ�زرج وهم :أس�عد ب�ن زرارة،
وس�عد بن الربيع ،وعبداهلل بن رواح�ة ،ورافع بن مالك،
والبراء ب�ن معرور ،وعبداهلل بن عمرو ب�ن حرام ،وعبادة ب�ن الصام�ت ،وس�عد بن عب�ادة ،واملن�ذر بن عم�رو بن ُخنَ ْي ٍ س .وثالثة من األوس وهم :أسيد بن ُحضير ،وسعد
بن خيثمة ،ورفاعة بن املنذر .وكان َ أول من بايع ال َب َرا ُء بن معرور ،ثم بايع القوم.
ثم قال رسول اهلل (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم)ْ :ار َف ُّضوا إلى رحالِكم ،فقال له العباس بن ُع َبا َد َة بْن َن ْض َل َة :والذي
نى غدً ا بأسيافنا! بعثك بالحق إن شئت َلنَ ِمي َل َّ ن على أهل ِم ً
فقال (صلى اهلل عليه وعلى آله وس ��لم) :لم نؤمر بذلك ،ولكن ارجعوا إلى رحالكم.
ت علين�ا ِج َّل ُة قريش َف َر َج ْعنَ�ا فنمنا ،فلما أصبحنا َغدَ ْ
معش�ر الخ�زرج ،إنه ق�د بلغنا أنك�م قد جئتم فقال�وا :يا َ
إلى صاحبنا هذا تس�تخرجونه م�ن بين أظهرنا ،وتبايعونه
18
�ي من العرب َأبْ َغ َض إلينا عل�ى حربنا ،وإنه واهلل َما ِم ْ ن َح ٍّ
ن هناك �ب الح�رب بيننا وبينهم منك�م؛ فانبعث َم ْ أن َتن َْش َ
من مش�ركي قومنا يحلفون باهلل ما كان من هذا شيء وما صدَ ُقوا لم يعلموه ،ق�ال :وبعضنا ينظر إلى علمن�اه ،وقد َ
بعض.
انزعاج قريش من مبايعة األوس والخزرج للنبي (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم)
ً األوس والخ�زرج بايعوا روي :أن�ه ملا بلغ قريش�ا أن ْ
النبي َغدَ ْوا عليهم فابتدأهم عتبة بن ربيعة فقال :يا معش�ر �ز َرج ،بلغن�ا أنكم بايعتم محم�د ًا على ٍ َ أمر، األوس والخ ْ وواهلل م�ا أح�د أبغ�ض إلين�ا وإليكم مم�ن أنش�أ العداوة
بينن�ا وبينكم ،وتكلم أبو س�فيان بن ح�رب فقال :يا أهل يثرب ،ظننتم أنكم تخدعون أخانا وابن عمنا وتخرجونه
عن�ا! فقال حارثة بن النعمان :نخرجه واهلل معنا وإن رغم أنف�ك ،وازدحم الكالم بين الفريقين حتى ضرب عبداهلل بن رواحة بيده إلى سيفه وهو يرتجز ويقول:
19
َ اآلن َل َّما َأ ْن َتبِ ْعنَا ِدينَــ ُه ار ْضت ُُمو َنا ُف َت َبا ِد ُرو َنـ ُه َع َ
ت َأ ْي َما ُننَــا َي ِميـنَـ ُه َوبَا َي َع ْ و َق ْب َل َه َذا ا ْل َي ْو ِم َت ْشتِ ُمو َن ُه
وقال عتبة بن ربيعة :يا معشر األوس والخزرج ،لسنا
نح�ب أن ينالك�م عل�ى أيدينا أم�ر تكرهونه ،وه�ذه أيام ش�ريفة ،وقد رأينا أن نعرض عليكم أم�ر ًا ،فقالوا :ما هو
ي�ا أبا الوليد؟ قال :تتركون هذا الرجل عندنا وتنصرفون، عل�ى أن ُن ْعطِيكُم عليه عه�د ًا ال نؤذيه وال أحد ًا ممن آمن به ،وال نمنع�ه أن يصير إليكم ،ولكن نجعل بيننا وبينكم
ثالث�ة أش�هر ،ف�إن رأى محم�د بعده�ا اللح�وق بكم لم
نمنع�ه ،فتكل�م النبي فحم�د اهلل وأثن�ى عليه وق�رأ آيات من األنعام ،ثم أقبل عل�ى األوس والخزرج ،وقال إنكم تكلمت�م ب�كالم أرضيت ُُم اهلل ب�ه ،فالحم�د هلل على ذلك،
س�معت مقالة القوم ،فإن أرادوا خيرا ،وإال فاهلل لهم وقد ُ
باملرصاد.
َ ْ ْ َ َ ىَ ُ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ��د َم َك َر ذَّال َ اهلل بنيانهم ِي��ن مِن قبلِ ِه��م ف��أت }ق ِّ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َّ ْ ُ َ ْ ْ ََ َ ُ َ اهمُ من القوا ِع ِد فخر علي ِهم الس��قف مِن فوق ِِهم وأت ْ َ َ ُ ْ َ ْ ُ اَ َ ْ ُ ُ َ العذاب مِن حيث ل يشعرون{ [النحل ،آية .]26 20
ت عليه من صبر ُ وإن�ي أراهم طلبوا منكم أجلاً و م�ا ْ
أذنت لكم أكث�ر من ه�ذا األجل ،وق�د أمره�م إل�ى اآلن ُ ُ
باالنص�راف إلى بلدك�م ،فانصرفوا راش�دين جزاكم اهلل
عن نبيكم خ ْي ًرا.
فعن�د ذلك ارتحلوا إلى املدين�ة ،ورجعت قريش إلى
منازله�ا ،وجع�ل النبي (صل ��ى اهلل عليه وعلى آله وس���لم) يأمر أصحاب�ه بالهجرة إل�ى املدينة ،فجعل�وا يخرجون واحد ًا ٍ واحد والنبي (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) مقيم بمكة. بعد
أثم�ر جه�د النب�ي (صل ��ى اهلل علي���ه وعل���ى آل���ه وس���لم)
وجه�اده بلق�اء هاتي�ن القبيلتي�ن اليمنيتي�ن الكريمتي�ن
(األوس والخزرج) ،وإذا كان لليمنيين أن يفخروا بشيء م�ن ماضيهم؛ فله�م أن يفخروا باألنص�ار الذين ارتبطوا
بالنبي (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) حيا ًة ومو ًتا ،والذين قال
�ات َم َما ُتك ُْم» ،و« َل ْو اَل فيهم« :ا َمل ْح َي�ا َم ْح َياك ُْمَ ،وا َمل َم ُ ْ�ت ا ْم َ�ر ًأ ِم َن األَ ْن َص ِ �ار» ،وه�م الذين قال الهِ ْج َ�ر ُة َل ُكن ُ ون ِعنْدَ ال َف َ�ز ِعَ ،و َت ِق ُّل َ فيه�م« :إِ َّنك ُْم َم�ا َع ِل ْمت ُْم َت ْك ُث ُر َ ون ِعنْدَ ال َّ ط َم ِع». 21
مل�ا علم�ت قري�ش م�ا كان م�ن األنص�ار ومبايعتهم (ص َل� �وَ ُ للرس�ول َ هلل ع ََل ْي� � ِه وَع ََلـ ��ى آلِــ��� ِه) اش�تدَّ أذاه�م على ات ا ِ
م�ن بمك�ة م�ن املس�لمين فأمره�م رس�ول اهلل بالهج�رة إل�ى املدين�ة ،وهذه صفة القائ�د العظيم ال�ذي يهتم بأمته
وي�رأف بهم فبادر بعضه�م إليها في خفاء وتس�تر ونزلوا على األنصار في دوره�م ،فأكرموا نزلهم ،وآووهم ،فلام
علمت قريش أحس�وا بالخط�ر ،وأرادوا أن يتالفوا األمر قبل أن يفلت من أيديهم حسب زعمهم ،فعقدوا اجتامع ًا
طارئ� ًا في دار الندوة ال�ذي كانوا يجتمع�ون فيه ،حضره جميع زعامء قريش ومشائخها.
فق�ال خطيبه�م :يا قوم إن أم�ر محمد قد ذاع ف�ي البلدان وباتت األمور تخرج عن نِطاق السيطرة فأوجدوا لنا حالً.
أمية بن خلف :نحبس محمد ًا حتى يذوق طعم املنون.
أح�د الزعماء :بئ�س الرأي هذا الرأي؛ إنه س�يثير س�خط املسلمين علينا ،وقد يأتي من يخرجه من بيننا.
فقال عتبه وأبو س�فيان :نركب محمد ًا على ذلول صعب فنوثق رباطه عليه ،فنخرجه من مكة فيقطعه في الشعاب واألودية ،أو يتيه في الصحراء فيموت.
22
أبو جهل :إني قد رأيت لكم رأي ًا سديد ًا.
القوم :ما هو يا أبا جهل أخبرنا.
أبو جهل :نختار من كل قبيلة رج ً ال متقلد ًا س�يف ًا حس�ام ًا حتى إذا غس�ق الليل هجموا عليه في بيته وضربوه ضربة رجل واحد فيريحونا منه. القوم :إن بني هاشم ستقوم بثأره.
أب�و جهل :كال يا قوم ،إن دمه س�يتفرق بي�ن القبائل ،فال تس�تطيع بن�و هاش�م األخ�ذ بث�أره ،فلا يجدون ب�د ًا من القبول بالدية. القوم :نعم الرأي رأيك يا أبا جهل.
ب�دأ العم�ل بالتخطي�ط له�ذه الجريمة واإلع�داد لها
ظن ًا منهم أن هذه الجريمة س�تريحهم وس�يتخلصون من
محم�د ودعوته متجاهلين قوة اهلل القاهر وش�دة بطش�ه، وأن�ه ال يخف�ى علي�ه ش�يء ف�ي األرض وال ف�ي السماء
س�بحانه وتعال�ى ،فقد نج�ى أنبياءه في أحل�ك الظروف وأش�دها ،نج�ى نوح ًا وإبراهيم وموس�ى وس�ائر األنبياء
(عليهم السالم).
23
ٍ أجواء م�ن الس�رية والتكت�م كان يخطط زعامء وف�ي
قري�ش وال يعلم�ون أن اهلل يعل�م الس�ر وأخف�ى ،ويعلم خائنة األعين وما تخفي الصدور ..أرسل اهلل أمين الوحي
جبريل (عليه الس�ل�ام) في رسالة عاجلة تكشف لرسول اهلل (ص َلوَ ُ َ هلل ع ََل ْي ِه وَع ََلـى آلِــ ِه) ما خفي عنه فأخبره جبريل بالخبر ات ا ِ
َ ْ َ ْ ُ ُ َ ذَّ َ َ َ ْ ْ ُ َ َ ِين كف ُروا يِلُثبِتوك أ ْو وتال علي�ه} :وإِذ يمكر بِك ال َ ْ ُ ُ َ َ ْ خُ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ُ َ ُرْ يقتلوك أو ي ِرجوك ويمكرون ويمكر اهلل واهلل خي َْ الماك ِِرين{[األنفال .]30:فقرر (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم) الهجرة إلى يثرب حيث األنصار الصادقين في انتظاره.
إلى مدينة يثرب أتى من اهلل قرار بالهجرة ملا لم َت ُعد بيئة مكة أرضية صالحة ألن ينش�أ فيها نبت
اإلسلام الط ِّي�ب أتى ق�رار بالهجرة أمر ًا من اهلل س�بحانه وتعال�ى ف�ي آي�ات متعددة ف�ي الق�رآن الكريم أت�ى فيها
اإلذن بالهجرة.
24
ف�ي املقابل س�نة اهلل في االس�تبدال قائمة واملش�روع
اإلله�ي ال يتعط�ل ،إذا كان هن�اك مجتمع منغل�ق ،خانع
وخاضع للمستكبرين ،يعيش التبعية العمياء ،واالنغالق الت�ام ،ال يس�مع وال يبص�ر ،ال يهت�دي ،ال يذعن للحق،
ال يقب�ل بالن�ور ،فس�نة اهلل ف�ي االس�تبدال قائم�ة ،تأت�ي
مجتمع�ات أخرى ،مجتمعات مختلف�ة تامم ًا ،مجتمعات
تبص�ر ،تس�مع للح�ق ،تتقب�ل الح�ق ،لديه�ا ف�ي واقعها النفس�ي واملعنوي م�ا يؤهلها لالنفتاح عل�ى هذا الحق..
[المصدر السابق]
ودخل ه�ذا املجتمع التاريخ من أوس�ع أبوابه ،فكان
ه�و املجتم�ع ال�ذي آوى ،وكان ه�و األرضي�ة التي نبت
فيه�ا نبت اإلسلام العظي�م والطيب ،وكان ه�و املجتمع الذي شكَّل اللبنة الفاعلة والصلبة والقوية لنشوء الكيان
اإلسالمي ،فهو املجتمع الذي آوى واستقبل املهاجرين،
آوى الرس�ول ونصره واس�تقبل املهاجرين ،وش�كَّل مع املهاجرين نواة عظيمة وصلبة وقوية لحمل راية اإلسالم،
فكان له ميزات مهمة[..المصدر السابق]
25
بعض مميزات المجتمع المدني ونأتي إلى بعض امليزات لهذا املجتمع من خالل نص
نبوي ،الن�ص القرآني :يقول اهلل س�بحانه قرآن�ي ،ون�ص ّ ّ
وتعال�ى – بعدم�ا تح�دث ع�ن املهاجري�ن تح�دث ع�ن
َ ذَّ َ َ َ َّ ُ َْ َّ َ َ َ َ اإليمان مِن قبلِ ِه ْم األنص�ار} :-والِين تيَبوؤوا ادلار و ِ حُ ُّ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ جَ ُ َ ُ ُ وره ِْم يِب��ون من ُ هاج��ر إِل ِه��م ولَىَال َ ِ ي��دون يِف َ ص اَد ِ ُ َ َ َ ً ِّ َّ ُ َ ُ ْ ُ َ ��ه ْم َول ْو كن ب ِ ِه ْم حاجة مما أوتوا ويؤث ِرون ع أنف ِس ِ َ َ َ ٌ خصاصة{[الحشر.]9: املجتمع ف�ي مكة كان مجتمع طم�ع ،مجتمع مادي،
مجتم�ع يلهب وراء أن يأخذ بأي حال بأي أس�لوب بأي طريق�ة ،املجتمع في املدينة -مجتم�ع األوس والخزرج
كان مجتمع� ًا معط�ا ًء ،مجتمع� ًا كري ًام ،مجتمع ًا س�خي ًا،فكان�ت هاتان الحالتان تش�كالن عام ً ال مه ًام في الفوارق الكبي�رة بي�ن مجتم�ع جدي�ر ومهي�ئ وقابل لحم�ل هذه الرسالة ،ومجتمع ليس مستعد ًا لتق ُّبلها[ ..المصدر السابق]
املجتم�ع ه�ذا كان على درج�ة عالية من االس�تعداد
للتضحي�ة والبذل والعط�اء ،مجتمع ًا كري ًام وس�خي ًا بكل
26
ما تعنيه الكلمة ،كان في اس�تعداده للعطاء ،في استعداده للتضحي�ة ،في اس�تعداده للب�ذل ،فيام يقدم ،فيما يعطي،
كان إل�ى مس�توى هذه الدرج�ة الفريدة العظيم�ة املهمة:
َ ُ ْ ُ َ لَىَ َ ْ ُ ْ َ َ ْ اَ َ ْ َ َ َ ٌ س ِهم ولو كن ب ِ ِهم خصاصة{. }ويؤث ِرون ع أنف ِ
قد ُيعط�ي الغني وهو متمكن ،ويعط�ي قلي ً ال مام لديه
م�ن ث�روة ،وضمن حس�اباته التي يرى فيها أنما أعطاه ال يؤثر على ثروته وإمكاناته ،لكن الحالة التي يؤثر اإلنسان
فيها على نفس�ه هي الحالة التي يق�دم فيها لقضيته ،يقدم
فيه�ا ملبادئ�ه ،ألخالقه ،يقدم فيها على حس�اب مصلحته الشخصية ،وهل اإلنسان خاسر في هذا؟ ال.
ه�ؤالء الذين ه�م أهل عطاء ،ه�ؤالء الذين يحملون
روحي�ة العط�اء ب�كل أش�كاله ه�م البن�اة الحقيقي�ون للمجتمع�ات الكبرى ،هم الف َّعال�ون ،واملؤهلون لحمل القضاي�ا الكبي�رة ،واملواق�ف العظيم�ة واملهم�ة ،ه�م
االس�تثنائيون في التاريخ ،هم ال ُبنَاةُ ،هم املؤسس�ون ،هم الذي�ن يصلح�ون ألن يكونوا رافع� ًة حقيقية للمش�اريع الكب�رى واملهم�ة ،هم الف َّعال�ون والعملي�ون ،أما أولئك فمك َّبل�ون ُّ �ح ،بالطم�ع ،بالجش�ع ،بالح�رص ،ال بالش ّ
27
يؤهله�م ذلك ألن يكونوا راقي�ن ،إنام يهيئهم ألن يكونوا منحطين؛ ألن الطمع والجش�ع ُّ يذل اإلنس�ان ،الطمع كام
قال اإلمام علي (عليه السالم)ٌّ : «رق مؤبَّد» ،رِ ّق ،عبودية، الطم�ع ه�و مهانة ،هو خ�زي ،هو ِخ َّس�ة ،ه�و انحطاط،
ه�و دناءة ،ال َّ طمع األعمى والجش�ع يهين اإلنس�ان ،يذل
اإلنس�ان ،يجع�ل اإلنس�ان يخض�ع للباط�ل أو يتَّجه في صف الظاملين واملس�تكبرين فيامرس معه�م وفي ص ِّفهم
أي جرائم ،وأي فظائع مهام كانت؛ لينال شيئ ًا منهم.
أم�ا أولئك الذي�ن يحمل�ون روحية العط�اء والبذل،
ه�و يفك�ر في كيف يق�دم ،وهو يقدم حتى ف�ي الظروف الصعبة ج�د ًا ،هؤالء ه�م الصابرون ،هم االس�تثنائيون، هم األقدرون على حمل املش�اريع املهمة والكبرى ،هذه ميزة ،ميزة هيأتهم لحمل الرسالة اإللهية[..المصدر السابق]
إنهم رجال بما تعنيه الكلمة
(ص َل���وَ ُ الن�ص النب�وي فيما روي عن رس�ول اهلل َ هلل ات ا ِ ع ََل ْي� � ِه وَع ََلـ ��ى آلِــ� � ِه) وه�و يقول له�م ..يثني عليه�م« :إنكم
م�ا علمت�م» يعني كما أنتم تعلم�ون وتعرفون أنفس�كم
28
«تكث�رون عند الف�زع ،وتقلون عند الطم�ع» اهلل أكبر م�ا أعظ�م هذه الصف�ة! رجال! رج�ال بام تعني�ه الكلمة، تكث�رون عن�د الف�زع ،عند األخط�ار ،وعن�د التحديات،
ته ُّب�ون وتتحرك�ون وتظه�رون وتأت�ون وته ُّب�ون .أما إذا املسألة مسألة أطامع ومصالح شخصية تق ُّلون .ليس هناك
ازدحام من جانبهم ،إذا املس�ألة مسألة غنيمة أو مكاسب مادية ،ليس هناك ذلك االزدحام ،وذلك التهافت.
كانوا على هذا املس�توى ،كام قالوا هم عن أنفس�هم - صدُ ٌق ص ُب ٌر عند الحربُ ، يخاطبون رس�ول اهلل « :-وإنا َل ُ عن�د اللق�اء» ،كانت ه�ذه املواصف�ات املهم�ة والروحية
أهلته�م ألن يك�ون املجتم�ع ال�ذي يحمل العالي�ة الت�ي َّ رس�الة اهلل ،يحمل راية اإلسلام ،يأوي وينصر ويستقبل
ويحتض�ن ويتحرك بكل جد َّية ،يعطي لهذه الرس�الة كل
ش�يء ،يعط�ي النف�س ،يعط�ي امل�ال ،ولكنه ف�ي املقابل
األبدي، العز كس�ب كل ش�يء ،كس�ب رضا اهلل ،كس�ب ّ ّ كس�ب الش�رف الذي ال يس�اويه ش�رف ،كس�ب املكانة التاريخي�ة ،وح ّقق الكثير ،وحق�ق اهلل على يديه الكثير.. [المصدر السابق]
29
وبهذا نالوا الشرف العظيم األنصار هؤالء األوس والخ�زرج القبيلتان اليامنيتان
نالوا هم الش�رف العظيم الذي خس�ر ُه مجتمع قريش في
أكثره مجتمع قريش في أكثر الذي واجه الرسالة والرسول بالخص�ام األل�د بالنك�ران والتكذي�ب بالكف�ر والعن�اد
بالبغض�اء واألحق�اد بالتصل�ب كان هن�اك مجتمع بديل
َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ اَ وكام قال اهلل س�بحانه وتعالى} :ف��إِن يكف ْر بِها هؤلءِ َ َ َ َ ْ َ لَّ ْ َ َ َ ْ ً َ ْ ُ َ فقد وكنا بِها قوما ليس��وا بِها بِكاف ِِرين{[األنعام]89:
وهنا نس�تذكر هذه املنقبة التي ينبغي أن يتطلع إليها شعبنا ٍ عظيمة في تاريخه، اليمني العظيم بصفحة بيضاء صفحة األنص�ار الذين هم من أصل يمني من اليامنيين هم حظوا
به�ذا الش�رف ،ش�رف أن يكون�وا ه�م البيئة الت�ي تنصر وت�ؤوي وتؤيد وتحمل لواء الح�ق والعدالة وتحمل قيم
اإلسلام وتستقبل الرس�ول الذي أراد قومه في مكة قتله
وتآمروا عليه حتى شخصي ًا وتنكروا لرسالته العظيمة.
هي�أ اهلل له�ؤالء األنص�ار اليامنيين أن يكون�وا هم من
يؤمن�ون من ينصرون من ي�أوون من يتقبل هذه الرس�الة
30
ٍ وصدق ب�كل رحاب�ة ص�در ومحب�ة وعش�ق وإخلاص
وم�ودة فحظوا بش�رف عظي�م ما بع�ده ش�رف[..المصدر
السابق]
وهك�ذا كانت حكاي�ة األنص�ار (األوس والخزرج)
القبيلت�ان اليامنيت�ان ،اللت�ان بادرتا إلى اإلسلام ،ثم كان لهام ش�رف النصرة وش�رف الدور املتميز ف�ي الدفاع عن
اإلسالم وفي اإليواء للرسول وللمهاجرين ،فيام بعد أقبل أه�ل اليمن إلى اإلسلام من خالل وف�ود كانت تفد إلى هلل ع ََل ْي ِه وَع َ (ص َل� �وَ ُ الرس�ول َ َلـ ��ى آلِــ ِه)[ .جمعة رجب للس�يد عبد ات ا ِ
الملك لعام 1438هـ]
وكانوا بمستوى المسؤولية ولق�د كان�وا بمس�توى املس�ؤولية والتاري�خ يثب�ت هذا
وننق�ل ص�ورة فقط م�ن ثباته�م ووفائهم :فف�ي معركة بدر (ص َل� �وَ ُ توج�ه الرس�ول َ هلل ع ََل ْي� � ِه وَع ََلـى آلِــ ِه) إل�ى مخاطبتهم ات ا ِ
قائالً:
«أيها الناس :إن قريش ًا قد أقبلت في جيش لحربنا 31
فام ترون ،أشيروا علي» وكان يريد األنصار.
فق�ام س�عد بن معاذ وق�ال :واهلل لكأنك تريدنا يا رس�ول
اهلل.
قال رسول اهلل« :أجل».
فامض يا فقال س�عد بن معاذ :قد آمنا ب�ك وصدقناك ِ
رس�ول اهلل فوالذي بعث�ك بالحق لو اس�تعرضت بنا هذا
صدُ ٌق لص ُب ٌر عند الحرب ُ البحر فخضته لخضناه معك إنا ُ
عند اللقاء.
(ص َلوَ ُ َف ُس َّر رسول اهلل َ هلل ع ََل ْي ِه وَع ََلـى آلِــ ِه) بهذا الجواب ات ا ِ
الق�وي وأثلج صدره وقال« :س�يروا على بركة اهلل فإن اهلل ق�د وعدني إحدى الطائفتي�ن واهلل لكأني انظر إلى مصارع القوم». الرسول يعلي من شأن األنصار بعد معركة حنين
ُ رس�ول اهلل ـما أعطى عن أبي س�عيد الخ�دري قالَ :ل َّ
(صلى اهلل عليه وعلى آله وس ��لم) ما أعطى من تلك العطايا في
32
قري�ش وف�ي قبائ�ل العرب ،ول�م يكن في األنص�ار منها
الح�ي من األنص�ار في أنفس�هم حتى ش�ي ٌء؛ َو َج�دَ هذا ُّ ُ رس�ول اهلل ت منه�م ال َقا َل ُة((( ،حتى قال َقا ِئ ُل ُه ْم :لقي �ر ْ َك ُث َ
(صلى اهلل عليه وعلى آله وس ��لم) قو َمه! فمش�ى سعد بن عبادة إلى رس�ول اهلل (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم) وقال :إن هذا الح�ي م�ن األنص�ار قد َو َج�دُ وا علي�ك في أنفس�هم لِ َما َّ
�ت في ه�ذا الفيء :أعطي�ت قومك وس�ائر العرب صنَ ْع َ َ عطاي�ا ِع َ ظا ًما! ولم ي�ك في هذا الحي م�ن األنصار منها أنت من ذلك يا س�عد؟ ق�ال :ما أنا إال ش�يء! قال :فأين َ
م�ن قومي! قال :فاجمع لي قو َمك في هذه الحظيرة؛ فلام
اجتمع�وا جاءه�م ،وجاء رجال م�ن املهاجري�ن فتركهم
فدخلوا ،وجاء آخ�رون َف َر َّد ُه ْم! فحمد اهلل وأثنى عليه ثم ((( قال :يا معش�ر األنص�ار ،ما َقا َل ٌة بلغتني عنك�م؟ َو ِجدَ ٌة وجدتموها َع َل َّي في أنفسكم؟! ألم آتِكُم ُضلاَّلاً َف َهدَ اك ُُم ((( القال�ة :الكالم الب�ذيء ،أي قالوا :يغفر اهلل لرس�ول اهلل! يعطي
ً قريشا ويتركنا! وسيوفنا تقطر من دمائهم. َ ((( ِ ص ُل َها وِ ْجدَ ةٌ؛ فحذفت ال�واو تخفي ًفا؛ ألنها الج�دَ ةُ :الغ َ �ب ،أ ْ َض ُ ط َر ِ في ال َّ ف.
33
ن ُق ُلوبِك ُْم؟! اهللُ! َو َعال� ًة َف َأ ْغنَاك ُُم اهللَُ ،و َأعْدَ ا ًء َف َأ َّل َ ف اهللُ بَ ْي َ ن َو َأ ْف َض ُ �ل! ث�م ق�ال :أال ور ُس�و ُل ُه َأ َم� ُّ قال�وا :بل�ى ،اهللُ َ
ُت ِ جي ُبو َننِي يا َم ْع َش َر األنصار؟ قالوا :بامذا نجيبك يا رسول ن َوال َف ْض ُ �ل! قال (صلى اهلل عليه وعلى اهللِ؟ هللِ َولِ َر ُس�ولِ ِه ا ْل َم ُّ
صدِّ ْقت ُْم: ُ�م َو َل ُ آله وس ��لم)َ :أ َما َواهللِ َل ْو ِش� ْئت ُْم َل ُق ْلت ُْم َف َل َ صدَ ْقت ْ َص ْر َن َ صدَّ ْقن َ �اكَ ،و َ خ ُ َ�اكَ ،و َم ْ طرِ يدً ا �ذولاً َفن َ َأ َت ْي َتنَ�ا ُمك ََّذبً�ا َف َ َ ((( آو ْين َ صارِ آس� ْين �ر ا َلأْ ْن َ َف َ َاك ! َأ َو َجدْ ت ُّْم َيا َم ْع َش َ َاكَ ،و َعا ِئلاً َف َ ٍ ت ب َِها َق ْو ًما لِ ُي ْس ِل ُموا ن الدُّ ْن َيا َت َأ َّل ْف ُ فِي أ ْن ُف ِسك ُْم فِي ُل َعا َعة((( ِم َ َو َو َك ْل ُتك ُْم إِ َلى إ ِْسَل�اَ ِمك ُْم؟! َألاَ َت ْر َض َ صارِ ون َيا َم ْع َش َر األَ ْن َ ِالش�ا ِة َوا ْل َب ِعيرِ َو َت ْر ِج ُعوا ب َِر ُس ِ َّاس ب َّ ول اهللِ إِ َلى ب الن ُ َأ ْن َي ْذ َه َ ون بِ ِه َخ ْي ٌر ِم َّم�ا َينْ َق ِل ُب َ ـم�ا َتنْ َق ِل ُب َ ون بِ ِه! ُ�م؟! َف َو اهللِ َل َ رِ َحالِك ْ �ذي ن ْف�س م ٍ ج َر ُة َل ُ ن كن ُ ْ�ت ا ْم َر ًأ ِم َ �وال الهِ ْ ح َّمد بِ َيد ِه َل ْ َف َوا َّل ِ َ ُ ُ َ َّاس ِش ْع ًبا َو َس َلك ِ صارِ َ ،و َل ْو َس� َل َ ار ِش ْع ًبا َت األَ ْن َ ك الن ُ الأْ َ ْن َ ص ُ �ارَ ،و َأبْنَا َء َل َس� َلك ُ �م ْار َح ِم األَ ْن َ صارِ ؛ ُ ب الأْ َ ْن َ ْت ِش� ْع َ ص َ الله َّ ص�ارِ َ ،و َأبْنَ�ا َء َأبْن ِ صارِ ! قال :فبك�ى القو ُم حتى َ�اء األَ ْن َ األَ ْن َ (( ( آسيناك :أعطيناك حتى جعلناك كأحدنا. ((( ال ُّل َعا َع ُة :بالضم :البقية اليسيرة.
34
ِ ْ برس�ول اهلل وه�ا] ،وقالوا :رضينا �م [بَ َّل ُل َ ح ُ أخ َض ُل�وا لِ َ اه ْ
ُ وح ًّ رس�ول اهلل (صل���ى اهلل عليه وعلى ظ�ا ،ثم انصرف �ما َ َق ْس ً
آله وسلم) وتفرقوا.
من هم األوس والخزرج؟ ف�ي ق�ادم التاري�خ كان األوس والخ�زرج القبيلت�ان (ص َل���وَ ُ اليامنيت�ان ذخ�ر ًا لنص�رة النب�ي َ هلل ع ََل ْي ِه وَع ََلـ���ى آلِــ ِه) ات ا ِ
واملؤرخ�ون يذك�رون في التاري�خ أنه حينام ذه�ب ( ُت َبع)
اليامن�ي ووص�ل إلى تل�ك املنطق�ة ،الت�ي وردت آثار في
آثار األنبياء الس�ابقين أنه�ا ُم َهاجر خات�م األنبياء ،ما بين
[عي�ر وأحد] جبلان ،تلك البقعة ما بي�ن هذين الجبلين
أنها مهاجر خاتم األنبياء وس�يد املرس�لين ،تحكي اآلثار ويحك�ي التاري�خ أن (تبع) حينام وصل إل�ى هذه املنطقة
خلف فيها هاتين القبيلتين ليبقيا في ذلك املكان ويس�كنا
فيه ،ويستقرا فيه ،ويرابطا فيه ،ويبقيا حتى يأتي هذا النبي ويهاجر إلى تلك البقعة فيكونان أنصار ًا له.
وفع ً لا بق�ي األوس والخ�زرج ،واس�توطن األوس
35
والخزرج تلك البقعة وعمروها وس�كنوا فيها واستقروا
فيها جي ً ال بعد جي�ل ،حتى أتى الوعد اإللهي ،وحتى أتى خاتم األنبياء رسول اهلل محمد (صلوات اهلل وسالمه عليه وعلى
آل ��ه) فكانوا هم األنصار الذين اس�تجابوا بكل رغبة ،كان
انتامؤهم لإلسلام ،انتامء اإليامن ،وانتامء النصرة والجهاد (ص َل َ���و ُ ورفع راية اإلسلام واإليواء لرس�ول اهلل َ هلل ع ََل ْي ِه ات ا ِ
وَع ََلـ ��ى آلِــ� � ِه) فكان�وا كام ق�ال اهلل عنه�م في كتاب�ه الكريم:
َ ذَّ َ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ َ ْ َ ْ حُ ُّ َ َ ْ اإليمان مِن قبلِ ِه ْم يِبون من }وال ِي��ن تبوءوا ادلار و ِ ْ َ َ ً َّ ُ ُ َ َ َ يَ ْ ْ َ جَ ُ َ ُ ُ ورهِم حاجة مِما أوتوا هاجر إِل ِهم وال ِ يدون يِف صد ِ َ ُ ْ ُ َ لَىَ َ ْ ُ ْ َ َ ْ اَ َ ْ َ َ َ ٌ س ِهم ولو كن ب ِ ِهم خصاصة{. ويؤث ِرون ع أنف ِ
كان�وا هم الذي�ن تب�وءوا الدار ،س�كنوا تل�ك البقعة
وس�بقوا إليها منذ القدم منذ زمن بعيد ،منذ أجيال بعيدة، س�بقوا إليه�ا وتواج�دوا هن�اك ليكون�وا ذخ�ر ًا للنصرة، وحي�ن أتى املوع�د كانوا ه�م األوفياء م�ع الوعد اإللهي
واملستجيبين بشكل مسارع }تبوءو ادلار واإليمان{ وما أعظم هذه العبارة ،اس�توطنوا اإليامن كام استوطنوا الدار، إيامن راس�خ ،إيامن ثابت ،إيامن عظيم} ،من قبلهم{ من
قبل املهاجرين اآلخرين.
36
ق�ال عنه�م أيض ًا في عب�ارة مهمة وعظيم�ة في كتاب
اهلل الكري�م ،وه�و يحكي عن ما قبل هج�رة النبي إليهم، يحك�ي عن تعن�ت الكافرين في مكة ،ع�ن تعنت قريش
َ ْ َ ْ ُ َ َٰ ُ اَ َ َ ْ لَّ ْ َ َ َ ً حينام قال} :فإِن يكف ْر بِها هؤلءِ فقد َوكنا بِها ق ْوما َْ ُ َ َ َ ليسوا بِها بِكاف ِِرين{. فم�ن هم هؤالء املوكل�ون؟ من هم ه�ؤالء الذين كانوا
ذخ�ر ًا إلهي� ًا؟ جعله�م اهلل س�بحانه وتعال�ى معدي�ن له�ذه
املس�ئولية ،وله�ذا ال�دور ولالضطلاع به�ذه املس�ؤولية، وللتحمل لهذه املسؤولية العظيمة ،ولنيل هذا الشرف ،لنيل
هذا الش�رف الكبير ،األنصار (األوس والخزرج) القبيلتان
اليامنيتان[ .المحاضرة األولى من محاضرات المولد لعام 1439هـ]
الرسول يختص أهل اليمن باإلمام علي عليه السالم ولك�ن بع�د ذل�ك كان الدخ�ول الكبي�ر والواس�ع
والش�عبي بش�كل عام ،بعث الرس�ول (صلى اهلل عليه وعلى
آله وس ��لم) رج ً لا اختصه لهذه املهمة ه�و اإلمام علي (عليه
37
الس�ل�ام) ،وكان ابتعاثه له إل�ى اليمن له داللة على األهمية (ص َلوَ ُ واملكانة العالية ألهل اليمن لدى الرس�ول َ هلل ع ََل ْي ِه ات ا ِ
وَع ََلـى آلِــ ِه) ،علي (عليه الس�ل�ام) بمكانته العظيمة في اإلسالم (ص َلوَ ُ في مقامه الكبير باعتباره في مدرس�ة الرس�ول َ هلل ات ا ِ
ع ََل ْي ِه وَع ََلـى آلِــ ِه) في مقامه اإليامني ،الرجل الذي عبر الرسول
عن مكانته بقوله« :علي مني بمنزلة هارون من موسى إال أن�ه ال نبي بعدي» ومن مقام�ه الذي تحدث عنه في نص�وص أخ�رى أن�ه« :ال يحب�ه إال مؤم�ن وال يبغضه إال مناف�ق» ،وغي�ر ذلك مام تحدث به الرس�ول عنه ،مام
يعب�ر عن املكان�ة الكبيرة لإلم�ام علي (عليه الس�ل�ام) .لقد
كان ابتعاث�ه لإلمام علي على وج�ه الخصوص هو ليقوم ب�دور كبير في دع�وة أهل اليمن إلى اإلسلام .وأتى إلى
اليمن وبقي لش�هور متعددة يتح�رك في اليمن في مناطق
مختلف�ة ،وصل إلى صنعاء ووصل إلى مناطق أخرى في اليم�ن ،ف�كان أن أقبل أهل اليمن وأس�لموا بش�كل كبير
وجامع�ي على يد اإلم�ام علي (علي���ه الس�ل�ام)[ .جمعة رجب
للسيد عبد الملك لعام 1438هـ]
38
في الجمعة األولى من شهر رجب كان هناك اإلسالم الواسع ألهل اليمن فف�ي الجمع�ة األول�ى م�ن ش�هر رج�ب كان هن�اك
اإلسالم الواسع ألهل اليمن ،والذي أسس لهذه املناسبة في الذاكرة وفي الوجدان التاريخي ألهل اليمن ،فكانت مناس�بة عزي�زة يحتف�ي بها أه�ل اليمن ،فكلما تأتي هذه
املناس�بة في كل عام ،الجمعة األولى من شهر رجب وما عرف في الذاكرة الشعبية بالرجبية.
فإذا هذا اإلقبال والواس�ع إلى اإلسلام طوع ًا ورغبة
وقناع�ة ،وكان دخ�وال صادق�ا وعظيما ومتمي�زا ،أه�ل
اليم�ن ،س�واء م�ن كان منهم مهاج�ر في مك�ة مثل عامر وأس�رته ،املقداد وغيرهام ،مثل ماهي حكاية األنصار في
يث�رب املدينة ،مثل ما ه�و الواقع في الوفود التي توافدت م�ن اليم�ن والجامهي�ر التي دخل�ت في اإلسلام عندما
أت�ى اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) هو أتى حس�ب االس�تقراء
التاريخ�ي ثالث مرات إلى اليمن ،وفي البعض منها كان يبق�ى لش�هور متعددة يدع�و إلى اإلسلام ،ويعلم معالم
39
اإلسلام وينش�ط في الواقع الش�عبي واملجتمعي وتنظيم الحال�ة القائم�ة ف�ي البل�د على أس�اس تعاليم اإلسلام ونظام اإلسالم.
ومبتعثي�ن آخري�ن أيض�ا أكمل�وا ال�دور ف�ي بع�ض
املناط�ق كام هو معاذ ب�ن جبل ،وهكذا نج�د أن الدخول اليمني والتاريخ اليمن�ي والهوية اليمنية األصيلة املرتبطة
باإلسالم ارتبا ً طا وثي ًقا ودخولاً كل ًيا.
اليمنيون عندما دخلوا في االسلام تميز الكثير منهم في جوانب متعددة ،أولاً في مس�توى التمسك باإلسالم
وااللت�زام بتعاليم�ه ،ش�عبنا اليمن�ي يتمي�ز ع�ن كثير من الش�عوب ف�ي مدى تمس�كه والتزامه وعش�قه لإلسلام
وارتباط�ه الوثي�ق بتعالي�م اإلسلام ،وتخلق�ه بأخلاق اإلسلام ،ه�و ش�عب ذو قيم ،قيم�ه الفطرية واإلنس�انية
متجذرة ،فحينام أتى اإلسلام رأى في اإلسلام ما يحنوا
إلي�ه ،ما يرغب ب�ه ،ما يالمس وجدانه اإلنس�اني وفطرته
اإلنس�انية ،م�ا يرع�ى وينم�ي له م�ا فيه م�ن قي�م فطرية،
ْ َ وأخالق فطرية ،ألن اإلسلام هو دي�ن الفطرة} ،ف ِط َرت 40
َّ
َ َ َ َّ َ
َ ََْ
اهللِ ال يِت فطر انلاس عليها{ [الروم :من اآلية ،]30فلذلك الش�عب اليمن�ي كان ف�ي دخوله ف�ي اإلسلام وارتباطه
باإلسالم كان في إسالمه وإيامنه على النحو الذي تميز به في مدى االلتزام ،ومس�توى التمسك واالرتباط الوثيق،
ومستوى املوقف ،الشعب اليمني في أخالقه في قيمه في
تمس�كه بتعاليم اإلسلام ،وفي موقفه هو ش�كل رصيدً ا
وعظيما لألم�ة ،ولذلك كان الي�د الضاربة والقوية كبي�را ً ً لألمة اإلسلامية ف�ي مواجهة التحديات فيما بعد ،فكان
إسهامه بشكل كبير ورئيسي في مواجهة اإلمبراطوريات القائم�ة آن ذاك الت�ي حاربت اإلسلام وس�عت لطمس معامله ومحوه[ .جمعة رجب للسيد عبد الملك لعام 1438هـ]
ل�م يك�ن ما حص�ل م�ن إسلام اليمنيي�ن في الس�نة
التاس�عة من الهج�رة على أغلب األقوال ف�ي أول جمعة
م�ن رجب يمث�ل أول دخول لليمنيين اإلسلام فالتاريخ يحكي عن ش�خصيات بارزة ووفود من اليمن دخلوا في
اإلسلام مبكر ًا فق�د روي بأن رج ً مر بالرس�ول (صلى لا ّ
اهلل عليه وعلى آله وس ��لم) قبل الهجرة وهو من (أرحب) من
41
(همدان) ،اس�مه (عبد اهلل بن قيس بن أم غزال) ،فعرض
عليه الرسول (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) اإلسالم فأسلم،
فقال له الرس�ول (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم)« :هل عند قوم�ك م�ن منع�ة؟» ،فقال له عب�داهلل بن قي�س :نعم يا رس�ول اهلل ،واس�تأذن رس�ول اهلل (صل���ى اهلل علي���ه وعلى آله
وسلم) أن يذهب إلى قومه وواعد رسول اهلل (صلى اهلل عليه
وعلى آله وس ��لم) موسم الحج املقبل ،ثم خرج من مكة يريد قومه ،فلام عاد إلى قومه قتله رجل من (بني ُزبَ ْيد).
وورد أن (قي�س بن مالك بن أس�د بن ألي األرحبي)
قدم على رسول اهلل وهو بمكة ،وقال للنبي (صلى اهلل عليه
وعلى آله وسلم) :أتيتك ألؤمن بك وأنصرك ،فعرض رسول
اهلل (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) عليه اإلسالم فأسلم.
وجاء وفد آخر من (همدان) إلى الرسول فأسلم على
يديه.
أض�ف إل�ى ذل�ك م�ا حص�ل م�ن إسلام األوس
والخزرج ودورهم التاريخي ونصرتهم لرس�ول اهلل (صلى
اهلل عليه وعلى آله وسلم).
42
وبه�ذا كله احت�ل اليمنيون بش�كل عام مكان�ة كبيرة (ص َلوَ ُ عند رس�ول اهلل َ هلل ع ََل ْي ِه وَع ََلـى آلِــ ِه) س�واء فيام يتعلق ات ا ِ
باليمنيي�ن (األنصار) أو ما يتعلق بالش�عب اليمني نفس�ه ولذل�ك اختص أبناء هذا البلد املعط�اء بأحب الناس إليه
وأكرمهم وهو أمير املؤمنين علي (عليه الس�ل�ام) مبعوث ًا من
قبله إليهم يدعوهم إلى اإلسالم وترك عبادة األوثان كان ذلك في السنة التاسعة للهجرة على أغلب األقوال.
وروي بأن علي ًا (عليه السالم) عندما وصل إلى صنعاء قام
�مى اليو َم خطي ًب�ا في قبائل همدان ،واجتمعوا في مكان ُي َس َّ ح َّل ُقوا الح َل َق ِة)؛ وقد س�مي س�وق الحلقة ألنه�م َت َ �و َق َ (س ْ ُ عليه شمال الجامع الكبير بصنعاء القديم�ة .وقد بَن ِ َت ا ْم َر َأ ٌة
�م َي ( َم ْس ِ َم ْس ِ �جدَ َع ِل ٍّي) مكان البيت الذي نزل فيه، �جدً ا ُس ِّ قائما وه�و بجوار س�وق َ الح َل َق ِة معروف مش�هور ،وما زال ً ت َه ْم�دَ ُ ان [حاش�ية] فتأث�روا بخطبت�ه فأس�لموا! َو َأ ْس� َل َم ْ ع�ن بَك َْر ِة أبيها في ي�وم واحد! فكتب َع ِل ٌّي إلى رس�ول اهلل
(ص َل� �وَ ُ َ هلل ع ََل ْي� � ِه وَع ََلـى آلِــ ِه) بإسلامهم ،فلام ُقرِ َئ الكتاب َخ َّر ات ا ِ هلل ساجدً ا ،ثم رفع رأسه وقال :السالم على همدان ،السالم على همدان ،وتتابع أهل اليمن للدخول في اإلسالم.
43
واملعروف تاريخي ًا بأن الرس�ول (صلى اهلل عليه وعلى آله
وسلم) هو من أمر (ببناء الجامع الكبير في بستان باذان من الصخرة التي في أصل غمدان ،وأمرهم بأن يس�تقبلوا به
جبل ضين).
حظي اليمنيون باهتمام كبير من قبل الرسول (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) ال شك بأن اهتامم الرسول (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم)
بأهل اليمن واإلش�ادة بهم ف�ي أكثر من حديث وفي أكثر
من موطن لم يكن من باب توزيع األوس�مة وليس مجرد فضيل�ة كرم به�ا اليمنيين وإنما لدورهم الب�ارز في نصرة
اإلسالم وفي مواجهة الجاهلية األولى ،وملعرفة الرسول (صل ��ى اهلل علي ��ه وعل ��ى آل ��ه وس ��لم) ع�ن اهلل س�بحانه وتعالى بدورهم املس�تقبلي ف�ي مواجهة الجاهلي�ة األخرى التي
ن ستكون أش�ر من األولى والتاريخ والحاضر تجسيد بي ٌ ومصادي�ق واضحة مل�ا ورد من أخبار عن الرس�ول (صلى
اهلل عليه وعلى آله وسلم) الذي ال ينطق عن الهوى.
44
يقول النبي (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم)« :اإليامن يامن والحكمة يامنية». (ص َل� �وَ ُ ونب�ه َ هلل ع ََل ْي� � ِه وَع ََلـ ��ى آلِــ ِه) على قضي�ة غاية في ات ا ِ
الخط�ورة واألهمي�ة وه�ي ملموس�ة مش�اهدة ،أن هناك
من سيس�عى ألن يطعن ويقدح في أهل اليمن ويقلل من
ش�أنهم ،فق�ال (صلى اهلل علي ��ه وعلى آله وس���لم) في حق أهل
اليم�ن« :يري�د أق�وام أن يضعوه�م ويأب�ى اهلل إال أن يرفعهم».
ويقول رسول اهلل (صلوات اهلل عليه وعلى آله) مخاطب ًا أمته
وموجه� ًا لها« :إذا هاجت الفت�ن فعليكم باليمن فإنها مباركة».
ويقول (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم)« :عليكم باليمن إذا هاجت الفتن ،فإن قومه رحامءّ ، وإن أرضه مباركة، وللعبادة فيه أجر عظيم». ورد ف�ي البخ�اري في كتاب الفت�ن أن النبي (صلى اهلل
عليه وعلى آله وس ��لم) قال مرتين« :اللهم بارك لنا في يمننا 45
الله�م ب�ارك لنا في ش�امنا» قال�وا :وفي نجدن�ا؟ قال: «هناك الزالزل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان».
وق�ال (صل ��ى اهلل عليه وعل ��ى آل ��ه وس���لم)« :أال إن الفتنة هاهن�ا ـ يش�ير إل�ى املش�رق ـ م�ن حي�ث يطل�ع ق�رن الش�يطان» وف�ي البخاري ومس�لم أيض� ًا أن النبي (صلى اهلل عليه وعلى آله وس ��لم) قال« :رأس الكفر نحو املشرق» يامني والفتنة من هاهنا حيث يطلع وفي رواية «اإليامن ٌ قرن الشيطان». إذ ًا يتض�ح لن�ا بأن اليمن حظ�ي باهتامم كبي�ر من قبل
الرس�ول (صل ��ى اهلل علي ��ه وعل ��ى آله وس���لم) وأش�اد بمواقف
اليمنيين وش�هد ل�ه باإليامن بل ش�هد ل�ه بخصوصية فيام
يتعل�ق بالجانب اإليامني ألنه (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم) حينما قال« :اإليامن ٍ يامن والحكم�ة يامنية» اإليامن ٍ يامن
يعطي خصوصية ألهل اليم�ن في إيامنهم أنهم على نحو ٍ راق عل�ى مس�توى عظي�م أن ارتباطه�م اإليامن�ي متمي�ز
وأنهم ف�ي طليعة األمة في إيامنها بكل ما يمثله إيامنها من
مب�ادئ وقيم وأخالق وروحية وأنهم على نحو متميز في
46
واق�ع األمة وبين أوس�اط األمة في انتامئه�م اإليامني[ .من
لقاء السيد باألكاديميين]
وهذا البلد املس�لم ،هذا الشعب الذي ينتمي لإليامن،
ه�ذا الش�عب الذي ه�و في واقع�ه الس�لوكي وواقعه في
محيطه وبين أوساط األمة شعب يتسم بمكارم األخالق ومحامد الصفات وال ِ خالل ،هذا الشعب اليمني هو يمن
اإليمان والحكمة ،يمن األنصار َي َم�ن األوس والخزرج
الذي�ن آووا ونصروا وحملوا راية اإلسلام عالية ،وكانوا
س َّباقين إلى اإليامن والنصرة ،الذين تبوؤوا الدار واإليامن،
يمن الفاتحي�ن الذين حملوا راية اإلسلام ولواء الفتوح
في ص�در اإلسلام ،وقوض�وا اإلمبراطوري�ات الظاملة.
[خطاب الهجرة 1436هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي]
دور اليمنيين في نشر اإلسالم كان للش�عب اليمن�ي دور كبي�ر ورئيس�ي وكان�وا
ه�م ن�واة الجي�ش اإلسلامي الجان�ب األكث�ر واألب�رز والصل�ب ،ال�ذي اس�تفادت من�ه األم�ة اإلسلامية ف�ي
47
مواجه�ة التحديات ،فهو الش�عب الفاتح ،وهو الش�عب
ال�ذي قوض بش�كل كبير في حضوره الب�ارز في الجيش اإلسلامي امبراطوريات الكفر والطاغوت التي س�عت ملحو اإلسلام وض�رب األمة اإلسلامية ،وش�كل على مدى التاريخ شكل قوة حقيقية في داخل األمة معتدًّ ا بها
محسوب لها حس�اب كبير[ .جمعة رجب للسيد عبد الملك لعام
1438هـ]
***
48
شخصيات يمنية صحبوا الرسول (صلى اهلل عليه وعلى آله) يا�سر بن عامر العن�سي �أول �شهيد في الإ�سالم ينتمي ياس�ر ب�ن عامر إلى قبيلة َعنْ�س ،وهي فرع من قبيلة مذحجَ .ق ِدم من اليمن إلى مكّة ،فأصبح حليف ًا ألبي
ُح َذيفة بن ا ُملغيرة املخزومي .وهو أول من ضحى بنفس�ه واستش�هد باذلاً روحه هلل ،إذ كان ياس�ر بن عامر العنسي
والد عامر بن ياس�ر وزوجته س�مية بنت خي�اط (رضي اهلل
عنه ��م) وه�م من أهل اليم�ن كانوا من أوائل م�ن آمن باهلل واستجاب لرسول اهلل (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) فعذبوا لذل�ك أش�د التعذيب والقوا في س�بيل ذلك أش�د أنواع
التنكيل حتى استش�هدا ،قال عنهم الرسول (صلى اهلل عليه
وعلى آله وسلم)« :صبر ًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة».
عمار بن يا�سر ابنه ّ
النبي عمار في وقعة بدر وفي س�ائر غ�زوات ّ اش�ترك ّ (صل ��ى اهلل علي ��ه وآل ��ه) ،وقال عنه رس�ول اهلل ّ ّ (صل���ى اهلل عليه
49
وآل ��ه) « :وي�ح عمار ًا تقتله الفئ�ة الباغي�ة يدعوهم إلى الجن�ة ويدعون�ه إل�ى النار» وق�ال ّ (صل���ى اهلل علي���ه وآله) الحق حتّى عن�ه« :عليكم بابن ُس�م ّية ،فإ ّنه لن ُيف�ارق ّ يم�وت» وق�ال ّ (صل ��ى اهلل علي ��ه وآل���ه) عنهَ « :م�ن ُيبغض عم�ار ًا ُيبغضه اهلل ،وم�ن ُيعاديه ُيعادي�ه اهلل» وقال عنه ّ الرسول (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم)« :إن عامر ًا ملئ إيامن ًا من قرنه إلى أخمص قدميه». أن�صاري �سهل بن ُحنيف ال ّ ينتمي س�هل إلى قبيلة األوس ،وكان سهل إلى جنب رس�ول اهلل ّ (صل ��ى اهلل علي ��ه وآله) في حرب بدر وفي س�ائر
الغزوات.
ُخ َزيمة بن ثابت ذو ال�شهاد َتين
م�ن قبيل�ة األوس ،اش�ترك ف�ي ُأح�د وم�ا بعدها من
الغزوات.
رس�ول اهلل ّ ُ (صلى اهلل عليه وآله) شهاد َته وحده ولم َقبِل
ُيرِ د معه غيره ف ُل ّقب بـ (ذي الشهاد َتين).
50
�أبو الهيثم بن ال َّت ِّيهان
كان حليف� ًا لبن�ي عبد األش�هل م�ن األوس .وهو من
ُمس�لمي ال َع َقب�ة األولى وال َع َقب�ة الثانية ،وهو أح�د ُن َقباء
األنصار االثنَي عشر.
ال َبراء بن عازب وعمره من قبيلة األوس ،اش�ترك ف�ي معركة الخندق ُ
يومذاك 15س�نة ،وع�دد الغزوات التي اش�ترك فيها [15
غزوة].
أن�صاري أيوب ال ّ �أبو � ّ
النجار من قبيلة وه�و خالد بن زيد بن ُك َليب ،من بني ّ الخزرج .حضر بيعة العقبة الثانية .وكان رس�ول اهلل ّ (صلى
اهلل علي ��ه وآل ��ه) ضيف�ه في املدين�ة في األش�هر األولى بعد
الهجرة.
أي�وب في ح�رب ب�در ،وكان له ش�رف اش�ترك أب�و ّ النبي ّ (صلى اهلل عليه وآله) . املساهمة في جميع غزوات ّ
51
ُح َذيفة بن ال َيمان
من بني ع ْبس في اليمن ،هاجر إلى املدينة فصار حليف ًا النبي ّ (صلى اهلل لبني عبد األش�هل في األوس .اش�ترك مع ّ
عليه وآله) في غزوة ُأحد وما بعدها من الغزوات.
اش�ترك حذيفة في فتح بالد ف�ارس ،و ُعهد إليه بقيادة
هاو ْند بعد ش�هادة النعامن بن مقرن .وقد فتح الجيش في َن َ حذيفة أردبيل سل ًام.
المقداد بن عمرو ِ
ينتم�ي املق�داد إل�ى قبيلة الح�اف بن ُقضاع�ة ،وكان
الزهري ،فل ّقب ـ حليف ًا في مكّة لألس�ود بن عبد َيغ�وث ّ
لهذا الس�بب ـ باملقداد بن األس�ود .كان املقداد في عداد
املس�لمين األوائل ،ومن املهاجرين إلى الحبشة ،واشترك النبي ّ (صلى اهلل عليه وآله). في وقعة بدر وفي جميع غزوات ّ
قال عنه رسول اهلل ّ عز ّ (صلى اهلل عليه وآله) ّ : وجل «إن اهلل ّ أمرن�ي بح�ب أربع�ة ،وأخبرني أ ّن�ه يح ّبه�م» ،قيل :يا ّ
علي منهم ـ يقول ذلك ثالث ًا رس�ول اهللَ ،س ِّمهم لنا ،قالٌّ : ـ وأبو ذر واملقداد وسلامن.
52
اليمنيون كانوا �أن�صاراً لأمير الم�ؤمنين علي بن �أبي طالب (عليه السالم)
في الوقت الذي تهافت الكثير على الس�لطة بعد وفاة
رس�ول اهلل (صلى اهلل عليه وعلى آله وس���لم) كل يريد أن يكون له نصيب منه�ا كانت مواقف اليمنيين الثبات على دينهم والوفاء لنبيهم فاس�تمروا في الجه�اد والتضحية والعمل
عل�ى إعلاء كلمة اهلل وبصامتهم واضح�ة جلية في إعالء
كلم�ة اهلل وس�جل له�م التاري�خ املواق�ف العظيم�ة ،في
الثبات والجهاد مع آل بيت النبوة وأعالم الهداية ومعدن الرسالة في كل محطات التاريخ.
وألن محب�ة آل البي�ت واتباعه�م م�ن أبل�غ دالالت
اإليامن ،وأعظم مصاديق التس�ليم هلل ولرس�وله ،فقد كان
لهم ارتباطهم القوي بش�خصية اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) منذ لحظة إسالمهم على يديه وإلى اآلن.
حضورا قوي ًا لإلمام وسجلت الذاكرة الشعبية اليمنية ّ ً
علي في مناطق مختلفة من اليمن ،وال زال الناس ينسبون
وآثارا إليه فمنها مثالً: وآبارا مناطق وعيو ًنا ً ً
53
[عي�ن علي] و[ضربة علي] في بع�ض مناطق حجة،
وهن�اك [املعفر] في تهامة ،حي�ث اعترضه أهلها وعقروا بغلته فس�مي املوضع [املعفر] ،كام ي�روى أنه وصل عدن أبين وأنه خطب على منبرها خطبة بليغة.
وهي جميع ًا تعكس الحالة الوجدانية ألهل اليمن تجاه
قديما وحديث ًا ،وصارت هذه الشخصية التي ولع الناس بها ً األنموذج املتجسد في الشجاعة والعدالة واملساواة.
وهن�اك أماكن أخرى س�ميت باس�م اإلم�ام علي إما
تيمن ًا باسمه أو حب ًا فيه وتعل ًقا به ،أو أنه فع ً ال وصلها لكن التاريخ لم يسجل لنا ذلك.
اإلمام علي (عليه السالم) يشيد بمواقف اليمنيين في صفين ولثباته�م م�ع الح�ق املتمث�ل ف�ي أمي�ر املؤمنين علي
ت�وج اإلمام عل�ي (عليه ووقوفه�م مع�ه ال يحي�دون عن�ه ّ
السالم) أبناء همدان الذين أبلوا معه بال ًء حسن ًا في الجهاد
والنص�رة في صفين فمدحهم بتل�ك القصيدة التي ظلت
54
وال ت�زال تاج� ًا على رؤوس�هم حيث يقول مع�دد ًا أحياء
هم�دان ومآثرها ي�وم قاتلت معه قتال األبط�ال ،ومؤكدً ا أنهم يحبون النبي ورهطه(((:
�ت َه ْم�دَ َ �م َت َي َّم ْم ُ ان ا َّل ِذي� َ �م ُه ُ ن ُه ُ �هامي �ر ُجنَّتِ�ي َو ِس َ إِ َذا َن َ �اب َأ ْم ٌ �و ًة َف َأ َجابَنِ�ي َفنَا َد ْي ُ �م َد ْع َ �ت فِيهِ ْ
ن َه ْم�دَ َ �ر لِ َئ�ا ِم س ِم� ْ �وارِ ُ َف َ ان َغ ْي ُ وب بِ ُع َّز ٍل ح ُر ِ س َل ْي ُس�وا فِي ا ْل ُ َف َوارِ ُ ن َش�ا ِك ٍر َو ِش� َبا ِم الو َغ�ى ِم� ْ َغ�دَ ا َة َ
�م ا َمل َ ب ُّ ن بِال َقنَا طا ِعي َ ن َأ ْر َح َ َو ِم ْ الش ِّ َونِ ْه� ٍم و َأ ْح َي ِ ِيع َو َي�ا ِم �اء َّ الس�ب ِ ط ُ َو َوا ِد َع� ُة األَبْ َ ال ُي ْ صا ُل َها خ َش�ى ُم َ ص ِق ٍ ُف ُح َس�ا ِم ي�ل فِ�ي األَك ِّ بِ�ك ُِّل َ
((( القصي�دة منقول�ة من كت�اب عيون املختار للس�يد مج�د الدين املؤي�دي ص ،156وذك�ر أن�ه نقله�ا ع�ن مخطوط�ة باملتحف البريطان�ي ،والتح�ف ص ،44والآلل�ئ املضيئ�ة (خ) ،وبعض أبياتها مع تغيير يسير في شرح النهج البن أبي الحديد ،234/2 نقلاً عن وقعة صفين.
55
س �وارِ ٌ �ي َق�دْ َأ َت ْتنِي َف َ َو ِم� ْ ن ك ُِّل َح ٍّ ج ِ �را ِم �اء َأ ُّ �را ٌم َل�دَ ى ا ْل َه ْي َ ي ِك َ ِك َ ح ِقي َق� ِة َم ِ اج�دٌ ه�م َحا ِم�ي ا ْل َ َي ُقو ُد ُ
ن َق ْي ٍ حا ِمي ي�م ُم َ َس� ِعيدُ بْ ُ س َوالكَرِ ُ �ي َو َع ْض ٍ �ب َت َ خا ُل� ُه بِ�ك ُِّل ُر َد ْينِ ٍّ إِ َذا ْ �را ِم اخ َت َل َ �ف األَ ْق َ �وا ُم َس� ْي َل َع َ
اص َ اضوا َل َ َف َ ط َل ْوا َح َّر َنارِ َها خ ُ ظ َ اها َو ْ ب ُم�دَ ا ِم �ر ُ �م فِ�ي َ �ج َش ْ ك ََأ َّن ُه ُ اله ْي ِ
ان ا ْل ِ جن َ �زى اهللُ َه ْم�دَ َ �م َج َ َ�ان َفإِ َّن ُه ْ �ما ِم �ما ُم ال ِع�دَ ا ف�ي ك ُِّل َي ْ �و ِم ِس َ ِس َ �ات ِعنْدَ ْ اختِلاَ فِ َها َل ُه ْم ُت ْع َر ُ الرا َي ُ ف َّ
ح�ا ِم �م بَ�دَ ُؤوا لِلن ِ َّ�اس ك َُّل لِ َ َو َه ْ �ال ُي ِ رِ َج ٌ ِ�ي َو َر ْه َ ح ُّب َ ط� ُه �ون النَّب َّ ((( ف في الدَّ ْه�رِ َغ ْي ُر َأ َيا ِم َل ُه ْم َس�الِ ٌ
((( َأ َيا ُم :بطن من همدان ،فلعلهم أش�داء؛ فش�بههم بهم؛ فاملناسب أن نقول :مثل إيام بدل (غير) ،وربام يكون بطن أيام ُف ُس�ولاً ،أو قاتلوا مع معاوية ،فأخرج اللئام من الكرام بلفظة} :غير» .وإيام أيض�ا :الدخان ،فلعله نزههم أن يتبخروا في املواقف كالدخان، ً بل هم صامدون كالجبال .واهلل أعلم.
56
وف ك ََأ َّن َه�ا الس� ُي ُ �م َن َ ـرو َن�ا َو ُّ ص ُ ُه ُ ي�ق َت َل َّ ظ�ى فِ�ي َه ِش�ي ِم ُث َم�ا ِم َحرِ ٌ لِ َه ْم�دَ َ ن َيزِ ين َُه�ا ان َأ ْخَل�اَ ٌق َو ِدي� ٌ
َوبَ ْ ص�ا ِم �وا َو َح�دُّ ِخ َ س إِ َذا لاَ َق ْ �أ ٌ ح ِد ِ َو ِجدٌّ َو ِ جدَ ٌة يث َو َن ْ صدْ ٌق فِي ا ْل َ ِ�ب َكلاَ ِم �م إِ َذا َقا ُل�وا َوطي ُ َو ِع ْل ٌ �اب جن ٍ َّ�ة �و ُكن ُ ْ�ت بَ َّوابً�ا َع َل�ى بَ ِ َ َف َل ْ �ت لِ َه ْم�دَ َ ان ا ْد ُخ ُل�وا ب َِسلا ِم ُل ُق ْل ُ
وكف�ى بها فخر ًا ،وأنع�م بها مزية ،منحه�م إياها أمير
املؤمنين (عليه الس�ل�ام) في صفي�ن حينام قالها وأعلنها على املأل:
«ي�ا معش�ر هم�دان أنت�م درع�ي ورمح�ي ،وم�ا نصرت�م إال اهلل ورس�وله ،وم�ا أجبت�م غي�ره» ،فأجابه رؤس�اء همدان من أمثال سعيد بن قيس ،وزياد بن كعب
األرحب�ي قائلي�ن( :أجبنا اهلل ورس�وله وأجبناك ،ونصرنا اهلل ورس�وله ثم إياك ،وقاتلنا مع�ك من ليس مثلك ،فارم
بنا حيث شئت).
57
األم�ر الذي أث�ار غيرة عام�ر بن قيس العب�دي ،وهو
ت ف�ارس الق�وم ،فق�ام وق�ال :ي�ا أمي�ر املؤمني�ن إذا ُر ْم َ بهم�دان أم�ر ًا فاجعلنا معهم ،فإنا ي�داك وجناحك ،فقال
((عليه الس�ل�ام))« :وأنتم عبد القيس س�يفي وقوس�ي»، فرجع بها العبدي إلى قومه.
وس�لوا التاري�خ م�ن ه�م الذي�ن فضل�وا التضحي�ة
بأنفسهم وقطع رؤوسهم على أن يسبوا ويتبرؤوا من أمير
املؤمنين علي.
أو ل�م يكن من اليمن حجر بن عدي الكندي املقتول
هو وأصحابه العشرة وابنه ظلام بسبب محبتهم آلل البيت
النبوي.
أو ل�م يكن من اليمن مالك بن األش�تر النخعي الذي
كان ي�د ًا يمن�ى لإلم�ام عل�ي بن أب�ي طالب وأحس�ن له الصحبة.
حت�ى أن اإلمام علي ًا بك�ى عليه يوم وفاته وقال كلمته
املشهورة فيه« :لقد كان مالك مني كام كنت من رسول اهلل صل�ى اهلل عليه وآله وس�لم» ،وقال في�ه أيض ًا« :إن 58
مالك بن الحارث قد قض�ى نحبه ووفى عهده ،ولقي ربه ،رحم اهلل مال�ك ًا ،و َما مالك؟ لو كان حديد ًا لكان فند ًا -أي صليب ًا شديد ًا -ولو كان حجر ًا لكان صلد ًا، رحم اهلل مالك ًا ،وهل مثل مالك؟ ،وهل قامت النس�اء عن مثل مالك؟ وهل موجود كاملك؟ ثم قال :أما واهلل إن هالكه قد أعز أهل املغرب وأذل أهل املشرق». وتح�دث املؤرخ�ون وأه�ل الس�ير ب�أن اب�ن عب�اس
ومحم�د اب�ن الحنفي�ة نصحا الحس�ين ب�ن عل�ي (عليهما
الس�ل�ام) قب�ل أن يتوج�ه إل�ى كربلاء بالتوجه إل�ى اليمن
وقاال له« :وإال فسر إلى اليمن فإن به حصون ًا وشعاب ًا، وألبيك به شيعة». في مرحلة االنقسام وقف اليمانيون إلى جانب الحق
فه�و وق�ف فيام بع�د في مرحل�ة االنقس�ام الكبير في
داخ�ل األم�ة ،وق�ف في معظ�م رم�وزه وقبائل�ه املوقف
الح�ق إلى جان�ب اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) ،بل كان عامر
59
ب�ن ياس�ر (رضوان اهلل علي ��ه) كان معلام من املعالم الرئيس�ية الش�اهدة بالحق عندما وقف مع اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) (ص َلوَ ُ موقفه املعروف ،والرس�ول َ هلل ع ََل ْي ِه وَع ََلـى آلِــ ِه) كان ات ا ِ
ق�د قال فيام س�بق عن عمار :إنه�ا «تقتله الفئ�ة الباغية، يدعوه�م إلى الجن�ة ويدعونه إلى الن�ار» ،فكان عامر
بن ياس�ر واق ًفا بالرغ�م من عمره وتقدمه في الس�ن وهو
يف�وق التس�عين عا ًما وق�ف إلى جانب اإلم�ام علي (عليه
الس�ل�ام) في مواجهة الفئة الباغية ،ض�د الفئة الباغية ،التي وقفت ضد اإلمام علي (عليه السالم) وحاربت اإلمام علي (عليه السالم) فوقف عامر ووقف معه مالك األشتر والكثير
الكثي�ر م�ن عظامء أه�ل اليمن وم�ن جمهور أه�ل اليمن وم�ن قبائل أهل اليمن وقفوا ضد الفئة الباغية ،مناصرين
للحق.
وكان له�م موقف بارز ومتميز ف�ي نصرة اإلمام علي
(علي ��ه الس�ل�ام) وبق�ي اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) من�ذ مجيئه إل�ى اليمن بع�د أن ابتعثه الرس�ول (صلى اهلل علي���ه وعلى آله
وس ��لم) إلى اليمن بارتباط وثيق باليم�ن وأهل اليمن ،كان
60
اليامني�ون عل�ى عالق�ة وارتب�اط وثي�ق بحك�م معرفتهم وارتباطهم هذا ،هو ارتباط مبدئي باعتبار ما قاله الرسول
عن اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) واملعرف�ة الوثيقة واالرتباط الوثي�ق ،كان إل�ى جانب�ه إلى جان�ب اإليامن إل�ى جانب
الح�ق وليس الرتباط ش�خص أو العتبارات ش�خصية، ه�م عرفوا بمقامه الذي تحدث به الرس�ول عنه؛ ولذلك
بقي اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) في الذاكرة الش�عبية اليمنية
متجذرا ،بالرغم من كل ما بذله اآلخرون وس�عوا له بكل ً
الوس�ائل واألس�اليب ملح�وه من ه�ذه الذاكرة الش�عبية، لك�ن بقي أهل اليمن في جمهوره�م يجلون اإلمام علي
ويحب�ون اإلمام عل�ي (عليه الس�ل�ام) وعلى ارتب�اط وثيق، االرتباط الذي أراده الرس�ول لهذه األمه من بعده باإلمام
علي (عليه السالم).
61
ومن اليمنيين المعروفين ممن كانوا من خلص أصحاب اإلمام علي (عليه السالم) �أوي�س القرني ه�و أويس ب�ن عامر بن ج�زء بن مالك ب�ن عمرو بن
سعد بن عصوان بن قرن املذحجي املرادي.
كان م�ن خل�ص أتباع اإلم�ام علي (عليه الس�ل�ام) ومن
حواريه.
�شهادته قات�ل أوي�س القرني (رض ��وان اهلل علي���ه) بين ي�دي أمير
املؤمني�ن (علي ��ه الس�ل�ام) ف�ي وقعة صفي�ن حتى استش�هد أمامه ،فلام س�قط نظروا إلى جسده الشريف ،فإذا به أكثر
من أربعين جرح بين طعنة وضربة ورمية.
وكانت شهادته (رضوان اهلل عليه) في سنة ( 37هـ).
62
الحارث الهمداني الحارث الهمداني (رضوان اهلل عليه) املعروف بالحارث
األعور ،وهو من قبيلة همدان وهي من القبائل التي نزلت الكوف�ة ،وقادمة من اليم�ن ،ولها بطون كثي�رة ،و ُعرفت
هذه القبيلة بالتش�يع لإلم�ام علي (عليه الس�ل�ام) وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
والؤه ألمي�ر املؤمنين (عليه الس�ل�ام) :كان الحارث من
خ�واص أمير املؤمنين (عليه الس�ل�ام) ،ومن أوليائه ،ومحل
عنايت�ه واهتامم�ه (علي ��ه الس�ل�ام) .وكان الحارث م�ن كبار التابعين ،ومن أوعية العلم ومن أفقه علامء عصره.
ومن أخباره مع أمير املؤمنين (عليه السالم) :أن مجموعة
من الشيعة بقيادة الحارث دخلوا على أمير املؤمنين علي
(عليه السالم) ،فقال (عليه السالم) للحارث :إن الحق أحسن الحدي�ث ،والصادع به مجاهد ،..أال إن�ي عبد اهلل وأخو
رس�وله وصديقه األول ،..خذها إلي�ك يا حارث قصيرة
من طويلة :أنت مع َمن أحببت ،ولك ما احتسبت (أو :ما
اكتسبت) ،قالها ثالث ًا ،فقال الحارث وهو قائم يجر رداءه
63
جذالً :ما أبالي وربي بعد هذا متى لقيت املوت أو لقيني.
وفاته :توفي الحارث الهمداني (رضوان اهلل عليه) س�نة (65 هـ) ،على أكثر الروايات.
بع�ض �أ�صحاب الإمام الح�سين عليه ال�سالم من اليمنيين وكام كانوا أوفياء ألمير املؤمنين علي (عليه السالم) فقط
كانوا أوفياء مع أوالده ونذكر نامذج من هؤالء:
أني�س بن معقل األصبحي :م�ن األصابح من القبائل
برير بن خضير الهمداني :ذكره الطبري 421/ 5 :و.423
القحطانية.
بش�ير بن عمرو الحضرمي :ذك�ره الطبري .أحد آخر
رجلي�ن بقيا من أصحاب الحس�ين قبل أن يقع القتل ف�ي بني هاش�م .م�ن حضر م�وت ،من ياف�ع ،إحدى
قبائل اليمن.
جن�دب ب�ن حجي�ر الخوالن�ي :خ�والن :بط�ن م�نكهالن ،من القحطانية [يمن ،عرب الجنوب].
64
الحج�اج ب�ن مس�روق الجعف�ي :خ�رج م�ن الكوفةإلى مكة فلحق بالحس�ين في مك�ة وصحبه منها إلى
الع�راق .أم�ره الحس�ين ب�األذان لصلاة الظه�ر عند اللق�اء مع الحر ب�ن يزيد .وصف في بع�ض املصادر
بأنه (مؤذن الحسين) .من مذحج اليمن.
حنظلة بن أسعد الشبامي :شبام بطن من همدان.
زهير بن القين البجلي :انضم إلى الحسين في الطريق كارها للقائه ،خطب م�ن مكة إلى العراق بعد أن كان ً في جيش ابن زياد قبيل املعركة ،جعله الحس�ين على
ميمنة أصحابه .ش�خصية بارزة في املجتمع الكوفي. يبدو أنه كان كبير السن .بجلي :بجيلة هم بنو أنامر بن أراش بن كهالن ،من القحطانية[ .يمن ،عرب الجنوب]. لقد سعى التكفيريون إلى مسخ الهوية اليمنية
لق�د س�عى التكفيريون فيام بعد بش�كل كبير جد ًا وال
يزال�ون في هذه املرحلة بش�كل كبير ومكثف إلبعاد أهل
اليمن ع�ن اإلمام علي وملحوه من الذاكرة الش�عبية ومن
الوجدان الش�عبي ولكنهم فش�لوا فش ً كبي�را؛ ألن هذا لا ً وفهم�ا صحيح� ًا وإيامن ًا الجان�ب قد تج�ذر وعي ًا ومب�د ًأ ً
65
راس�خ ًا ،فهم فاش�لون بالتأكيد ،ولذلك تج�د في واقعنا اليمن�ي أن من أكثر األسماء انتش�ار ًا هو اس�م علي ،علي
في اليمن اس�م منتش�ر ،كبير ،نستطيع القول إنه قد يكون
تقريب ًا بعد اس�م محمد منتش�ر في الس�احة اليمنية ،تيمن ًا وم�ودة وأصبحت حالة قائمة في الذاكرة الش�عبية ،فعلى كل هذه املناسبة هي مناسبة عظيمة ونحن عندما نعود إلى
ُْ َ ْ قول اهلل س�بحانه وتعالي في كتابه الكري�م} :قل بِفض ِل َ َ مْ َ َ َٰ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ رْ ٌ ِّ َّ جَ ْ َ ُ َ ي مما يمعون{ اهللِ وبِرحتِ ِه فبِذل ِك فليفرحوا هو خ
[يون�س ،]58:نج�د أنه يحق لش�عبنا اليمن�ي أن يبتهج بهذه
املناس�بة ،مناس�بة تمثل فض ً كبيرا من اهلل عليه ،وتوفي ًقا ال ً عظيم�ا م�ن اهلل ل�ه ،ونعم�ة بكل م�ا تعنيه الكلم�ة ،نعمة ً
كبيرة من اهلل سبحانه وتعالى على هذا الشعب ،الذي نال
الوس�ام الكبير في مدى التزامه باإلسلام ،في إقباله إلى
اإليامن ،في تخلقه بأخالق اإليامن ،فكان أن ورد في حقه (ص َلوَ ُ م�ا ورد عن الرس�ول َ هلل ع ََل ْي ِه وَع ََلـ���ى آلِــ ِه)« :اإليامن ات ا ِ
ٍ
يمان ،والحكم�ة يامنية»[ .جمعة رجب للس�يد عب�د الملك لعام 1438هـ]
66
جمعة رجب مناسبة مهمة في تجذير وترسيخ الهوية األصيلة لهذا الشعب هذه املناس�بة ن�رى فيها فيما يواجه ش�عبنا العزيز من
تحدي�ات وأخطار ،مناس�بة مهم�ة ،في تجذير وترس�يخ الهوي�ة األصيل�ة له�ذا الش�عب ،ش�عبنا اليوم يس�تهدف
ف�ي هويته ،ه�ذا بالتأكي�د ،هويت�ه اإليامنية ،ب�كل ما فيها
م�ن مب�ادئ ،وب�كل ما فيه�ا من قي�م ،وبكل م�ا فيها من قي�م ،وم�ن أخالق ،بكل ما له�ا من آثار تربوية ،ونفس�ية وش�عورية ،ذلك أن الهوية األصيلة لهذا الشعب لها تأثير
كبير في مدى تامس�ك هذا الشعب في مواجهة التحديات واألخطار[ .جمعة رجب للسيد عبد الملك لعام 1438هـ]
***
67
أهل اليمن واإلمام الهادي (عليه السالم) محط�ة أخ�رى م�ن محطات الش�رف واملج�د ألهل
اليم�ن والت�ي تدل عل�ى مدى العالق�ة وعم�ق االرتباط
بين اليمنيين وأهل بيت رس�ول اهلل (صل���ى اهلل عليه وعلى آله وس ��لم) أنه عندما عمت الفتن أرجاء اليمن بسبب األفكار املنحرفة والسياس�ات الظاملة من قب�ل بني العباس تحرك رجاالت اليمن الش�رفاء صوب مدينة الرس�ول (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) [سنة 280هـ] بحث ًا عن رجل من أهل
بي�ت رس�ول (صلى اهلل علي ��ه وعلى آله وس���لم) يلتف�ون حوله ويعملون تحت رايته الس�تنقاذ اليمن وأهله من مس�تنقع الفت�ن والضالل ال�ذي أوقعهم فيه املضلون واملفس�دون والعابث�ون وفع ً لا ل�م يع�ودوا إال واإلم�ام اله�ادي (عليه
الس�ل�ام) يحيى بن الحس�ين في ركابهم حيث لبى دعوتهم وهب لنصرتهم فقام�وا بنصرته والجهاد معه وأقاموا في رب�وع اليمن امليمون دولة إسلامية عادلة ع�م فيها الخير
واألمن واألمان.
ومام قال فيهم اإلمام الهادي (عليه السالم):
68
تح�ف ب�ه خي�ل يامني�ة له�ا ٌ ليوث طوالب على الهول إقدام دعاه�م �روم أجاب�وا اهلل حي�ن ُ ُق ُ بأيامنهم بيض ح��داد قواضب فما زال�ت األخب�ار ُت ْ خبِ�ر أنه�م سينصـرنا منهم جيوش كتائب ونادي�ت همدان� ًا وخ�والن كلهم ومذحج واألحالف واهلل غالب تذكرن�ي نياته�م خي�ر عصب�ة من الناس قد عفت عليها الجنائب من أصحاب ب�در والنضير وخيبر وأحد لهم في الحق قدم ًا مناقب
وهك�ذا ظ�ل اليمنيون جنب� ًا إلى جنب م�ع اهل بيت رس�ول اهلل (صل ��ى اهلل عليه وعل ��ى آله وس���لم) يواجهون معهم الضلال والفت�ن ويجاه�دون الظاملي�ن والطواغي�ت واملحتلين طوال الفترات املاضية وبالذات فترة االحتالل العثامن�ي لليم�ن وم�ا لحق به من خس�ائر جس�يمة خالل احتالله لليمن حتى سميت اليمن بـ[مقبرة األناضول]. ***
69
اليمنيون اليوم في مواجهة الجاهلية األخرى حدث ما حدث فيام بعد من حروب وأحداث جس�ام
م�ع تل�ك الجاهلية الت�ي وقفت ضد هذا اإلسلام كدين حري�ة كدي�ن ع�زة كدين كرام�ة كدين قي�م كدين أخالق كنظام عدالة يحقق للبشرية العدل.
اإلسلام لألس�ف الش�ديد جن�ى علي�ه الكثي�ر م�ن
املنتمي�ن إليه فش�وهوه تش�ويه ًا كبير ًا حتى ل�دى بق ّية أمم
األرض وإال فاإلسلام ه�و الدي�ن ال�ذي يمث�ل حاج�ة وضرورة لحل مش�اكل البشرية فاإلسالم هو دين التحرر
الذي يحرر العباد من العبودية لبعضهم البعض ،اإلسالم هو الذي أرسى دعائم الحرية بمعناها الصحيح.
اهلل س�بحانه وتعال�ى في دينه وعلى لس�ان أنبيائه أراد لكل عباده أن يتح�رروا من العبودية لبعضهم البعض ألاّ
يأتي أحد من البشر أي ًا كان بأي صفة من الخالئق ليستعبد اآلخري�ن ويقهر اآلخرين وي�ذل اآلخرين ويصادر حرية اآلخري�ن فيام يريد هو ،لرغبات�ه هو ،لنزواته هو ،ألطامعه
هو ،ولدرجة أن اهلل س�بحانه وتعال�ى لم يرض ولم يقبل
70
حت�ى لألنبياء وحت�ى للمالئك�ة أن يكونوا أرباب� ًا لعباده
َ وهو س�بحانه وتعالى الذي يقول ف�ي كتابه الكريم} :ما ُ َ ُ اَ َ َ رَ َ ْ ُ ْ َ ُ ُ ْ َ َ َ حْ ُ ْ الك َم َوانلُّب َّوة ث َّم ش أن يؤتِيه اهلل الكِتاب و ك ُن َل ِب ٍ َّ َ ُ ُ َ ً ْ ُ ََ ْ كن يقول ل ِلن ِ ون اهللِ ول ِ ��اس كونوا عِبادا يِل مِ��نْ د ِ َ َ َ ُُْ ُ ُ َ َّ َ َ ُ ْ ُ ُ َ ِّ ُ َ ِيِّني بِما كن ْت ْم تعلمون الكِتاب َوبِما كنت ْم كونوا ربان َ اَ َ ُ َ ُ ْ َ ْ َ َّ ُ ْ َ اَ َ َ َْ ُ َ تد ُرس��ون( )79ول ْيأمرك��م أن تت ِخ��ذوا الملئ ِكة َ َّ ِّ َ َ ْ َ ً َ َ ُ ُ ُ ْ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ��ر بع��د إِذ أنت ْم وانلبِي�ين أرباب��ا أيأمرك��م بِالكف ِ ُ ْ ُ َ مس��لِمون{[آل عمران ]80:أي حرية أرقى من هذه الحرية حرية ال تكون فيها عبد ًا ألي ٍ أحد إال هلل ،حتى ملالئكة اهلل
ال عبودية لهم ،حتى ألنبيائه ال يمكن أن يكونوا أرباب ًا من دونه ،فقط عبودية للخالق البارئ الفاطر فاطر السموات
واالرض ملك الس�موات واألرض رب العاملين سبحانه
وتعالى[.خطاب الهجرة 1436هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي]
جاهلية اليوم أسوأ من الجاهلية األولى بكل المقاييس الجاهلية األول�ى لم يكن الجاهلي�ون فيها يمتلكون
71
م�ن اإل ْمكَانات العس�كرية واإل ْعــلاَ مي�ة وغيرها مثل ما
هو قائ�م في واقعنا اليوم ،اليوم املس�ألة بش�كل كبير جد خطيرة ووصل س�وؤها إ َل�ى حدٍّ فظيع ،ومعاناة البش�رية
نح�و ال يخفى على من ويالتها وكوارثها ومآس�يها على ٍّ أحد.
ف�ي جاهلية اليوم نرى التوحش الذي كان في جاهلية (ص َلوَ ُ حمَّــد َ هلل ع ََل ْي ِه اإلســلاَ م ُم َ ات ا ِ األمس قبل مبعث نبي ْ
ـسـان رج ً ال وَع ََلـى آلِــ ِه) ،نرى اليوم األطفال والنساء ،واإل ْن َ َأ ْو امرأةً ،كبير ًا َأ ْو صغير ًا ،ش�اب ًا َأ ْو ش�يخ ًا ال قيمة لحياته،
يقت�ل اآلالف ب�كل بس�اطة ،إ َذا كان العربي ف�ي املاضي بمديته َأ ْو بس�يفه أو بخنجره يقتل ،فجاهلية اليوم تمتلك ُ أعت�ى وأفت�ك َأ ْن َواع األس�لحة الت�ي تتمكن م�ن خاللها
م�ن تنفيذ اإلب�ادة الجامعية والقت�ل الجامعي لآلالف من
يق�در ـس�ـان ال ُق�درة عل�ى أن َ األطف�ال والنس�اء ،ولإل ْن َ األرق�ام م�ن قتل�ى البش�رية م�ن ويلات جاهلي�ة الي�وم باملاليين ،رجاالً ونس�ا ًء ،كبار ًا وصغ�ار ًا ،نتيجة إ ْمكَانات جاهلية اليوم.
72
جاهل�ي الي�وم َأمريك�ي َأ ْو إس�رائيلي ،س�عودي َأ ْو بتجرده اراتي تكفيري َأ ْو غيره ،جاهلي اليوم بوحش�يته ُّ إ َم َ
ـس�ـانية يس�تخدم الطائ�رات ،يس�تخد ُم القنابل م�ن اإل ْن َ املحرمة واألس�لحة املحرمة دولي ًا ،يس�تخدم أفتك َأ ْن َواع األس�لحة؛ ليقتل اآلالف واآلالف من األطفال والنس�اء َ تقول :إن الذي بطريقة وحش�ية بشعة ،ال تس�تطيع إلاَّ أن
ـس�ـاني ،يعيش يفع�ل ذلك متج�رد من ك ُّل الش�عور اإل ْن َ
أي وحش أي حيوان َت َمــام ًا الحالة الغريزية التي يعيشها ُّ
َ ف�رق بين�ه وبينه ،بل هم أض�ل بل هم أضل متوح�ش ،ال
حت�ى م�ن الحيوان�ات ،قد ترح�م تلك الحيوان�ات ما ال ُ الوحوش البشرية. ترحمه تلك
اليوم الجاهلية األخرى فيام تعنيه الجاهلية من وحشية وتج�رد من القيم واألخالق ومن تنك ٍّر للتعاليم املقدس�ة
التي تحقق للبش�ر الكرامة والحرية والعزة هذه الجاهلية اليوم وهي تقود العالم وتسيطر ،كلام سيطرت كلام تغلبت
كلما صنعت في واقع البش�ر الكثير والكثير من املش�اكل وكلام ألحقت بالبش�ر املزي�د واملزيد م�ن األذى واملعاناة ولذل�ك فع ً ال هم يجس�دون في مامرس�اتهم وتصرفاتهم
73
وفيما يفعلون من بطش وجب�روت وقتل واحتالل ونهب وغير ذلك من األزمات واآلفات على كل املستويات هم يقدمون الشواهد على سوء التنكر لرسالة األنبياء.
الي�وم يتجلى في واقع العالم وقد وصل إلى ما وصل
إلي�ه بفع�ل جناي�ة أولئ�ك املنحرفين ع�ن منه�ج األنبياء وتعالي�م األنبي�اء واملحرفي�ن له�ا ،فكانوا تجس�يد ًا فعلي ًا للجاهلي�ة األخرى التي تحدث عنه�ا النبي (صلى اهلل عليه
وعلى آله وس ��لم) فقال« :بعثت بين جاهليتين أخراهام شر من أوالهام».
الي�وم م�ا ال�ذي جلب�وه للعال�م؟ أمريكا ب�كل قوتها
ب�كل إمكاناتها بكل س�يطرتها في هذا العالم ،إس�رائيل كيد ألمريكا ،النظام الس�عودي ٍ ٍ كيد أخرى ألمريكا بكل إمكاناتهم بكل س�يطرتهم بكل هيمنتهم ف�ي هذا العالم ه�ل جلب�وا لهذا العال�م حري� ًة؟ أم أنهم يس�تعبدون هذا العالم ،هؤالء الناس ،في كل أقطار هذه األرض.،
ما ال�ذي يلحق بالبش�رية نتيجة لهيمنته�م؟ هل أنهم
أتوا بقيم؟ أين هي الحرية ؟ أين هي حقوق اإلنسان أمام
74
الجرائم البش�عة الت�ي ترتكب يومي ًا في ه�ذا العالم على
أي�دي األمريكيي�ن واإلس�رائيليين وأدواتهم ف�ي املنطقة وعلى رأسهم النظام السعودي العميل؟ [المصدر السابق]
يتطلع شعبنا اليمني اليوم إلى مواقف وقيم أجداده األنصار ليتزود منها
ٍ كش�عب يمني ذلك الي�وم نتط ّلع إلى موقف األنصار
املجتم�ع املتمي�ز ال�ذي اختل�ف كثي�ر ًا ع�ن مجتمع مكة
األش�به حالي� ًا بالنظ�ام الس�عودي ،م�ن يري�د أن يتخي�ل املجتمع القرش�ي في مواجهته لإلسالم في ُلدِّ ه وخصام ِه وجح�ود ِه ونكران�ه وطغيان�ه وهمجيت�ه وكب�ره وبط�ره
فليتخيل الصورة املرتسمة حالي ًا للنظام السعودي.
مجتم�ع األنص�ار ه�و الذي اختل�ف كثي�ر ًا عن ذلك
املجتم�ع فكان مجتمع اإلي�واء والنص�رة مجتمع اإليثار والعط�اء والصب�ر قال عنه اهلل س�بحانه وتعال�ى في كتابه
َ ذَّ َ َ َ ُ َّ َ لإْ َ َ ْ َ ْ ار َوا ِ يم��ان مِن قبلِ ِه ْم ِي��ن تب َّوؤوا ادل الكري�م} :وال حُ ُّ َ َ ْ َ َ َ يَ ْ ْ َ اَ جَ ُ َ ون ف ُص ُدورهِمْ ي��د يِ يِب��ون من هاج��ر إِل ِه��م ول ِ ِ 75
َ َ ً َّ ُ ُ َ ُ ْ ُ َ لَىَ َ ْ ُ َ اَ َ ��ه ْم َول ْو كن ب ِ ِه ْم س ف حاجة مِما أوتوا ويؤث ِرون ع أن ِ ِ َ َ َ ٌ خصاصة{[الحش�ر ]9:ه�ذا ه�و مجتم�ع األنصار األوس والخ�زرج هذا ه�و املجتم�ع اليمني في قيمه اإلسلامية النبيل�ة العظيم�ة يحم�ل املحب�ة وإرادة الخي�ر واإليث�ار والب�ذل والعطاء والصبر إلى غير ذلك من القيم الحميدة
والعظيم�ة الت�ي جعل�ت منه�م مجتمع� ًا قاب ً ال لإلسلام
متفاع ً لا مع اإلسلام منفتح ًا مع اإلسلام متعطش� ًا إلى قيمه وأخالقه فس�رعان ما تقبلها ونصر وتحقق ما تحقق كام هو واضح.
الي�وم يتطلع ش�عبنا اليمني إلى هذه القي�م ليتزود منها
في مواجه�ة املجتمعات التي هي امت�داد فيام هي عليه من
مس�اوئ وطغي�ان وجب�روت ووحش�ية وطم�ع وهمجية للجاهلي�ة األول�ى ،الي�وم مجتمعن�ا اليمن�ي العزي�ز وهو يواجه هذه الهجمة الشرس�ة من الذين هم في مامرس�اتهم
وجبروته�م وطغيانهم امت�داد ملا كان عليه أب�و جهل وأبو س�فيان وغيره�م م�ن مجتمع�ات البش�رية الجاهلي�ة من
مامرسات ظاملة ومن طغيان وتعنت وخصام إلى غير ذلك.
76
الي�وم املنطق�ة بكله�ا محتاج�ة إلى ه�ذه القي�م ،قيم
الرسالة محتاجة إليها والتش ّبع بها والتش ّبث بها والتمسك بها ،بقدر ما تتمس�ك األمة به�ذه القيم بهذه املبادئ بقدر
م�ا تكون قوية في مواجهة هذه التحديات وهي تحديات
كثيرة[ .المصدر السابق]
انتماؤنا لإليمان يفرض علينا أن نكون أعزاء إن انتامءنا لإليامن ،وبام ش�هد به الرسول (صلى اهلل عليه
وعلى آله وس ��لم) وهذا الوس�ام الذي هو بحق وسام شرف: «اإليمان يامن» يفرض علينا أن نكون في كل الظروف،
وفي كل االعتبارات ،وفي كل امليادين ،وفي كل املواقف: أعزاء بعزة ه�ذا اإليامن الذي نحمله ،ملن ال يزال يحمله،
أعزاء وش�رفاء وكرماء بهذا االنتامء العظيم ،بهذا الشرف
َ
ْ َّ ُ َ َ ُ
َ ُْْ
َ
الكبي�ر} ،وللِهَِّ ال ِعزة ول ِرس هِ منِني{[المنافقون: ��ولِ ول ِلمؤ ِ
،]8مق�ام الع�زة هو في مواجه�ة التحدي ،مق�ام الكرامة هو في مواجهة التحدي ،الواقع الذي ليس فيه تحديات، والظروف التي ليست فيها أخطار ،والواقع الذي ليست
77
فيه مس�ؤولية كبي�رة وعظيمة ،لها ثمن وله�ا تضحية؛ هو واقع ال كرامة لإلنس�ان فيه ،ال أهمية لدور اإلنس�ان فيه.
[عاشوراء 1438هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي]
من أهم ما في إسالم هذا الشعب أنه يرفض االستعباد لكل قوى الطاغوت ه�ذا الش�عب املس�لم ،م�ن أهم م�ا في إسلامه تلك
املب�ادئ والقيم العظيمة ،أن يرفض االس�تعباد لكل قوى الطاغ�وت ،ألاَّ يقب�ل ب�أن يرك�ع وال أن ينحن�ي وال أن
يخض�ع وال أن يس�تعبد إال هلل الواح�د القه�ار ،هذا مبدأ
رئيس�ي ومبدأ أساس�ي ،هذا هو املبدأ الذي يوحيه (ال إله إال اهلل) ،مبدأ (ال إله إال اهلل) ،ألاَّ ننحني ونخضع باملطلق
إال هلل ،ألاَّ نركع وال نستسلم ،وال نطيع الطاعة املطلقة إال
هلل سبحانه وتعالى ،وإال هلل سبحانه وتعالى ،هذا مبدأ (ال
إله إال اهلل) ،ثم ما في هذا الدين والقيم وأخالق ،من أهم ما في هذا الدين من قيم هي العزة.
حينما نق�ول :اإليمان يامن ،يج�ب أن نق�ول :إن هذا
78
الش�عب يج�ب أن يك�ون عزيز ًا ،ف�ي كل الظ�روف ،في
كل املراح�ل ،في مواجه�ة التحديات واألخطار ،ال يقبل بال�ذل أبد ًا أبد ًا؛ ألن الع�زة مالزمة لإليامن ،ال يمكن أبد ًا
أن يف�ارق هذا الش�عب عزته إال ويف�ارق إيامنه ،وجوهر
إيامن�ه ،وقاعدة إيامنه ،وأخالق إيامنه ،ما دام هذا الش�عب مؤمنً�ا ال يمك�ن أبد ًا إال أن يكون عزي�ز ًا ،تالزم ال فكاك
ْ ُ ُ بين�ه ،ما بين الع�زة وبين اإليامنَ ، }ولهلِ ِ ال ِع َّزة َول َِرس هِ ��ولِ َ ُْْ َ ول ِلمؤ ِمنِني{[المنافقون ،]8 :والعزة هي عزة النفوس ،عزة في النف�وس تصنع في الش�عور والوجدان إب�ا ًء وامتناع ًا
م�ن القب�ول ب�اإلذالل ،واله�وان ،والقبول باالس�تعباد،
مهما كان�ت الظروف ،مهما امتلك العدو ،مهما امتلكت قوى الطاغوت التي تس�عى الستعباد عباد اهلل ،وإذاللهم والتحك�م بهم ،وف�رض إمالءاتها وإرادته�ا عليهم ،مهام
امتلكت من قوة ومهام كان بطش�ها ،ومهام كان جبروتها،
ومهام كان حجم املعاناة من جانبها بحق عباد اهلل.
فاملؤمن�ون بحك�م انتامئه�م وإيامنه�م وعزته�م
متامس�كون؛ ألن عزته�م ذاتي�ة بإيامنهم الذي ترس�خ في
79
وجدانهم ،ال يمكن أن تكون عزتهم محكومة باعتبارات
ظرفي�ة ،يعني هم أعزاء مثالً :إذا كانوا في وضع مرتاحين وكانت األمور متيس�رة ،وليس�وا في مواجه�ة تحديات،
وال يواجه�ون معان�اة اقتصادي�ة ،والخير متدف�ق ووافر، فه�م حينئذ أع�زاء؟ أما لو واجه�وا تحدي�ات اقتصادية،
أو تحدي�ات عس�كرية ،أو صعوب�ات ،أو كان�ت املس�ألة تقتض�ي تقدي�م تضحيات ،حينه�ا ال ،س�يقبلون بالذل؟ ال ،ه�ذا لي�س من اإليمان في ش�يء ،الع�زة اإليامنية هي
متأصل�ة ومتج�ذرة وتظهر وتتجلى باألول�ى في مواجهة التحدي�ات ،في مواجه�ة الظروف الصعبة ،أما اإلنس�ان عزيزا إال إذا لم يواجه تحد ًيا ،أما إذا واجه الذي لن يكون ً
تحديات أو صعوبات قبل بالذل والهوان ،هذا حاله حال
لي�س من اإليامن في ش�يء ،لي�س مرتب ً طا م�ن اإليامن في
َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َ لَىَ ٰ َ }وم َِن انلَّ ش�يءَ ، ع ح ْر ٍف فإِن ��اس من يعب��د اهلل ِ َ َ َ ُ َ رْ ٌ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ ٌ ْ َ َ َ لَىَ أصاب��ه خي اطمأن ب ِ ِه وإِن أصابت��ه ف ِتنة انقلب ٰ ع َ َ ُّ ْ َ َ آْ َ َ ْ خرة{ [الحج :من اآلية.]11 َوج ِه ِه خ رِس ادلنيا وال ِ
80
الحالة اإليمانية هي حالة تتجلى في أخالق المؤمن فالحالة اإليامنية هي حالة تتجلى في أخالقها العظيمة،
ف�ي مبادئه�ا وقيمه�ا األصيل�ة ف�ي مواجه�ة التحدي�ات
َ َ اَ َ والصعوبات ،أم�ام االختبار اإللهي} ،ما كن الل َُهّ يِ َلذ َر ُْ ْ َ لَىَ ٰ َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َّت�َّىّ ٰ َ َ خْ َ َ زي البِيث م َِن المؤ ِمنِ�ين ع ما أنتم علي ِه ح� ي ِم َّ ّ ب{ [آل عم�ران :من اآلي�ة ]179الحالة اإليامنية األصيلة الطيِ ِ
الطيبة التي لها أثرها الطيب في نفس�ية اإلنس�ان ومشاعر
ومتميزا في هذا اإلنس�ان في عظيم�ا أث�را ً ً اإلنس�ان تترك ً
ثباته ومبدأيته وصبره وتامس�كه ف�ي املراحل والتحديات الصعب�ة ،وه�ذا أهم ما يمك�ن أن يتجلى إيامني� ًا ،ويكون
ش�اهد ًا حقيقي�ا لإليامن ف�ي الظروف واملراح�ل الصعبة،
َ َّ َ ُ ْ اَ َ َّ ُ َ ْ ُ رْ َ ُ َ ْ َ ُ ُ َ َ }أح ِس��ب انلاس أن يتك��وا أن يقول��وا آمنا وهم ل ُ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ َ َ َّ ذَّ َ ْ َ ْ َََْ ََ ِين مِن قبلِ ِه ْم ۖ فليعلم َّن الل َُهّ يفتن��ون * ولقد فتنا ال ذَّ َ َ َ ُ َ يَ َ ْ َ َ َّ ْ اَ َ الِين صدقوا ولعلم��ن الكذِبِني{ [العنكبوت ]2-1:في املراح�ل الصعبة ف�ي التحديات ،أمام الظ�روف واملعاناة
أم�ام الظروف التي تحتاج إلى الصبر ،أمام الظروف التي
81
تحت�اج إلى الثبات القوي ،هنا يتجل�ى اإليامن الحقيقي، هنا تتجلى الهوية املتجذرة والراسخة واألصيلة لإلنسان،
ه�ل هو صادق أم ه�و كاذب؟ هل انتامؤه انتامء حقيقي أم
ه�و انتامء زائ�ف؟ في أول مواجه�ة للتحدي�ات واملعاناة سرعان ما يتالشى ،وسرعان ما يذهب وينتهي!.
الهوية األصيلة لشعبنا اليمني لها أكبر التأثير في ثباته في مواجهة من يريد استعباده نحن اليوم نجد أن الهوية األصيلة لش�عبنا اليمني لها
أبلغ األثر لها أكبر التأثير في ثباته في مواجهة التحديات،
الي�وم األمريك�ي واإلس�رائيلي وأدواته�م ف�ي املنطق�ة وعلى رأس�ها النظام الس�عودي والنظام اإلماراتي ،الكل
منهم؟ ما الذي يريدونه منا؟ بال ش�ك يريدون اس�تعبادنا يري�دون إذاللن�ا ،يريدون التحكم بنا ،يري�دون ألاَّ نكون
ذاك الش�عب ال�ذي تحكم�ه مب�ادؤه وال�ذي تحكم�ه أخالقه ،والذي تحكمه قيمه ،والذي ال يمكن أن يفرض
علي�ه اآلخ�رون إرادتهم الظاملة ،ومش�اريعهم الفاس�دة،
82
وأوامره�م الباطل�ة ،ال يمك�ن أن يتحكموا بن�ا ظل ًام ،أن
يتحكموا بنا إفسا ًدا ،أن يتحكموا بنا انحراف ًا ،أن يسيرونا في واقع الحياة وفي شؤون الحياة على حسب أهوائهم. وأهواؤهم أباطيل وأهواؤه�م ضالالت ،وأهواؤهم
هي باعتبار مزاجهم ،باعتبار رغباتهم ،ليست على أساس
م�ن الحق ،وال على أس�اس من الخير ،وال على أس�اس من املبادئ ،في املقابل نحن شعب لنا مبادئ ،لنا قيم ،لنا
أخالق ،نريد أن نتحرك في هذه الحياة ،وأن يكون واقعنا في كل ش�ؤوننا في هذه الحياة بناء على هذه املبادئ ،بناء
عل�ى ه�ذه القيم ،بن�اء على ه�ذه األخالق ،ه�و يريد أن عزيزا ،هو يريد يس�تذلني ،هي من تفرض علي أن أك�ون ً
أن يس�تعبدني ،وأن أطيع�ه الطاعة املطلق�ة ،كأمريكي أو إس�رائيلي ،أو كعمي�ل لهام س�عودي أو إمارات�ي ،مبادئي الراس�خة التي ه�ي إيامن أؤم�ن به ،متجذر ف�ي وجداني
وش�عوري ،بني�ت علي�ه كل حيات�ي كيمني تف�رض علي
أن أك�ون ح�ر ًا ،وال أقب�ل بأن أك�ون عبد ًا إال هلل س�بحانه وتعالى.
83
هنا املش�كلة كبيرة ما بيننا وبينهم ،في مقابل س�عيهم الس�تعبادنا هويتن�ا تفرض علين�ا أن نكون أح�رار ًا ،وألاَّ نعب�د أنفس�نا أبدا إال هلل ،ف�ي مقابل أنهم يري�دون إذاللنا
وقهرن�ا ودوس كرامتن�ا واالمته�ان لن�ا مبادؤن�ا وقيمن�ا وأخالقن�ا تف�رض علينا ب�ل وأثرها في وجداننا وأنفس�نا ومشاعرنا ال تقبل إال بأن نكون أعزاء.
يريدون أن يكون حالنا كحال المرتزقة الذين أرخصوا أنفسهم فلذلك هم يركزون على هويتنا؛ ألنهم فيام لو تمكنوا
أن يضرب�وا هويتن�ا وأن يتخلصوا من هذه املش�كلة يتهيأ له�م كل ش�يء ،وه�ذا ه�و الح�ال القائ�م ف�ي املرتزقة، املرتزق�ة في هذا البلد ما الذي حدث لهم؟ ما هي حالهم
القائم�ة؟ ألم يعب�دوا أنفس�هم ألولئك؟ بلى ،ه�م اليوم س�واء من الجنوبيي�ن أو من الشماليين ،من الق�وى التي
اتجه�ت تح�ت عناوي�ن ديني�ة أو عناوين أخ�رى هم في واق�ع الح�ال عبدوا أنفس�هم باملطلق ألولئ�ك ،يعني هم
تحت قيادة العمالء اإلماراتيين أو السعوديين ،يطيعونهم
84
باملطل�ق ،يطيعهم في كل أمر ،حتى األمر فيام هو ظلم فيام هو طغيان فيام هو إجرام ،ليس لديهم مش�كلة أن يطيعهم
ف�وق طاعة اهلل ،يطيعهم فيام يعصي اهلل ،يطيعهم أيض ًا فيام يدنس به كرامته ،فيام يخرج به عن مبادئه وقيمه وأخالقه،
يطيعهم فيام يكون به مجرم ًا ،ظامل ًا ،س�يئ ًا ،ال كرامة له ،ال أخالق له ،ال شرف له.
فيرتك�ب أبش�ع الجرائم من أج�ل أوامرهم ،يطيعهم
ب�أن يخ�ون أمته ويخون ش�عبه ،فيك�ون خائن ًا ،م�ا عنده مش�كلةَ ،ع َّب�دَ نفس�ه له�م ،وفي نف�س الوقت م�ن موقع
ال�ذل ه�و أمامهم ذلي�ل ،ال أمر له مع أمره�م ،ال خيار له
م�ع قراراتهم ،ه�م من يق�ررون ،وعليه أن يقب�ل ،وعليه أن يطي�ع ،وعلي�ه أن يطب�ق وأن ينفذ حرف ًي�ا ،ال خيار له،
ال حري�ة ل�ه ،ال كرامة ل�ه ،ال اعتبار له ،وه�و في املوقف األسفل في املوقع األسفل ،موقع املأمور املتلقي الخانع، ال�ذي لي�س له هن�اك أي اعتب�ار وال كرام�ة وال قيمة وال
شرف وال مقدار.
85
ه�ل يح�س الس�عودي أو اإلمارات�ي أو األمريك�ي
بمكان�ة احترام وإجالل وتقدي�ر وتقديس له كيمني؟ ال، هو عندهم ال يس�وى حذاء من أحذيته�م ،يعتبرونه عبدً ا
اش�تروه بشيء من الفلوس ،ويدفعون له البعض من املال ف�ي مقابل أن ينفذ مهامه�م ،وأن يأتمر لهم ،وأن يطيعهم
الطاع�ة املطلقة ،طاع�ة ال تخضع لقي�م ،طاعة ال تحدها ضواب�ط ش�رعية ،طاع�ة ال تحده�ا اعتب�ارات أخالقي�ة
وإنس�انية ووطني�ة ،ال ،طاع�ة يتح�رك فيها منفلت� ًا ،عبد
سامع مطيع خانع ذليل.
هذا ما يريدونه لكل ش�عبنا ،يريدون من كل أبناء هذا
البلد :علامء ،ش�خصيات ،قادة ،مواطني�ن ،من كل فئات ه�ذا الش�عب ،رجالاً نس�اء ،أن يس�لموا كل أمرهم وكل
ش�أنهم ألولئك ،أن تس�لمه لعبيد أمريكا ،ألولئك الذين
يتلق�ون ف�ي كل قراراتهم ،ف�ي كل مواقفه�م املهمة ،في كل توجهاتهم السياس�ية واالقتصادي�ة والثقافية ،في كل برنامج الحياة ال�ذي يفرضونه ويتحركون به ،يتلقون فيه
األوامر والتوجيهات من األمريكي.
86
وارتبط�وا باألمريك�ي وبأجندته ،نحن ل�و فعلنا ذلك
فعلى إسالمنا وعلى إيامننا السالم ،وعلى أخالقنا السالم، وعل�ى قيمنا السلام راحت وانتهت ،يبقى لنا ش�كليات للمجاملة ،ونكون قد فقدنا من إسلامنا ومن إيامننا ومن
هويتنا الجوهر ،األصل ،اللباب ،وتبقى القش�ور ،وتبقى األش�ياء الش�كلية الت�ي ال قيمة لها ،تصل�ي هلل إذا رغبت على الطريقة الوهابية ،ولكن كل ش�ؤون حياتك ليس�ت
هلل ،ب�ل ألع�داء اهلل ،للمنافقي�ن ،للظاملي�ن ،للمجرمي�ن، للمس�تكبرين ،للطواغي�ت ،ه�م الذين يتحكم�ون فيك
في كل ش�ؤون حياتك ،أنت تقاتل حيثما أرادوا منك أن تقاتل ،وتعادي من أرادوا منك أن تعادي.
حت�ى ل�و كان مظلو ًم�ا ،تق�ف ف�ي موق�ف الباط�ل
ض�د الحق وفي موق�ف الظال�م ونصرة الظال�م الطاغي املس�تكبر ،ض�د املظل�وم ،ضد من ه�و في موق�ع الحق، تفعل لهم ما يش�اؤون ويريدون ،ويبقى لك من إسالمك شكليات مجاملة لهم أو لنفسك وضميرك تغالط بها ،أو
أحيان ًا عملية خداع ،تس�تخدم كأسلوب خداع ،أو روتين اعتيادي في الحياة ،روتين اعتيادي للبعض في الحياة ،ال
87
أق�ل وال أكثر ،ال تأثير ل�ه في األعامل وال في التصرفات، وال دخ�ل له ف�ي املواقف ،حالة روتيني�ة اعتيادية ال قيمة له�ا ،وال أث�ر له�ا في نفس�ك ،وال ف�ي أعامل�ك ،وال في
حيات�ك ،وال ف�ي تصرفات�ك .ف�إذ ًا القوم يرك�زون على هويتنا ،اليوم يواجهون صعوبة كبيرة في معركتهم.
هم يريدون استعبادنا والسيطرة التامة علينا كشعب يمني مسلم واملعرك�ة ه�ذه ليس�ت معركة سياس�ية ،ليس�ت فقط
مش�كلة سياس�ية أرادوا أن يحلوها عسكري ًا ،ال؛ واهلل هم يريدون اس�تعباد ش�عبنا ،واهلل هم يريدون الس�يطرة التامة
علين�ا كش�عب يمن�ي مس�لم ،حت�ى ال يبق�ى لنا ق�رار مع قراره�م ،وال أم�ر مع أمرهم ،وال إرادة م�ع إرادتهم حتى
يسلبوا منا حريتنا ،وكرامتنا وإرادتنا ،هذا ما يريدونه ،وإال
فاملسألة واضحة .أي :لو كانت املسألة مشكلة داخلية كان
حلها سه ً ال ويسير ًا ،وأتيحت الفرص الكثيرة للحلول.
88
ويريدون أرضنا وثروتنا وجغرافيتنا وه�م يري�دون أرضنا وثروتن�ا وجغرافيتن�ا ويريدون
موانئن�ا ويري�دون جزرنا ويريدون منفذن�ا (باب املندب) ال�ذي هو من أهم املنافذ في هذا العال�م يريدون منا ديننا
ودنيانا ،ولذلك حتى لو دفعوا بعض ًا من الفلوس للعمالء واملرتزق�ة واملنافقين الخونة هو على أمل أن ما يحصلون
علي�ه م�ن امتي�ازات اقتصادي�ة وسياس�ية وجغرافية أهم بكثير بكثير بكثير مام دفعوا.
ولذلك نحن نقول :إن ه�ؤالء املنافقين في هذا البلد
في الشمال والجنوب والش�رق والغرب هؤالء املنافقين لم يحس�نوا حت�ى بيعهم وش�رائهم حت�ى خيانتهم كانت خيانة رخيصة ،رخيصة إلى أسوأ حال ،إلى أبأس حال.
يا أيها املنافقون كان املفترض لو أنكم تعقلون ،وأنتم
قد قررتم الخيانة وقررتم أن تتجردوا من إنسانيتكم ومن
دينك�م وم�ن أخالقك�م وم�ن مبادئكم وم�ن وطنتيكم، وأن تبيعوا كل ش�يء :الهوية ،الضمير ،الدين ،األخالق، القيم ،األمة ،الش�عب ،البلد ،أي :بعتم ش�يئ ًا كبير ًا ،بعتم
89
ش�يئ ًا عظي ً ما ،بعتم الدنيا واآلخرة ،ف�كان يجب في الحد األدن�ى أن تطلب�وا م�ن أولئ�ك ـ الذي�ن بعت�م منه�م كل
هذا :الدين والدنيا واألمة والش�عب واإلنس�انية والقبيلة
والضمي�ر والكرام�ة والحرية ،كل ش�يء بعتم�وه منهم ـ
كان املفترض أن يعطوكم مليارات كبيرة.
هو اليوم اش�ترى منكم إنسانيتكم ،هذه ليس لها ثمن
حتى كل الدنيا ،اش�ترى منك�م دينكم ومبادئكم وقيمكم ومواقفكم وحريتكم واش�ترى بلدكم واش�ترى أرضكم
واشترى ثروتكم اشترى كل شيء منكم ،في مقابل ماذا؟ يعطيكم [ش�وية فلوس] يعني أنت�م هينون أنتم رخيصون
أنتم من كان دينكم رخيص ًا لديكم إلى هذا املس�توى ،من كانت إنس�انيتكم رخيص�ة لديكم إلى هذا املس�توى ،من كانت قيمكم ومبادئكم رخيصة عندكم إلى هذا املستوى، م�ن كان�ت عندك�م حريتك�م رخيص�ة إلى هذا املس�توى
البس�يط بقليل فلوس ،م�ن كانت أرضك�م وجغرافيتكم
الت�ي ّ ق�ل أن يكون له�ا نظير ًا ف�ي كل الدني�ا رخيصة إلى
هذا املس�توى ،من كانت ث�روة بلدكم التي يتس�ابق عليها اآلخرون وعقدوا معكم عقود ًا هي عبارة عن صكوك بيع
90
لهذه الثروات في (حضرموت) وفي (س�قطرة) وفي كثير
م�ن املناطق ،رخيصة عندكم لهذا املس�توى ،يعني بياعين رخيصين ،رخيصين جد ًا جد ًا جد ًا .
الذي يريده أولئك اليوم هو استعبادنا وإذاللنا وقهرنا
والتحكم بنا والس�يطرة على أرضن�ا وجغرافيتنا والنهب لثرواتنا الواعدة التي ال زالت في اليمن في األرض.
أحد الس�فراء األمريكيين الس�ابقين قال ذات مرة أن
اليم�ن ال زال�ت بكر ًا :بك�ر ًا بثرواته�ا وخيراتها ال زالت مليئة بهذه الخيرات الواعدة من البترول والنفط واملعادن
والغاز وأش�ياء كثيرة .فعلاً كل مادة خام مكدسة في هذا
البل�د ومكنوزة في ه�ذا البلد وواعدة ،ث�روة واعدة لهذا الشعب الفقير املعاني.
يريدون أن نس�تمر في بؤس�نا وأن ال نتمك�ن أبد ًا من
االس�تفادة م�ن ه�ذه الثروات وم�ن هذه الخي�رات أن ال يكون في ه�ذا البلد دولة حرة ومس�ؤولة تعطي االعتبار لشعبها قبل كل شيء تراعي مصالح شعبها قبل كل شيء، يري�دون أن يك�ون هن�اك في ه�ذا البلد حكوم�ة صغيرة
91
ضعيف�ة هزيل�ة تخض�ع إلمرته�م ،تخض�ع لقراراته�م،
تخض�ع لسياس�اتهم ،تخضع باملطل�ق إلمالءاتهم ،تضع االعتب�ار أوالً وقبل كل ش�يء لهم قبل ش�عبها ،لهم قبل بلدها ،فتكون األولوية املطلقة بالقواعد في أهم القواعد
لألجنب�ي قب�ل البل�د وأهل�ه ،أه�م املناطق في ه�ذا البلد تتح�ول إل�ى قواعد له�ذا األجنب�ي لألمريك�ي وعمالئه
لإلماراتي والسعودي.
أه�م املناط�ق االس�تراتيجية ف�ي ه�ذا البل�د تك�ون
ألولئك ونح�ن اليمنيين نبقى [مش�خرين هناك] حراس لك�م ،قاع�دة لإلمارات�ي أو لألمريك�ي أو للس�عودي أو
لإلس�رائيلي ويري�دون أن تك�ون ه�ذه الث�روات لصالح ش�ركاتهم ،أم�ا نح�ن يبقى لن�ا كيمنيي�ن الفت�ات وفتات
فت�ات الفت�ات؛ ألن الحص�ة األكبر من اإلنتاج س�تكون للعملاء الرئيس�ين من كبار القوم تذه�ب إلى أرصدتهم و[املس�اكين }حقونه�م» العمال والش�غالين واملقاتلي�ن يعطوهم ش�وية مرتبات بسيطة] ويذهبون بهم إلى املوت
في مقابل ذلك ،وهكذا.
92
هويتنا اليوم تشكل ضمانة رئيسية لتماسكنا
فإذ ًا :هويتنا يا أبناء ش�عبنا اليوم تش�كل ضامنة رئيسية
لتامسكنا ،كيف سنبقى أحرار ًا؟ وكيف سنبقى صامدين؟
كيف س�نبقى دائ ًام نأبى إال أن نكون أعزاء ونأبى العبودية لغي�ر اهلل؟ بق�در ما تبقى لنا هذه الهوي�ة بقدر عظمة تلك املبادئ وبقدر ما تبقى متجذرة فينا ،إذا فقدنا تلك املبادئ
قبلنا حينها بكل ش�يء ،إذا فقدنا وخلت نفوسنا من تلك
القيم قبلنا حينها؛ ألن هؤالء ما الذي حدث بالنس�بة لهم تفرغت منه من مش�اعره املرتزق�ة والعملاء واملنافقين؟ ّ
يبق عنده مش�كلة في أن من وجدانه تلك القيم فقبل ،لم َ يكون عب�د ًا ،أن يكون حذا ًء للس�عودي العميل ألمريكا العميل لإلماراتي ففرغت منه تلك املبادئ العظيمة.
تبق هي املؤثرة في وجدانه في مشاعره في إحساسه لم َ
فلم يعد عنده مش�كلة في أن يكون ف�ي هذه الحياة خائن ًا
ظامل ًا مجرم ًا قات ً ال لألطفال والنس�اء مرتكب ًا ألي جريمة؛ هذه تشكل ضامنة لنا في الحفاظ على تامسكنا وثباتنا في
93
مواجه�ة التحديات ،يجت أن نحرص دائ ًام على الحفاظ
على هذه املبادئ والقيم وترسيخها وتنميتها ونربي عليها
أجيالنا جي ً ال بعد جيل كام فعل معنا آباؤنا وأجدادنا ،كيف
وصل�ت إلينا ه�ذه القيم؟ كيف وصل�ت إلينا هذه الروح الحرة املس�ؤولة العزيزة الكريمة األبية عبر األجيال؟ إال بتربي�ة ،إال باملحافظة عليه�ا ،إال بالعناية بها ،األس�لوب الترب�وي نم�ط الحي�اة ف�ي كثي�ر منه حت�ى ف�ي العادات والتقاليد كثير منها حفظ لنا هذه املوروث األخالقي وهذا
امل�وروث املبدئ�ي؛ وإن كان دخل أحيان� ًا بعض العادات والتقاليد الدخيلة التي يمكن التخلص منها ،لكن املسار
الرئيس�ي الذي توارثه أبن�اء بلدنا جي ً ال بعد جيل كان هذه ال�روح اإليامنية وكانت هذه األخالق التي جس�دوها في
الواق�ع ونزلت حتى إلى نم�ط الحياة وحتى إلى العادات والتقاليد وحكمت املامرس�ات واألعامل والس�لوكيات.
[جمعة رجب للسيد عبد الملك لعام 1438هـ]
94
نحن اليوم أمام اختبار إلهي ليتبيَّن الصادق والكاذب في هذا الشعب
األحداث والتحديات هي التي تشكل اختبار ًا حقيقي ًا
ُي َبين حقيقة اإلنس�ان ،وحتى مدى صدقه في انتامئه ،وقد
كُتب لنا يا شعب اليمن ،يا شعبنا املسلم ،يا شعب اإليامن ٍ اختبار إلهي ليتب َّين والحكمة ،كُتب لنا اليوم أن نكون أمام الصادق والكاذب في هذا الش�عبَ ،من الذي هو صادق ف�ي إيامنه؟ وه�ل يمك�ن إال أن يكون الص�ادق في إيامنه
عزي�ز ًا ال يقب�ل بالذل أب�د ًا ،ووفي ًا مع اهلل ،وإنس�ان ًا غيور ًا
وحر ًا وكري ًام ال يقبل بأن يسكت أمام كل هذا الظلم ،أمام كل هذا العدوان أمام كل هذا الطغيان؟.
نح�ن اليوم أمام اختب�ار يتب َّين الص�ادق ِمن الكاذب،
يتبي�ن الذي هو فع ً ال عن�د هذه الهوية ،عن�د هذا االنتامء، بمس�توى هذا الش�رف ،والذي هو كاذب منس�لخ فاس�د ٍ أس�اس النفس .ونحن اليوم نواجه في هذا العدوان على م�ن مبادئنا ،وعلى أس�اس من ِق َي ِمنا ،كما اآلخرون أيض ًا
املعت�دون ،ق�رن الش�يطان النظ�ام الس�عودي يتح�رك،
95
وه�و قب�ل أن يس�تهدفنا في حياتن�ا قت ً ال وس�فك ًا لدمائنا،
وهدم ًا ملنازلنا ،وتدمير ًا ملنش�آتنا؛ هو قبل ذلك يس�تهدفنا ويس�تهدف األمة من حولنا ف�ي املبادئ وال ِق َيم[ .عاش�وراء 1438هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي]
النظام السعودي يتحرك داخل األمة بمعولي هدم الي�وم يحم�ل النظ�ام الس�عودي ق�رن الش�يطان راية النف�اق ف�ي األمة ،ويحم�ل بيدي�ه وكلتاهام شمال ِم ْع َوال
هد ٍم يهدم بهام في داخل األمة ،والذي يهدمه قبل املباني، وقبل املنش�آت ،وقبل الجس�ور والطرق�ات ،وقبل املدن
والقرى؛ يهدم املبادئ في هذه األمة وفي داخلها ،ويهدم ال ِق َيم ،يتحرك ب ِم ْع َولي هدم. واحد من هذه املعاول يلبس�ه لباس الدين ،وهو :عبر
النشاط التكفيري .النشاط التكفيري والتحرك التكفيري في أوس�اط األمة ِم ْع َول هدم يتحرك به النظام الس�عودي تح�ت إدارة أمري�كا وإش�راف أمري�كا ورعاي�ة أمري�كا
96
�ول ه�دمُ ،يضل�ل األمة ،يس�لخها وتوجي�ه أمري�كاِ ،م ْع َ ويخرجها من مبادئها الحقيقية.
ينش�ر الضلال ،ويح�اول أن يعم�م ظالم�ه ف�ي كل �و ُل ه�د ٍم لألفكار، أوس�اط األم�ة ،ه�و ِم ْع َو ُل ه�دمِ ،م ْع َ للبصائر ،لألخالق ،للقيم.
أم�ا ِم ْع َول الهدم اآلخ�ر باليد األخرى ،وكالهام -كام �ول الهدم اآلخر هو :محاولة اإلفس�اد قلنا – شمالِ ..م ْع َ إفس�اد النفس�يات ،التحلل م�ن األخالق والقي�م ،وبغير
العن�وان الدين�ي طبع ًا ،جانب انحاللي خروج وانسلاخ صري�ح عن الدي�ن في مبادئه ،عن اإلسلام في ِق َيمه ،في
أخالقه ،في دوره الحضاري في الحياة ،حالة االنحالل، اإلفساد للنفسيات ،أن يحولك إلى إنسان ليس عندك من اإلسلام أي ش�يء ُمهِ ّم ،ال إنس�ان مبدئي ،ال تنتمي ألي
مب�ادئ ،وال تبالي بأي مبادئ أب�د ًا ،وال أخالق وال قيم، ال يحفظك شيء ،ال يصونك شيء ،ال يبعدك ويحصنك
من االس�تعباد لك ،ومن االس�تغالل لك أي ش�يء؛ ألن
أه�م م�ا يحصن اإلنس�ان وم�ا يحمي ه�ذا اإلنس�ان من
97
فرغ االس�تعباد واالس�تغالل هي املبادئ وال ِق َيم ،بعد أن ُي َّ
يصبح جاهز ًا تامم ًا لالستغالل. منها ُ
اليوم نرى كيف يعمل على إفساد النفوس وتدنيسها؛
ليحول الناس إلى سلع رخيصة ،ولألسف الكثير يرضون
ألنفس�هم أن يكونوا مجرد س�لع رخيصة ُتباع و ُتشترى،
أحيان ًا بالنقد السعودي ،وأحيان ًا بالدوالر ،وأحيان ًا بالنقد ن أراد له األمريكي أن يدفع َد َفع. اإلماراتيَ .م ْ
أم�ا الس�لعة فهي الكثي�ر من الن�اس الذين انس�لخوا فع ً العزة، لا عن ال ِق َيم ،عن اإلنس�انية ،عن الكرام�ة ،عن َّ
الذين يقدمون أنفسهم في أسواق الطاغوت ،في مزادات
املجرمي�ن والطغ�اة ،معروضي�ن للبي�عَ ،من يدف�ع أكثر، وأحيانا حتى بأقل ثمن ،يبيعون أنفسهم.
�وال الهدم نرى لها في النش�اط الذي يامرس�ه قرن ِم ْع َ الش�يطان أش�كاالً كثي�رة ،اذهب إلى الجان�ب اإلعالمي ص�ال ،جان�ب هن�اك باللحي�ة ،بالثوب لت�رى ل�ه قن�اة ِو َ
القصي�ر ،بالتز ُّم�ت ،وباملس�واك ،وبتل�ك الش�كليات، وبالغلو ،وبالتكفير ،وبعناوين دينية.
98
وت�رى له ف�ي الجان�ب اآلخر قن�اة الح�دث ،أو قناة
العربية ،تج�د فيهام الحالة األمريكي�ة والغربية تامم ًا ،وال كأن�ك تش�اهد َم�ن ُي َم ِّث�ل بزعمه بدع�واه اإلسلام و ِق َيم املعن�ي قبل غي�ره بتمثيل اإلسلام ،ويعتبر نفس�ه أن�ه هو ّ
اإلسالم واملسلمين.
ث�م ِ ائت إلى نش�اطه بكل أش�كاله؛ تج�ده ينحو هذا
املنح�ى ،وه�ذه ه�ي مأس�اة في حقيق�ة األمة وف�ي واقع األمة[ .عاشوراء 1438هـ للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي]
إلى جانب الحرب العسكرية هناك استهداف لهويتنا ولذلك الحظوا الغزو اليوم علينا إلى جانب الحرب
العس�كرية هناك حرب كبيرة جد ًا وشرس�ة وخطيرة جد ًا
الس�تهداف هويتن�ا وبأش�كال متع�ددة نذك�ر باختص�ار بعض هذه األشكال.
1ـ الش�كل األول منها الغزو التكفي�ري لبلدنا هذا غزو يستهدفنا في هويتنا الثقافية
99
الش�كل األول منها الغزو التكفيري لبلدنا ،هذا غزويس�تهدفنا ف�ي هويتن�ا الثقافي�ة وكذل�ك ف�ي أخالقنا
وفي س�لوكنا وفي عاداتنا وتقاليدنا االسلامية ،غزو خطير جد ًا يس�تهدفنا ،الغزو التكفيري هو من أس�وء
ما يحدث اليوم في بقاع أمتنا اإلسلامية بش�كل عام وفي بلدنا كذلك.
الحظوا الغ�زو التكفيري هو غزو للهوية وله أهداف
متعددة ،هو أكبر عملية تشويهية لإلسالم؛ وبهذا يقدم أكبر
خدمة لألمريكي ولإلس�رائيلي للقوى االستكبارية التي تس�تهدف األمة اإلسلامية بكلها في هويتها اإلسالمية، أكبر عملية تشويه تضرب اإلسالم في داخل ابنائه ولدى
بقية شعوب وأمم األرض حتى يكون اآلخر في أي بقعة من بقاع العالم في أي بلد في أي ش�عب ينظر أسوء نظره إلى العالم اإلسالمي وإلى املسلمين وإلى اإلسالم بفعل
ما يراه وما يش�اهده وما يس�مع عنه م�ن تصرفات أولئك
الذي�ن يقدمون أس�وء وأقبح وأفظع ،وأق�ذر صورة وفي ٍ فحينئذ من يتحول نفس الوقت يحس�بونها على اإلسالم
إل�ى تكفي�ري م�ن يعتن�ق فكره�م وثقافته�م وعقيدتهم
100
ومبادئه�م وتصرفاته�م ونمطهم في التص�رف واملواقف والحياة يتحول إلى حالة فضيعة جد ًا.
أي :أسوأ عملية مس�خ لإلنسان اليمني أن يخرج من
الحال�ة اإليجابي�ة الراقي�ة التي ُعرف بها اإلنس�ان اليمني
االسلامي وهويت�ه ،والت�ي توارثه�ا منذ فجر اإلسلام،
ومنذ الصدر األول لإلسلام على يد رس�ول اهلل محمد، عل�ى يد تالمذته العظماء ،وفي طليعته�م اإلمام علي بن
أبي طالب (عليه السالم) ،وأن يعلم على يد أساتذة من نوع آخ�ر ،ليس علي بن أبي طالب ،وليس معاذ بن جبل ،وال غيرهم ،أس�اتذة م�ن نوع آخر :ه�ؤالء التكفيريون الذين
كلهم حقد وإجرام ال ذرة لديهم من رحمة اإلسالم ،وال من مكارم أخالقه ،أساتذة جدد.
التكفي�ري يأت�ي إليك فيعتب�ر ما كنت علي�ه عبر هذه األجي�ال إلى عند علي بن أبي طالب وصولاً إلى رس�ول
كافرا اهلل محم�د (صل ��ى اهلل عليه وعلى آله وس���لم) أن�ك كنت ً
وآب�اؤك وأج�دادك هؤالء كان�وا كف�ار ًا ،وهم م�ن كانوا مفخرة اإلسلام ،هم الفاتحون ،هم الذين أوصلوا الراية
101
اإلسلامية إلى األندلس ،وأوصلوه�ا إلى أعامق أوروبا، يأت�ي التكفيري ليقول :بأنهم كفار! وهم الذين أس�قطوا
اإلمبراطوريات الرومانية والفارسية آنذاك ،ويأتي يقول: كل ما كنت عليه وما أنت عليه وما أجدادك عليه كفر كفر
كفر! أس�لم أس�لم من جديد على يد ه�ذا التكفيري ،ثم يمسخك في أخالقك في تصرفاتك.
ثم تأتي بس�كينك لتذبح أخاك اليمن�ي وأحيان ًا أخاك
في النس�ب ،لتذبح أخاك اليمني ،لتذبح اإلنسان املسلم؛
لتنفجر في حقد باملصلين في املسجد ،وتحاول أن تقتلهم
أثن�اء الصالة وه�م يركعون لربهم ويس�جدون له ،ألنهم عندك كفار مجوس ،رافضة ،وهكذا تعبيرات أخرى.
وهكذا مس�خ لإلنس�ان ،يج�ب عل�ى كل العلامء في
ه�ذا البلد املس�تنيرين األوفياء والصادقي�ن غير البياعين،
غير البياع الذي يبيع بالس�عودي أو يبيع بالدوالر أو يبيع باإلمارات�ي ،العلماء الحقيقيين ف�ي هذا البل�د واملثقفين
الصادقي�ن املس�تنيرين وخطب�اء املس�اجد أن يحموا هذا الش�عب من هذا الفكر املس�خ ،من التكفيريين وثقافتهم
102
الضالة والباطلة؛ ألنهم يمس�خون بها ومس�خوا البعض
من أبناء شعبنا بها ،وحولوا من هم على شاكلتهم والعياذ ب�اهلل وما أس�وأهم ،هذا غ�زو كبير الس�عودية واإلمارات
تق�دم له مئات املليارات منذ س�نوات ،أموال كثيرة جدً ا، تش�تغل لصالح�ه قن�وات ،وتطب�ع كتب وتنش�ر صحف ومجلات ومنش�ورات ،ول�ه م�دراس وله مس�اجد وله جامعات ...إلخ يعني شغل كبير ،غزو كبير جدً ا.
يج�ب أن نتصدى ل�ه هذا غزو يس�تهدفنا ف�ي هويتنا
النقية والصافي�ة والراقية التي توارثناه�ا منذ عهد محمد (ص َل� �وَ ُ ب�ن عبداهلل َ هلل ع ََل ْي� � ِه وَع ََلـى آلِــ��� ِه) وعلمناها تالميذه ات ا ِ
عل�ي بن أبي طالب وغيره ،والي�وم يأتي هؤالء بضاللهم
وباطلهم ليمس�خونا ويمس�خوا ش�عبنا ،يج�ب التصدي ب�كل ج�د ،وأينما كان له�ذا التوجه الضال نش�اط يجب التصدي له.
ه�ذا التوج�ه الضال له نش�اط في الجامع�ات ،يجب
التصدي لهم في الجامعات وفي املناهج ،يجب التصدي
ل�ه أينما وجد ،في مس�جد أو في قري�ة أو ف�ي مدينة ،في
103
أيضا وبكل مدرسة أو في قناة ،التصدي له بكل الوسائل ً
األساليب املشروعة.
2ـ غزو �آخر بهدف �ضرب هذا ال�شعب في �أخالقه في عفته في �شرفه في طهارته اليوم هناك حرب كبيرة ،ومنظمة ،وتشتغل عبر مواقع
أيضا ف�ي املناطق واملدن التواص�ل االجتامعي ،وتش�تغل ً
عبر شبكات لإلفس�اد املنظم ،شبكات منظمة تسعى إلى إس�قاط الش�باب والش�ابات في الدع�ارة والرذيلة وإلى اإلفس�اد األخالق�ي ،هناك ش�غل كبير ج�دً ا ،ولوحظ أنه ي�زداد ،كلام ازدادت املعركة العس�كرية ي�زداد إلى جانبها هذا العمل ،هذا الغزو ،غزو يستهدفنا في أخالقنا.
الش�عب اليمني ـ واهلل ـ هو من أش�رف الش�عوب ومن
أكثرها طهارة وقدسية ،ومن أكثر الشعوب عفة ونبلاً وشر ًفا
ومحافظة ،رجاله ونس�اؤه ،حت�ى تقاليده ،حتى أعرافه هي تحاف�ظ عل�ى العف�ة ،تحافظ عل�ى الطه�ارة ،تحافظ على
الش�رف ،تحافظ على املرأة وتصونها من الدنس ،وتحافظ
على الشاب والرجل وتصونه من الدنس.
104
شعب غيور ،شعب عفيف ،شعب له أخالق متميزة،
ومحافظة واضحة في هذا االتجاه ،لكن اليوم عبر وسائل
أيضا، التواصل االجتامعي ،عبر وس�ائل اإلعالم املتنوعة ً
ت�درس اللغات ،معاه�د أجنبية عب�ر بعض املعاه�د التي ِّ ف�ي صنع�اء ،وفي بعض امل�دن لتعليم اللغ�ات األجنبية،
دورا آخر. وتلعب ً
يبقى نش�اطها في تعليم اللغات نش�اط ًا ثانو ًيا وغطاء
لطبيع�ة نش�اطها الحقيق�ي والرئيس�ي الذي ترك�ز عليه، داخل هذه املعاهد يبدؤون ببرامج تساعد على االختالط الفوض�وي ،وتعزي�ز الرواب�ط خ�ارج إط�ار الضواب�ط
الش�رعية ،ثم تزداد هذه الضوابط ،ثم يدخلون إلى املسخ
تح�ت العن�وان الحض�اري ،والتغرير بش�بابنا وش�اباتنا، وتقدي�م النم�وذج الغرب�ي املنفل�ت ال�ذي ال تحكم�ه الضوابط ،وال األخالق.
وأس�اليب كثيرة يش�تغلون عليه�ا ،وكانوا يش�تغلون
عليه�ا ،الس�فارة األميركية فيام س�بق ومض�ى كان لها في صنع�اء ش�بكات ترعاه�ا ه�ي وترع�ى نش�اطها ،وبعلم
105
وس�مع وبص�ر األجه�زة الرس�مية ،كانت تع�رف آنذاك
وكان هذا النشاط مكثف ًا لإلفساد األخالقي.
ش�بكات تش�تغل ش�غ ً ال فظيع ًا في هذا االتجاه ملاذا؟
ألنهم يعرفون أن من أوقعوه في الرذيلة ودنس�وه وفرغوه
تائها ضائ ًعا ،ال تافها ً م�ن قيمه األخالقية ،وأصبح إنس�ا ًنا ً قيم له ،ال أخالق له ،ال شرف له ،ال حمية له ،سيتجه في ه�ذه الحياة على النحو الذي يريدونه ،فيس�تعبدونه بكل
بساطة بكل سهولة.
ح�را ،وفي أن ل�ن يبقى عن�ده أي اهتامم في أن يكون ً
حرا ،لن يبق�ى لديه أي اهتامم بش�أن الناس، يك�ون بل�ده ً وال بمعاناته�م ،ول�ن يبقى له أي اهتمام في مواجهة هذه
التحديات واألخطار ،س�يكون إنس�ان ًا تف�رغ من حميته،
م�ن ش�رفه ،من عزته ،م�ن كرامت�ه ،من إنس�انيته ،يصبح
تائها ،كل اهتامم�ه في امليوعة والضي�اع والرذيلة، إنس�ا ًنا ً كل اهتامماته تنصب في هذا االتجاه.
لن يبقى ل�ه اهتامم بقضاياه املهم�ة ،بقضاياه املصيرية
بش�ئون بلده الكبيرة واملصيرية ،ال ،س�يتحول إلى إنسان
106
تاف�ه ،مفرغ من كل إحس�اس بالع�زة والكرامة ،ومن كل اهتامم ،ومن كل إحس�اس باملسؤولية ،سيتفرغ من ذلك، ويك�ون ف�ي ليل�ه ونه�اره ضائ ًع�ا وراء تل�ك التفاه�ات والرذائل ،والعياذ باهلل ،حينها يضربونه بكل بساطة.
أي :ليس همهم بهذا الغزو بهذا اإلفساد املمول بأكثر
قنواته ووس�ائله من الس�عودي واإلمارات�ي ،ليس همهم
إمتاع ش�بابنا وش�اباتنا حتى يرتاحوا ،ويتنعموا ويكيفوا، ال ،لي�س همه�م م�ن أج�ل راحة وق�رة عين الن�اس ،ال،
اإلفس�اد وسيلة من وسائل االس�تعباد ،اإلفساد والتفريغ
من القيم واملبادئ وسيلة خطيرة جدً ا من وسائل السيطرة والتحكم ،ومن وسائل الهوان.
اإلنس�ان الذي يصبح ضائ ًعا مائ ًعا س�اق ً طا في الرذيلة
هذا إنس�ان فعلاً لن يهمه أن يكون عزيز ًا في هذه الحياة،
وال حر ًا وال شريف ًا ،وال أن يكون في هذه الحياة مستقالً، أو يكون بلده مستقلاً ،ولن يبالي بأي شيء.
107
3ـ غزو �آخر وهو � ً أي�ضا غزو �سيئ غزو ال�شراء للوالءات والذمم التدني�س للنا�س أيضا غزو س�يئ غزو الشراء للوالءات غزو آخر وهو ً
والذم�م ،التدني�س للن�اس واس�تغالل حال�ة الظ�روف االقتصادي�ة الصعب�ة التي صنعها األع�داء هم ،وأوصلوا
إليها شعبنا واملعاناة التي يعيشها ،ثم نشر حالة الطمع لدى
أيضا غزو اس�ترقاق، الناس وش�رائهم بامل�ال ،هذا الغزو ً
اس�ترقاق من نوع آخر ،في املاضي كانوا يش�ترون الناس
بامل�ال بش�كل صري�ح فيذهبون به إل�ى الس�وق ،بعد أن يكون�وا قد اختطفوه أو أس�روه أو أي ش�يء من املعركة،
يذهبون به إلى الس�وق في مزادات علنية ،للبيع تفضلوا:
من يشتري واشتُري وأصبح عبدً ا بشكل رسمي.
الي�وم هناك ش�كل آخر من أش�كال االس�ترقاق هذا
واالستعباد ،إما يتصلوا به بالتلفون أو يبعثون إليه شخصا
آخر ،تعال معنا سنعطيك فلوس ًا ،بع موقفك ،بع أرضك،
بع وطنك ،بع ش�رفك ،بع قيمك ،بع أخالقك ،واش�تروا الكثي�ر اش�تروهم بمبل�غ معي�ن إم�ا دفع�ة واح�دة ،وإما
108
بالتقس�يط كل ش�هر ،تدفع تح�ت عنوان مرت�ب أو مبلغ مالي شهري.
هذا ش�كل خطير من أشكال اإلفساد ،اإلنسان الذي
يص�ل إلى درجة أن يبي�ع والءه ،وأن يبي�ع ذمته وأن يبيع
موقفه ،ويقاتل بفلوس ،أين ما كان حتى لوكان س�يذهب (ص َل� �وَ ُ للقت�ال ض�د رس�ول َ هلل ع ََل ْي��� ِه وَع ََلـ���ى آلِــ��� ِه) أو ضد ات ا ِ
األقص�ى أو ض�د مكة والكعب�ة واملدينة املنورة ،س�يقتل
أبناء اإلسلام بفلوس ،س�يقف موقف الباط�ل بفلوس، س�يعمل أي ش�يء مهما كان :م�ن القتل إل�ى أي جريمة
بفلوس ،هذا إنسان انتهى ،تعطلت إنسانيته.
ه�ذا اس�تهداف للهوي�ة اليمني�ة اإلسلامية املتأصلة
املتج�ذر فيه�ا األخلاق والقي�م ،ه�ذا م�ن البي�ع للدين بالدنيا ،والبيع حتى للدنيا ،ألنهم يشترون دين ًا ودنيا.
4ـ ال�سعي بكل جهد �إلى ك�سر الإرادة ،و�ضرب الروح المعنوية لهذا البلد بالإرجاف والتهويل والتخويف أيضا جانب آخر ،من جانب الغزو والهجمة علينا التي
تس�تهدفنا في هويتنا ،السعي بكل جهد إلى كسر اإلرادة،
109
وضرب الروح املعنوية لهذا البلد ،يعني ش�غل كبير جبهة
كبي�رة ج�د ًا ،تش�تغل باإلرج�اف والتهوي�ل والتخويف،
واإلرع�اب للن�اس واإلرهاب له�م ،وزرع حالة اليأس، والتحطي�م املعن�وي لدف�ع الن�اس إلى االستسلام على أس�اس الي�أس ،أنه لي�س باس�تطاعتنا أن نصم�د ،وليس
باستطاعتنا أن نواجه ،وما أمامنا من خيار إال أن نستسلم، وم�ا أمامنا م�ن خيار إال أن نس�لم أنفس�نا وأمرن�ا وبلدنا وثروتنا وكل شيء لعدونا ونترك له كل شيء.
هن�اك ش�غل كبي�ر ،ش�غل إعالم�ي وش�غل اجتامعي
وش�غل سياس�ي ،ول�ه أس�اليب مباش�رة وأس�اليب غير مباشرة ،هناك شغل كبير جدً ا في واقعنا الداخلي ،ويظهر
بوض�وح في وس�ائل اإلعلام ،ويظهر أحيانا ف�ي مقايل
القات وفي التجمعات واملناسبات.
المطلوب هو الوعي بطبيعة الصراع ولك�ن حينام يك�ون هناك وعي ما ال�ذي يريده العدو
م�ن وراء كل ه�ذا ،حينام يس�تهدفنا في هويتن�ا بنموذجه
110
التكفي�ري والقاع�دي والداعش�ي ،حينما يس�تهدفنا في هويتنا بنشاطه اإلفسادي إلفساد األخالق وإليقاع الناس ف�ي الرذيل�ة والجريم�ة ،ونش�ر املخ�درات وغي�ر ذلك،
حينام يس�تهدفنا به�ذا األس�لوب اإلرجاف�ي والتهويلي، وأسلوب اإلرعاب واإلرهاب والتخويف إلى غير ذلك،
حينما يعم�ل على الني�ل منا ف�ي روحن�ا املعنوي�ة ،حينام يعم�ل عل�ى إلهائنا عن�ه ،وعام يفعل�ه بنا ،وع�ن مؤامراته ومخططات�ه ،وهو يش�غل بعض أبواقه ف�ي الداخل ،التي
تبقى دائام تصيح وتصيح وتصيح بأعلى أصواتها كأبواق لصال�ح األعداء بقضايا أخرى ،وكأنه ليس لهذا البلد من
هموم وال مش�اكل إال بعض املش�اكل الداخلية والقضايا الداخلي�ة ،فيبق�ى أولئ�ك يصرخ�ون عل�ى ط�ول وعلى
ط�ول وعل�ى طول ،بتلك ف�ي هذه القضايا ،ف�ي محاولة
منهم إللهاء هذا الش�عب عام هو أكبر وأخطر وأهم بكثير بكثير ،عام يشكل تهديد ًا وجودي ًا ومصيري ًا ،على وجودنا
ككيان حر ،وكبلد مس�تقل ،وكش�عب مسلم حافظ على هويت�ه وعل�ى قيم�ه وعل�ى مبادئ�ه وأخالقه معني�ون أن نتحرك بفاعلية وجدية ووعي.
111
لن تؤثر علينا الظروف لتركعنا أو تحنينا لطاعة اللئام ل�ن تف�رض علين�ا الظ�روف ،ول�ن تضغ�ط علين�ا
التحدِّ ي�ات ،ول�ن تؤثر علين�ا الوقائ�ع لتركعن�ا أو تحنينا لطاع�ة اللئ�ام؛ ألن طاع�ة اللئام :ل�ؤمِ ،خ َّس�ة ،انحطاط، تجرد من اإلنس�انية ،خروج عن نهج الحق ،خس�ران في الدنيا وخسران في اآلخرة.
ش�عبنا الي�وم ،يمن اإليامن ،يس�تحي ول�و بالحياء من
رس�ول اهلل ي�وم القيامة أن يلقاه بطاعة اللئ�ام ،وأن يخلع
ثوب اإليامن ووس�ام الش�رف؛ ليتحول عبد ًا خانع ًا لقرن
يدع بالبركة ألولئك ،دعا بالبركة الش�يطان .الرس�ول لم ُ لن�ا وفينا أهل اليمن ،وفي أهل الش�ام .والي�وم نرى هذه البرك�ة ،وآث�ار ه�ذه البركة في م�دى االلت�زام باملواقف،
باألخلاق الكريم�ة ،في االنتماء الصادق ،ف�ي الحفاظ على الهوية[ .المصدر السابق]
112
اليمنيون لديهم كل المحفزات نح�ن لدينا كل املحفزات ،نحن ش�عب مس�لم ،لدينا
قي�م ،لدينا أخلاق ،لدينا مبادئ ،ال ينقصنا ش�يء ،هناك شعوب ليست حتى مسلمة ،لكن بفطرتها اإلنسانية أبت
إال أن تك�ون ح�رة ،واس�تطاعت أن تتح�رر ،وواجه�ت إمبراطوريات ،تأريخنا كذلك واجهنا فيه امبراطوريات،
لدينا قي�م لدينا مبادئ ،املبادئ والقيم الفطرية اإلنس�انية واإلسلامية ،كله�ا موج�ودة لدين�ا ،إنام فق�ط تعزيز هذه
املب�ادئ ،ترس�يخ ه�ذه القي�م ،لتحي�ا ف�ي الوج�دان في اإلحس�اس ،في املش�اعر ،وانظروا كيف س�تفعل؟ كيف
س�يفعل فينا الق�رآن؟ نوره ،هداه ،اس�تنهاضه ،تحريضه، تحسيس�ه باملس�ؤولية ،كي�ف س�تفعل بن�ا القي�م الفطرية
واإلنس�انية إذا تحرك الناس إلحيائها بمس�توى التحدي وبمس�توى املس�ؤولية؟ ثم قضيتن�ا ال التب�اس فيها ،مهام
كان ل�دى اآلخري�ن من عناوي�ن ودجل وك�ذب وبهتان وافتراءات ،هؤالء الذين اعتدوا علينا بدون س�ابق إنذار، ب�دون حجة ،بدون برهان ،بدون حق ،بدون مبرر ،بدون
113
مس�وغ ،األمريك�ي ،الس�عودي ،م�ن معه�م ،األمريكي وعبيده[ .من خطاب الوالية 1437هـ]
شعبنا اليمني موعود من اهلل بالنصر ألنه في موقف الحق أما ش�عبنا اليمني العظيم ،فه�و في موقف القوة؛ ألنه
يمتلك الحق ،الحق له وهو يدافع عن نفسه ،بغي ًا وعدوان ًا
عليه بغير مبرر وال مش�روعية ،يواجه بغي ًا فضيع ًا أي بغي ه�ذا؟ أي إجرام ه�ذا بحق أربع�ة وعش�رين مليون ،هل
يساويه إجرام؟ وبالتالي شعبنا اليمني وهو يتحرك ليدافع عن نفس�ه ،عن وجوده ،ش�عب ًا عزيز ًا حر ًا مس�تق ً ال له حق
الحي�اة ،وله حق الحرية ،وله حق االس�تقالل ،له قضية،
يدافع عن نفسه ،عن وجوده ،عن أرضه ،عن عرضه ،عن
حياته ،أما املعتدي علينا فهو في موقف املعتدي الغش�وم الظالم املتجبر املستكبر.
ش�عبنا اليمن�ي العظي�م ،وه�و ف�ي موق�ف الحق هو
جدير بنصر اهلل تعالى ،جدير بأن ينصره اهلل ،اهلل س�بحانه
114
ُ َ ذَّ َ َُ َُ َ ِي��ن يقاتلون وتعال�ى قال في كتاب�ه الكريم} :أذِن ل ِل َ َّ ُ ْ ُ ُ َ َّ َ لَىَ ع نَ رْصه ْ ِ��م لَ َق ِ ٌ دير{ [الحج]39 بِأنه��م ظلِموا وإِن اهلل ِ مهما كانت إمكاناتك�م اهلل َأقدر ،واهلل أكب�ر ،واهلل أقوى، واهلل أعظ�م ،وهو إلى جانب ش�عبنا املبغ�ي عليه املعتدى
علي�ه في الليل والناس نيام ،والناس غاطون في س�باتهم ونومه�م تأتي طائراتكم لتس�تهدف هذا الش�عب؟ لتقتل
األطف�ال والنس�اء؟ ال حرم�ة ل�دى ه�ؤالء املعتدين ،ال اعتبارات لديهم :ال إنسانية وال أخالقية وال قيمية؟!.
شعبنا اليمني وهو يدافع عن أرضه وعرضه ووجوده،
ه�و جدير بنصر اهلل ،وهو يواجه البغ�ي والعدوان الظالم اآلث�م ،ه�و جدير بنص�ر اهلل ،إن اهلل س�بحانه وتعالى قال
َ َ َ َ ْ اَ َ َ ْ َ ُ ��ب ب ِ ِمث ِل ما عوق َِب ف�ي كتاب�ه الكريم}:ذل ِك ومن عق غ َعلَ ْيه يَ َل رُ َ َّ ُ ُ بِ�� ِه ُث َّم بُ يِ َ نصنه اهلل{ [الحج ]60لينصرنه اهلل، ِ
هذا وعد مؤكد من اهلل س�بحانه وتعالى[ .م�ن خطاب الوالية
1437هـ]
115
التحرك الجاد في مواجهة الطابور الخامس البع�ض الي�وم يش�تغل بفل�وس وله�م مرتب�ات م�ن
اإلمارات ولهم مرتبات من الس�عودية ،على أن يش�تغلوا هذا الش�غل القذر ،إما في الوس�ط اإلعالمي ،إما الوسط
الشعبي.
جريم�ة ال أكب�ر منها حتى ف�ي الدنيا بكلها ،ومأس�اة
ال يس�اويها مأس�اة ،م�ع كل ذل�ك يتجاهل�ون كل ه�ذا، ويبق�ون يصيح�ون ويثبط�ون ويخلخل�ون ف�ي الوس�ط الداخلي؛ لغرض خدمة العدو ،بئس�ا لهم ،ولعنة عليهم،
َّ َّ َ َ ِئ� ل ْم ينت ِه ه�م رجس ،والق�رآن الكريم ماذا يقول} :ل� نِ ْ ُ َ ُ َ َ ذَّ َ ُ ُ َّ َ ٌ َ ْ ُ ْ ُ َ جفون يِف ِين يِف قلوب ِ ِهم م��رض والمر المناف ِق��ون وال ِ ْ َ َ لنَ ُ ْ َ َّ َ ْ ُ َّ اَ جُ َ ُ َ َ َ اَّ اورون��ك فِيها إِل الم ِدين�� ِة غ ِرين ��ك ب ِ ِهم ثُ��م ل ي ِ ُ َ اً َّ ْ ُ َ َ ْ َ َ قلِيل * ملعونِني أينم��ا ث ِقفوا{ [األحزاب:من ]61-60إن اهلل لعنه�م قب�ل أن نلعنه�م نح�ن وقبل أن يلعنهم ش�عبنا
الذي س�يلعنهم ويتص�دى لهم وينظف س�احته الداخلية منه�م ،وأن�ا أتوجه إلى ش�عبنا بالجهوزية له�ذا التصرف
لتنقية الصف الداخلي والوضع الداخلي من هذا الطابور
116
من هذا الرجس الذي يشتغل هذا الشغل الخطير لصالح العدو.
الجميع معنيون أن ننشط كل من موقعه وكل من مجاله للتصدي لهذا الغزو
عل�ى كل هذه األهمي�ة لهويتنا نحت�اج أن نعيها جيد ًا
لنحاف�ظ عليه�ا وأن نواج�ه كل أش�كال الغ�زو ال�ذي يس�تهدف هويتنا والجميع معنيون في املس�جد واملدرسة وحت�ى في مقيل الق�ات وحتى في كل ش�ؤون حياتنا أن
ننشط كلاً من موقعه وكلاً من مجاله للتصدي لهذا الغزو
س�واء في ش�كله التكفيري ،أو في شكله الذي يستهدفنا
في أخالقنا وفي عفتنا وطهرنا ،أو في شكله الذي يشتري
ال�والءات والذمم ،أو في ش�كله الذي يس�عى إلى كس�ر الروح املعنوية لشعبنا العزيز واملسلم والعظيم والشجاع
والثابت والصابر والحر والبطل والشامخ بشموخ جباله، وكذلك بأس�لوبه الذي يس�عى إلى اإلكث�ار من الضجيج
وصناعة القضايا الثانوية على حس�اب القضايا الرئيس�ية ويسعى إللهاء ش�عبنا عن قضيته الرئيسية وتحديه الكبير
117
والخطير الذي يهدد وجوده وحريته وعزته واستقالله.
مس�ؤولية علي�ه أن نواصل م�ا عمله آباؤن�ا وأجدادنا
وأسلافنا م�ن تأصي�ل وتجذي�ر له�ذه القيم وم�ن تربية عليها لكل جيل ،وأن نواجه الفس�اد وكل وسائل الفساد
بكل األساليب املش�روعة والحضارية والراقية ،بالنشاط التثقيفي ،وفيام يلزم فيه الجانب األمني بالجانب األمني، وبكل الوسائل املشروعة التي كفلها ديننا وكفلتها قوانين
بلدنا أيض ًا.
معركة الساحل واألطماع الكبيرة في ساحل بلدنا م�ن أه�م التحدي�ات الحالي�ة ه�و س�عي األع�داء
الستهداف الحديدة والساحل ،طبع ًا األمريكي معروف،
واإلس�رائيلي ش�هيته مفتوحة للساحل ،الس�احل اليمني
س�احل ثمين ل�دى األمريكي واإلس�رائيلي ،وم�ا اهتامم أولئك إال نتاج لتوجه األمريكي واإلسرائيلي ،كلنا نشهد
وكلن�ا نع�رف وكلنا نرى أن ابن س�لامن ذهب إلى ترامب
118
إلى األمريكي ليس�تلم منه التوجيه ،الق�رار ،األمر بتنفيذ
عملية اس�تهداف الحديدة ،العملية واضحة أنه سيرعاها األمريكي وسيحضر فيها األمريكي وهو قائدها الفعلي. أيض�ا ل�ه موق�ف واض�ح ،والبريطان�ي البريطان�ي ً
دائم�ا هو الدالل حق أمري�كا في املنطق�ة بحكم تجربته ً االس�تعامرية السابقة ،دالل أمريكا في املنطقة ،البريطاني
حاض�ر ف�ي املوضوع كما كان حاضر ًا ف�ي كل األحداث املاضية وفي الجنوب.
اإلمارات�ي ،الس�عودي ،كل منهما يتج�ه ليلع�ب هذا
الدور كعميل وجندي مجند في خدمة أمريكا وإس�رائيل وبريطاني�ا ،ال�كل متكالب�ون ،وال�كل ش�هيتهم مفتوحة للس�يطرة عل�ى بلدن�ا بكل�ه وليس فق�ط عل�ى الحديدة
والساحل ،نحن كشعب يمني معنيون أن نواصل معركتنا
طاملا هناك عدوان واستهداف لنا وألرضنا ولبلدنا.
119
نحن معنيون أن نواصل جهادنا وثورتنا ونضالنا وصمودنا في مواجهتهم حتى إخراجهم من كل ما احتلوه
نح�ن معني�ون ألاَّ نس�مح له�م باالحتلال ،وفيما
احتلوه نحن معنيون أن نواص�ل جهادنا وثورتنا ونضالنا
وصمودن�ا ف�ي مواجهته�م حت�ى إخراجه�م م�ن كل ما
احتل�وه كام فعل آباؤنا وكام فع�ل أجدادنا في مواجهة كل
املس�تعمرين وكل املحتلي�ن في كل أزم�ان التاريخ ،نحن معني�ون به�ذا ،حت�ى املناطق املحتل�ة الي�وم ،وأي منطقة يت�م احتاللها نحن معنيون بالعمل عل�ى إخراجهم منها،
ومعركتنا مستمرة ،وصمودنا مستمر ،وال شيء يمكن أن يقنعن�ا بغير ذلك أبد ًا ،املس�ألة عندنا قيمة إنس�انية وخلق إيامن�ي ومب�دأ عقائ�دي ،وكذل�ك مصلح�ة واس�تحقاق إنس�اني ،هذا حق لنا ،حق طبيع�ي ،أن نطرد املحتلين من
أرضنا من حقنا.
ولذل�ك أق�ول :الي�وم نحن معني�ون بدع�م معركة
الس�احل ،وأتوج�ه إل�ى القبائ�ل وإل�ى الجي�ش وإلى
120
اللج�ان في الدعم باملال والرجال وأن يتوجه الش�باب
لدع�م معرك�ة الس�احل واملحافظ�ات أيض� ًا الت�ي هي قريبة من الس�احل ،الي�وم محافظة الحدي�دة ،محافظة
املحوي�ت ،محافظ�ة ريم�ة ،محافظة ذم�ار ،ومحافظة
حج�ة ومحافظ�ة إب ،كل ه�ذه املحافظ�ات معني�ة أن
تك�ون ف�ي طليع�ة ه�ذا الش�عب ،ف�ي دعمه�ا ملعركة
الساحل والتصدي لألعداء.
بالنس�بة لنا تقدم العدو أو تأخر ،معركتنا مستمرة معه
حتى تحرير آخر شبر في هذا البلد ،في بره وبحره وجزره
وحتى يكون بلدنا مس�تقالً ،س�نبقى دائ ًام نتحرك لصالح أن يستقل بلدنا وأن يتحرر بلدنا ،األمريكي واإلسرائيلي والبريطان�ي والس�عودي واإلمارات�ي وم�ن معه�م م�ن
لفيفهم ،من ش�ذاذ اآلفاق ومن القوى البائعة واملش�ترية، ال�كل هو في معركة يخوضها ضد الش�عب اليمني وضد
استقالل اليمن ،وبهدف احتالل اليمن.
121
المعركة اليوم في بلدنا ليست معركة مع إيران كله كذب ،ونفاق وزور وبهتان املعرك�ة الي�وم ف�ي بلدنا لي�س معركة مع إي�ران ،كله
كذب ،كل�ه نفاق ،كله زور ،كله بهتان ،معركة مع اليمن، ال�ذي يقتل ف�ي اليمن :ه�م اليمنيون ولي�س اإليرانيون،
الذي يقتل في اليمن من أطفال ونس�اء ،هم أطفال ونساء
اليم�ن ورج�ال اليم�ن وش�باب اليم�ن ،مقابر الش�هداء وروض�ات الش�هداء كله�ا من أه�ل اليمن ،املبان�ي التي تدمر من منازل ،من أحياء في املدن في القرى ،الجس�ور
الت�ي تدمر ،املصانع التي تدم�ر ،األرض التي تحتل كلها
ف�ي اليم�ن ومن اليمن ،ال يوجد وال بي�ت إيراني ُدمر في
اليم�ن ،وال أرض إيرانية تقدم فيها أولئك في اليمن ،وال أي شيء يتعلق بإيران في اليمن أبد ًا.
ه�م كل ما يقولونه عن حربه�م هذه من عناوين ،هذا
لي�س إال عنوان من عناوين متع�ددة ،هي مجرد تبريرات
زائف�ة ،أنا أقول لكم :املعركة التي ه�ي معركة فع ً ال تعتبر
معرك�ة مباش�رة لإليران�ي ه�ي املعرك�ة في الع�راق ،هل
122
تج�رؤ الس�عودية ،هل يجرؤ النظام الس�عودي ،أو تجرؤ
اإلمارات أن تدخل بشكل مباشر في املعركة في العراق، ل�ن تج�رؤ ،ألنه�ا تعرف أنها س�تصطدم بش�كل مباش�ر باإليراني ،اإليراني هو في موقعه في املنطقة بلد إسالمي ليس على اليمن منه أي شر أبد ًا.
اليمنيون اليوم يعرفون من الذي يقتلهم ،هل اإليراني
أو الس�عودي ،م�ن ال�ذي يس�تهدفهم ،ه�ل اإليران�ي أو السعودي ،الجميع في املنطقة العربية والعالم اإلسالمي
يعرف�ون من الذي بقي داع ًام للقضية الفلس�طينية ،وداع ًام للعرب في قضيتهم الفلس�طينية كقضية إسالمية وعربية،
م�ن الذي هو ف�ي موقف متميز في املنطقة ،ال يس�تهدف بلدان هذه املنطقة ،اإليراني أم السعودي؟.
أن�ت يأيها النظام الس�عودي من موق�ع العاملة وليس
من موق�ع األصال�ة تس�تهدف اليمنيين كيمنيين وليس�وا
كإيرانيين ،وتس�عى الحتالل أرض اليمن لصالح أمريكا ولقرة عين إس�رائيل ،وكل ما تفعله هنا في اليمن ال يؤثر
عل�ى إيران م�ن قريب وال م�ن بعيد ،ما ال�ذي يؤثر على
إيران؟ وال شيء.
123
اإليران�ي فع ً ال له دور كبير في دعم الش�عب العراقي،
وله دور كبير في دعم الش�عب السوري ،وأنتم هربتم من
أي دور مباش�ر لكم هناك ،ومن أي تدخل مباشر؛ ألنكم
تعرفون أنكم س�تتلقون هناك صفعات مباشرة من إيران، وأنتم تهابون الصفعات املباش�رة م�ن إيران ،فلم تجرؤوا
على ذلك ،أعجبكم أن تتدخلوا في اليمن بشكل مباشر؛
ألنكم تعرفون مس�توى املوقف اإليراني في اليمن ،إيران
متعاطف�ة م�ع اليمن ،إيران موقفها مش�رف تج�اه اليمن، والش�عب اليمن�ي إل�ى اليوم ال ي�زال يرتاح له�ذا الدور،
ويأم�ل أن يكون ه�ذا الدور بش�كل أفضل ملس�اندة هذا الشعب املظلوم.
هذا التعاطف اإليراني مش�كور ،مش�كور من ش�عبنا
إليران ،وليس من املمكن أن يعادي شعبنا إيران اإلسالم
كبلد مس�لم ،بأي حق تريدون أن نعاديه ،هل ألن أمريكا
تعادي إيران؟ ألن إسرائيل تعادي إيران؟ أنتم تبع ًا لذلك
عاديتم إيران ،نحن ال شأن لنا بكم ،لسنا معنيين ال بحكم الدي�ن؛ ألن موقفك�م ال يس�تند إل�ى الدي�ن ،وال بحكم
املصلح�ة وال بحكم الفطرة وال بحكم العروبة ،وال بأي
124
اعتب�ار أن نع�ادي إيران م�ن أجلكم ،لس�نا معنيين بهذا؛ ألنك�م تعادون إي�ران لصالح أمريكا ولصالح إس�رائيل، ونحن على الضد منكم نعادي أمريكا ونعادي إسرائيل.
نحن ن�رى في أن أمريكا وإٍس�رائيل الع�دو الحقيقي لألم�ة ٍ اإلسلامية ،للع�رب وغي�ر الع�رب ،ال نحيد عن
هذا املبدأ ،وليس لنا قناعة أخرى ،ولس�نا على أهوائكم،
وإذا ل�م نكن عل�ى أهوائكم ال يعني ذل�ك أننا على وفق
توصيفاتكم :لس�نا في البلد إال امت�دا ًدا للنفوذ اإليراني،
موقفن�ا موقف أصي�ل مبدئي قيمي أخالق�ي ،حتى لو لم تكن إي�ران موجودة في هذه الدنيا وال في هذا العالم كنا
سنقول أمريكا هي عدونا ،إسرائيل هي عدونا ،هي عدو األمة.
ال ينبغ�ي ،ال يج�وز أب�د ًا أن يتحول ع�داء األمة لبلد مس�لم آخر ب�دالً عن الع�داء لألع�داء الحقيقيي�ن لألمة أمريكا وإس�رائيل ،هذه قناعة راسخة ليس�ت أبد ًا اقتناع ًا
أو امت�داد ًا لنف�وذ إيراني ،وم�ع هذا إليران اإلسلام كل
املحب�ة واالحت�رام واألخوة اإلسلامية ،ه�م إخوتنا في
125
اإلسلام وليس�وا مجوس� ًا كام تقولون ،أنتم بهذا تفترون
عم�د ًا وتكذب�ون ،هذا إدانة عليكم ،هذا س�وء لكم ،هذا ش�ر عليكم ،هذا خط�أ منكم ،هذا بهت�ان وزور مفضوح ومع�روف ،كل الدني�ا تع�رف أن إيران بلد مس�لم وليس
مجوس ًا.
فإذن املعركة اليوم يا ش�عبنا اليمني هي معركة تعنينا،
إي�ران لي�س عليها وال ش�يء ،احتلوا الجن�وب هل مات اإليرانيون؟ هل قضي على إيران؟ ماذا جرى على إيران؟
وال شيء ،وال مش�كلة ،لو احتلوا كل اليمن ،ليس معنى
ه�ذا أنه�م أصابوا إي�ران بأي حاج�ة ،هذه معرك�ة تعنينا
كيمنيين ،نح�ن كيمنيون من نقتل فيها ،أرضنا من تحتل، بيوتنا من تدمر ،نحن الذين نحاصر اقتصاديا ،نحن الذين
نتض�رر بام يفعلوه بن�ا اقتصادي ًا ،كل ش�رهم انصب علينا كيمنيي�ن ،ما جاء على إيران وال ش�يء م�ن هذا؛ ولذلك نح�ن معني�ون بمعركتن�ا قب�ل كل اعتب�ار ،نح�ن معنيون
كش�عب يمن�ي ،أن نت�وكل عل�ى اهلل ،نس�تند إل�ى إيامننا، ونتحرك بكل جد[.جمعة رجب للسيد عبد الملك لعام 1438هـ]
126
أخيراً
هنئي� ًا لك ي�ا ش�عبنا العزيز ،هنيئ� ًا لك هذا الش�رف،
وهنيئ� ًا لك أن تس�تمر وتح�ذو حذو ه�ؤالء األنصار في نصرتهم لإلسلام ،في تمس�كهم بمبادئ هذا اإلسلام،
بقي�م هذا اإلسلام ،بأخالق هذا اإلسلام ،في ارتباطك
الحميم�ي والوجدان�ي ومحبتك العظيمة لنبي اإلسلام وتمس�كك بعزة هذا اإلسالم ،وحرية هذا اإلسالم الذي
يجعل منك شعب ًا مستق ً ال ال تقبل أبد ًا بالتبعية للمنافقين،
بالتبعية مل�ن ع ّبدوا أنفس�هم ألمريكا وإلس�رائيل ،أعداء
البش�رية ،وأع�داء اإلنس�انية ،وأع�داء اإلسلام ،وأعداء
املسلمين.
هنيئ� ًا لك هذا االس�تمرار عل�ى النه�ج ،وإن كان فيه
تضحية ،وإن كان فيه عناء ،وإن كان له ثمن ولكنه شرف خسرت الدنيا وخسرت اآلخرة. ت عنه َ والذي لو ِحدْ َ
ش�عبنا العزيز الذي له هذا االنتامء ،ل�ه هذا االرتباط،
ل�ه هذه العالق�ة ،والذي كان في طالئ�ع التاريخ ،برز منه
ٌ رجال عظامء في تاريخ هذا اإلسلام ،أمثال عامر بن ياسر
127
ال�ذي ُملئ إيامن ًا من رأس�ه إلى أخمص قدميه ،وغير عامر
من عظامء اإلسلام الذين كان له�م دور تاريخي وعظيم م�ع رس�ول اهلل (صل ��ى اهلل عليه وعل ��ى آله وس���لم) وكذلك مع
اإلمام علي (عليه الس�ل�ام) ،ومع اإلمام الهادي (عليه السالم) وغيره�م م�ع أعلام اله�دى ،وف�ي مواجه�ة االس�تعامر
العثامن�ي والبريطان�ي ،والي�وم مع الس�يد عب�د امللك بدر
الدين الحوث�ي حفظه اهلل في مواجهة الجاهلية األخرى.
[المحاضرة األولى من محاضرات المولد لعام 1439هـ]
أس�أل اهلل النص�ر لش�عبنا وأمتن�ا والرحمة لش�هدائنا
والش�فاء لجرحان�ا والف�رج العاجل ألس�رانا إنه س�ميع
مجيب.
***
128
المحتويات ما هي �أهمية جمعة رجب بالن�سبة لنا كيمنيين؟ 7. ............... اليمنيون في فجر الإ�سالم 8. .................................... �إ�سالم الأو�س والخزرج اليمنيين10. .............................. بيعة العقبة الأولى 11. ......................................... بيعة العقبة الثانية15. ......................................... انزعاج قري�ش من مبايعة الأو�س والخزرج للنبي (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم)19......................................................... �إلى مدينة يثرب �أتى من اهلل قرار بالهجرة 24. ................... بع�ض مميزات المجتمع المدني 26. .............................. �إنهم رجال بما تعنيه الكلمة 28. ................................. وبهذا نالوا ال�شرف العظيم 30. ................................... وكانوا بم�ستوى الم�س�ؤولية 31. .................................. الر�سول يعلي من �ش�أن الأن�صار بعد معركة حنين 32. ............... من هم الأو�س والخزرج؟ 35. .................................... الر�سول يخت�ص �أهل اليمن بالإمام علي عليه ال�سالم37. ............ في الجمعة الأولى من �شهر رجب كان هناك الإ�سالم الوا�سع لأهل اليمن 39. ...................................................... حظي اليمنيون باهتمام كبير من قبل الر�سول (�صلى اهلل عليه وعلى �آله و�سلم) 44.............................................. دور اليمنيين في ن�شر الإ�سالم 47. ............................... �شخ�صيات يمنية �صحبوا الر�سول (�صلى اهلل عليه وعلى �آله) 49. ....
يا�سر بن عامر العن�سي �أول �شهيد في الإ�سالم49. ......... عمار بن يا�سر49. ................................ ابنه ّ أن�صاري 50. ......................... �سهل بن ُحنيف ال ّ ُخ َزيمة بن ثابت ذو ال�شهاد َتين50. ..................... �أبو الهيثم بن ال َّت ِّيهان 51. .............................. ال َبراء بن عازب51. ...................................
129
أن�صاري 51. ................................ أيوب ال ّ �أبو � ّ ُح َذيفة بن ال َيمان 52. ................................ المقداد بن عمرو 52. ................................. ِ اليمنيون كانوا �أن�صاراً لأمير الم�ؤمنين علي بن �أبي طالب (عليه السالم) 53. .......................................
الإمام علي (عليه السالم) ي�شيد بمواقف اليمنيين في �صفين54. ....... في مرحلة االنق�سام وقف اليمانيون �إلى جانب الحق 59. ........... ومن اليمنيين المعروفين ممن كانوا من خل�ص �أ�صحاب الإمام علي (عليه السالم) 62. .................................................
�أوي�س القرني 62. .................................... �شهادته 62. .......................................... الحارث الهمداني 63. ................................. بع�ض �أ�صحاب الإمام الح�سين عليه ال�سالم من اليمنيين64.
جمعة رجب منا�سبة مهمة في تجذير وتر�سيخ الهوية الأ�صيلة لهذا ال�شعب 67. ..................................................... �أهل اليمن والإمام الهادي (عليه السالم) 68............................ اليمنيون اليوم في مواجهة الجاهلية الأخرى70. .................. جاهلية اليوم �أ�سو�أ من الجاهلية الأولى بكل المقايي�س 71. ......... يتطلع �شعبنا اليمني اليوم �إلى مواقف وقيم �أجداده الأن�صار ليتزود منها 75. ....................................................... انتما�ؤنا للإيمان يفر�ض علينا �أن نكون �أعزاء 77. .................. من �أهم ما في �إ�سالم هذا ال�شعب �أنه يرف�ض اال�ستعباد لكل قوى الطاغوت78. ................................................... الحالة الإيمانية هي حالة تتجلى في �أخالق الم�ؤمن81. ............ الهوية الأ�صيلة ل�شعبنا اليمني لها �أكبر الت�أثير في ثباته في مواجهة من يريد ا�ستعباده82. ................................... يريدون �أن يكون حالنا كحال المرتزقة الذين �أرخ�صوا �أنف�سهم 84. . هم يريدون ا�ستعبادنا وال�سيطرة التامة علينا ك�شعب يمني م�سلم 88. ويريدون �أر�ضنا وثروتنا وجغرافيتنا89. .........................
130
هويتنا اليوم ت�شكل �ضمانة رئي�سية لتما�سكنا 93. .................. نحن اليوم �أمام اختبار �إلهي ليتب َّين ال�صادق والكاذب في هذا ال�شعب . 95 النظام ال�سعودي يتحرك داخل الأمة بمعولي هدم 96. ............. �إلى جانب الحرب الع�سكرية هناك ا�ستهداف لهويتنا 99. ...........
2ـ غزو �آخر بهدف �ضرب هذا ال�شعب في �أخالقه في عفته في �شرفه في طهارته 104. ............................ 3ـ غزو �آخر وهو � ً أي�ضا غزو �سيئ غزو ال�شراء للوالءات والذمم التدني�س للنا�س 108. .......................... 4ـ ال�سعي بكل جهد �إل��ى ك�سر الإرادة ،و�ضرب ال��روح المعنوية لهذا البلد بالإرجاف والتهويل والتخويف 109. .
المطلوب هو الوعي بطبيعة ال�صراع 110. ......................... لن ت�ؤثر علينا الظروف لتركعنا �أو تحنينا لطاعة اللئام 112. ....... اليمنيون لديهم كل المحفزات 113. .............................. �شعبنا اليمني موعود من اهلل بالن�صر لأنه في موقف الحق 114. .... التحرك الجاد في مواجهة الطابور الخام�س 116. .................. الجميع معنيون �أن نن�شط كل من موقعه وكل من مجاله للت�صدي لهذا الغزو117. ................................................. معركة ال�ساحل والأطماع الكبيرة في �ساحل بلدنا 118. ............ نحن معنيون �أن نوا�صل جهادنا وثورتنا ون�ضالنا و�صمودنا في مواجهتهم حتى �إخراجهم من كل ما احتلوه120. ................... المعركة اليوم في بلدنا لي�ست معركة مع �إيران كله كذب ،ونفاق وزور وبهتان122. ............................................... �أخيراً 127. .....................................................
131