رفع التثريب عن اتخاذ المحاريب

140 96 962KB

Arabic Pages [54] Year 1436

Report DMCA / Copyright

DOWNLOAD FILE

رفع التثريب عن اتخاذ المحاريب

Citation preview

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫مكتب البحوث والدراسات‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫احلمد هلل معز من أطاعه مذل من عصاه‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسوله‬ ‫ومصطفاه‪ ،‬وعىل آله وصحبه ومن وااله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫فقد بنى النبي ☺ مسجده‪ ،‬ومل يثبت أنه له حمراب‪ ،‬غري أن بعض الصحابة‬ ‫كعثامن بن عفان ◙ اختذ املحراب‪ ،‬وذلك من باب املصالح املرسلة‪ ،‬ففيه‬ ‫ارتداد لصوت اإلمام‪ ،‬وبه تُعرف القبلة‪ ،‬وفيه توسعة للمصلني يف املسجد‪ ،‬حيث‬ ‫أن املسجد الذي ليس فيه حمراب يضطر إمامه أن يتفرد يف الصف األول كامال‪،‬‬ ‫ويصف الناس من ورائه‪ ،‬وغريها من املصالح‪.‬‬ ‫وال زال املسلمون يتخذون املحاري‬

‫يف مسادده إ ى يومنا هذا‪ ،‬فمسألة‬

‫املحاري من املسائل التي ُيوسع فيها‪ ،‬ويتجاوز عنها‪ ،‬فال ُيقال ببدعيتها‬ ‫وحتريمها‪ ،‬كام دنح لذلك بعض العلامء‪ ،‬وال ُيقال بودوهبا وعدم صحة الصالة‬ ‫إال فيها‪ ،‬كام دنح لذلك بعض الدمهاء!‬ ‫وَلَا تَكُ فِيهَا مفرطاً أَو مفرطاً‬

‫كال طرفِي قصد ا ْلأُمُور ذميي‬

‫وإننا يف (مكتب البحوث والدراسات) قد وضعنا هذه الرسالة املخترصة‪،‬‬

‫وذكرنا فيها أقوال أهل العل يف املسألة‪ ،‬وعرضنا ما روي فيها‪ ،‬وميزنا صحيحه‬ ‫من ضعيفه‪ ،‬وبينا توديه كل ذلك‪.‬‬ ‫فنسأل اهلل أن ينفع هبا األئمة واملأمومني‪ ،‬ومجيع املسلمني‪ ،‬وآخر دعوانا أن‬ ‫احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل أرشف املرسلني‪ ،‬وعىل آله‬ ‫الطيبني الطاهرين‪ ،‬وعىل صحابته الغر امليامني‪ ،‬وعىل من تبعه بإحسان إ ى يوم‬ ‫الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫فقد اختلف الناس في شأن المحاريب واتخاذها في المساجد والصالة‬ ‫فيها على عدة أقوال‪:‬‬ ‫فمن قائل باستحباب اختاذها يف املسادد‪ ،‬والصالة فيها‪ ،‬اعتامدا عىل ما ورد‬ ‫يف عدة مواضع يف كتاب اهلل تعا ى من ذكر اختاذ املحاري‬

‫من بعض أنبياء اهلل‬

‫صلوات اهلل وسالمه عليه أمجعني‪.‬‬ ‫ومن قائل ببدعيتها وحمذر من اختاذها أو الصالة فيها اعتامدا عىل عدة من‬ ‫األحاديث النبوية واآلثار السلفية التي وردت يف النهي عن اختاذها أو القيام فيها‪.‬‬ ‫ومن قائل بمرشوعيتها ال عىل وده االستحباب؛ إنام عىل وده اإلباحة‬ ‫للوسائل التي حيصل هبا مقاصد للرشع كتبيني اجتاه القبلة يف املسادد وارتداد‬ ‫صوت القارئ هبا ملن خلفه‪ ،‬معتمدين يف ذلك عىل القول بعدم ثبوت األحاديث‬ ‫التي وردت يف النهي عنها مع ما ثبت عن عدة من كبار التابعني وعدة من اتباع‬ ‫التابعني وبعض أهل العل من القول بجوازها والصالة فيها‪.‬‬ ‫واملقصود هو بيان حك الرشع يف هذه املسألة اعتامدا عىل ما يف كتاب اهلل‬ ‫تعا ى وعىل ما صح من سنة رسوله ☺‪ ،‬أو عىل ما ورد عن الصحابة رضوان اهلل‬ ‫عليه أمجعني‪ ،‬أو عىل ما اعتمده من اتبعه ؛ من أصحاب القرون الفاضلة‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫فقد قال اهلل تعا ى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢ‬ ‫ﭣ‬

‫ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ [التوبة‪.]١٠٠ :‬‬

‫ِ‬ ‫اَّللِ ِ‬ ‫بن َم ْس ُعود ◙‪َ ،‬ع ِن النهبِ ِّي ☺‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬خ ْ ُري الن ِ‬ ‫هاس َق ْر ِِن‪،‬‬ ‫َو َع ْن َع ْبد ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَنُ ْ ‪ُ ،‬ث ه ََيِي ُء َأ ْق َوا ٌم ت َْسبِ ُق َش َها َد ُة َأ َح ِد ِه ْ َي ِمينَ ُه‪،‬‬ ‫وَنُ ْ ‪ُ ،‬ث ه ا هلذي َن َي ُل َ‬ ‫ُث ه ا هلذي َن َي ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫َو َيمينُ ُه َش َها َد َت ُه»‪[ .‬صحيح البخاري ‪]١7١\3‬‬ ‫فريض اهلل تعا ى عنه وشهد هل رسول اهلل ☺ باخلريية ألن طريقته‬ ‫مرضية وأفعاهل سوية‪ ،‬وإنا عىل سبيله ماضون وآلثاره مقتفون بإذن اهلل‬ ‫تعا ى‪.‬‬

‫│‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫أما ما ورد يف كتاب اهلل من ذكر للمحاريب فهو كل من قوله تعاىل‪:‬‬ ‫ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ‬ ‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ [سبأ‪.]١3 :‬‬

‫وقوله تعا ى‪ :‬ﭽ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ‬ ‫ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﭼ [آل عمران‪.]37 :‬‬ ‫وقوله تعا ى‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ [آل عمران‪.]3٩ :‬‬ ‫وقوله تعا ى‪ :‬ﭽ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬ ‫ﯬ ﭼ [مري ‪]١١ :‬‬

‫وقوله تعا ى‪ :‬ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ [ص‪.]٢١ :‬‬ ‫وليس يف هذه اآليات أي متعلق للقول باستحباب املحاري‬ ‫املسادد؛ إذ إن املحاري‬

‫املتخذة يف‬

‫املذكورة يف اآليات يقصد هبا البناء املستقل املعد‬

‫للعبادة‪ ،‬أو املقصورات املعدة للسكن‪ ،‬وهذا خيالف املراد مما يسميه الناس‬ ‫باملحراب يف زماننا؛ وهو التجويف االسطواِن الذي يكون يف مقدمة املسجد‬ ‫املعد ملقام اإلمام يف صالة اجلامعة‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وقد وردت عدة من اآلثار عن السلف الصالح تبني املقصود باملحراب يف‬ ‫كتاب اهلل تعا ى‪.‬‬ ‫يف تفسريه [‪َ :]365\20‬حده َثنِي ُحم هَمدُ ْب ُن َع ْمرو‪،‬‬ ‫قال اإلمام الطربي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احل ِ‬ ‫ار ُ‬ ‫احل َس ُن‪َ ،‬ق َال‪ :‬ثنا‬ ‫ث‪َ ،‬ق َال‪ :‬ثنا ْ َ‬ ‫يسى‪َ ،‬و َحده َثني ْ َ‬ ‫َق َال‪ :‬ثنا َأبُو َعاص ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ثنا ع َ‬ ‫َجيح‪َ ،‬عن ُُم ِ‬ ‫مجي ًعا َع ِن اب ِن َأ ِِب ن ِ‬ ‫َور َقاء‪ِ َ ،‬‬ ‫َاهد‪َ ،‬ق ْو ُل ُه‪ :‬ﭽ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ون ا ْل ُق ُص ِ‬ ‫ان ُد َ‬ ‫ُبنْ َي ٌ‬ ‫ور(‪.)١‬‬

‫)‪ )1‬ردال اإلسنادين موثقون‪ ،‬وقد صحح بعض أهل العل رواية ابن أِب نجيح للتفسري عن ُماهد‪،‬‬ ‫والواسطة بينهام هو ا ْل َق ِ‬ ‫اس ْبن أِب هبزة‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪.‬‬ ‫وابن أِب نجيح هو عبد اهلل بن يسار الثقفي أبو يسار املكي‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪ ،‬وذكر ابن‬

‫حجر يف هتذي التهذي [‪ ،]54\6‬عن وكيع قوله‪ :‬كان سفيان يصحح تفسري ابن أِب نجيح‪.‬‬ ‫وقال ابن حبان يف الثقات [‪َ :]5\7‬ق َال حييى ا ْلق هطان‪ :‬مل يسمع ال هت ْف ِسري ابن أِب نجيح من ُُم ِ‬ ‫َاهد‪َ .‬ق َال‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأبو حاتِ ابن أِب نجيح وابن دريج نظرا ِيف كتاب ا ْل َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس ْبن أِب هبزة َعن ُُمَاهد يف ال هت ْفسري فرويا َعن‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُُم ِ‬ ‫َاهد من غري َسامع‪.‬‬ ‫وعيسى هو ابن ميمون اجلريش املكي‪ ،‬وهو ثقة مرتد يف التهذي [‪ ،]46\٢3‬وأبو عاص هو‬ ‫الضحاك بن خملد الشيباِن البرصي النبيل‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪ ،‬وحممد بن عمرو هو ابن العباس‪،‬‬ ‫َأبُو َبكْر الباهيل ا ْل َب ْ ِ‬ ‫رص ّي شيخ الطربي مرتد يف تاريخ بغداد [‪ ،]٢١3\4‬ونقل اخلطي توثيق عبد‬ ‫الرمحن بن يوسف بن خراش احلافظ له‪.‬‬ ‫واحلارث هو ا ْبن ُحم هَمد ْبن َأ ِِب أسامة َأبُو ُحم هَمد التميمي صاح‬

‫املسند ترد له اخلطي يف تاريخ‬ ‫بغداد [‪ ]١١4\٩‬وذكره ابن حبان يف الثقات [‪ ،]١83\8‬وقال الذهبي يف امليزان [‪ :]44٢\١‬وكان حافظ ًا‬ ‫عارف ًا باحلديث‪ ،‬عايل اإلسناد باملرة‪ُ ،‬ت ُك ِّل َ فيه بال حجة‪.‬‬

‫واحلسن هو ابن موسى األشي ‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪ ،‬وورقاء هو ابن عمر اليشكري وهو‬

‫صدوق كام يف التقري [‪ ]58٠\١‬من ردال الستة‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وقال اإلمام الطربي يف تفسريه [‪ :]365\20‬حدثنا برش‪ ،‬قال ثنا يزيد قال ثنا‬ ‫سعيد‪ ،‬عن قتادة‪:‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ؛ وقصور ومسادد(‪.)١‬‬ ‫وقال اإلمام الطربي‬

‫[املصدر السابق]‪ :‬حدثني يونس‪ ،‬قال‪ :‬أخربنا‬

‫ابن وه ‪ ،‬قال‪ :‬قال ابن زيد يف قوله‪:‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﭼ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫املحاري ‪ :‬املساكن‪ ،‬وقرأ قول اهلل‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫ﭼ(‪.)٢‬‬ ‫وقال اإلمام الطربي‬

‫[املصدر السابق]‪ :‬حدثني عمرو بن عبد احلميد‬

‫اآلميل‪ ،‬قال ثنا مروان بن معاوية‪ ،‬عن دويرب عن الضحاك‪ :‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬ ‫ﯦ ﯧ ﭼ قال‪ :‬املحاري ‪ :‬املسادد (‪.)3‬‬ ‫وروي عن ابن عباس ¶ أنه قال يف تفسري قول اهلل تعا ى‪ :‬ﭽ ﭣ‬ ‫ُ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭼ"فبينا هو قائ يصيل يف املحراب حيث‬

‫)‪ (1‬إسناده صحيح‪ ،‬رداله ثقات ردال الشيخني‪ ،‬سوى شيخ الطربي؛ برش بن معاذ‪ ،‬وهو ثقة مرتد‬ ‫يف التهذي [‪ ]١46\4‬سعيد هو ابن أِب عروبة‪ ،‬ويزيد بن زريع ممن حدث عنه قبل االختالط‪ ،‬وقتادة هو‬ ‫بن دعامة السدويس البرصي‪.‬‬ ‫)‪ )٢‬إسناده صحيح‪ ،‬يونس هو ابن عبد األعىل‪ ،‬وهو ثقة من ردال مسل ‪ ،‬وابن وه هو عبد اهلل بن‬ ‫وه بن مسل ‪ ،‬وهو ثقة حافظ من ردال الستة‪ ،‬وابن زيد هو عبد الرمحن بن زيد بن أسل العدوي‬ ‫مواله ‪ ،‬وهو ضعيف احلديث‪ ،‬كام يف التقري [‪.]34٠\١‬‬ ‫)‪ (3‬إسناده ضعيف دد ًا‪ ،‬فيه عمرو بن عبد احلميد اآلميل‪ ،‬وهو ُمهول‪ ،‬وفيه دويرب ‪-‬وهو ابن سعيد‬ ‫األزدي‪ ،-‬وهو ضعيف دد ًا‪ ،‬كام يف التقري [‪ ،]١43\١‬مروان بن معاوية هو الفزاري‪ ،‬وهو ثقة حافظ‬ ‫من ردال الستة‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫يذبح القربان إذ هو بردل عليه البياض حياله ‪-‬وهو دربيل‪ ،-‬فقال‪ :‬يا زكريا إن‬ ‫اهلل يبرشك ‪)١( ."...‬‬

‫يف تفسريه [‪ :]357\6‬وأما "املحراب"‪ ،‬فهو‬ ‫وقال اإلمام الطربي‬ ‫ى‬ ‫ومصىل‪ ،‬وهو سيد املجالس وأرش ُفها وأكر ُمها‪ ،‬وكذلك هو من‬ ‫ُم َقده ُم كل ُملس‬

‫عدي بن زيد‪:‬‬ ‫املسادد‪ ،‬ومنه قول ّ‬

‫ستَنِريُ‬ ‫ك ُدمَى العَاجِ فِي ا َملحَارِيبِ أَوْ ‪ ...‬كالبَيْضِ فِي الرَّوْضِ َزهْرُهُ ُم ْ‬ ‫َ‬ ‫و"املحاري " مجع "حمراب"‪ ،‬وقد َيمع عىل "حمارب"‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ِ‬ ‫اب‪ :‬امل َْوضع ال َعايل امل ُ ْ ِ‬ ‫وهو‬ ‫رش ُ‬ ‫ف‪ُ ،‬‬ ‫وقال ابن األثري يف النهاية [‪ :]35٩\١‬امل ْح َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأرشف َم ْو ِضع‬ ‫َصدْ ر امل َْجلس َأيْ ًضا‪َ ،‬ومنْ ُه ُس ّمي حم َْراب ْ‬ ‫املسجد‪َ ،‬و ُه َو َصدْ ُره‪َ ْ ،‬‬ ‫ِف ِ‬ ‫يه‪َ ،‬و ِمنْ ُه حديث أنس ◙«أنه كان َيكْره امل ََح ِ‬ ‫اري » َأ ْي َملْ َيكُن ُحيِ ُّ َأ ْن‬ ‫ويرت هفع َع َىل النهاس‪ .‬وامل ََح ِ‬ ‫َيلِس ِيف َصدْ ر ا ْمل َْج ِل ِ‬ ‫اري ‪َ :‬مجْع ِحم َْراب (‪.)٢‬ا‪.‬ـه‬ ‫َْ‬ ‫س ََ‬ ‫أما املحاري‬

‫املتخذة يف املسادد فهي عبارة عن جتويف اسطواِن يكون يف‬

‫قبلة املسجد معد ملقام اإلمام كام قدمنا‪ ،‬فتسميته باملحراب هو من قبيل أنه يف‬ ‫مقدمة املسجد‪ ،‬أو من قبيل ما قاله بعض أهل العل من أن هذه التسمية متعلقة‬ ‫)‪ (١‬أخرده ابن عساكر يف تاريخ دمشق [ ‪ :]١6٩\64[-]5٠\١٩‬أخربنا أبو حممد عبد الكري بن‬ ‫محزة‪ ،‬نا أبو بكر اخلطي ‪ ،‬أنا أبو احلسن بن رزقويه‪ ،‬أنا أمحد بن سندي احلداد‪ ،‬نا احلسن بن عيل القطان‪،‬‬ ‫حدثنا إسامعيل بن عيسى‪ ،‬نا إسحاق بن برش‪ ،‬أنا مقاتل ودويرب‪ ،‬عن الضحاك‪ ،‬عن ابن عباس‪.‬‬ ‫ويف إسناده إسحاق بن برش أبو حذيفة البخاري‪ ،‬وهو مرتوك مته بالكذب كام يف امليزان [‪.]١84\١‬‬ ‫)‪ )٢‬حديث أنس مل نجد من رواه‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫بكون هذا املوضع هو أرشف املواضع يف البناء؛ فهو مما حيارب دونه ويذاد عنه‪،‬‬ ‫وقيل يف معناه‪ :‬أنه يدافع فيه وسواس الشيطان ُ‬ ‫وحي َارب‪.‬‬ ‫كام ويطلق عليه طاق اإلمام؛ ألنه له شكال دائريا كالطوق‪ ،‬وسمي أيضا‬ ‫باملذبح؛ ألنه قيل أن أهل الكتاب كانوا يذبحون قرابينه يف حماريبه ‪.‬‬ ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف الصارم املسلول [‪َ :]393\1‬وك ُُّل َم ْن َش ه‬ ‫اق‬ ‫ِ‬ ‫حل ْر َب‬ ‫اهلل َو َر ُسو َل ُه؛ ألَ هن امل ُ َح َار َب َة َوامل ُ َشا هق َة َس َوا ٌء؛ َف ِإ هن ا َ‬ ‫اهلل َو َر ُسو َل ُه َف َقدْ َح َار َب َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُه َو ِّ‬ ‫اب ِحم َْر ًابا‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫الش هق‪َ ،‬ومنْ ُه ُس ِّم َي امل ْح َر ُ‬ ‫والظاهر من اآليات أن املحاري‬

‫الواردة فيها يراد هبا أماكن العبادة التي‬

‫رشعت الصالة فيها ألهل الكتاب من قبلنا‪ ،‬ومل يرشع هل الصالة يف غريها‪،‬‬ ‫ويشهد هلذا املعنى ما أخرده الشيخان يف الصحيحني من حديث َدابِ ِر ْب ِن‬ ‫عب ِد ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت‬ ‫ُرص ُ‬ ‫اَّللِؓ‪َ ،‬أ هن النهبِ هي ☺ َق َال‪ُ « :‬أ ْعطِ ُ‬ ‫َْ ه‬ ‫يت ََخ ًْسا َمل ْ ُي ْع َط ُه هن َأ َحدٌ َق ْبيل‪ :‬ن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ورا‪َ ،‬ف َأيُّ َام َر ُدل ِم ْن ُأ همتِي‬ ‫الر ْع ِ َم ِس َري َة َش ْهر‪َ ،‬و ُد ِع َل ْ‬ ‫ت ِيل األَ ْر ُض َم ْسجدً ا َو َط ُه ً‬ ‫بِ ُّ‬ ‫ت ِيل ا َمل َغانِ و َمل َ ِ‬ ‫الص َ‬ ‫يت ه‬ ‫الش َفا َع َة‪،‬‬ ‫حت هل ِألَ َحد َق ْب ِيل‪َ ،‬و ُأ ْعطِ ُ‬ ‫ال ُة َف ْل ُي َص ِّل‪َ ،‬و ُأ ِح هل ْ‬ ‫َأ ْد َر َك ْت ُه ه‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ِِ‬ ‫اص ًة َو ُب ِع ْث ُت إِ َ ى الن ِ‬ ‫َان النهبِ ُّي ُي ْب َع ُ‬ ‫َوك َ‬ ‫هاس َعا هم ًة »(‪.)١‬‬ ‫ث إِ َ ى َق ْومه َخ ه‬ ‫ويف الباب عند البخاري يف التاريخ الكبري[‪ ،]١١4\4‬قال‪َ :‬ق َال ِيل ُحم هَمدُ ْب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْه َر َ‬ ‫السدِّ ِّي َع ْن ِعك ِْر َم َة َع ِن ْاب ِن َع هباس‪َ ،‬ع ِن النهبِ ِّي‬ ‫ان‪ :‬أنا ُع َب ْيدُ ه‬ ‫اَّلل‪َ ،‬ع ْن َسامل‪َ ،‬ع ِن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ورا‬ ‫يت َخسا مل يعطها أحد َق ْب ِيل ِم َن األَنْبِ َياء‪ُ :‬د ِع َل ْ‬ ‫☺‪ُ « :‬أ ْعطِ ُ‬ ‫ت ِ َيل األَ ْر ُض َط ُه ً‬

‫)‪ )١‬صحيح البخاري (‪ ،)74\١‬صحيح مسل (‪.)37٠\١‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ْع ِ َيك ُ‬ ‫ُون‬ ‫ُرص ُ‬ ‫ت بِ ُّ‬ ‫َو َم ْسجدً ا َو َمل ْ َي ُك ْن َأ َحدٌ م َن األَنْبِ َياء ُي َص ِّيل َحتهى َي ْب ُل َغ حم َْر َاب ُه َون ْ‬ ‫الر ْع َ ِيف ُق ُل ِ‬ ‫ني ا ْمل ُ ْ ِ‬ ‫وهبِ ْ »‪.‬‬ ‫ني َم ِس َري ُة َش ْهر في ْق ِذ ُ‬ ‫رشكِ َ‬ ‫َب ْينِي َو َب ْ َ‬ ‫اَّلل ُّ‬ ‫ف هُ‬ ‫وإسناده حسن لغريه‪ ،‬وهو عىل رشط مسل ‪ ،‬رداله ثقات ردال الشيخني‪،‬‬ ‫سوى السدي‪ ،‬وهو إسامعيل بن عبد الرمحن بن أِب كريمة‪ ،‬فهو صدوق هي ‪ ،‬كام‬ ‫يف التقري [‪ ،]١٠8\١‬وقد احتج به مسل يف صحيحه‪ ،‬وقد عاب بعض أهل‬ ‫العل عىل مسل احتجاده به يف الصحيح‪ ،‬وعىل ٍّ‬ ‫كل فللحديث هبذه الزيادة‬ ‫شواهد يتقوى هبا‪.‬‬ ‫وأخرده البزار يف مسنده [‪ ،]7٢\١١‬والبيهقي يف السنن الكربى [‪،]6٠7\٢‬‬ ‫بإسنادهيام إ ى السدي به‪.‬‬ ‫وله شاهد ضعيف من حديث أِب هريرة ِؓ‪ ،‬أخرده الطرباِن يف‬ ‫الر ْمح َِن ْب ُن‬ ‫املعج األوسط [‪ ،]٢6٩\7‬قال‪َ :‬حده َثنَا ُحم هَمدُ ْب ُن ُش َع ْي ‪َ ،‬ثنَا َع ْبدُ ه‬ ‫ان‪َ ،‬ع ْن ُحم هَم ِد ْب ِن ِس ِ‬ ‫َس َل َم َة‪َ ،‬ثنَا َمحها ُد ْب ُن ِق َرياط‪َ ،‬ع ْن ِه َشا ِم ْب ِن َح هس َ‬ ‫ين‪َ ،‬ع ْن َأ ِِب‬ ‫ري َ‬ ‫ُه َر ْي َرةَ‪َ ،‬ع ِن النهبِ ِّي ☺ بنحوه‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف فيه ُحم هَمدُ ْب ُن ُش َع ْي ِ ْب ِن َد ُاو َد التادر‪ ،‬قال أبو نعي األصبهاِن‬ ‫الر ِ‬ ‫ني‪ ،‬بِ َغ َر ِائ َ ‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫از ِّي َ‬ ‫يف تاريخ أصبهان [‪َ :]٢٢٢\٢‬ي ْر ِوي‪َ ،‬ع ِن ه‬ ‫وفيه عبد الرمحن بن سلمة الرازي كات‬ ‫حات يف اجلرح والتعديل [‪ ،]٢4١\5‬واخلطي‬

‫سلمة بن الفضل‪ ،‬ذكره ابن أِب‬ ‫البغدادي يف املتفق واملفرتق‬

‫[‪ ،]١5١4\3‬ومل يذكرا فيه درحا وال تعديال‪ ،‬وفيه محاد بن قرياط‪ ،‬وهو‬ ‫مضطرب احلديث ال حيتج به‪ ،‬مرتد يف امليزان [‪ ،]5٩٩\١‬وبقية رداله ثقات‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وله شاهد ضعيف من حديث عبد اهلل بن عمر ¶‪ ،‬أخرده أبو بكر‬ ‫ِ‬ ‫احل َس ْ ِ‬ ‫ني ْب ِن َك ْع ‪،‬‬ ‫القاس بن املطرز يف فوائده [‪ ،]١54\١‬قال‪َ :‬حده َثني َع ِ ُّيل ْب ُن ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وك َ ِ ِ‬ ‫از‪ ،‬ثنا َأبُو َم ْر َي َ ‪َ ،‬حده َثنِي األَ ْع َم ُش‪َ ،‬ع ْن‬ ‫اخل هز ُ‬ ‫َان َرافض ىيا‪ ،‬ثنا َسعيدُ ْب ُن ُع ْث َام َن ْ َ‬ ‫َ‬ ‫إِبر ِ‬ ‫اهي َ الن َهخ ِع ِّي‪َ ،‬ع ْن َس ْه ِ ْب ِن ُمن َْجاب‪َ ،‬ع ِن ْاب ِن ُع َم َر‪َ ،‬ع ِن النهبِ ِّي ☺‪َ ،‬ق َال‪" :‬‬ ‫َْ‬ ‫ِ‬ ‫ُف ِّض ْلنَا َع َىل َم ْن ك َ‬ ‫ورا‪َ ،‬وكَا َن َم ْن‬ ‫َان َق ْب َلنَا بِ َثالث‪ُ :‬د ِع َل ْ‬ ‫ت َلنَا األَ ْر ُض َم ْسجدً ا َو َط ُه ً‬ ‫ِ‬ ‫اب‪َ ،‬وكَا َن الر َد ُال َوالنِّساء ُي َص ُّل َ ِ‬ ‫ون ِيف ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫َق ْب َلنَا ُي َص ُّل َ‬ ‫يل‬ ‫َ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ون َمجي ًعا َف ُأم ْرنَا َأ ْن ن َُص ِّ َ‬ ‫ُص ُفو ًفا "‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه عيل بن احلسني وهو ابن عبيد بن بسطام بن كع ‪ ،‬قال‬ ‫الدارقطني‪" :‬ال بأس به"‪ ،‬كام نقل احلاك يف سؤاالته [‪ ،]١٢7\١‬وداء يف لسان‬ ‫امليزان [‪ ،]٢٢5\4‬قول القاس بن زكريا‬

‫‪" :‬ما رأيت أرفض منه"‪ ،‬وفيه‬

‫سعيد بن عثامن اخلزاز‪ ،‬قال الذهبي يف التلخيص [خمترص تلخيص الذهبي البن‬ ‫امللقن ‪ ]٢44\١‬يف حديث رواه احلاك يف مستدركه [‪ :]43٩\١‬يف إسناده سعيد‬ ‫بن عثامن اخلزاز‪ :‬وسعيد‪ ،‬إن كان الكريزي فهو ضعيف‪ ،‬وإن كان غريه فهو‬ ‫ُمهول‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫كام أن يف سنده انقطاع ًا بني ابن عمر ¶ وسه بن منجاب ‪-‬وهو‬ ‫الضبي‪-‬؛ فإنه معدود يف الرواة عن التابعني‪ ،‬وهو ثقة من ردال مسل ‪ ،‬وبقية‬ ‫ردال اإلسناد ثقات من ردال الشيخني‪.‬‬ ‫وله شاهد مرسل أخرده أبو إسحاق الفزاري يف السرية [‪َ ،]٢3١\١‬ع ْن‬ ‫َأ ْس َل َ ا ْملِنْ َق ِر ِّي‪َ ،‬ع ْن َأ ِِب َد ْع َفر‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫اَّللِ ♠‪ ...‬بنحوه‪.‬‬ ‫ول ه‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ورداله ثقات‪ ،‬أسل املنقري ثقة مرتد يف التهذي [‪ ،]53١\٢‬وأبو دعفر‬ ‫هو حممد بن عيل بن احلسني بن عيل ابن أِب طال ‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪.‬‬ ‫واحلديث يؤكد أن ذكر املحاري‬

‫يف كتاب اهلل ال يقصد به املحاري‬

‫املعهودة يف املسادد كام تقدم‪.‬‬ ‫وَيدر بالذكر أنه قد ورد حديث يدل عىل أن رسول اهلل ☺ قد اختذ حمراب ًا‬ ‫عىل الشكل املعهود‪ ،‬إال أنه ال يثبت‪ ،‬وهو ما رواه إسحاق بن راهويه يف مسنده‪،‬‬ ‫قال‪ :‬أخربنا َع ْبدُ ا ْمل ُ َه ْي ِم ِن ‪ُ -‬ه َو ْاب ُن َع هب ِ‬ ‫اس ْب ِن َس ْه ِل ْب ِن َس ْعد‪َ ،-‬حده َثنِي َأ ِِب َع ْن‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫َددِّ ي ِؓ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ك َ‬ ‫اَّللِ ☺ َق ْب َل َأ ْن َي ْبن ِ َي ا ْمل َْس ِجدَ ُي َص ِّيل إِ َ ى َخ َش َبة‪،‬‬ ‫ول ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني ا ْل َب ِع ِ‬ ‫ري‪،‬‬ ‫اخل َش َب ُة َحنِ َ‬ ‫اب‪َ ،‬ف َت َقده َم إِ َل ْيه‪َ ،‬ف َحن ْهت ت ْل َك ْ َ‬ ‫َف َل هام َبنَى ا ْمل َْس ِجدَ ‪ُ ،‬بن َي َل ُه حم َْر ٌ‬ ‫َف َو َض َع َر ُس ُ‬ ‫اَّللِ ☺ َيدَ ُه َع َل ْي َها َف َس َكن َْت(‪.)١‬‬ ‫ول ه‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه عبد املهيمن بن عباس‪ ،‬وهو ضعيف‪ ،‬كام يف التقري‬ ‫[‪ ،]366\١‬وبقية رداله ثقات من ردال الشيخني‪.‬‬ ‫واحلديث أخرده الطرباِن يف املعج الكبري [‪ ،]١٢6\6‬من طريق ابن‬ ‫راهويه به‪.‬‬ ‫وقال اهليثمي يف ُممع الزوائد [‪ :]58\٢‬رواه ال هطرب ِ ِ‬ ‫ري‪ ،‬و ِف ِ‬ ‫يه َع ْبدُ‬ ‫اِن يف ا ْلكَبِ ِ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُّ‬ ‫يف‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ا ْمل ُ َه ْي ِم ِن ْب ُن َع هباس َو ُه َو َض ِع ٌ‬ ‫وأما حديث حنني اجلذع إ ى النبي ☺ حني اختذ منربا ً‪ ،‬فهو حديث ثابت يف‬ ‫مسند اإلمام أمحد من حديث ابن عباس ¶ [‪ ،]٢٢7\4‬ومن حديث دابر‬ ‫)‪ (١‬إحتاف اخلرية املهرة (‪ -)٩8\7‬املطال العالية (‪.)3٢\4‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫بن عبد اهلل ِؓ [‪ ،]١87\٢٢‬ويف صحيح البخاري [‪ ،]١٩5\4‬من حديث‬ ‫ابن عمر ¶‪ ،‬ويف سنن الرتمذي [‪ ،]5٩4\5‬وسنن ابن مادة [‪،]454\١‬‬ ‫من حديث أنس ِؓ‪ ،‬وللحديث طرق أخرى غري ما ذكرنا‪.‬‬ ‫ومما قد يستدل به عىل أن رسول اهلل ☺ اختذ املحراب ما أخرده البزار يف‬ ‫مسنده [‪ ،]355\١٠‬قال‪َ :‬حده َثنَا إبراهي بن َس ِعيد‪َ ،‬قال‪َ :‬حده ثنا ُحمَمد ْب ُن ُح ْجر‪،‬‬ ‫ار ب ِن و ِائ ِل ب ِن حجر‪َ ،‬عن َأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيه‪َ ،‬عن ُأ ِّم ِه‪َ ،‬ع ْن َو ِائ ِل‬ ‫اجل هب ِ ْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َق َال‪َ :‬حده ثني َسعيد ْب ُن َعبد ْ َ‬ ‫ْب ِن ُح ْجر‪َ ،ِؓ ،‬ق َال َش ِهدْ ُت النهبِ ّي ☺ ‪-‬وداء فيه‪ُ :-‬ث ه ََنَ َض إِ َ ى ا ْمل َْس ِج ِد‬ ‫اب ‪َ -‬ي ْعنِي َم ْو ِض َع ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫َفدَ َخ َل ِيف ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫وعن َي ِمين ِ ِه‪،‬‬ ‫اب ‪َ -‬ف َص ه‬ ‫هاس َخ ْل َف ُه‪َ ،‬‬ ‫ف الن َ‬ ‫ار ِه‪ُ ،‬ث ه َر َف َع َيدَ ْي ِه َحتهى َحا َذتَا بِ َش ْح َم ِة ُأ ُذ َن ْي ِه‪ُ ،‬ث ه َو َض َع َي ِمينَ ُه َع َىل َي َس ِ‬ ‫وعن َي َس ِ‬ ‫ار ِه‬ ‫َ‬ ‫ِعنْدَ َصدْ ِر ِه‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه حممد بن ُحجر بن عبد اجلبار‪ ،‬قال البخاري يف التاريخ‬ ‫الكبري [‪ :]6٩\١‬فيه نظر‪ ،‬وقال الذهبي يف امليزان [‪" :]5١١\3‬له مناكري"‪.‬‬ ‫وفيه سعيد بن عبد اجلبار بن وائل‪ ،‬وهو ع حممد بن حجر‪ ،‬وهو ضعيف كام‬ ‫يف التقري‬

‫[‪ ،]٢38\١‬وعبد اجلبار بن وائل بن حجر قيل أنه مل يسمع من أمه ‪-‬‬

‫واسمها أم حييى‪ ،-‬وهي ُمهولة احلال‪ ،‬إبراهي بن سعيد هو اجلوهري‪ ،‬وهو ثقة‬ ‫حافظ من ردال مسل ‪.‬‬ ‫واحلديث أخرده الطرباِن يف املعج الكبري [‪ ،]4٩\٢٢‬وابن عدي يف‬ ‫الكامل [‪ ،]346\7‬وأخرج قطعة منه البيهقي يف السنن الكربى [‪ ،]46\٢‬مجيعه‬ ‫من طرق عن حممد بن ُحجر به‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫كام وذكر فيه كام يف رواية البزار أن املراد باملحراب هو موضعه‪ ،‬ال أنه كان له‬ ‫حمراب‪ ،‬وعىل ٍّ‬ ‫كل فاحلديث ضعيف كام تقدم‪.‬‬ ‫ويف الباب عند ابن شبة يف تاريخ املدينة [‪ ،]74\١‬بسند مرسل ضعيف‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ان‪َ ،‬ع ْن ُحم هَم ِد ْب ِن َط ْل َح َة ْب ِن ال هط ِو ِ‬ ‫َحده َثنَا َأبُو َغ هس َ‬ ‫يل ال هت ْي ِم ِّي ‪َ ،‬ع ْن ُحم هَم ِد ْب ِن َد ْع َفر‪،‬‬ ‫الش َف ِ‬ ‫اء‪ِ ،‬يف ا ْلبي ِ‬ ‫َع ْن ُحم هَم ِد ْب ِن ُس َل ْي َام َن ا ْب ِن َأ ِِب َح ْث َم َة‪َ " ،‬أ هن النهبِ هي ☺ َص هىل ِيف َد ِار ِّ‬ ‫ت‬ ‫َْ‬ ‫ني من د َخ َل الده ار‪َ ،‬ق َال ُحمَمدٌ ‪ :‬ص هىل ِيف د ِار بْس َة بِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْت َص ْف َو َ‬ ‫ان‪َ ،‬و َص هىل ِيف َد ِار‬ ‫ه َ‬ ‫َع َىل َيم ِ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫ِ‬ ‫الض ْم ِر ِّي َع َىل َي ِم ِ‬ ‫اخل ْو َخ َة‪َ ،‬ق َال‪َ :‬و َب َل َغنِي َأنه ُه َص هىل‬ ‫َع ْم ِرو ْب ِن ُأ َم هي َة ه‬ ‫ني َم ْن َد َخ َل ممها َي ِيل ْ َ‬ ‫ِيف َم ْس ِج ِد َبنِي ُم َع ِ‬ ‫او َي َة َع ْن َي ِم ِ‬ ‫ني ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫اب ن َْح ًوا ِم ْن َد ِار َع ِد ٍّي"‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه أبو غسان وهو حممد بن طلحة بن عبد الرمحن بن طلحة‬ ‫التيمي املدِن بن الطويل‪ ،‬قال أبو حات الرازي كام يف اجلرح والتعديل [‪:]٢٩٢\7‬‬ ‫حمله الصدق يكت حديثه وال حيتج به‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫وقد تفرد به‪.‬‬ ‫احل َس ِن‬ ‫ويف الباب أيض ًا ما أخرده متام يف فوائده [‪ ،]١4\٢‬قال‪َ :‬حده َثنَا َأبُو ْ َ‬ ‫احل َس ِن ْب ِن َع هال َن ْ َ ِ‬ ‫ان‪ ،‬بِ َح هر َ‬ ‫وسى ْب ِن َم ْعدَ َ‬ ‫ان‪ ،‬ثنا َأبُو‬ ‫َع ِ ُّيل ْب ُن ْ َ‬ ‫اِن‪ ،‬ثنا َأ ْمحَدُ ْب ُن ُم َ‬ ‫احل هر ُّ‬ ‫مح ْيدٌ ال هط ِو ُيل‪َ ،‬ع ْن َأن ِ‬ ‫َأ ْمحَدَ َزك َِر هيا ْب ُن ُد َو ْيد ا ْل ِكن ِْد ُّي َب هح َر َ‬ ‫َس ْب ِن َمالِك‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ان‪ ،‬ثنا ُ َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ْاألَ هو ِل‪َ ،‬ع ْن َي ِم ِ‬ ‫ني‬ ‫الص ِّ‬ ‫اَّلل ☺‪َ « :‬م ْن َش ِهدَ َص َال َة ا ْل َف ْج ِر‪ُ ،‬ث ه َص هىل يف ه‬ ‫َق َال َر ُس ُ ه‬ ‫اإل َما ِم‪َ ،‬أ ْو َع ْن َي ِم ِ‬ ‫ِْ‬ ‫ني ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫اَّلل َع هز َو َد هل َس ِّي َئاتِ ِه‪َ ،‬و َل ْو َأ هَنَا بِ َعدَ ِد َز َب ِد ا ْل َب ْح ِر»‪.‬‬ ‫اب َغ َف َر ه ُ‬ ‫وهو حديث موضوع‪ ،‬آفته زكريا بن دويد الكندي‪ ،‬وهو كذاب‪ ،‬ترمجته يف‬ ‫لسان امليزان [‪.]7٢\٢‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫احل ِديث‬ ‫وقال ابن حبان يف ترمجته يف كتابه املجروحني [‪ :]3١4\١‬شيخ يضع ْ َ‬ ‫َع َىل محيد ال هط ِويل كنيته َأبُو َأ ْمحَد ك َ‬ ‫َان َيدُ ور بِ ه‬ ‫الشام وحيدثه ِهبَا َو َي ْز ُع َأن َل ُه مائَة‬ ‫ني سنة َال حيل ذكره ِيف ا ْلكت إِ هال َع َىل سبِيل ا ْلقدح ِف ِ‬ ‫يه‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫سنة َو ََخ َْسة َو َث َالثِ َ‬ ‫َ‬ ‫هذا ما تيسر ذكره مما قد يُستدلُّ به على أن للمحاريب أصل يف الشرع‪،‬‬ ‫وقد تبني أنه مما ال تقوم به حجة على ادعاء االستحباب‪ ،‬إما من جهة عدم‬ ‫الثبوت‪ ،‬وإما من جهة املعنى‪.‬‬

‫│‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫فمنها القول بأن ذلك مل يكن يف عهد رسول اهلل ☺‪ ،‬ومل يثبت أنه اختذه يف‬ ‫مسجده‪ ،‬كام وقيل أن أول من اختذ املحراب يف مسجد رسول اهلل ☺ هو عمر‬ ‫بن عبد العزيز ♫‪.‬‬ ‫ذكر ذلك ابن النجار يف كتابه الدرة الثمينة يف أخبار املدينة [‪ ،]١١4\١‬عن‬ ‫أهل السري قالوا‪ :‬ومات عثامن بن عفان ِؓ‪ ،‬وليس للمسجد رشافات وال‬ ‫حمراب‪ ،‬فأول من أحدث الرشا فات واملحراب عمر بن عبد العزيز‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫وذكر املقريزي يف كتابه املواعظ واالعتبار بذكر اخلطط واآلثار [‪ :]7\4‬أن‬ ‫املجوف عمر‬ ‫الواقدي قال‪ :‬حدّ ثنا حممد بن هالل‪ ،‬قال‪ّ :‬أول من أحدث املحراب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النبي ☺‪.‬‬ ‫بن عبد العزيز‪ ،‬ليايل ُبني مسجدُ‬ ‫ّ‬ ‫وهذا األثر ضعيف دد ًا؛ فيه الواقدي واسمه حممد بن عمر بن واقد‪ ،‬وهو‬ ‫مرتوك كام يف التقري‬ ‫يف التقري [‪.]5١١\١‬‬

‫[‪ ،]4٩8\١‬حممد بن هالل‪ ،‬هو املدِن‪ ،‬وهو صدوق‪ ،‬كام‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وقد صح عند اإلمام البخاري‬

‫ما يعارض هذه األثر الضعيف دد ًا‪،‬‬

‫حيث قال يف التاريخ األوسط [‪ :]١٢٩\3١‬حدثني وه‬

‫بن زمعة‪ ،‬قال‪ :‬أخربنا‬

‫َعبد اهلل‪ ،‬عن داود بن قيس‪ ،‬قال‪ :‬رأيتُ بنيان المسجد الذي بناه عثمان بن عفان‪،‬‬ ‫وهذا الطاق فيه‪ ،‬وفيه الخشبة‪ ،‬ول يغيره عُمَر بن عَبد العزيز حين غير المسجد‬ ‫زمن الوليد‪ ،‬ول يبلغه بالهدم‪.‬‬

‫وإسناده صحيح‪ ،‬رداله ثقات‪ ،‬وه‬ ‫ثقة من ردال التهذي‬

‫ابن زمعة هو التميمي املروزي‪ ،‬وهو‬

‫[‪ ،]١٢٩\3١‬وعبد اهلل هو ابن املبارك‪ ،‬وهو ثقة حافظ‬

‫إمام من ردال الستة‪ ،‬وداود بن قيس هو الفراء‪ ،‬وهو ثقة من ردال مسل ‪.‬‬ ‫واألثر أخرده البخاري أيضا يف التاريخ الصغري [‪ ]٢5٠\١‬بنفس اإلسناد‪.‬‬ ‫فهذا يثبت ه‬ ‫أن هأول من اختذ املحراب يف مسجد رسول اهلل ☺ هو اخلليفة‬ ‫الراشد عثامن بن عفان ِؓ‪ ،‬هذا إن مل نقل أنه كان عىل عهد النبي ☺ بنا ًء‬ ‫عىل حديث سهل بن سعد الذي بينها ضعف إسناده‪.‬‬ ‫ومما يناقش به االستدالل بمسألة التوقيف أن املحراب هو من الوسائل التي‬ ‫يتحقق هبا عدة مقاصد رشعية؛ كارتداد صوت اإلمام ليبلغ من خلفه‪ ،‬والتوسعة‬ ‫عىل املصلني‪ ،‬وبيان مكان القبلة‪.‬‬ ‫روي ما يعضد هذا املعنى من أمهية اختاذ ما تعرف به القبلة يف املسادد؛‬ ‫وقد َ‬ ‫امي َق َال‪ :‬ح َثنِي عب اَّللِ‬ ‫فقد قال ابن شبة يف تاريخ املدينة [‪ :]63\١‬حده َثنَا ْ ِ ِ‬ ‫َ ده‬ ‫َ‬ ‫َ ْدُ ه‬ ‫احل َز ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ ْب ِن ُخ َب ْي ‪َ ،‬ع ْن َدابِ ِر‬ ‫وسى ال هت ْيم ُّي‪َ ،‬ع ْن ُأ َس َام َة ْب ِن َز ْيد‪َ ،‬ع ْن ُم َعاذ ْب ِن َع ْبد ه‬ ‫ْب ُن ُم َ‬ ‫اَّللِ ☺ ِيف َأ ْص َحابِ ِه بِالس ِ‬ ‫اجلُ َهن ِ ِّي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل ِقي ُت َر ُس َ‬ ‫ْب ِن ُأ َس َام َة ْ‬ ‫وق َف ُق ْل ُت‪َ :‬أيْ َن‬ ‫ول ه‬ ‫ُّ‬ ‫ون َو َر ُس ُ‬ ‫ت ُِريدُ َ‬ ‫اَّللِ ☺؟ َقا ُلوا‪ُ َ :‬‬ ‫خي ُّط ل ِ َق ْو ِم َك َم ْس ِجدً ا‪َ .‬ف َر َد ْع ُت‪َ ،‬ف ِإ َذا َق ْو ِمي‬ ‫ول ه‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يها‬ ‫اَّلل ☺ َقدْ َخ هط َهلُ ْ َم ْس ِجدً ا‪َ ،‬و َغ َر َز يف ا ْلق ْب َلة َخ َش َب ًة َأ َقا َم َها ف َ‬ ‫ق َيا ٌم‪َ ،‬وإِ َذا َر ُس ُ ه‬ ‫"‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف‪ ،‬فيه عبد اهلل موسى ‪-‬وهو التيمي‪ ،-‬وهو صدوق كثري‬ ‫اخلطأ‪ ،‬كام يف التقري‬

‫[‪ ،]3٢5\١‬وفيه أسامة بن زيد ‪-‬وهو الليثي‪ ،-‬وهو‬

‫صدوق هي ‪ ،‬كام يف التقري‬

‫[‪ ،]٩8\١‬وفيه معاذ بن عبد اهلل بن خبي ‪ ،‬وهو‬

‫صدوق ربام وه ‪ ،‬كام يف التقري [‪.]536\١‬‬ ‫واحلديث أخرده ابن شبة أيض ًا يف تاريخ املدينة [‪ ،]7٩\١‬وابن أِب عاص يف‬ ‫اآلحاد واملثاِن [‪ ،]٢7\5‬والطرباِن يف املعج الكبري [‪-]١٩4\٢[-]١٩3\٢‬‬ ‫[‪ ،]٢57\٢‬ويف املعج األوسط [‪ ،]67\٩‬وأبو نعي يف معرفة الصحابة‬ ‫[‪ ،]543\٢‬وابن األثري يف أسد الغابة [‪ ،]485\١‬مجيعه من طرق عن عبد اهلل‬ ‫بن موسى التيمي به‪.‬‬ ‫ويمكن أن يشهد ملعنى هذا احلديث ما أخرده الشيخان يف الصحيحني [خ‪:‬‬ ‫‪-١6\8‬م‪ ،]4٠3\١ :‬من حديث َأ ِِب ُه َر ْي َر َة ِؓ‪ ،‬قال‪َ :‬ص هىل بِنَا النهبِ ُّي ☺‬ ‫ِ‬ ‫ج ِد‪ ،‬ووضع يدَ ه ع َليها‪)١( .‬‬ ‫ال ُّظ ْه َر َر ْك َعت ْ ِ‬ ‫َني ُث ه َس هل َ ‪ُ ،‬ث ه َقا َم إِ َ ى َخ َش َبة يف ُم َقده ِم امل َْس ِ َ َ َ َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ولفظ مسل ‪َ :‬ف َس هل َ ِيف َر ْك َعت ْ ِ‬ ‫َني‪ُ ،‬ث ه َأتَى ِد ْذ ًعا ِيف ِق ْب َل ِة ا ْمل َْس ِج ِد‪.‬‬ ‫وعىل كل فإنه من املتقرر من القواعد الفقهية أن الوسائل هلا حك املقاصد‪،‬‬ ‫كام أن اختاذ املحراب‪ ،‬أو أي تشكيل أو مرفق يف بناء املسجد ليس أمرا ً تعبدي ًا يف‬

‫)‪ )١‬صحيح البخاري (‪ ،)١6\8‬صحيح مسل (‪.)4٠١\١‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ذاته لينبني عىل التوقيف‪ ،‬ولكنه يندرج حتت القاعدة القائلة‪ :‬بأن األصل يف‬ ‫األشياء اإلباحة‪ ،‬حتى يثبت دليل يفيد التحري ‪.‬‬ ‫فإن مل يكن يف اختاذ املحاري‬

‫يف املسادد َني رشعي يثبت فهي باقية عىل‬

‫األصل‪.‬‬ ‫وهذا ال يتناىف مع احلرص عىل أن تكون املسادد مطابقة ملا كان عليه الصدر‬ ‫األول لإلسالم‪ ،‬من خلوها من أي مظهر بدعي‪ ،‬أو حمرم‪ ،‬كتطويل البنيان‪،‬‬ ‫وزخرفة اجلدران‪ ،‬أو مشاهبة بنيان دور عبادة أهل الرشك‪.‬‬ ‫أما إنشاء املرافق املباحة يف املسادد كاألسقف أو النوافذ واألبواب‪ ،‬أو‬ ‫برادات املياه‪ ،‬أو وحدات التكييف‪ ،‬أو التدفئة‪ ،‬أو مكربات الصوت‪ ،‬أو كل ما‬ ‫يرتفق به للتيسري عىل املصلني وإن اشرتك يف استعامله مجيع أصحاب امللل‪ ،‬فإنه‬ ‫باق عىل أصل اإلباحة ال ينقله عن هذا األصل سوى دليل صحيح‪ ،‬ولعل‬ ‫األقرب يف شأن املحاري أَنا من هذا اجلنس‪ ،‬واهلل تعا ى أعل ‪.‬‬ ‫وذكر البخاري يف صحيحه [‪ ،]٩6\١‬يف باب بنيان املسادد تعليق ًا‪ ،‬عن أِب‬ ‫ف املَس ِج ِد ِمن د ِر ِ‬ ‫سعيد اخلدري ِؓ‪ ،‬قوله‪ :‬ك َ‬ ‫يد الن ْهخ ِل‪.‬‬ ‫ْ َ‬ ‫َان َس ْق ُ ْ‬ ‫ورواه موصو ً‬ ‫ال يف صحيحه [‪ ،]48\3‬عن أِب سعيد اخلدري ِؓ يف‬ ‫كتاب االعتكاف من قوله‪َ :‬وك َ‬ ‫َف امل َْس ِجدُ ‪.‬‬ ‫َان امل َْس ِجدُ َع َىل َع ِريش‪َ ،‬ف َوك َ‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هاس ِم َن ا َمل َط ِر‪َ ،‬وإِ هي َ‬ ‫اك َأ ْن‬ ‫وقال البخاري‪َ :‬و َأ َم َر ُع َم ُر بِبِنَاء امل َْس ِجد َو َق َال‪َ :‬أك هن الن َ‬ ‫ِ‬ ‫هاس(‪.)١‬‬ ‫َُ‬ ‫حت ِّم َر َأ ْو ت َُص ِّف َر َف َت ْفت َن الن َ‬ ‫ِ‬ ‫هاس ِم َن ا َمل َط ِر "‪.‬‬ ‫وموضع الشاهد مما ُذكر عن عمر ِؓ قوله‪َ " :‬أك هن الن َ‬ ‫فإن املراد من البناء هو التيسري عىل املصلني يف صالهت ما أمكن‪ ،‬دون االلتفات‬ ‫إ ى أي معنى آخر‪ ،‬من مباهاة يف علو البنيان‪ ،‬وجتميله بالزخارف‪ ،‬والنقوش‪ ،‬وما‬ ‫إ ى ذلك‪ ،‬مما لو بسطنا فيه القول لطال بنا البحث‪ ،‬فنكتفي بام أخرده أبو داود يف‬ ‫سننه [‪ ]4٩4\4‬من حديث ْاب ِن َع هباس ¶ َق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫اَّللِ ☺‪َ « :‬ما‬ ‫ول ه‬ ‫اد ِد»‪َ ،‬ق َال ابن َعباس َلت َُز ْخ ِر ُفنهها كَام َز ْخر َف ِ‬ ‫ت بِت َْشيِ ِ‬ ‫يد ا ْملَس ِ‬ ‫ت ا ْل َي ُهو ُد‬ ‫ُأ ِم ْر ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫َوالن َهص َارى‪.‬‬

‫ومما استدل به من قال ببدعية املحاري ‪ :‬القول بأن فيها مشاهبة لليهود‬ ‫والنصارى يف كنائسه وبيعه ‪ ،‬واستدلوا عىل ذلك بام رواه ابن أِب شيبة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسى‬ ‫املصنف [‪ ،]5٩\٢‬قال‪َ :‬حده َثنَا َوك ٌ‬ ‫إْسا ئ َيل‪َ ،‬ع ْن ُم َ‬ ‫يع‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْخ َ َربنَا َأبُو ْ َ‬ ‫اجل َهن ِ ِّي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫ول اهللِ ☺‪« :‬الَ ت ََز ُال َه ِذ ِه األُ هم ُة‪َ - ،‬أ َو َق َال‪ُ :‬أ همتِي بِ َخ ْري‪َ -‬ما‬ ‫ُْ‬ ‫َمل يت ِ‬ ‫هخ ُذوا ِيف مس ِ‬ ‫اد ِد ِه ْ َم َذابِ َح ك ََم َذابِح الن َهص َارى»‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫لكن إسناده ضعيف؛ ألنه ُم ْع َض ٌل؛ فموسى ‪-‬وهو ابن عبد اهلل اجلهني‪-‬‬ ‫معدود يف الرواة عن التابعني‪ ،‬وهو ثقة من ردال مسل ‪ ،‬وقد أعضله‪ ،‬وفيه أبو‬ ‫إْسا ئيل‪ ،‬واسمه يونس ابن أِب إسحاق السبيعي‪ ،‬وقد قال ابن أِب حات يف اجلرح‬

‫)‪ )١‬صحيح البخاري‪ ،)٩6\١( :‬وذكره معلق ًا‪ ،‬ومل يصله ابن حجر يف تغليق التعليق‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫والتعديل [‪ :]٢44\٩‬سألت أبى عن يونس ابن أِب إسحاق فقال‪ :‬كان صدوقا‬ ‫إال أنه ال حيتج بحديثه‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫وعالوة عىل ضعف إسناد هذا احلديث‪ ،‬فإنه قد يقال‪ :‬ه‬ ‫نص عىل‬ ‫إن احلديث ه‬ ‫النصارى‪ ،‬ومل يتوده الذم الذي‬

‫ذم من اختذ املحاري بقيد أن تكون كمحاري‬ ‫يفيد النهي عىل مطلق املحاري خصوص ًا إذا خالفت بشكلها واستعامهلا حماري‬

‫اليهود والنصارى‪ ،‬ومع ثبوت األمر بمخالفة اليهود والنصارى باجلملة إال أن‬ ‫املخالفة ال تقتيض دائام االمتناع عن أصل الفعل الذي خولفوا فيه‪ ،‬وإن كان مما‬ ‫يتعبد به‪ ،‬فام بالك بام هو من الوسائل‪.‬‬ ‫ففي صحيح مسل [‪ ]7٩7\٢‬من حديث َع ْب ِد اهللِ ْب ِن َع هباس ¶‪،‬‬ ‫ول اهللِ‬ ‫ول‪ِ :‬حني صام رس ُ ِ‬ ‫اشوراء و َأمر بِ ِصي ِ‬ ‫ام ِه َقا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫َي ُق ُ‬ ‫ول اهلل ☺ َي ْو َم َع ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬ ‫إِ هن ُه َي ْو ٌم ُت َع ِّظ ُم ُه ا ْل َي ُهو ُد َوالن َهص َارى‪َ .‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ول اهللِ ☺‪َ « :‬ف ِإ َذا ك َ‬ ‫َان ا ْل َعا ُم ا ْمل ُ ْقبِ ُل إِ ْن‬ ‫ول اهللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف َر ُس ُ‬ ‫َشا َء ُ‬ ‫اهلل ُص ْمنَا ا ْليَ ْو َم التهاس َع» َق َال‪َ :‬ف َل ْ َي ْأت ا ْل َعا ُم ا ْمل ُ ْقبِ ُل‪َ ،‬حتهى ت ُُو ِّ َ‬ ‫☺‪.‬‬ ‫فعده رسول اهلل ☺ ُمرد زيادة يوم يف الصيام خمالف ًة لليهود يف صيامه هلذا‬ ‫اليوم‪ ،‬ومل يلغ الصيام من أساسه‪.‬‬ ‫ويف مسند اإلمام أمحد بن حنبل [‪ ،]6١4\36‬بسند صحيح من حديث َأ ِِب‬ ‫ِ‬ ‫ول‪َ :‬خ َر َج َر ُس ُ‬ ‫ُأ َم َام َة ِؓ َي ُق ُ‬ ‫يض‬ ‫ول اهلل ☺ َع َىل َم ْش َي َخة ِم َن ْاألَن َْصار بِ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫اه ْ ‪َ ،‬ف َق َال‪َ « :‬يا َم ْع َرش ْاألَن َْص ِ‬ ‫ار َمح ُِّروا َو َص ِّف ُروا‪َ ،‬و َخال ِ ُفوا َأ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫َاب»‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫حل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ول اهللِ‬ ‫ول اهللِ‪ ،‬إِ هن َأ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫ون‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫َف ُق ْلنَا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ون َو ْال َي ْأت َِز ُر َ‬ ‫َْس َو َل َ‬ ‫َاب َيت َْ‬ ‫َْس َو ُلوا َوا ْئت َِز ُروا َو َخال ِ ُفوا َأ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫َاب»‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف ُق ْلنَا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ول اهللِ‪ ،‬إِ هن‬ ‫☺‪«:‬ت َ ْ‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫َأ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫ون َو َال َينْت َِع ُل َ‬ ‫َخ هف ُف َ‬ ‫َاب َيت َ‬ ‫ون‪َ .‬ق َال‪َ :‬ف َق َال النهبِ ُّي ☺‪َ « :‬فت ََخ هف ُفوا َوا ْنت َِع ُلوا‬ ‫ول اهللِ إِ هن َأ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫َو َخال ِ ُفوا َأ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫َاب»‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف ُق ْلنَا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫َاب َي ُق ُّص َ‬ ‫ون‬ ‫ون ِس َب َ‬ ‫َع َثانِين َُه ْ َو ُي َو ِّف ُر َ‬ ‫اهلُ ْ ‪َ .‬ق َال‪َ :‬ف َق َال النهبِ ُّي ☺‪ُ « :‬ق ُّصوا ِس َبا َل ُك ْ َو َو ِّف ُروا‬ ‫َع َثانِينَ ُك ْ َو َخال ِ ُفوا َأ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫َاب»‪.‬‬ ‫والشاهد من احلديث هو أمره ☺ بمخالفة أهل الكتاب يف بعض املسائل‪،‬‬ ‫ال عىل وده النهي عن أصل الفعل‪ ،‬إنام بعدم املداومة عليه‪.‬‬ ‫إال أنه قد يقال‪ :‬أن ما له تعلق بوسائل العبادات أددر أن نخالفه فيه من‬ ‫أصله خصوص ًا إن ودد ما يغني عنه‪ ،‬وهذا القول يتامشى مع ما أخرده الشيخان‬ ‫َان َي ُق ُ‬ ‫َان امل ُ ْس ِل ُم َ‬ ‫ول‪ :‬ك َ‬ ‫يف الصحيحني َأ هن ْاب َن ُع َم َر¶‪ ،‬ك َ‬ ‫ني َق ِد ُموا‬ ‫ون ِح َ‬ ‫ِ‬ ‫ون َف َيت ََح هين َ‬ ‫َيت َِم ُع َ‬ ‫الص َ‬ ‫ال َة َل ْي َس ُينَا َدى َهلَا‪َ ،‬ف َت َك هل ُموا َي ْو ًما ِيف َذل ِ َك‪َ ،‬ف َق َال‬ ‫ُون ه‬ ‫املَدينَ َة َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وسا ِم ْث َل نَا ُق ِ‬ ‫وس الن َهص َارى‪َ ،‬و َق َال َب ْع ُض ُه ْ ‪َ :‬ب ْل ُبو ًقا ِم ْث َل َق ْر ِن‬ ‫َب ْع ُض ُه ْ ‪ :‬هاخت ُذوا نَا ُق ً‬ ‫ِ‬ ‫اليه ِ‬ ‫ال ِة‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ود‪َ ،‬ف َق َال ُع َم ُر‪َ :‬أ َوالَ َت ْب َع ُث َ‬ ‫الص َ‬ ‫اَّللِ ☺‪َ « :‬يا‬ ‫ون َر ُد ًال ُينَادي بِ ه‬ ‫َُ‬ ‫ول ه‬ ‫ِ‬ ‫الص َ‬ ‫بِ َ‬ ‫ال ِة»(‪.)١‬‬ ‫ال ُل ُق ْ َفنَاد بِ ه‬ ‫فيقال‪ :‬إن قياس اختاذ املحراب يف املسجد باألذان قياس مع الفارق؛ ألن‬ ‫املحراب ليس وسيلة تعبدية أو شعار ًا ألهل اإلسالم كام هو األذان‪ ،‬بل غايته أنه‬ ‫مرفق من مرافق املسجد يراد به التوسعة عىل املصلني وتعيني دهة القبلة وتقوية‬ ‫صوت اإلمام ‪.‬‬ ‫فغاية األمر أن َيتهد القائمون عىل بناء املسادد بمخالفة أشكال املحاري‬ ‫املتخذة لدى اليهود والنصارى‪ ،‬كام أَن مطالبون بمخالفة اليهود والنصارى يف‬ ‫)‪ )١‬صحيح البخاري (‪ ،)١٢4\١‬صحيح مسل (‪.)٢85\١‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫شكل بنيان املسادد عموما‪ ،‬ومن ذلك أشكال األبواب والنوافذ واجلدران‬ ‫واألسقف‪.‬‬ ‫ويف شأن النهي عن التشبه بأهل الكتاب باختاذ املحاري قال البزار يف مسنده‬ ‫احل َس ِن‪ ،‬ثنا َأبُو َمح َْزةَ‪َ ،‬ع ْن‬ ‫[‪َ :]47١\4‬حده َثنَا ُحم هَمدُ ْب ُن ِم ْر َداس‪ ،‬ثنا َ ْ‬ ‫حم ُب ُ‬ ‫وب ْب ُن ْ َ‬ ‫اهي ‪ ،‬عن ع ْل َقم َة‪ ،‬عن عب ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصال َة ِيف ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫َت‬ ‫اب‪َ ،‬و َق َال‪ :‬إِن َهام كَان ْ‬ ‫اَّلل‪َ ،‬أنه ُه ك َِر َه ه‬ ‫إِ ْب َر َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ه‬ ‫س‪َ ،‬فال ت ََشبهوا بِ َأ ْه ِل ا ْل ِكت ِ ِ‬ ‫الصال َة ِيف ال هط ِ‬ ‫ل ِ ْل َكن َِائ ِ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫َاب َي ْعني‪َ :‬أنه ُه ك َِر َه ه‬ ‫هُ‬ ‫اإلسن ِ‬ ‫َاد‪.‬‬ ‫ار‪ :‬ال َن ْع َل ُم ُه ُي ْر َوى إِال َع ْن َأ ِِب َمح َْز َة ِهبَ َذا ِ ْ‬ ‫َق َال ا ْل َب هز ُ‬ ‫وقال اهليثمي يف ُممع الزوائد [‪ :]١٢3\٢‬رواه البزار ورداله موثقون‪.‬‬ ‫لكن إسناده ضعيف؛ فيه أبو محزة ‪-‬واسمه ميمون األعور القصاب‪ ،-‬وهو‬ ‫ضعيف ال حيتج به‪ ،‬وأحاديثه عن إبراهي النخعي مما ال يتابع عليه‪ ،‬كام ذكر يف‬ ‫ترمجته يف هتذي‬

‫الكامل [‪ ،]٢4٢\٢٩‬وهذا احلديث منها‪ ،‬وفيه حمبوب بن‬

‫احلسن‪ ،‬واسمه حممد بن احلسن بن هالل‪ ،‬وحمبوب لق‬ ‫لني‪ ،‬كام يف التقري‬

‫له‪ ،‬وهو صدوق فيه‬

‫[‪ ،]474\١‬حممد بن مرداس هو أبو عبد اهلل األنصاري‬

‫البرصي ذكره البخاري يف التاريخ الكبري [‪ ]٢48\١‬ومل يذكر فيه درحا أو‬ ‫ِ‬ ‫حل ِديث"‪.‬‬ ‫تعديال‪ ،‬ووثقه ابن حبان يف الثقات [‪ ]١٠7\٩‬قال‪ُ " :‬م ْستَقي ا َ‬ ‫وبقية رداله ثقات من ردال الستة‪ ،‬وإبراهي هو ابن يزيد النخعي‪ ،‬وعلقمة‬ ‫هو ابن قيس النخعي‪ ،‬وعبد اهلل هو ابن مسعود ِؓ‪.‬‬ ‫ومما يتعلق به من قال ببدعية املحاري‬

‫ما ورد من َني عنها؛ فقد قال‬

‫ْضمي‪ ،‬وعبد‬ ‫الطرباِن يف املعج الكبري [‪ :]54٠\3‬حدثنا ه‬ ‫حممد بن عبد اهلل احلَ ْ َ‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫الرازي‪ ،‬ثنا َس ْهل بن َزن َْجلة‪ ،‬ثنا أبو ُز َهري عبدُ الرمحن بن َم ْغراء‪،‬‬ ‫الرمحن بن َس ْل ه‬ ‫جل ْعد‪ ،‬عن عبد اهلل بن‬ ‫عن ابن َأبْ َجر‪ ،‬عن ُن َعي بن أِب هند‪ ،‬عن سامل بن أِب ا َ‬ ‫النبي ☺ قال‪« :‬ا هت ُقوا َه ِذ ِه امل ََذابِ َح»‪ ،‬يعني‪ :‬امل ِ‬ ‫َحاري َ ‪.‬‬ ‫َعمرو‪ ،‬عن ِّ‬ ‫لكن إسناده ضعيف؛ فيه أبو زهري عبد الرمحن بن مغراء الدويس‪ ،‬وهو‬ ‫ه‬ ‫ضعيف‪ ،‬وقد تفرد به‪ ،‬ترد له البخاري يف التاريخ الكبري [‪ ،]355\5‬ومل يذكر‬ ‫فيه درحا أو تعديال‪ ،‬وذكره ابن حبان يف الثقات [‪ ،]٩٢\7‬وضعفه ابن عدي‪،‬‬ ‫وفيه سهل بن زنجلة ابن أِب الصغدي‪ ،‬قال ابن أِب حات يف اجلرح والتعديل‬ ‫[‪ :]١٩8\4‬سئل أِب عنه فقال‪ :‬رازى صدوق‪ .‬وذكره ابن حبان يف الثقات‬ ‫[‪ ،]٢٩١\8‬ومل يتابع عليه‪ ،‬وبقية ردال اإلسناد موثقون‪ ،‬ابن أبجر هو عبد امللك‬ ‫بن سعيد بن حيان‪ ،‬ثقة من ردال مسل ‪.‬‬ ‫واحلديث أخرده البيهقي يف السنن الكربى [‪ :]6١6\٢‬أنبأ َأبُو ن ْ ِ‬ ‫َرص ْب ُن‬ ‫حممد بن‬ ‫اج ثنا ُم َط ه ٌ‬ ‫الْس ُ‬ ‫احل َس ِن ُحم هَمدُ ْب ُن ْ َ‬ ‫َقتَا َدةَ‪ ،‬أنبأ َأبُو ْ َ‬ ‫ني به‪ ،‬ومطني هو ه‬ ‫احل َس ِن ه ه‬

‫ْضمي‪.‬‬ ‫عبد اهلل احلَ ْ َ‬

‫وقال الذهبي يف املهذب يف اختصار سنن البيهقي [‪ :]4٠٠\٢‬هذا خرب منكر‬ ‫تفرد به عبد الرمحن بن مغراء وليس بحجة‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫وقال السيوطي يف إعالم األري‬

‫بحدوث بدعة املحاري‬

‫[‪ :]١6\١‬إنه‬

‫حديث ثابت صحيح عىل رأي أِب زرعة‪ ،‬وحسن عىل رأي ابن عدي‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫[الفتح الرباِن‪ ]3٠٢٠\6 :‬بقوله‪:‬‬

‫ورد عليه الشوكاِن يف مبحثه يف املحاري‬ ‫"أما احلك بصحة احلديث فغري ُم َس هل ‪ ،‬فإن عبد الرمحن بن مغراء ليس من ردال‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫الصحيح‪ ،‬وأما احلك بأن احلديث حسن فإن كان املراد بذلك أنه من قس احلسن‬ ‫لغريه باعتبار ورود احلديث من طرق أخر كام سنوضحه َف ُم َس هل ٌ ‪ ،‬وإن كان املراد‬ ‫أنه من قس احلسن لذاته ففيه إشكال؛ فإنه ال فرق بني احلسن لذاته‪ ،‬والصحيح‬

‫إال ُمرد كامل الضبط ومتامه يف الثاِن دون األول‪ ،‬فهو ُمرد ودود الضبط املتصف‬ ‫بكونه خفيفا فقط‪ ،‬فإن حد الصحيح هو ما اتصل إسناده بنقل عدل تام الضبط‬ ‫من غري شذوذ وال علة قادحة‪ ،‬وحد احلسن لذاته هو ما اتصل إسناده بنقل عدل‬ ‫ضابط ضبطا غري تام‪ ،‬من غري شذوذ وال علة قادحة‪ ،‬وهذا احلديث ال ينتهض‬ ‫إلدراده يف حد الصحيح‪ ،‬وال يف حد احلسن لذاته‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ِ‬ ‫إال ه‬ ‫لغريه‪ ،‬حيث قال‬ ‫الشوكاِن ♫ حك عىل هذا احلديث بأنه حس ٌن‬ ‫أن‬ ‫ه‬

‫[نفس املصدر]‪ :‬هو لو مل يرد يف معناه غريه من قس الضعيف‪ ،‬فلام ورد يف معناه‬ ‫مرفوعا كام ذكره السائل‪ ،‬وكذلك سائر ما حكاه عن‬ ‫حديث موسى اجلهني‬ ‫ً‬ ‫الصحابة يف السؤال‪ ،‬وهو مما ليس لالدتهاد فيه مْسح‪ ،‬بل له حك الرفع كان‬ ‫احلديث من قس احلسن لغريه‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫فنقول‪:‬‬ ‫أما حديث موسى اجلهني فهو معضل‪ ،‬ومل يصح سنده إ ى من أعضله‪.‬‬ ‫وأما ما روي عن عموم الصحابة ╚ يف أن اختاذ املحاري من أرشا ط‬ ‫الساعة‪ ،‬وما روي يف ذلك عن كع‬ ‫القيام يف املحاري‬

‫بن مرة ◙‪ ،‬وما روي عنه من كراهة‬

‫فمدارها عىل راو ُمهول احلال‪ ،‬ناهيك أنه مل تسل أسانيدها‬

‫إ ى ذلك الراوي‪.‬‬ ‫وأما ما روي عن أِب ذر ِؓ فهو ضعيف أيض ًا‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وبالتدقيق يف هذه الشواهد يظهر ب ه‬ ‫أن الضعف الذي فيها ال ينجرب بتعدد‬ ‫الطرق التي ال تزيل احتامل خطأ الرواة الضعفاء الذين رووها‪ ،‬فأفضل ما روي‬ ‫يف الباب املوقوف الضعيف عن أِب ذر ِؓ‪ ،‬واملوقوفات التي رويت عن راو‬ ‫ُمهول مل تسل أسانيدها إليه‪.‬‬ ‫كام إنه يعرتض عىل مضموَنا بام صح عن عثامن بن عفان ◙ أنه اختذ‬ ‫الطاق يف مسجد رسول اهلل ☺ مع عدم ورود من يعرتض عليه من الصحابة‬ ‫╚‪ ،‬مما يردح دان‬

‫احلك بالنكارة عىل تلك املرويات‪ ،‬وبالتايل طرح‬

‫االعتبار هبا‪.‬‬ ‫وكذلك هي معارضة بام يقرب منها يف الضعف وتعدد املخارج مما لو اعتمد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫القول بأن‬ ‫فيه عىل مسلك التساهل يف احلك بالقبول هلذه املرويات َل َسل َ‬ ‫املحاري‬

‫كانت متخذة يف املسادد عىل عهد النبي ☺‪ ،‬بال نكري منه ☺‪،‬‬

‫وهي ٌّ‬ ‫كل من حديث سهل بن سعد‪ ،‬وحديث وائل بن حجر‪ ،‬ومرسل ضعيف‬ ‫عن ُحم هَم ِد ْب ِن ُس َل ْي َام َن ْب ِن َأ ِِب َح ْث َم َة‪ ،‬وأثر ضعيف موقوف عىل الرباء بن‬ ‫عازب ِؓ‪.‬‬

‫وأما ما روي عن الصحابة ╚ يف كراهة الصالة يف املحاري ‪ ،‬أو‬ ‫اتقائها‪ ،‬فهو مرتدد بني الضعيف كام يف أثر عيل ِؓ‪ ،‬وأثر كع‬

‫بن‬

‫مرة ِؓ‪ ،‬واملنقطع الذي اختلف أهل العل يف تصحيحه‪ ،‬كام يف أثر ابن‬ ‫مسعود ِؓ‪ ،‬كام وال يسل القول بأن هذه اآلثار مما ال مْسح لالدتهاد يف‬ ‫مضموَنا؛ إذ إَنا مل ترد بصيغة يفه منها حك الرفع‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫فبناءً عليه‪ ،‬ال يسلم للشوكاني رمحه اهلل احلكم على هذا احلديث بأنه‬ ‫حسن لغريه‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬ ‫بعض املعارصين من أهل العل ‪ ،‬اعتامد ًا عىل ٍّ‬ ‫َ‬ ‫كل من قول‬ ‫وحس َن‬ ‫كام‬ ‫احلديث ُ‬ ‫ه‬

‫احلافظ ابن حجر يف التقري‬ ‫ُت ُك ِّل َ يف حديثه عن األعمش‪.‬‬

‫[‪ ]35٠\١‬يف ترمجة ابن مغراء‪ ،‬حيث قال‪ :‬صدوق‬

‫وعىل ما ذكره اهليثمي يف ُممع الزوائد [‪ ]١١6\8‬إثر هذا احلديث‪ ،‬حيث‬ ‫قال‪ :‬رواه الطرباِن‪ ،‬وفيه عبد الرمحن بن مغراء‪ ،‬وثقه ابن حبان وغريه‪ ،‬وضعفه‬ ‫ابن املديني يف روايته عن األعمش‪ ،‬وليس هذا منها‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫وكذلك اعتمدوا عىل ما نقله ابن أِب حات الرازي يف ترمجة ابن مغراء يف‬ ‫اجلرح والتعديل [‪ ،]٢٩١\5‬حيث قال‪ :‬سئل أبو زرعة عن أِب زهري‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫"صدوق"‪.‬‬ ‫وعىل قول حييى بن معني يف تارخيه برواية ابن حمرز [‪" :]٩٢\١‬مل يكن به بأس‪،‬‬ ‫مات قبل أن ندخل نحن الري فل نكت عنه شيئ ًا"‪.‬‬ ‫وقد قال ابن أبي خيثمة يف تارخيه [‪ :]192\3‬قلت ل َي ْح َيى‪ :‬إنك تقول‪ :‬فالن‬ ‫ليس به بأس‪ ،‬وفالن َض ِع ْيف‪َ ،‬ق َال‪ :‬إذا قلت لك‪ :‬ليس به َب ْأس فهو ثقة‪.‬‬ ‫لكن عبد الرمحن بن املغراء له غرائ ‪ ،‬يف غري روايته عن األعمش‪.‬‬ ‫قال ابن عدي يف الكامل [‪ :]471\5‬وله عن غري األَ ْع َمش غرائ ‪َ ،‬وهو ِم ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ين ُيكت حديثه ‪.‬‬ ‫ُْ‬ ‫مج َل ِة ُّ‬ ‫الض َع َفاء ا هلذ َ‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وَقَال احلاكم َأبُو َأحْمَد كما يف تهذيب الكمال [‪ :]421\17‬حدث‬

‫بأحاديث مل يتابع عليها‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬وهذا احلديث منها فإنه تفرد به‪.‬‬ ‫أما ما قاله أبو زرعة الدمشقي‪ ،‬فال حيمل عىل أن حيسن حديثه حال االنفراد‬ ‫بل إن حديثه يكت‬

‫وينظر فيه كام ذكر ذلك ابن أِب حات يف مقدمة كتاب اجلرح‬

‫والتعديل [‪ ]37\٢‬حيث قال‪ :‬وإذا قيل له إنه صدوق‪ ،‬أو حمله الصدق‪ ،‬أو البأس‬ ‫به فهو ممن يكت حديثه وينظر فيه‪ ،‬وهي املنزلة الثانية‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫وع هلق ابن الصالح يف كتابه علوم احلديث [‪ ]٢43\١‬بقوله‪ :‬هذا كَام َ‬ ‫قال؛ ه‬ ‫ألن‬ ‫الضب ِ‬ ‫ال ت ُْش ِعر َ ِ ِ‬ ‫العب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ارات َ‬ ‫ط‪َ ،‬ف ُينْ َظ ُر يف َح ِد ْيثِ ِه ُ ْ‬ ‫ف‬ ‫وخي َت َ ُرب َحتهى ُي ْع َر َ‬ ‫برش ْي َطة ه ْ‬ ‫هذه َ‬ ‫ُ‬ ‫َض ْب ُط ُه‪ .‬ا‪.‬ـه‬

‫فعبارته تثبت العدالة وجترح الضبط‪.‬‬ ‫أما عن توثيق ابن معني له‪ ،‬فإن امل ُ َت َق هر َر عند أهل الصنعة‪ ،‬تقدي اجلرح عىل‬ ‫التعديل خصوصا إن كان اجلرح مفْسا ً من عامل بأسبابه‪ ،‬قال ابن حجر يف نزهة‬ ‫النظر [‪:]١٩3\١‬‬ ‫واجلرح مقدم عىل التعديل‪ ،‬وأطلق ذلك مجاعة‪ ،‬ولكن حمله إن صدر مبين ًا من‬ ‫عارف بأسبابه؛ ألنه إن كان غري مفْس مل يقدح فيمن ثبتت عدالته‪ .‬ا‪.‬ـه‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫مج َع َأ ْه ُل‬ ‫اوي يف فتح املغيث [‪ ]33\٢‬عن ابن عساكر قوله‪َ :‬أ ْ َ‬ ‫الس َخ ُّ‬ ‫وذكر ه‬ ‫ا ْل ِع ْل ِ َع َىل َت ْق ِدي ِ َق ْو ِل َم ْن َد هر َح َر ِاو ًيا َع َىل َق ْو ِل َم ْن َعده َل ُه‪َ ،‬وا ْقت ََض ْت ِحكَا َي ُة‬ ‫ِاال ِّت َف ِ‬ ‫اق ِيف الت َهس ِ‬ ‫اجلَ ِ‬ ‫اوي ك َْو َن َذل ِ َك َأ ْو َ ى ِف َيام إِ َذا َزا َد َعدَ ُد ْ‬ ‫ني‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ار ِح َ‬ ‫واحلاصل فإن ما ورد عن أِب زرعة مما يفه أنه درح لضبط عبد الرمحن بن‬ ‫مغراء‪ ،‬وما ورد رصحيا عن ابن عدي من تضعيف له‪ ،‬وما ورد عن أِب أمحد‬ ‫احلاك من أنه روى ما ال يتابع عليه‪ ،‬كله درح مفْس يأيت عىل توثيق حييى بن‬ ‫معني هلذا الراوي‪ ،‬ناهيك أن حييى بن معني مل يلقه ومل يكت عنه شيئا كام مر‪.‬‬ ‫أما عن معنى احلديث‪ ،‬فقد محله بعض أهل العل عىل النهي عن اجللوس يف‬ ‫صدور املجالس تواضع ًا ال عىل النهي عن اختاذ املحاري ‪ ،‬خصوص ًا إن قيل بأن‬ ‫املحاري‬

‫مل تكن معروفة يف عهد النبي ☺‪ ،‬كام وألحق اهليثمي يف كتابه ُممع‬

‫الزوائد [‪ ]١١6\8‬هذا احلديث يف باب "ما داء يف اجللوس وكيفيته وخري‬ ‫املجالس"‪.‬‬ ‫وعق اهليثمي عىل هذا احلديث بقوله‪ :‬ا ْمل ََح ِ‬ ‫ور ا ْمل ََجال ِ ِ‬ ‫س؛ ك ََذل ِ َك‬ ‫اري ُ ُصدُ ُ‬ ‫َذك ََر ُه ْاب ُن ْاألَثِ ِ‬ ‫ري ِيف َما هد ِة‪َ :‬ح َر َب‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫إال أنه يستدرك عىل هذا احلمل ما قاله الشوكاِن يف رسالته يف املحاري‬ ‫[‪:]3٠٢7\6‬‬ ‫من وده اجلواب بيان ما هو الذي يتوده يف محل األحاديث الواردة يف املنع‬ ‫من املحاري ‪ ،‬عىل أن التفاسري للمحراب واملذابح قد اختلف كام تقدم‪،‬‬ ‫والواد‬

‫محل النهي عىل معنى مناس‬

‫ملقصود الشارع‪ ،‬وال شك أن صدور‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫املجالس حمل للنهي عنها‪ ،‬ألن التنافس فيها‪ ،‬والتدافع دوَنا هو من حمبة الرشف‬ ‫أيضا صنع أهل‬ ‫الذي ورد احلديث الصحيح بأنه يفسد دين املؤمن وهيلكه‪ ،‬وهو ً‬ ‫الكرب واخليالء والرتفع‪ ،‬وحمبة العلو املخالف لقوله سبحانه‪ :‬ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﭼ‬

‫(‪)١‬‬

‫وهكذا إذا محل النهي عىل املذابح التي هي بيوت النصارى‪ ،‬أو املواضع التي‬ ‫يصلون فيها‪ ،‬ألن قرباَنا ربام يكون ذريعة إ ى الفتنة‪ ،‬أو الوقوع يف الشبهة‪ ،‬أو‬ ‫التلوث بيشء من النجاسات‪ .‬وهكذا إذا فْست املذابح بمحاري‬

‫املسادد‬

‫املجوفة‪ ،‬ألن يف ذلك نوع تشبه بأهل الكتاب؛ إذ ذلك خمتص هب ‪ ،‬مل يفعله نبينا‬ ‫☺وال أحد من أصحابه الراشدين‪ .‬واملخالفة ألهل الكتاب مقصد من مقاصد‬ ‫الرشع عظي ‪ ،‬ومطل‬

‫من مطال‬

‫الدين قوي ‪ ،‬فهذه املعاِن الثالثة قد وقعت يف‬

‫تفسري املذابح كام عرفت‪ ،‬وتفسري احلديث هبا مناس‬

‫ملقصود الشارع‪ ،‬ألن يف‬

‫كل واحد منها معنى يقتيض املخالفة ملقصوده‪ ،‬ويلحق بذلك ما وقع يف تفسري‬ ‫املذابح املذكورة يف احلديث باملوضع الذي يقعد فيه امللك‪ ،‬وخيتص به‪ ،‬فإنه مظنة‬ ‫للزهو والكرب‪ ،‬والعج ‪ ،‬واخليالء إذا قعد فيه امللك‪ ،‬فكأنه قال‪ :‬اتقوا املواضع‬ ‫املعدة لقعود امللوك ملا يف ذلك من املفاسد‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬وأي هذه املعاِن املناسبة ملقصود الشارع حيمل احلديث عليه؟‬ ‫قلت‪ :‬إنام عند من قال من أهل األصول أنه َيوز محل املشرتك عىل مجيع معانيه‬ ‫املناسبة‪.‬‬

‫)‪ )١‬القصص‪83 :‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وخت مبحثه [نفس املصدر‪ ]3٠٢8\6 :‬بقوله‪ :‬وأما ما يناس‬

‫الورع فهو‬

‫ادتناب مجيع هذه املعاِن املناسبة ملقصود الشارع‪ ،‬فمن أراد اخلروج من الشبهة‪،‬‬ ‫األخذ بالعزيمة‪ ،‬والعمل باألحوط فال ينافس يف صدور املجالس‪ ،‬وال يدخل يف‬ ‫بيوت النصارى‪ ،‬وال يغشى مسادده ‪ ،‬وال َيعل حمرابا ُموفا يف مسجد يبنيه‪،‬‬ ‫وال يقعد يف املقاعد املعدة لقعود امللوك فيها‪ ،‬وال يأخذ يف مقدمات ما يوصله إ ى‬ ‫ذلك املقعد‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫كام وقد حيمل احلديث إن استدل به عىل املحاري التي يف املسادد عىل النهي‬ ‫عن الصالة فيها ال عن اختاذها‪ ،‬خصوص ًا إذا علمنا بأن ورود اس اإلشارة "هذه"‬ ‫يفيد ودود املحاري يف زمانه ☺‪ ،‬فتوده األمر باتقائها ال بإزالتها‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ولعل هذا املعنى يف هذا احلديث هو ما حدا بشيخ اإلسالم ابن تيمية ♫‬ ‫يف كتابه اقتضاء الرصا ط املستقي [‪ ]3٩٠\١‬بعد أن ذكر شيئ ًا مما ورد يف النهي عن‬ ‫ٌ‬ ‫وتأويل‬ ‫خالف‬ ‫اختاذ املحاري إ ى القول‪ :‬وإن كان بعض هذه املسائل املعينة فيها‬ ‫ٌ‬ ‫ليس هذا موضع ُه‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ّهي بام ذكره عبد الرمحن بن القاس يف املدونة [‪]١75\١‬‬ ‫وقد ُي َع هل ُل هذا الن ُّ‬ ‫َق َال‪ :‬وك َِره مال ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫يشء َو ُه َو َأ ْر َف ُع ِممها ُي َص ِّيل َع َل ْي ِه َو َم ْن َخ ْل َف ُه‬ ‫ىل‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫اإل‬ ‫يل‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫هان ا هل ِذي يك ُ ِ ِ‬ ‫اب ونَح ِو ِه ِمن ْاألَ ْشي ِ‬ ‫ِم ْث ُل الدُّ ك ِ‬ ‫اء‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُون يف ا ْمل ْح َر ِ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫متوده إ ى مسألة صالة اإلمام عىل مكان أرفع من مكان‬ ‫وكالمه‬ ‫مهام َأ هن ُح َذ ْي َف َة َأ هم‬ ‫املأمومني ففي سنن أِب داود [‪ ]٢3٢\١‬بسند صحيح َع ْن َ ه‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫النهاس بِا ْملَدَ ِائ ِن َع َىل دكهان(‪َ )١‬ف َأ َخ َذ َأبو مسعود بِ َق ِم ِ‬ ‫يص ِه َف َج َب َذ ُه َف َل هام َف َر َغ ِم ْن َص َ‬ ‫التِ ِه‬ ‫ُ َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ني َمدَ ْدتَنِي‪.‬‬ ‫َق َال‪َ :‬أ َل ْ َت ْع َل ْ َأ هَنُ ْ كَانُوا ُين َْه ْو َن َع ْن َذل ِ َك َق َال‪َ :‬ب َىل َقدْ َذك َْر ُت ِح َ‬ ‫وروي يف املسألة حديث عند أِب داود ِيف سننه [‪ ]٢3٢\١‬عن َر ُدل َأنه ُه ك َ‬ ‫َان‬ ‫ُ‬ ‫اْس بِا ْملَدَ ِائ ِن َف ُأ ِق ِ‬ ‫مع َعام ِر ب ِن ي ِ‬ ‫الص َ‬ ‫ال ُة َف َت َقده َم َع هام ٌر َو َقا َم َع َىل ُدكهان ُي َص ِّيل‬ ‫يمت ه‬ ‫َ َ ه ْ َ‬ ‫َ‬ ‫هاس َأ ْس َف َل ِمنْ ُه َف َت َقده َم ُح َذ ْي َف ُة َف َأ َخ َذ َع َىل َيدَ ْي ِه َفا هت َب َع ُه َع هام ٌر َحتهى َأن َْز َل ُه ُح َذ ْي َف ُة َف َل هام‬ ‫َوالن ُ‬ ‫اَّللِ ☺ َي ُق ُ‬ ‫التِ ِه َق َال َل ُه ُح َذ ْي َف ُة‪َ :‬أ َل ْ ت َْس َم ْع َر ُس َ‬ ‫َف َر َغ َع هام ٌر ِم ْن َص َ‬ ‫ول‪ « :‬إِ َذا َأ هم‬ ‫ول ه‬ ‫ال ي ُق ِيف مكَان َأر َفع ِمن م َق ِ‬ ‫ام ِه ْ »‪َ .‬أ ْو ن َْح َو َذل ِ َك َق َال َع هام ٌر ل ِ َذل ِ َك‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫الر ُد ُل ا ْل َق ْو َم َف َ َ ْ َ‬ ‫ه‬ ‫ني َأ َخ ْذ َت َع َىل َيدَ هى‪.‬‬ ‫ا هت َب ْعت َُك ِح َ‬ ‫قلنا‪ :‬أما القيام بالصالة يف املحراب بغري ارتفاع فهو خارج عن حمل النهي‪،‬‬ ‫وقد روي عن السلف الصالح من الصحابة ╚والتابعني وتابعيه‬ ‫‪ ô‬آثار ال يتعدى مدلوهلا كراهة الصالة داخل املحاري ‪.‬‬ ‫فمن الصحابة رضوان اهلل عليهم أمجعني‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬علي ابن أبي طالب ◙‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إس َام ِع ُيل ْب ُن‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]5٩\٢‬حده َثنَا َوك ٌ‬ ‫يع‪َ ،‬ق َال‪ :‬حده َثنَا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الة ِيف ال هط ِ‬ ‫اهي ب ِن ا ْمل ُ َه ِ‬ ‫الص َ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫اد ِر‪َ ،‬ع ْن َأبِيه‪َ ،‬ع ْن َع ِ ٍّيل؛ َأنه ُه ك َِر َه ه‬ ‫ْإب َر َ ْ‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه إسامعيل بن إبراهي بن مهادر‪ ،‬وهو ضعيف كام يف‬ ‫التقري [‪ ]١٠5\١‬وأبوه صدوق لني احلفظ كام يف التقري [‪.]٩4\١‬‬

‫ِ‬ ‫)‪ )١‬قال ابن األثري يف النهاية [‪ :]128\2‬الدُّ ك ُ‬ ‫للجلوس َع َل ْي َها‪.‬‬ ‫هان‪ :‬الده كهة ا ْ َمل ْبن هي ُة ُ‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ثانياً‪ :‬عبد اهلل بن مسعود ◙‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يس‪َ ،‬ع ْن‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]5٩\٢‬حده َثنَا َع ْبدُ اهلل ْب ُن إ ْد ِر َ‬ ‫َان إبر ِ‬ ‫م َطرف‪َ ،‬عن إبر ِ‬ ‫اهي َ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال َع ْبدُ اهللِ‪ :‬ا هت ُقوا َه ِذ ِه ا ْمل ََح ِ‬ ‫اهي ُ الَ‬ ‫اري َ ‪َ ،‬وك َ ْ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يها‪.‬‬ ‫َي ُقو ُم ف َ‬ ‫ورداله ثقات من ردال الشيخني إال أنه منقطع؛ فإبراهي وهو ابن يزيد‬ ‫الكويف‪.‬‬ ‫ف هو ابن َط ِريف‬ ‫النخعي مل يسمع من عبد اهلل بن مسعود ◙‪ُ ،‬م َط ِّر ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫وقد صحح بعض أهل العل رواية إبراهي النخعي املرسلة عن ابن مسعود‬ ‫بناء عىل ما رواه ابن سعد يف الطبقات الكربى [‪ ]٢8٠\6‬قال‪َ :‬أ ْخ َ َربنَا َع ْم ُرو ْب ُن‬ ‫إلبر ِ‬ ‫ْاهلَ ْي َث ِ َأبُو َق َطن َق َال‪َ :‬حده َثنَا ُش ْع َب ُة َع ِن َ‬ ‫األ ْع َم ِ‬ ‫اهي َ ‪ :‬إِ َذا َحده ْثتَنِي‬ ‫ش َق َال‪ُ :‬ق ْل ُت ِ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫عن عب ِد ِ‬ ‫ري و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احد ِم ْن‬ ‫اَّلل َف َقدْ َسم ْع ُت ُه م ْن َغ ْ ِ َ‬ ‫اَّلل َف َأ ْسندْ ‪َ .‬ق َال‪ :‬إِ َذا ُق ْل ُت َق َال َع ْبدُ ه‬ ‫َ ْ َْ ه‬ ‫َأ ْص َحابِ ِه‪َ ،‬وإِ َذا ُق ْل ُت حدثني فالن فحدثني ُفالن(‪.)١‬‬ ‫)‪ )١‬وأخرده أبو زرعة يف تارخيه [‪ ،]665\١‬قال‪ :‬حدثنا َأ ْمحَدُ ْب ُن َش ُّب َو ْي ِه‪ ،‬قال‪َ :‬حده َثنَا َع ْم ُرو ْب ُن ْاهل َ ْي َث ِ‬ ‫به‪ ،‬وأمحد بن شبويه ثقة مرتد يف التهذي [‪ ،]433\١‬وأخرده الرتمذي يف كتاب العلل الصغري من‬ ‫سننه [‪ ]٢5٢\6‬قال‪ :‬حدثنَا َأبو ُعبيدَ ة ابن أِب السفر ا ْلك ِ‬ ‫ُويف‪َ ،‬حدثنَا سعيد بن َعامر‪َ ،‬عن ُش ْع َبة به ومن‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬

‫طريقه املزي يف هتذي الكامل [‪ ]٢3٩\٢‬بإسناده إ ى أِب عيسى الرتمذي به‪ ،‬وأبو عبيدة ابن أِب السفر هو‬ ‫أمحد بن عبد اهلل بن حممد بن عبد اهلل ابن أِب السفر وهو صدوق هي كام يف التقري [‪ ،]8١\١‬وسعيد بن‬ ‫ار ِ‬ ‫عامر هو الضبي من ردال الستة‪ ،‬وأخرده ابن عبد الرب يف التمهيد [‪َ ]37\١‬حده َثنَا َع ْبدُ ا ْل َو ِ‬ ‫ث ْب ُن‬ ‫ان َق َال حده َثنَا َق ِ‬ ‫ُس ْف َي َ‬ ‫اس ُ ْب ُن َأ ْص َب َغ َق َال َحده َثنَا َأ ْمحَدُ ْب ُن ُز َه ْري َق َال َحده َثنَا َأ ْمحَدُ ْب ُن َحنْ َبل َق َال َحده َثنَا ُحم هَمدُ ْب ُن‬ ‫َ‬ ‫َد ْع َفر َق َال َحده َثنَا ُش ْع َب ُة به‪ ،‬وأخرده أبو الطاهر السلفي يف املشيخة البغدادية [خمطوط ‪ ]68\4‬بإسناده إ ى‬ ‫األو ِل‪ ،‬نَا س ِعيدُ بن َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫امر به‪ ،‬واحلسني هذا ضعيف مته بالكذب مرتد يف ميزان‬ ‫ْ ُ‬ ‫احلُسني بن َع ْبد َ ه‬ ‫َ‬

‫االعتدال [‪.]53٩\١‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫قلنا‪ :‬إسناده صحيح عىل رشط مسل رداله ثقات ردال الشيخني‪ ،‬سوى‬ ‫عمرو بن اهليث ؛ فمن ردال مسل ‪.‬‬ ‫وعق ابن عبد الرب عىل تلك الرواية بقوله‪ :‬إِ َ ى َه َذا ن ََز َع ِم ْن َأ ْص َحابِنَا َم ْن‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫اخل ِرب ما يدُ ُّل َع َىل َأ هن مر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َز َع َ َأ هن ُم ْر َس َل ْ ِ‬ ‫اس َيل‬ ‫اإل َما ِم َأ ْو َ ى م ْن ُم ْسنَده؛ ألَ هن يف َه َذا ْ َ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يد ِه و ُهو َلعم ِري ك ََذل ِ َك إِ هال َأ هن إِبر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهي َ َل ْي َس بِ َع هيار‬ ‫َْ‬ ‫إِ ْب َراهي َ الن َهخع ِّي َأ ْق َوى م ْن َم َسان َ َ َ ْ‬ ‫َع َىل َغ ْ ِ‬ ‫ري ِه‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫وقال الذهبي يف امليزان [‪ :]75\١‬الذي استقر عليه األمر أن إبراهي حجة‪،‬‬ ‫وأنه إذا أرسل عن ابن مسعود وغريه فليس ذلك حجة"‪.‬‬ ‫وعىل ٍّ‬ ‫كل فداللة األثر قارصة عىل اتقاء الصالة يف املحاري‬

‫كام تقدم‪ ،‬وال‬

‫تتعداه إ ى إزالتها‪ ،‬أو النهي عن اختاذها‪.‬‬ ‫وَيدر بالذكر أن شيخ اإلسالم ابن تيمية ♫ صحح أثر ابن مسعود ‪-‬‬ ‫ِؓ‪ -‬السالف‪ ،‬حيث قال يف اقتضاء الرصاط املستقي [‪ ]3٩٢\١‬حكاية عن‬ ‫أهل العل قوهل ‪ :‬يكره السجود يف الطاق؛ ألنه يشبه صنيع أهل الكتاب‪ ،‬من‬ ‫حيث ختصيص اإلمام باملكان‪ ،‬بخالف ما إذا كان سجوده يف الطاق‪ ،‬وهذا أيضا‬ ‫ظاهر مذه‬

‫أمحد وغريه وفيه آثار صحيحة عن الصحابة‪ :‬ابن مسعود‪ ،‬وغريه‪.‬‬

‫ا‪.‬ـه‬ ‫قلنا‪ :‬تقدم معنا حال اآلثار املروية عن الصحابة ╚ يف هذا الشأن‪،‬‬ ‫وأثر ابن مسعود ِؓ أفضلها حا ً‬ ‫ال من ناحية اإلسناد‪ ،‬أما اإلمام أمحد بن‬ ‫حنبل ♫ فسريد ما نقل عنه مفص ً‬ ‫ال يف موضعه إن شاء اهلل تعا ى‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وقوله‪" :‬بخالف ما إذا كان سجوده يف الطاق"؛ يقصد به أن يكون دس‬ ‫اإلمام خارج املحراب أثناء الصالة‪ ،‬وال يدخل فيه إال رأسه حال السجود‪.‬‬

‫ومن التابعني‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬إبراهيم النخعي‬

‫‪.‬‬

‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]5٩\٢‬حده َثنَا ُه َش ْي ٌ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْخ َ َربنَا ُم ِغ َريةُ‪َ ،‬ع ْن‬ ‫إبر ِ‬ ‫الة ِيف ال هط ِ‬ ‫اهي َ ؛ َأنه ُه ك َ‬ ‫الص َ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫َان َيك َْر ُه ه‬ ‫َْ‬ ‫وإسناده صحيح عىل رشط الشيخني‪ ،‬هشي هو ابن بشري‪ ،‬واملغرية وهو ابن‬ ‫مقس الضبي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وسى ْب ِن َق ْيس‪،‬‬ ‫وقال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]5٩\٢‬حده َثنَا َوك ٌ‬ ‫يع‪َ ،‬ع ْن ُم َ‬ ‫َق َال‪ :‬ر َأي ُت إبر ِ‬ ‫اهي َ َي َتنَ هك ُ ال هط َ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫وإسناده حسن من أدل موسى بن قيس احلْضمي؛ فهو صدوق كام يف‬ ‫التقري [‪.]553\١‬‬ ‫وقال عبد الرزاق يف مصنفه [‪َ :]4١٢\٢‬ع ِن ال هث ْو ِر ِّي‪َ ،‬ع ْن َمن ُْصور‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َان َيكْر ُه َأ ْن ُي َص ِّيل ِيف َط ِ‬ ‫اق ْ ِ‬ ‫َو ْاألَ ْع َم ِ‬ ‫اإل َما ِم‪.‬‬ ‫ش‪َ ،‬ع ْن إِ ْب َراهي َ ‪ :‬ك َ َ‬ ‫َ‬ ‫وإسناده صحيح عىل رشط الشيخني‪ ،‬منصور هو ابن املعتمر‪ ،‬واألعمش هو‬ ‫سليامن بن مهران‪ ،‬وإبراهي هو النخعي‪ ،‬ورواه عبد الرزاق يف مصنفه عن ابن‬ ‫عيينة عن منصور به‪ ،‬وذكر عن سفيان الثوري قوله‪ :‬ونحن نكرهه‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وقال حممد بن احلسن الشيباِن اآلثار [‪َ :]٢5١\١‬أ ْخ َ َربنَا َأبُو َحنِي َف َة‪َ ،‬ع ْن َمحهاد‪،‬‬ ‫َعن إِبر ِ‬ ‫ار ال هط ِ‬ ‫َان َي ُؤ ُّم ُه ْ َف َي ُقو ُم َع ْن َي َس ِ‬ ‫اهي َ ‪َ ،‬أنه ُه ك َ‬ ‫اق‪َ ،‬أ ْو َع ْن َي ِمين ِ ِه‪َ .‬ق َال ُحم هَمدٌ ‪َ :‬و َأ هما‬ ‫ْ َْ‬ ‫اق ما َمل يدْ ُخ ْل ِف ِ‬ ‫ن َْح ُن َف َال نَرى ب ْأسا َأ ْن َي ُقوم بِ ِح َي ِ‬ ‫َان َم َق ُام ُه َخ ِ‬ ‫يه إِ َذا ك َ‬ ‫ار ًدا‬ ‫ال ال هط ِ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ِمنْه‪ ،‬وسجوده ِف ِ‬ ‫يه‪َ .‬و ُه َو َق ْو ُل َأ ِِب َحنِي َف َة‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ُ َ ُ ُ ُُ‬ ‫وهذا إسناده ضعيف فيه أبو حنيفة‪ ،‬وهو النعامن بن ثابت صاح الرأي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫صدوق له‬ ‫وهو ضعيف‪ ،‬كام يف امليزان [‪ ،]٢65\4‬ومحاد هو ابن أِب سليامن‪ ،‬وهو‬ ‫أوها ٌم‪ ،‬كام يف التقري [‪ ،]١78\١‬وقد توبع فيام نقله عن إبراهي النخعي بام قبله‬ ‫من الروايات‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬احلسن البصري‬

‫‪.‬‬

‫قال عبد الرزاق يف مصنفه [‪َ :]4١٢\٢‬ع ِن اب ِن ال هتي ِمي‪َ ،‬عن َأبِ ِ‬ ‫يه َق َال‪َ :‬ر َأيْ ُت‬ ‫ْ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫احلسن داء إِ َ ى َثابِت ا ْلبن َِاِن َق َال‪َ :‬أراه َزاره َق َال‪َ :‬فح َ ِ‬ ‫الص َالةُ‪َ ،‬ف َق َال َثابِ ٌت‪:‬‬ ‫ْضت ه‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ َال َأتَ َقده ُم َك‬ ‫احل َس ُن‪َ :‬أن َْت‪َ ،‬ف َأن َْت َأ َح ُّق‪َ ،‬ق َال َثابِ ٌت‪َ :‬و ه‬ ‫َت َقده ْم َيا َأبَا َسعيد‪َ ،‬ف َق َال ْ َ‬ ‫اق َأ ْن يص ِّيل ِف ِ‬ ‫اعت ََز َل ال هط َ‬ ‫يه‪.‬‬ ‫احل َس ُن‪َ ،‬و ْ‬ ‫َأبَدً ا‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َت َقده َم ْ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َق َال ْاب ُن ال هت ْي ِم ِّي‪َ :‬و َر َأيْ ُت َأ ِِب‪َ ،‬و َل ْي ًثا َي ْعت َِز َالنِ ِه‪.‬‬ ‫وإسناده صحيح عىل رشط الشيخني‪ ،‬ابن التيمي هو املعتمر بن سليامن بن‬ ‫طرخان التيمي‪.‬‬ ‫حي َيى ْب ِن‬ ‫وقال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]5٩\٢‬حده َثنَا ُه َش ْي ٌ َق َال‪َ :‬أ ْخ َ َربنَا َ ْ‬ ‫ال َة ِيف ال هط ِ‬ ‫احل َس ِن‪َ ،‬أنه ُه ك َ‬ ‫الص َ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫َان َيك َْر ُه ه‬ ‫َبدْ ر‪َ ،‬ع ِن ْ َ‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وإسناده ضعيف؛ فيه حييى بن بدر واألظهر أنه ُمهول؛ فل نجد من ترد‬ ‫له‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬أبو خالد الواليب‬

‫‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪ :]6٠\٢‬حده َثنَا َعبدُ ْ ِ ِ‬ ‫الر ْمح َِن‪َ ،‬ع ْن‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫احلميد ْب ُن َع ْبد ه‬ ‫إسام ِع َيل ب ِن َعب ِد ا ْملَلِ ِ‬ ‫ك‪َ ،‬ق َال‪ :‬ر َأيْ ُت َأبا َخالِد ا ْل َوالِبِي الَ َي ُقوم ِيف ال هط ِ‬ ‫اق‪َ ،‬و َي ُقو ُم ِق َب َل‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ال هط ِ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه إسامعيل بن عبد امللك وهو صدوق كثري الوه كام يف‬ ‫التقري‬

‫[‪ ،]١٠8\١‬وفيه عبد احلميد بن عبد الرمحن وهو احلامِن وهو صدوق‬

‫خيطئ كام يف التقري‬

‫[‪ ،]334\١‬أبو خالد الوالبي هو الكويف واسمه هرمز يف‬

‫عداد التابعني مرتد يف التهذي [‪.]٢75\33‬‬ ‫رابعاً‪ :‬مكحول الشامي‬

‫‪.‬‬

‫قال أبو زرعة الدمشقي يف تارخيه [‪َ :]33١\١‬حده َثنَا َأبُو ُم ْس ِهر َق َال‪َ :‬حده َثنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْحول‪َ ،‬ف َص هىل بِالن ِ‬ ‫الص َال َة َع َىل َر ْأ ِ‬ ‫هاس‪،‬‬ ‫س َمك ُ‬ ‫َسعيدُ ْب ُن َع ْبد ا ْل َع ِز ِيز‪َ :‬أ هن ا ْمل ُ َؤ ِّذ َن َأ َقا َم ه‬ ‫َو َملْ يأت املحراب‪.‬‬ ‫وإسناده صحيح عىل رشط مسل ‪ ،‬أبو مسهر ‪-‬وهو عبد األعىل بن مسهر‬ ‫الغساِن‪-‬؛ ثقة من ردال الشيخني‪ ،‬وسعيد بن عبد العزيز هو التنوخي‪ ،‬وهو ثقة‬ ‫من ردال مسل ‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ومما يستدل به من قال ببدعية اتخاذ المحاريب في المساجد ما روي‬ ‫من أحاديث وآثار تفيد أن اتخاذه من أشراط الساعة‪ ،‬وهذه األحاديث‬ ‫واآلثار كاآلتي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]6٠\٢‬حده َثنَا ُه َش ْي ٌ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْخ َ َربنَا‬ ‫اب ُحم هَمد ☺ َي ُقو ُل َ‬ ‫اجل ْع ِد‪َ ،‬ق َال‪ :‬ك َ‬ ‫ون‪ :‬إِ هن ِم ْن‬ ‫َان َأ ْص َح ُ‬ ‫عُبيدَ ةُ‪َ ،‬ع ْن ُعبيد ْب ِن َأ ِِب ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫اد ِد‪ ،‬يعنِي ال هطا َقا ِ‬ ‫َأ ْ ِ‬ ‫اع ِة َأ ْن ُتت َ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫الس َ‬ ‫هخ ُذ املذابح يف ا ْمل ََس ِ َ ْ‬ ‫رشا ط ه‬ ‫َ‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه عبيدة بن معت‬

‫الضبي‪ ،‬وهو ضعيف‪ ،‬كام يف التقري‬

‫[‪ ،]37٩\١‬وعبيد ابن أِب اجلعد ذكره البخاري يف التاريخ الكبري [‪،]445\5‬‬ ‫وابن أِب حات يف اجلرح والتعديل [‪ ،]4٠6\5‬ومل يذكرا فيه درحا وال تعديال‪،‬‬ ‫وذكره ابن حبان يف الثقات [‪ ،]١38\5‬وذكره ابن سعد يف الطبقات الكربى‬ ‫[‪،]٢٩6\6‬فقال‪" :‬وكان قليل احلديث"‪ ،‬وهو من ردال التهذي ‪ ،‬وقال ابن‬ ‫حجر يف التقري [‪" :]376\١‬صدوق"‪.‬‬ ‫يس‪َ ،‬ع ْن َل ْيث‪،‬‬ ‫ثانياً‪ :‬قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]6٠\٢‬حده َثنَا ْاب ُن إ ْد ِر َ‬ ‫َعن َقيس‪َ ،‬عن َأ ِِب َذر‪َ ،‬ق َال‪ :‬إِ ْن ِمن َأ ْ ِ‬ ‫هخ َذ ا ْمل ََذابِ ُح ِيف ا ْملَس ِ‬ ‫اع ِة َأ ْن ُتت َ‬ ‫اد ِد‪.‬‬ ‫الس َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫رشا ط ه‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ َ‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه ليث وهو ابن أِب سلي ‪ ،‬وهو ضعيف ال حيتج به‪،‬‬ ‫أخرج له مسل مقرون ًا وقد تفرد هبذا األثر‪ ،‬وبقية رداله ثقات من ردال‬ ‫الشيخني‪ ،‬ابن إدريس هو عبد اهلل بن إدريس األودي‪ ،‬وقيس هو ابن عباد‬ ‫الضبعي‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬قال عبد الرزاق يف مصنفه [‪َ :]4١٢\٢‬ع ِن ال هث ْو ِر ِّي‪َ ،‬ع ْن َي ِزيدَ ْب ِن َأ ِِب‬ ‫اجلع ِد ْاألَ ْشج ِعي‪َ ،‬عن َكع َق َال‪ :‬يك ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزم ِ‬ ‫ان َق ْو ٌم‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِز َياد‪َ ،‬ع ْن ُع َب ْيد ْب ِن َأ ِِب ْ َ ْ‬ ‫ُون يف آخ ِر ه َ‬ ‫َ ِّ‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫اددَ ُه ‪ ،‬ويت ِ‬ ‫هخ ُذ َ‬ ‫ص َأ ْع َام ُر ُه ْ ‪َ ،‬و ُي َز ِّين َ‬ ‫ون ِهبَا َم َذابِ َح ك ََم َذابِح الن َهص َارى‪،‬‬ ‫ُون َم َس ِ ْ َ َ‬ ‫ُينْ َق ُ‬ ‫َف ِإ َذا َف َع ُلوا َذل ِ َك ُص ه َع َل ْي ِه ُ ا ْل َب َال ُء‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف فيه يزيد ابن أِب زياد القريش اهلاشمي‪ ،‬وهو ضعيف كام يف‬ ‫التقري [‪ ،]6٠١\١‬كع األظهر أنه ابن مرة وهو صحاِب ِؓ‪.‬‬ ‫وقد اعرتض عىل من استدل هبذه اآلثار بأنه ال يلزم كون اليشء من أرشا ط‬ ‫الساعة أن يكون مذموم ًا؛ فنزول عيسى بن مري عليه السالم من أرشاط الساعة‪،‬‬ ‫وظهور املهدي من أرشاط الساعة‪ ،‬وفتح القسطنطينية ورومية من أرشاط‬ ‫الساعة‪ ،‬وال يسل هذا االعرتاض كون سياق اآلثار يدل عىل أنه حدوث مذموم‪،‬‬ ‫إال أن ضعف هذه اآلثار يغني عن مناقشة مدلوهلا‪ ،‬ولو صح أثر منها ونخص‬ ‫بالذكر أثر كع‬

‫بن مرة ِؓ لكان كافيا يف دفع أي اعرتاض عىل مدلوله‪،‬‬

‫حاشا ما تقدم من أن الذم مقيد باختاذ املحاري‬

‫عىل الشكل الذي اختذته‬

‫النصارى ال عىل أصل اختاذه‪.‬‬ ‫ار ِ‬ ‫رابعاً‪ :‬قال الطرباِن يف املعج األوسط [‪َ :]١٢7\5‬حده َثنَا َع ْبدُ ا ْل َو ِ‬ ‫ث ْب ُن‬ ‫ِ ِ‬ ‫إِبر ِ‬ ‫احل َس ِن‪َ ،‬ع ْن ُعت ٍَّي‬ ‫اهي َ َق َال‪ :‬نَا َس ْي ُ‬ ‫ف ْب ُن م ْسكني َق َال‪ :‬نَا ُم َب َار ُك ْب ُن َف َضا َل َة‪َ ،‬ع ِن ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫السع ِدي‪َ ،‬ق َال عتَي‪َ :‬خردت ِيف َط َل ِ ا ْل ِع ْل ِ حتهى َق ِدمت ا ْلكُو َف َة‪َ ،‬ف ِإ َذا َأنَا بِعب ِد اَّللِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ٌّ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ ِّ‬ ‫َْ ه‬ ‫ِ‬ ‫السا َع ِة‬ ‫ْب ِن َم ْس ُعود‪ ،‬وفيه‪ :‬أن رسول اهلل ☺ قال‪َ " :‬يا ْاب َن َم ْس ُعود‪ ،‬إِ هن م ْن َأ ْع َال ِم ه‬ ‫ف ا ْمل ََح ِ‬ ‫اري ُ ‪َ ،‬و َأ ْن ُ َ‬ ‫وب"‪.‬‬ ‫حت هر َ‬ ‫رشاطِ َها َأ ْن ُ َ‬ ‫خت هر َب ا ْل ُق ُل ُ‬ ‫َو َأ ْ َ‬ ‫وإسناده ضعيف دد ًا فيه عدة علل‪ ،‬فعبد الوارث بن إبراهي ُمهول احلال‪،‬‬ ‫وسيف بن مسكني ضعيف مرتد يف امليزان [‪ ]٢57\٢‬قال الذهبي‪ :‬شيخ‬ ‫برصي‪ ،‬يأيت باملقلوبات واألشياء املوضوعة‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫واملبارك بن فضالة يدلس ويسوي‪ ،‬كام يف التقري‬

‫[‪ ،]5١٩\١‬وقد عنعنه‪،‬‬ ‫[‪،]١6٠\١‬‬

‫واحلسن البرصي ثقة من ردال الستة إال أنه يدلس كام يف التقري‬ ‫وقد عنعنه أيض ًا‪ُ ،‬عت َّي هو ابن ضمرة التميمي السعدي ثقة من ردال التهذي ‪.‬‬

‫واحلديث أخرده حييى بن احلسني الشجري يف األمايل الشجرية [‪،]475\١‬‬ ‫من طريق الطرباِن بلفظ‪" :‬إن من أعالم الساعة وأرشاطها تزخرف املحاري وأن‬ ‫حترف القلوب"‪.‬‬ ‫هجار َأ ْخرده ِيف تَر َمج ِة َأ ِ‬ ‫وذكر الذهبي يف لسان امليزان [‪ ]٢58\٢‬ه‬ ‫حد‬ ‫أن َ‬ ‫ابن الن ِ َ َ ُ ْ‬ ‫اق إِسناده إِ ِ ى ِس ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ْب ِن ِم ْس ِكني بِ ِه‪.‬‬ ‫الرواة‪َ ،‬و َس َ ْ ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ف امل ََح ِ‬ ‫اري ُ ‪َ ،‬و ُ َ‬ ‫وب"‪.‬‬ ‫ولفظه‪" :‬وت َُز ْخ َر َ‬ ‫خت هر َب ال ُق ُل ُ‬ ‫وذكره اهليثمي يف ُممع الزوائد [‪ ]6٢4\7‬بلفظ‪" :‬يا ابن مسعود إن من أعالم‬ ‫الساعة وأرشاطها أن تزخرف املحاري وأن خترب القلوب"‪.‬‬ ‫وعق‬

‫عليه بقوله‪ :‬رواه الطرباِن يف األوسط‪ ،‬والكبري‪ ،‬وفيه سيف بن‬

‫مسكني‪ ،‬وهو ضعيف‪.‬‬ ‫ولو صح احلديث القترصت داللته عىل ذم الزخرفة‪ ،‬أو التحريف‬ ‫للمحاري‬

‫ال غري‪ ،‬إال إنه رغ ضعف هذا احلديث‪ ،‬ودخول التصحيف عىل‬

‫يشء من ألفاظه فإننا نجد املحاري‬

‫يف هذه األزمنة املتأخرة قد زخرفت بأنواع‬

‫الفسيفساء والرخام‪ ،‬بل وتسلط عىل بعضها من حيرفها عن القبلة وه طائفة‬ ‫كفرية رشكية بدعية مركبة من ألوان وألوان من صنوف البدع واألهواء تدعى‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫طائفة األحباش‪ ،‬طال انحرافه حماري‬

‫املسادد فحرفوها عن القبلة؛ لتتامشى‬

‫وانحرافاهت العقائدية عن رصاط اهلل املستقي ‪.‬‬ ‫أما ذم زخرفة املحاري ‪ ،‬فقد روي فيه عن بعض الصحابة ╚ عدة‬ ‫من اآلثار يف ذم زخرفة املسادد وتشييدها‪ ،‬ورفع بنائها عىل وده العموم‪ ،‬ال‬ ‫يتسع املقام لبسط الكالم عليها‪.‬‬ ‫بقي أن نذكر يف هذا الفصل بعض ما ورد من ترك بناء احملاريب يف‬ ‫املساجد أو نهي أو كراهة اختاذها مما نقل مسنداً عن السلف الصاحل‬ ‫عموما‪ ،‬على اختالف طبقاتهم رضوان اهلل تعاىل عليهم أمجعني‪.‬‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]5٩\٢‬حده َثنَا‬ ‫ِ‬ ‫ُس ْف َي ُ‬ ‫اجل ْع ِد‪َ ،‬ع ْن َك ْع‬ ‫ان‪َ ،‬ع ْن َي ِزيدَ ْب ِن َأ ِِب ِزياد‪َ ،‬ع ْن ُع َب ْيد ْب ِن َأ ِِب ْ َ‬ ‫ا ْمل َْس ِج ِد‪.‬‬

‫ِ‬ ‫يع‪َ ،‬ق َال‪ :‬حده َثنَا‬ ‫َوك ٌ‬ ‫؛ َأنه ُه ك َِر َه املذبح ِيف‬

‫وإسناده ضعيف؛ فيه يزيد ابن أِب زياد القريش اهلاشمي‪ ،‬وهو ضعيف‪ ،‬كام يف‬ ‫التقري [‪،]6٠١\١‬وقد مر الكالم عىل بقية ردال هذا اإلسناد‪.‬‬ ‫وسى ْب ِن‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]6٠\٢‬حده َثنَا ُ َ‬ ‫مح ْيدٌ ‪َ ،‬ع ْن ُم َ‬ ‫ُعبيدَ ةَ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ر َأي ُت مس ِجدَ َأ ِِب َذر َف َل َأر ِف ِ‬ ‫يه َطا ًقا‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫ٍّ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫محيد هو ابن عبد الرمحن بن محيد الرؤايس‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪،‬‬ ‫وموسى بن عبيد هو ابن نشيط‪ ،‬وهو ضعيف كام يف التقري‬ ‫هذا اخلرب مما يقبل من الراوي وإن كان ضعيف ًا‪.‬‬

‫[‪ ،]55٢\١‬إال أن‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫قال أبو عروبة احلراِن يف كتابه األوائل [‪َ :]١8٠\١‬أ هول من عمل الطاق‬ ‫ِيف َم ْس ِجد ا ْلكُو َفة‪َ :‬حدثنَا َأبُو كري َحدثنَا َأبُو َبكْر َق َال‪َ " :‬ه َذا الطاق مل يكن ِيف‬ ‫ا ْمل َْس ِجد دعله َخالِد بن َع ْبد اهلل َوك َ‬ ‫َان ُيك َْر ُه‪.‬‬ ‫وإسناده صحيح‪ ،‬أبو كري هو حممد بن العالء بن كري اهلمداِن‪ ،‬وهو ثقة‬ ‫حافظ من ردال الستة‪ ،‬وأبو بكر هو ابن عياش‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪،‬‬ ‫وخالد بن عبد اهلل هو القْسي ممن ويل الكوفة يف زمان هشام بن عبد امللك‪،‬‬ ‫مرتد يف هتذي الكامل [‪.]١٠7\8‬‬ ‫ِ‬ ‫يع‪َ ،‬ق َال‪ :‬حده َثنَا َح َس ُن‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]5٩\٢‬حده َثنَا َوك ٌ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يد ب ِن َأبجر‪َ ،‬عن ُنعي ِ ب ِن َأ ِِب ِهنْد‪َ ،‬عن س ِ‬ ‫املِ ْب ِن‬ ‫ْ َ‬ ‫ْب ُن َصالح‪َ ،‬ع ْن َع ْبد ا ْملَلك ْب ِن َسع ْ ْ َ َ‬ ‫ْ َْ ْ‬ ‫اجلع ِد‪َ ،‬ق َال ‪ :‬الَ َتت ِ‬ ‫هخ ُذوا املذابح ِيف ا ْملَس ِ‬ ‫اد ِد‪.‬‬ ‫َأ ِِب ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫وإسناده صحيح عىل رشط مسل ‪ ،‬رداله ثقات ردال الشيخني سوى احلسن‬ ‫بن صالح وعبد امللك بن سعيد بن أبجر فمن ردال مسل ‪ ،‬سامل ابن أِب اجلعد‬ ‫تابعي من أهل الكوفة‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫قال عبد الرزاق يف مصنفه [‪َ :]4١٢\٢‬ع ِن ْاب ِن ال هت ْي ِم ِّي‪َ ،‬ع ْن َل ْيث‪،‬‬ ‫اك بن م َز ِ‬ ‫ِ‬ ‫اح َي ُق ُ‬ ‫رشك ك َ‬ ‫الض َال َل ِة َه ِذ ِه‬ ‫َان ِيف َه ِذ ِه ه‬ ‫َق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت ه‬ ‫الض هح َ ْ َ ُ‬ ‫ول‪َ :‬أ هو ُل ْ‬ ‫ا ْمل ََح ِ‬ ‫اري َ ‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف فيه الليث ‪-‬وهو ابن أِب سلي ‪ -‬وهو ضعيف‪ ،‬ابن التيمي‬ ‫هو معتمر بن سليامن‪ ،‬وهو ثقة من ردال الستة‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وإفادة هذه اآلثار يف النهي عن ُمرد اختاذ املحاري مطلق ًا يف املسادد ظاهر‬ ‫ال خيفى‪ ،‬إال إنه قد ثبت عن عدة من التابعني الصالة فيها وعدم النهي عنها كام‬ ‫سيأيت‪.‬‬ ‫بعض أهل العل إ ى القول بتحري اختاذ‬

‫وجتدر اإلشارة إ ى أنه ذه‬ ‫املحاري وبدعيتها اعتامد ًا عىل تلك اآلثار وما يف معناها منه ابن حزم‬ ‫الظاهري‪ ،‬حيث قال يف املحىل [‪:]856\٢‬‬ ‫َأ هما ا ْمل ََح ِ‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫اري ُ َف ُم ْحدَ َث ٌة‪َ ،‬وإِن َهام ك َ‬ ‫ف‬ ‫ف َو ْحدَ ُه َو َي ُص ُّ‬ ‫اَّللِ ☺ َي ِق ُ‬ ‫ول ه‬ ‫محدَ ا ْلب ْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف األَ هو ُل َخ ْل َف ُه‪َ :‬حده َثنَا َع ْبدُ ه ِ‬ ‫خ ُّي ثنا‬ ‫الص ُّ‬ ‫اِن ثنا ْإب َراهي ُ ْب ُن َأ ْ َ َ‬ ‫ه‬ ‫الر ْمحَن ْاهلَ ْمدَ ُّ‬ ‫ا ْل َف َر ْب ِر ُّي ثنا ا ْل ُب َخ ِ‬ ‫ار ُّي ثنا َس ِعيدُ ْب ُن ُع َف ْري ثنا ال هل ْي ُث ُه َو ْاب ُن َس ْعد َحده َثنِي ُع َق ْي ُل َع ْن‬ ‫ني بينَا ُه ِيف ص ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الة ا ْل َف ْج ِر ِم ْن َي ْو ِم‬ ‫َ‬ ‫ْاب ِن ش َهاب َأ ْخ َ َرب ِِن َأن َُس ْب ُن َمالك " َأ هن ا ْمل ُ ْسلم َ َ ْ ْ‬ ‫اال ْثن ْ ِ‬ ‫َني َو َأبُو َبكْر ُي َص ِّيل ِ ِهب ْ ‪َ ،‬ملْ َي ْف َج ْأ ُه ْ إال َر ُس ُ‬ ‫ف‬ ‫ف َس ْج َ‬ ‫اَّللِ ☺ َقدْ ك ََش َ‬ ‫ول ه‬ ‫حجر ِة َع ِائ َش َة َفنَ َظر إ َلي ِه وه ص ُف ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َص َأبُو َبكْر َع َىل‬ ‫الصالة ُث ه َت َب هس َ ‪َ ،‬فنَك َ‬ ‫وف يف ه‬ ‫َ ْ ْ َ ُ ْ ُ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ول اَّللِ ☺ ي ِريدُ َأ ْن َخيْرج َإ ى الص ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫الص ه‬ ‫الة‪َ ،‬و هَ‬ ‫ه‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َعق َب ْيه ل َيص َل ه‬ ‫ف‪َ ،‬و َظ هن َأ هن َر ُس َ ه‬ ‫ول اَّللِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ون َأ ْن َي ْفتَتِنُوا ِيف َص ِ ِ‬ ‫ا ْمل ُ ْسلِ ُم َ‬ ‫اَّلل ☺‪َ ،‬ف َأ َش َار إ َل ْي ِه ْ َر ُس ُ ه‬ ‫الهت ْ َف َر ًحا بِ َر ُس ِ ه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ْ َرت(‪" .)١‬‬ ‫☺بِ َيده‪َ :‬أ ْن َأمتُّوا َصال َت ُك ْ ‪ُ ،‬ث ه َد َخ َل ْ ُ‬ ‫احل ْج َر َة َو َأ ْر َخى ِّ‬ ‫َان َأبُو َبكْر ِيف ِحم َْراب َملَا َر َأى َر ُس َ‬ ‫َق َال َع ِ ٌّيل‪َ :‬ل ْو ك َ‬ ‫الس ْ َرت‪،‬‬ ‫اَّللِ ☺ إ ْذ ك ََش َ‬ ‫ول ه‬ ‫ف ِّ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َوك َ‬ ‫السال ُم‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫َان َه َذا َي ْو َم َم ْوته َع َل ْيه ه‬ ‫ونقل ابن حزم هذا القول عن اإلمام حممد بن درير الطربي‬ ‫)‪ )١‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري (‪ ،)١5١\١‬صحيح مسل (‪.)3١5\١‬‬

‫‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وللسيوطي كتاب اسمه‪ :‬إعالم األري‬

‫بحدوث بدعة املحاري ‪ ،‬واختياره‬

‫ظاهر من عنوانه‪ ،‬وللشوكاِن ♫ بحث يف املحاري ‪ ،‬مودود يف كتاب الفتح‬ ‫الرباِن يف فتاوى الشوكاِن [‪ ،]3٠١7\6‬نقلنا منه عدة مواضع‪.‬‬

‫│‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫هأما من قال بمرشوعية اختاذ املحاري‬

‫يف املسادد ومرشوعية الصالة فيها‬

‫فعمدته هو استصحاب الرباءة األصلية القاضية بأن األصل يف األشياء اإلباحة‬ ‫حتى يرد دليل يفيد التحري ‪ ،‬مع استصحاب األصل القايض بمرشوعية الصالة‬ ‫يف عموم األمكنة إال ما خصص بالنهي‪.‬‬ ‫فعن دابِ ِر ب ِن عب ِد ِ‬ ‫يت ََخ ًْسا َمل ْ ُي ْع َط ُه هن‬ ‫اَّللِؓ‪َ ،‬أ هن النهبِ هي ☺ َق َال‪ُ " :‬أ ْعطِ ُ‬ ‫َ ْ َْ ه‬ ‫ِ‬ ‫ورا‪َ ،‬ف َأيُّ َام َر ُدل ِم ْن ُأ همتِي‬ ‫َأ َحدٌ َق ْب ِيل" ‪-‬وفيه‪َ " :-‬و ُد ِع َل ْ‬ ‫ت ِيل األَ ْر ُض َم ْسجدً ا َو َط ُه ً‬ ‫الص َ‬ ‫ال ُة َف ْل ُي َص ِّل"(‪ .)١‬احلديث‪.‬‬ ‫َأ ْد َر َك ْت ُه ه‬ ‫فليس املحراب من مجلة ما ثبت النهي عن الصالة فيه كاملقربة‪ ،‬أو معاطن‬ ‫اإلبل‪ ،‬أو احلامم‪ ،‬وغريها‪ ،‬فالصالة يف املحاري‬

‫مندردة حتت عموم األماكن‬

‫التي رشعت الصالة فيها‪ ،‬ومل يثبت ما خيصص هذا العموم بنهي يف شأن‬ ‫املحاري ‪.‬‬ ‫كما ووردت عدة من اآلثار عن بعض أئمة السلف تفيد مشروعية‬ ‫اتخاذها والصالة فيها‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫ما ورد عن الصحابة ╚‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬عثمان بن عفان ◙‪.‬‬ ‫وقد تقدم ما أخرده البخاري يف التاريخ األوسط [‪ ]١٢٩\3١‬بسند صحيح‬ ‫رأيت بنيان املسجد الذي بناه عثامن بن عفان‬ ‫عن داود بن قيس ♫‪ ،‬أنه قال‪ُ :‬‬ ‫)‪ )١‬متفق عليه‪[ ،‬البخاري‪ -74\١ :‬مسل ‪.]37٠\١ :‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫وهذا الطاق فيه‪ ،‬وفيه اخلشبة‪ ،‬ومل يغريه ُع َمر بن َعبد العزيز حني غري املسجد زمن‬

‫الوليد‪ ،‬ومل يبلغه باهلدم‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬الرباء بن عازب ◙‪.‬‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]6٠\٢‬حده َثنَا إِ ْس َح ُ‬ ‫اق ْب ُن َمن ُْصور‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫حده َثنَا ُهري ‪َ ،‬عن ُأم َعمرو ا ْملر ِ‬ ‫ازب ُي َص ِّيل ِيف ال هط ِ‬ ‫اد هي ِة‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬ر َأيْت ا ْل َربا َء ْب َن َع ِ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫َُ‬ ‫َ ْ ٌ ْ ِّ ْ‬ ‫َ‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه أم عمرو املرادية‪ ،‬وهي ُمهولة‪ ،‬وبقية رداله ثقات من‬ ‫ردال الستة‪ ،‬إسحاق بن منصور هو السلويل‪ ،‬وهري هو ابن سفيان البجيل‪.‬‬ ‫ما ورد عن التابعني ‪:ô‬‬ ‫‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬عمر بن عبد العزيز‬

‫وقد مر معنا أنه أبقى عىل الطاق الذي يف مسجد رسول اهلل ☺‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬سويد بن غفلة‬

‫‪.‬‬

‫ِ‬ ‫يع‪َ ،‬ق َال‪ :‬حده َثنَا نِ َفا َع ُة ْب ُن‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]6٠\٢‬حده َثنَا َوك ٌ‬ ‫مسلِ ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ر َأيْ ُت س َو ْيد ب َن َغ َف َل َة ُي َص ِّيل ِيف ال هط ِ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫وإسناده صحيح‪ ،‬رداله ثقات ردال الشيخني‪ ،‬سوى نفاعة بن مسل ‪ ،‬وهو‬ ‫ثقة ذكره البخاري يف التاريخ الكبري [‪ ]١36\8‬ومل يذكر فيه درحا أو تعديال‬ ‫وذكره ابن حبان يف الثقات [‪ ،]547\7‬ونقل ابن أِب حات يف اجلرح والتعديل‬ ‫[‪ ]5١١\8‬توثيقه عن ابن معني‪ ،‬وعن أبيه قوله‪ :‬ال بأس به‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬قيس ابن أبي حازم‬

‫إس َام ِع ُيل‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]6٠\٢‬حده َثنَا ُه َش ْي ٌ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْخ َ َربنَا ْ‬ ‫َان ُي َص ِّيل بِنَا ِيف ال هط ِ‬ ‫س ْب ِن َأ ِِب َح ِ‬ ‫ْب ُن َأ ِِب َخالِد‪َ ،‬ع ْن َق ْي ِ‬ ‫ازم‪َ ،‬ق َال‪ :‬ك َ‬ ‫اق‪.‬‬ ‫وإسناده صحيح عىل رشط الشيخني‪ ،‬هشي هو ابن بشري‪ ،‬وإسامعيل بن اِب‬ ‫خالد هو األمحي‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬سعيد بن جبري‬

‫‪.‬‬

‫قال عبد الرزاق يف مصنفه [‪َ :]4١٢\٢‬ع ِن ال هث ْو ِر ِّي‪َ ،‬ع ْن َحبِي ِ ْب ِن َأ ِِب َع ْم َر َة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلما ِم‪َ ،‬ق َال َع ْبدُ الر هز ِ‬ ‫ِ‬ ‫اق‪َ :‬و َر َأيْ ُت َم ْع َم ًرا‬ ‫ه‬ ‫َق َال‪َ :‬ر َأيْ ُت َسعيدَ ْب َن ُد َب ْري ُي َص ِّيل يف َطاق ْ ِ َ‬ ‫إِ َذا َأمنَا ُي َص ِّيل ِيف َط ِ‬ ‫اق ْ ِ‬ ‫اإل َما ِم‪ .‬وإسناده صحيح عىل رشط الشيخني‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫يع‪َ ،‬ق َال‪ :‬حده َثنَا‬ ‫وروى نحوه ابن أِب شيبة يف مصنفه [‪َ ]6٠\٢‬حده َثنَا َوك ٌ‬ ‫ِ‬ ‫وحده َثنَا َي ِزيدُ ْب ُن َه ُار َ‬ ‫ون‪َ ،‬ع ْن ِو َقا َء ْب ِن إ َياس بنحوه‪.‬‬ ‫وسى ْب ُن نَافع بنحوه‪َ ،‬‬ ‫ُم َ‬ ‫وردال اإلسنادين ردال الشيخني‪ ،‬سوى وقاء بن إياس؛ فل خيردا له‪ ،‬وهو‬ ‫لني احلديث كام يف التقري [‪.]58١\١‬‬ ‫وأخرج نحوه ابن سعد يف الطبقات الكربى [‪ ]٢7٢\6‬قال‪َ :‬أ ْخ َ َربنَا ا ْل َف ْض ُل‬ ‫ْب ُن ُدك َْني َق َال‪َ :‬حده َثنَا إِ ْس َام ِع ُيل ْب ُن َع ْب ِد ا ْملَلِ ِك َق َال‪َ :‬ر َأيْ ُت َس ِعيدَ ْب َن ُد َب ْري ُي َص ِّيل ِيف‬ ‫ِ‬ ‫ال هط ِ‬ ‫الص ْب ِح‪َ .‬ق َال َوك َ‬ ‫َان َي ْع َت ُّ َو ُي ْر ِخي َهلَا طرفا شربا من ورائه‪.‬‬ ‫اق َوال َي ْقن ُُت يف ُّ‬ ‫والفضل ابن دكني ثقة ثبت من ردال الستة‪ ،‬وإسامعيل بن عبد امللك‬ ‫صدوق كثري الوه ‪ ،‬كام يف التقري [‪.]١٠8\١‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫خامساً‪ :‬أيوب ابن أبي متيمة السختياني‬

‫‪.‬‬

‫قال اإلمام أمحد بن حنبل يف العلل ومعرفة الردال [‪َ :]4٩6\١‬حدثنَا‬ ‫الرت ِ‬ ‫إِ ْس َام ِعيل بن علية َق َال َر َأيْت َأيُّوب َوك َ‬ ‫اويح َو ُيصيل‬ ‫َان يؤم َأ ْص َحابه ي َت َط هوع َبني ه َ‬ ‫ِيف الطاق ويقنت إِذا م َضت ِ‬ ‫عرشة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وإسناده صحيح عىل رشط الشيخني‪ ،‬إسامعيل بن علية هو إسامعيل بن‬ ‫إبراهي بن مقس األسدي‪.‬‬ ‫سادساً‪ :‬أبو رجاء العطاردي‬

‫‪.‬‬

‫احل َب ِ‬ ‫اب‪َ ،‬ع ْن قطن‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫قال ابن أِب شيبة يف املصنف [‪َ :]6٠\٢‬حده َثنَا َز ْيدُ ْب ُن ْ ُ‬ ‫َر َأيْ ُت َأبَا َر َداء ُي َص ِّيل ِيف ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫اب‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فقد تفرد به زيد بن احلباب‪َ ،‬ق َال أبو داود يف سؤاالته لإلمام‬ ‫َان َصدُ و ًقا َوك َ‬ ‫احلباب ك َ‬ ‫أمحد [‪َ :]3١٩\١‬س ِمعت َأ ْمحد َق َال‪" :‬زيد بن ْ‬ ‫يضبط‬ ‫َان ْ‬ ‫ْاألَ ْل َفاظ َعن ُم َع ِ‬ ‫او َية بن َصالح َو َل ِكن ك َ‬ ‫اخل َطأ"‪.‬‬ ‫َان كثري ْ َ‬ ‫وبقية رداله مل نميزه ‪ ،‬ويغل‬

‫عىل الظن أن قطن هو ابن كع‬

‫البرصي‪،‬‬

‫وهو ثقة من ردال البخاري‪ ،‬واألظهر أن أبا رداء هو العطاردي‪ ،‬واسمه عمران‬ ‫بن ملحان‪ ،‬وهو تابعي ثقة خمْضم من ردال الستة‪ ،‬إال أننا مل نجد يف أي من‬ ‫املصادر احلديثية التي بني أيدينا أي سند عن أي راو اسمه قطن يروي عن أِب‬ ‫رداء‪ ،‬فلعل هذا اإلهبام يف السند والغرابة فيه من خطأ زيد بن احلباب‪ ،‬واهلل‬ ‫أعل ‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫سابعاً‪ :‬سعيد بن مسروق بن حبيب‬

‫‪.‬‬

‫قال اإلمام أمحد يف العلل ومعرفة الردال [‪َ :]٢6٢\١‬حدثنَا زيد بن حباب‪،‬‬ ‫ْسوق بن حبي بن َرافع‬ ‫َعن أِب ِيزيد ا ْلفضل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ر َأيْت َأبَا ُس ْف َيان سعيد بن َم ْ ُ‬ ‫ُي َص ِّيل ِيف الطاق‪.‬‬ ‫وإسناده ضعيف؛ فيه زيد بن احلباب‪ ،‬وهو كثري اخلطأ كام مر‪ ،‬وأبو يزيد‬ ‫الفضل ذكره ٌّ‬ ‫كل من البخاري يف التاريخ الكبري [‪ ،]١١6\7‬وابن أِب حات يف‬ ‫اجلرح والتعديل [‪ ،]7٠\7‬ومل يذكرا فيه درحا وال تعديال‪ ،‬وذكره ابن حبان يف‬ ‫الثقات [‪.]5\٩‬‬ ‫واألثر أخرده البخاري يف التاريخ الكبري [‪ ]١١6\7‬من طريق أمحد بن حنبل‬ ‫به‪.‬‬ ‫وذهب كثري من أهل العلم إىل القول جبواز اختاذ احملاريب‪،‬‬ ‫فنذكر منهم‪:‬‬ ‫♫‪.‬‬ ‫قال أبو منصور الكوسج يف مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهويه‬ ‫[‪ :]6٠6\٢‬قلت‪ :‬تكره املحراب يف املسجد؟ قال‪ :‬ما أعل فيه حديث ًا يثبت‪،‬‬ ‫ور هب َم ْس ِجد َحيتاج إليه ُي ْر َت َف ُق به‪ ،‬قال إسحاق‪ :‬كام قال‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ُ‬ ‫يرتفق به؛ أي يعتمد به عىل معرفة القبلة‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫والذي قرره اإلمام أبو عبد اهلل أمحد بن حنبل‬ ‫حديث هو تقرير دقيق منه‪ ،‬وال عج‬

‫من أنه مل يثبت فيه‬

‫فإنه صرييف احلديث‪ ،‬وهو من أعل خلق‬

‫اهلل بسنة املختار ☺‪ ،‬ومر معنا يف أثناء هذا البحث أنه مل يثبت يشء من‬ ‫األحاديث يف هذا الباب‪.‬‬ ‫وقال إسحاق [نفس املصدر‪ :]6٠7\٢ :‬وأما الصالة يف املحاري ‪ ،‬فجائزة‬ ‫ونختار لألئمة أن يعدلوا يمنة عن الطاق‪ ،‬فإن مل يفعلوا فقاموا يف الطيقان أدزأهت‬ ‫صالهت ‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫والذي ذه إليه اإلمام إسحاق بن راهويه‬

‫هو ٌ‬ ‫قول وديه َيمع بني‬

‫ما صح عن عثامن ِؓ وعدة من التابعني ‪ ô‬من دواز اختاذها والصالة‬ ‫فيها‪ ،‬وبني ما ُروي عن ابن مسعود ِؓ‪ ،‬وعدة من التابعني من كراهة الصالة‬ ‫فيها ال غري‪.‬‬

‫كام وعللت الكراهة الواردة يف هذا الشأن؛ بأن دخول اإلمام يف املحراب قد‬ ‫يمنع مشاهدة اإلمام كام ذكر املرداوي يف اإلنصاف [‪.]٢٩8\٢‬‬ ‫وعلل كذلك بام رواه اإلمام أمحد يف مسنده [‪ ]٢43\3٩‬وأبو داود يف سننه‬ ‫[‪ ]٢56\١‬كالمها بسند ضعيف من حديث ا ْمل ِ ْقدَ ِ‬ ‫اد ْب ِن األَ ْس َو ِد َق َال‪َ :‬ما َر َأيْ ُت‬ ‫اَّللِ ☺ ُي َص ِّىل إِ َ ى ُعود َوالَ َعمود َوالَ َش َجرة إِاله َد َع َل ُه َع َىل َح ِ‬ ‫َر ُس َ‬ ‫ادبِ ِه األَيْ َم ِن‬ ‫ول ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َأ ِو األَيْ َ ِ‬ ‫ْس َوالَ َي ْص ُمدُ َل ُه َص ْمدً ا‪.‬‬ ‫ومما علل به املنع ما روي يف النهي عن أن يو ِّطن الردل املكان يف املسجد‬ ‫وهو ما أخرده أبو داود [‪ ،]3٢٢\١‬والنسائي [‪ ،]٢١4\٢‬وابن مادة [‪،]45٩\١‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ول اَّلل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ْمح َِن ْب ِن ش ْبل‪َ ،‬ق َال‪ََ :‬نَى َر ُس ُ ه‬ ‫يف سننه بسند ضعيف‪ ،‬من حديث َع ْبد ه‬ ‫☺ َع ْن َن ْق َر ِة ا ْل ُغ َر ِ‬ ‫اب‪َ ،‬وا ْف ِ َرت ِ‬ ‫الر ُد ُل ا ْ َملك َ‬ ‫َان ِيف ا ْمل َْس ِج ِد ك ََام‬ ‫الس ُب ِع َو َأ ْن ُي َو ِّط َن ه‬ ‫اش ه‬ ‫ُي َو ِّط ُن ا ْل َب ِع ُري‪.‬‬ ‫واألقرب واهلل أعل أن العلة يف ذلك تتخرج عىل اخلشية من أن الوقوف يف‬ ‫املحراب قد يمنع مشاهدة اإلمام‪.‬‬ ‫وممن ذهب إىل اجلواز من املالكية عبد الرمحن بن القاسم‬

‫‪.‬‬

‫قال ابن رشد يف البيان والتحصيل [‪ ]٩5\٢‬وسئل ابن القاس عن الردل‬ ‫َيعل يف بيته حمرابا حنيته مثل حنية املسجد‪ ،‬قال‪ :‬ليس باملحراب يف املسادد وال‬ ‫يف البيت بأس‪ .‬ا‪.‬ـه‬ ‫ومن الشافعية عبد احلميد الرشواِن‪ ،‬حيث قال يف حاشيته عىل حتفة املحتاج‬ ‫ود و َال بِمن ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َال ُة ِيف ا ْمل ِ ْح َر ِ‬ ‫يه ِخ َال ًفا ل ِ ْل َج َال ِل‬ ‫َ ْ‬ ‫اب ا ْ َمل ْع ُه َ‬ ‫[‪َ :]4٩٩\١‬و َال ُتك َْر ُه ه‬ ‫آخ ِر ْ ِ‬ ‫السيوطِي‪ ،‬و َمل يك ِ‬ ‫اخل َل َفاء بعدَ ه َإ ى ِ‬ ‫ِِ‬ ‫املائ َِة ْاألُ َ‬ ‫و ى َوإِن َهام َحدَ َث ْت‬ ‫ُّ ُ ّ َ ْ َ ْ‬ ‫ُن يف َز َمنه ☺‪َ ،‬و ْ ُ ُ َ ْ ُ‬ ‫اري ِيف َأو ِل ْ ِ‬ ‫املائ َِة ال هثانِ َي ِة(‪.)١‬ا‪.‬ـه‬ ‫ه‬ ‫ا ْمل ََح ِ ُ‬ ‫ومر معنا أنه ذهب بعض أهل العلم إىل النهي عن اختاذها‪ ،‬منهم‪ :‬ابن‬

‫حزم الظاهري‪ ،‬والسيوطي‪ ،‬والشوكاِن ‪ ،ô‬ويفه مما نقلناه عن شيخ‬ ‫اإلسالم ابن تيمية إنه يذه إ ى كراهة الصالة يف داخلها كام مر‪.‬‬

‫)‪ )١‬مر معنا يف هذا البحث أن عثامن بن عفان ِؓ هو من اختذ املحراب يف مسجد النبي ☺ عىل‬ ‫أقل تقدير‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫أما الفصل يف هذا الشأن‪ ،‬فقد قده منا أننا سنبنيه عىل ما صح سنده من منقول‪،‬‬ ‫وقد مر معنا أنهه صح عن أحد التابعني ‪-‬وهو داود بن قيس الفراء‪ -‬أنه عاين‬ ‫مسجد رسول اهلل ☺ عىل توسعة عثامن بن عفان ِؓ‪ ،‬وكان فيه الطاق‪،‬‬ ‫أبقاه عىل حاله‪ ،‬فيبنى عليه ه‬ ‫ه‬ ‫أن عثامن بن عفان‬ ‫وأن عمر بن عبد العزيز‬ ‫◙ ممن يذه إ ى دواز اختاذه يف املسادد‪.‬‬ ‫كام ومر ه‬ ‫أن دواز اختاذ املحاري ‪ ،‬والصالة فيها قد صح عن عدة من التابعني‬ ‫وه ‪:‬‬ ‫سويد بن غفلة‪ ،‬وقيس ابن أِب حازم‪ ،‬وسعيد بن دبري‪ ،‬وأيوب السختياِن‪،‬‬ ‫ويضاف إليه عمر بن عبد العزيز‪ ،‬ويمكن أن يضاف إليه داود بن قيس الفراء‪،‬‬ ‫ومن تابعي التابعني معمر بن راشد األزدي‪.ô ،‬‬ ‫وكذلك روي عن عبد اهلل بن مسعود ِؓ كراهة الصالة يف املحاري‬ ‫بسند فيه مقال‪ ،‬وصح القول بكراهة الصالة فيها عن التابعي إبراهي‬ ‫النخعي♫‪ ،‬ومن تابعي التابعني‪ :‬أبو بكر بن عياش‪ ،‬وسفيان الثوري‬ ‫‪ ،ô‬وروي أيض ًا عن أِب ذر ◙أنه مل يتخذه يف مسجده‪.‬‬ ‫وصح عن عدة من التابعني ادتناب الصالة فيها‪ ،‬وه ‪ :‬احلسن البرصي‪،‬‬ ‫وسليامن بن طرخان التيمي البرصي‪ ،‬ومكحول الشامي‪ ،‬ومن تابعي التابعني‪:‬‬ ‫الليث بن أِب سلي ‪.ô ،‬‬ ‫ومل يصح النهي عن اختاذها إال عن التابعي سامل بن أِب اجلعد‬

‫‪.‬‬

‫رفع التثريب عن اختاذ احملاريب‬

‫ومر معنا أنه مل يثبت يف املسألة عموما أي منقول عن النبي ☺‪ ،‬وهو ما‬ ‫رصح به اإلمام أمحد بن حنبل كام تقدم‪.‬‬ ‫فبناء على ذلك كله نقول‪ :‬إن الرادح يف مسألة اختاذ املحاري‬

‫يف‬

‫املسادد هو القول باملرشوعية ما مل يرتافق معها حمظور رشعي كزخرفة أو مشاهبة‬ ‫لبنيان أهل الكتاب‪ ،‬أو أي حمظور آخر‪ ،‬إذ إن أدلة القائلني باملنع ضعيفة ال‬ ‫تنتهض لدفع ما ثبت من أدلة القائلني باملرشوعية‪.‬‬ ‫أما عن حك الصالة يف املحاري ‪ ،‬فنذه إ ى مرشوعيتها استصحاب ًا للرباءة‬ ‫األصلية مع أننا نقول بأنه ال حرج من التأخر أو التنحي عنها حال الصالة؛ حتى‬ ‫ال خيفى حال اإلمام عىل املصلني من ورائه‪ ،‬وأخذ ًا باألحوط يف هذا الشأن تورع ًا‬ ‫وخرود ًا من اخلالف‪ ،‬كام وال ينكر عىل من صىل فيها‪ ،‬ما مل يتضمن قيامه فيها‬ ‫حمظور ًا رشعي ًا كاختاذ دكان بداخلها يرتقي عليه أو ما شابه‪.‬‬ ‫هذا ما تيْس مجعه يف هذا الباب‪ ،‬نسأل اهلل تعا ى أن َيعله صيب ًا نافع ًا لكل‬ ‫مسل قرأه أو اطلع عليه‪ ،‬وما أصبنا فيه فمن اهلل وحده‪ ،‬وما أخطأنا فيه فمنا ومن‬ ‫اهلل ورسول ُه ☺ مما أخطأنا فيه‪ ،‬ونستغفر اهلل عىل خطئنا‪،‬‬ ‫فنربئ َ‬ ‫الشيطان‪ِّ ،‬‬ ‫ورشكِ ِه‪.‬‬ ‫ونعوذ به رش الشيطان َ َ‬ ‫ويف اخلتام نحمد اهلل تعا ى الذي تت بنعمته الصاحلات‪ ،‬ونصيل ونسل عىل‬ ‫عبد اهلل ورسوله حممد وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬